12 قتيلاً بمواجهات وأعمال عنف في صنعاء
عقيل الحـلالي (صنعاء) - قُتل سبعة مسلحين يمنيين، على الأقل أمس بتجدد المواجهات العنيفة بالعاصمة صنعاء بين وحدات عسكرية ومليشيات قبلية موالية للرئيس علي عبدالله صالح وأخرى مناهضة له، وذلك غداة مغادرة الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني اليمن، دون تحقيق تقدم ملموس في سبيل إنهاء الأزمة المتفاقمة التي تكاد تعصف بهذا البلد جراء استمرار الاحتجاجات المطالبة، منذ مطلع العام الجاري، بإسقاط النظام الحاكم كما سقط جندي منشق وأربعة مدنيين، بينهم امرأتان، برصاص قناصة وقصف مدفعي استهدف الأحياء السكنية المحيطة بمخيم الاحتجاج الرئيسي بصنعاء المطالب بإنهاء حكم صالح المستمر منذ أكثر من 33 عاما، فيما أعلنت الداخلية اليمنية جرح 15 جنديا في قصف استهدف معسكرا تابعا لقوات الحرس الجمهوري، وسط العاصمة اليمنية. واندلعت اشتباكات عنيفة في مدينة صوفان السكنية، شمال غرب صنعاء، بين أتباع البرلماني والزعيم القبلي صغير بن عزيز، المدعوم عسكريا من قبل القوات العسكرية الموالية للرئيس صالح، ومقاتلي الزعيم القبلي النافذ صادق الأحمر، المدعوم عسكريا من قبل قوات الفرقة الأولى مدرع، التابعة للواء المنشق علي محسن الأحمر. وسُمع دوي إطلاق النار وأصوات انفجارات في أنحاء متفرقة من العاصمة صنعاء، فيما خلت شوارع منطقة الحصبة بالكامل من المارة وأغلقت المحال التجارية أبوابها، في حين انتشر أتباع الأحمر، المدججون بالأسلحة الرشاشة والصواريخ المحمولة، في كافة مداخل المنطقة، التي شهدت أواخر مايو الماضي معارك عنيفة خلفت مئات القتلى والجرحى.
وقال مسؤول في المكتب الإعلامي للأحمر، الذي يتزعم قبيلة حاشد الأقوى في اليمن، لـ"الاتحاد": اندلعت الاشتباكات بين أتباع الشيخ (صادق الأحمر) وأتباع صغير بن عزيز بسبب خلافات بينهما على مواقع ومتارس في مدينة صوفان"، التي يسكن فيها حاليا الشيخ حمير الأحمر، نائب رئيس البرلمان اليمني، والأخ غير الشقيق لزعيم قبيلة حاشد، واستخدم الطرفان في الاشتباكات أسلحة رشاشة متوسطة ومدافع، وسط اتهامات وسائل إعلام معارضة قوات الرئيس صالح بقصف منزل حمير الأحمر بالقذائف، واتهم المسؤول الإعلامي القوات العسكرية الموالية للرئيس صالح بـ"دعم" أتباع صغير بن عزيز، الذي ينتمي إلى قبيلة حاشد، مؤكدا أن الاشتباكات أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن ثلاثة مسلحين وجرح "عدد كبير" من مقاتلي الأحمر، الذي انضم في مارس الماضي، للحركة الاحتجاجية الشبابية المطالبة بإنهاء حكم صالح، الذي يتعافى في السعودية من إصابته في محاولة اغتياله داخل قصره الرئاسي، جنوب صنعاء، في الثالث من يونيو الماضي، وقال إن القوات الحكومية قصفت محيط منزل حمير الأحمر بمدينة صوفان، مؤكدا أن "القصف لم يطل المنزل"، الذي كان تعرض لقصف عنيف مطلع أغسطس الماضي، ولفت إلى أن الاشتباكات بين أتباع الأحمر ومقاتلي بن عزيز "لا تزال محصورة في مدينة صوفان"، التي شهدت الشهر الماضي، اشتباكات عنيفة بين الطرفين، استمرت نحو 12 ساعة. وقال مصدر أمني يمني، لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ"، إن جنودا من الفرقة الأولى مدرع ومسلحين تابعين للأحمر، هاجموا منزل الشيخ بن عزيز، ما أدى إلى مقتل أربعة من أتباعه وجرح ستة آخرين.
من جانبه، قال مصدر عسكري في الفرقة الأولى مدرع، لـ"الاتحاد" إن اشتباكات اندلعت بين قوات الفرقة الأولى مدرع، وقوات تابعة للحرس الجمهوري، في منطقة شملان، شمال غرب العاصمة اليمنية، مشيرا إلى أن هذه الاشتباكات "كانت متقطعة ولم تسفر عن سقوط ضحايا من الجانبين".
بدورها، اتهمت السلطات اليمنية القائد العسكري المنشق اللواء الأحمر والزعيم القبلي المعارض صادق الأحمر، ومن وصفتها بـ"القيادات المتطرفة" في حزب الإصلاح الإسلامي المعارض، بـ"بمحاولة تفجير الوضع عسكريا في العاصمة صنعاء". واتهم مصدر مسؤول بوزارة الداخلية هذه الأطراف الثلاثة "بالقصف المكثف والعشوائي بقذائف الهاون على الأحياء والمنازل الآهلة بالسكان" في أنحاء متفرقة من العاصمة، منها مشروع سكني قطري، قيد الإنشاء، بمنطقة عطان (غرب) الخاضعة لسيطرة قوات الحرس الجمهوري، التابعة لنجل الرئيس اليمني، العميد الركن أحمد علي صالح.
