محمد المعيني: الاهتمام بالتفاصيل يضمن نجاح تصميم المواقع الإلكترونية
أبوظبي (الاتحاد) - علاقة الشاب المواطن محمد المعيني بتصميم المواقع الإلكترونية وتطويرها بدأت مبكرة، حيث بدأ تعلقه بعالم الإنترنت منذ كان طالبا في المدرسة وأفرز هذا التعلق إنسانا موهوبا وذواقا وله بصماته الفنية المميزة في عالم التصميم ليصبح مطورا فيها. ويعتبر المعيني أن طفولته ودراسته وبيئته دعمت توجهه لامتهان هذا العمل، فضلا عن الأهمية المتزايدة لشبكة الإنترنت. ويؤكد أن التفاصيل تلعب دورا أساسيا في نجاح تصميم المواقع الإلكترونية حتى تكون قادرة على عكس محتواها وتوجهها.
رحلة العلم
يقول المعيني «لم تختلف طفولتي عن أي طفل عاش فترة الثمانينيات في العاصمة أبوظبي التي ولدت ونشأت فيها، حيث كانت مدينة أبوظبي في هذه الفترة تشهد تطورا سريعا برزت خلاله وسائل الترفيه الإلكترونية، وازدادت محال الإلكترونيات، فبدأت أعشق الأجهزة الإلكترونية كالأتاري والألعاب الأخرى، وكان الفضول يحملني إلى تفكيك الأجهزة الإلكترونية للتعرف إلى أجزائها، وظلت اللوحة الخضراء المكونة لها لغزا كبيرا يشدني ويحيرني، وكانت عملية التخريب هذه تثير لي المتاعب كثيرا مع والدي فقد كنت أعبث بجميع الأجهزة الإلكترونية في المنزل!»
ويتابع «في بداية دراستي في مدرسة ابن سينا في أبوظبي وبالتحديد في المرحلة الابتدائية تم طرح حصة إضافية لتعلم الكمبيوتر، فكانت هذه أول مرة أستخدم فيها الكمبيوتر، وصرت أنجذب إليه شيئا فشيئا، كما كنت مبدعا في الرسم وأذكر أن حصص التربية الفنية كانت هي المفضلة لدي وكان مدرس التربية الفنية يجعلني أبقى بعد انتهاء الدوام المدرسي، لأرسم لوحات فنية تعرض على جدران المدرسة وفي معارضها، وبعدها ترددت إلى المجمع الثقافي في أبوظبي لأصقل مهاراتي في الرسم والنحت وغيرها من الحرف الفنية الجميلة، وفي هذه الفترة كان المجمع الثقافي من أوائل الأماكن التي ارتبطت بالإنترنت في العاصمة، فتعلمت هناك استخدام الإنترنت، ومن بعدها قام والدي بشراء أول جهاز كمبيوتر لي ومن خلاله انطلقت وعلمت نفس عبر البحث في الشبكة العنكبوتية عن كيفية تحرير وتعديل الصور وتصميم الصفحات واستخدام البرامج الأساسية في جهاز الكمبيوتر».
وما أسهم في سرعة تعلم المعيني التعامل مع عالم الإنترنت وتعلم التصميم أن لغته الإنجليزية كانت قوية بفضل تعليم والده الحاصل على دبلوم في الأدب الإنجليزي، ونتيجة لذلك أيضا صار المعيني يحلم بإكمال دراسته في دولة أجنبية فحظي ببعثة دراسية عام 1999 لدراسة نظم المعلومات في كلية «أيستبورن» في المملكة المتحدة لتنسجم بذلك موهبته مع دراسته.
ويصف فترة الدراسة الجامعية بقوله «كانت من أجمل مراحل حياتي حيث حظيت بفرصة التعلم في معامل ومختبرات تقنية ساهمت كثيرا في تطويري وتعليمي أساسيات البرمجة وكيفية عمل تطبيقات وبرامج كالتي كنت أستخدمها مثل برامج الرسم وبرامج المحاكاة». ويتابع «تدربت على أصعب البرامج مثل برنامج آلة حاسبة متقدم، وكان أساتذتي دائما يشيدون بحسي الفني في إخراج البرامج التي أصممها وهو الجانب الذي كان لا يكترث له بعض الطلبة، ومن شدة حبي لتصميم المواقع والتطبيقات ازددت قربا ومحبة لأساتذتي في الجامعة حيث كانوا يمنحونني أوقاتا إضافية لمناقشتي في التصاميم وتعليمي كيف أبتكر طرق جديدة في التصميم، ومدي بالمزيد من المعلومات والخبرات في برامج الرسم المختلفة والبرمجة، فكنت أقضي ساعات طويلة في مختبر الكمبيوتر في الحرم الجامعي دون ملل».
بلا ورق
يشير المعيني إلى أنه بعد أن أنهى دراسته الجامعية عاد إلى الدولة وعمل لدى إحدى الجهات الحكومية بوظيفة مصمم ومطور مواقع وعن مهامه يقول «أدير مشاريع تقنية في العمل مثل تركيب وتجهيز وربط الأجهزة الإلكترونية وتركيب الأجهزة الأمنية وأجهزه العرض وغيرها من الأجهزة التقنية الأخرى، ونجحت في عملي على تجاوز التحدي الأكبر وهو خلق بيئة عمل إلكترونية بلا ورق عن طريق وضع بوابة إلكترونية وبرامج تزيد من كفاءة العمل، وها أنذا أكملت عشر سنوات في مجال عملي في تطوير الأنظمة والبرامج».
على صعيد آخر، يعمل المعيني مدير تطوير وتصميم مواقع في شركة خاصة، ويشرح طبيعة عمله في هذه الشركة، قائلا «كنت أعمل أحيانا في وقت فراغي على تطوير مواقع كالمنتديات والمدونات وغرف الدردشة وغيرها من مشاريع تخرج لبعض الطلبة كانوا يطلبون مساعدتي في إعدادها، وكانت تصادفني عقبات في تطوير المواقع لشركات أو دوائر حكومية لأنني لا أملك الصفة الرسمية في التعامل معها، ومن هنا قررت الالتحاق بإحدى الشركات الخاصة وعينت مديرا لتطوير وتصميم المواقع في الشركة، ووفقت بعمل الكثير من المواقع الإلكترونية لشركات خاصة وحكومية ومؤسسات مختلفة باستخدام تقنيات حديثة وديناميكية وبتصاميم فنية رائعة، تجعل من الموقع الإلكتروني وسطا تفاعليا مميزا».
وحول آلية التصميم والتعامل مع العملاء أو الجهات التي تطلب منه تصميم مواقع إلكترونية لها، يوضح المعيني «قبل البدء في تصميم أي موقع، نطلب من العميل تزويدنا بأفكاره وآرائه عن الطريقة التي يريد أن يظهر بها موقعه، إضافة إلى تزويدنا بجميع الأقسام والصفحات التي يرغب بوجودها في موقعه، وأيضاً نطلب منه تزودينا بالألوان التي يحب أن تكون في موقعه وكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة، وأن يزودنا ببعض المواقع التي أعجبته ويرغب بأن يكون موقعه مشابها له من ناحية المظهر، كل هذه الأمور تساعدنا في وضع تصور معين يناسب صاحب الموقع، لأن الموقع سيكون باسمه، فمن الطبيعي أن نحرص على أن يكون تصميم الموقع وطريقة ظهوره تعكس الطريقة التي يريدها العميل في موقعه». ويضيف «أيضاً نحن نحرص على تقديم النصائح والإرشادات المهمة للعميل فيما يخص التصميم. ?بعد أن نحصل على جميع التفاصيل، نقوم بدراسة مشروع دراسة وتنفيذ، ونقوم خلال ذلك بتقديم تصور بياني بسيط يوضح الطريقة التي سيظهر عليها الموقع، ونقوم أيضاً باختيار البرمجة المناسبة للموقع، ونطلع العميل على البرامج التي سيتم استخدامها وجميع التكاليف الخاصة بالتصميم، حيث إن سعر التصميم يختلف من موقع إلى موقع، ويختلف أيضاً إذا كان التصميم مقدما لشركة أو لفرد، ويعتمد السعر أيضاً على البرامج والتقنيات المستخدمة، وبعد موافقة العميل، نقوم بتزويده بالمدة الزمنية اللازمة للانتهاء من تصميم الموقع، وبعد الانتهاء من التصميم يحظى العميل بفترة كافية يتم من خلالها النظر في ملاحظاته على التصميم أو على الموقع، تمهيداً للتعديل عليها وتسليمه الموقع بشكل كامل.