وقال إن 15 جنديا أصيبوا في قصف استهدف معسكر "الشرف" التابع للحرس الجمهوري، ومقره شارع الزبيري التجاري، الذي يشهد منذ الأحد الماضي، اشتباكات متقطعة بين القوات العسكرية المؤيدة والموالية للحركة الاحتجاجية الشبابية. واتهم المسؤول الأمني "عناصر من الفرقة وحزب الإصلاح" بإرغام المواطنين الساكنين في محيط مخيم الاحتجاج الشبابي، خصوصا في الجهات الجنوبية والغربية، على إخلاء منازلهم "والتمركز فيها"، منتقدا إقدام قوات الفرقة الأولى مدرع على إغلاق شارعي الدائري الغربي وهائل، المؤديين إلى ساحة المخيم. وقال:"تلك الممارسات تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار والسكينة العامة للمجتمع والزج بالوطن في أتون حرب أهلية لن يكون في النهاية من ضحية وخاسر فيها سوى الوطن والمواطن".
وطالبت وزارة الداخلية اليمنية اللواء الأحمر وحزب الإصلاح بالالتزام بقرار نائب الرئيس اليمني الفريق عبدربه منصور هادي وقف إطلاق النار، وحذرت "من مغبة تفجير الوضع عسكريا"، مشددة في الوقت ذاته على أن "القوات المسلحة والأمن لن تسمح لأي كان بالعبث بأمن الوطن واستقراره ووحدته".
وكانت قيادة الفرقة الأولى مدرع اتهمت، الليلة قبل الماضية، القوات الموالية لصالح بعدم الالتزام بقرار وقف إطلاق النار، والاعتداء على المدنيين ومعسكر الفرقة، الواقع على هضبة مرتفعة في الجانب الشمالي الغربي لصنعاء. وقال العقيد عسكر زعيل، الناطق الرسمي باسم اللواء الأحمر، في بيان تلاه أمام المعتصمين في المخيم الاحتجاجي، إن الجيش المؤيد لـ"الثورة" صخرة قوية "ستتحطم عليها كل الدسائس"، داعيا نائب الرئيس إلى "تحمل مسؤولياته" وضبط من وصفهم بـ"العصابة المغتصبة للسلطة". ولفت إلى أن الاشتباكات بين قوات الفرقة والحرس الجمهوري، التي وقعت مؤخرا في جولة كينتاكي، وسط صنعاء، لم تكن "مواجهة عسكرية"، وإنما حماية أمنية للمتظاهرين المدنيين، محذرا من أن الفرقة الأولى مدرع "لم تتدخل حتى الآن". وقال:"هم (السلطة) يعرفون أنه لن تقف أمامنا جولة كينتاكي ولا جولة المصباحي ولا (ميدان) السبعين" الذي يقع على مقربة منه قصر الرئيس علي عبدالله صالح.
إلى ذلك، قُتل جندي منشق وأربعة مدنيين، بينهم امرأتان، وأصيب آخرون، برصاص قناصة وقصف مدفعي استهدف الأحياء السكنية المحيطة بمخيم الاحتجاج الرئيسي بصنعاء، وقال المحتج بسام صريم، الذي يعتصم في المخيم منذ شهور لـ «الاتحاد» إن امرأة قتلت برصاص قناصة أثناء مرورها بشارع هائل التجاري، الليلة قبل الماضية. وأضاف:"شاهدت صباح اليوم (أمس) معتصمين يحملون جنديا قتل برصاص قناصة استهدفوه عندما كان بالقرب من جولة كينتاكي"، مشيرا أيضا إلى مقتل شاب برصاص قناصة كانوا متمركزين على سطح بناية سكنية في شارع الرباط، غرب المخيم الاحتجاجي. وذكرت وكالة فرانس برس، نقلا عن شهود عيان، أن امرأتين قتلتا برصاص قناصة استهدفوا ساحة الاعتصام، فيما قتل رجلان في قصف مدفعي استهدف المخيم، المقام منذ 17 فبراير الماضي.
وقال مصدر طبي بالمستشفى الميداني لـ"الاتحاد" إن قذيفة سقطت، مساء أمس الخميس، على منطقة خالية داخل المخيم "وعلى مقربة من المستشفى الميداني"، مؤكدا أن انفجار القذيفة "لم يسفر عن وقوع أي إصابات".
وفي حي "سواد حنش" المجاور لمعسكر الفرقة الأولى مدرع من جهة الشرق، قال سكان محليون لـ «الاتحاد» إن قوات اللواء الرابع، المنشق عن الفرقة الأولى مدرع، قصفت بمضاد طيران مسجدا بالحي المكتظ بالسكان، مشيرين إلى أن القصف "غير المبرر" أسفر عن إصابة أحد سكان الحي بجروح بالغة، وتضرر المسجد