نافذة إعلامية
حول أهمية عمل مطور المواقع الإلكترونية، يقول المعيني «أصبحت شبكة الإنترنت نافذة إعلامية ضخمة، نظراً لما تلاقيه من عدد ضخم جداً من مختلف الاختصاصات والاهتمامات، حتى صارت مرتعاً خصباً للناس لعرض أفكارهم آرائهم إبداعاتهم منتجاتهم خدماتهم بل حتى تفاصيل دقيقة من حياتهم، وبناءً على هذه المعطيات تظهر أهمية مصمم ومطور المواقع الإلكترونية في القيام بخدمة تصميم مواقع إلكترونية وتطويرها».
ويذكر المعيني لغات البرمجة التي يستخدمها بأنها تضم CGI , Java ، PHP , ASP.net. أما أدوات التصميم فهي Photoshop , indesign , fireworks , dreamwaver. وحول مصادر إلهامه في التصميم، يوضح «عشقي للبحر والصحراء وحبي للخطوط العربية واللوحات التراثية ودفء الألوان وتدرجاتها يؤثر نوعا ما على ملامح تصاميمي، بل وأرى أن تصاميمي تعكس هويتي، كما أميل إلى استخدام اللونين الأصفر والأزرق، لحبي للبر والبحر، وأحب أيضا إضافة صور الغروب وصور التطور الحضاري في المواقع مما قد يضفي ميزة على أعمالي».
ويشعر المعيني بنجاحه عندما يستطيع ابتكار تصاميم جديدة غير مسبوقة، ويشعر بالملل والتعب إذا طلب منه نسخ أحد المواقع لصالح جهة ما فنقتل لديه روح الإبداع وحتى الرغبة في العمل، لدرجة أنه قد يلغي تصميمها».
الابتكارات ليست في مجال الهندسة والطب والكيمياء فقط بل هي من ضرورات تصميم المواقع وتعتبر أداة قوة في يد المصمم، ومن أبرز البرامج التي ابتكرها المعيني وصديقه خالد المحيربي برنامج «روح الاتحاد». ويقول المعيني «هو أول برنامج إماراتي وطني موجه لمستخدمي هواتف «بلاك بيري»، ويتحدث عن دولة الإمارات وقصة الاتحاد، كما يحتوي على قسم للأخبار المحلية، وقسم للصور والتهاني التفاعلي، ويتم تحميله مجانا عن طريق مركز التحميل «App World» الخاص بهواتف بلاك بيري، ووصل عدد الأشخاص الذين حملوا البرنامج إلى أكثر من 5000 شخص في بداية طرحه».
تغذية الإبداع
يلفت محمد المعيني إلى أنه يحب العزلة والأجواء الهادئة التي يجلس فيها ويتأمل ويفكر ليخرج بأفكار مبتكرة لتصاميمه، وقد يعمد للإقامة في أحد الفنادق المطلة على البحر ليصل إلى الحالة النفسية التي يحتاجها والتي تساعده على الانطلاق في عالم الخيال والإبداع، كما يؤكد أنه يحرص على تطوير نفسه بشكل دائم من خلال الاطلاع الدائم على المستجدات في مجال التقنية، ومتابعة التغريدات والتدوينات وآخر أعمال كبار المصممين في العالم، وآخر صيحات التصميم لديهم، وآخر مستجدات الخداع البصري في المواقع وكيفيه رسم المواقع وتسهيل وصول المحتوى، بالإضافة إلى أنه يدعم مهاراته بالدراسة الجامعية، حيث يكمل حاليا دراسة البكالوريوس في تخصص نظم المعلومات الإدارية في جامعة العين للعلوم والتكنولوجيا.