أسماء الحسيني (القاهرة - الخرطوم)

أعلنت الحكومة السودانية أنها اتفقت مع الجبهة الثورية على مثول الذين صدرت بحقهم أوامر ضبط وإحضار من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وأكدت أنها لن تستطيع التوصل إلى اتفاق سلام شامل دون الاتفاق على مؤسسات تنجز العدالة الانتقالية ومبادئ عدم الإفلات من العقاب، كما أكدت أنها لن تستطيع تحقيق العدالة وإنصاف ضحايا الحرب في دارفور والمناطق الأخرى إلا بمثول من صدرت بحقهم أوامر قبض دولية.
ويواجه الرئيس السوداني المعزول عمر البشير وعدد من رموز نظامه أوامر قبض من قبل المحكمة الجنائية الدولية، بعد اتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية في إقليم دارفور الذي يشهد حرباً منذ 2003.
وقال محمد حسن التعايشي، عضو مجلس السيادة السوداني والناطق الرسمي باسم وفد الحكومة السودانية المفاوض، إنهم عقدوا جلسة مباحثات أمس مع الجبهة الثورية في جوبا، وبحثا ورقتين، الأولى تتعلق بالعدالة والمصالحة، والأخرى حول الأرض وملكيتها في دارفور.
وأكد التعايشي اتفاق الجانبين على المؤسسات المنوط بها تحقيق العدالة في الفترة الانتقالية، باعتبار أن ذلك قناعة لدى الحكومة بعدم الوصول إلى اتفاق سلام شامل دون الاتفاق على مؤسسات تنجز مهمة العدالة الانتقالية، والاتفاق على مبادئ عدم الإفلات من العقاب.
وأضاف التعايشي: اتفقنا على أربع آليات رئيسية لتحقيق العدالة في دارفور. وأوضح أن تلك الآليات تتمثل في الاتفاق على مثول الذين صدرت بحقهم أوامر قبض بوساطة المحكمة الجنائية الدولية.
وقال التعايشي: لا نستطيع تحقيق العدالة إلا إذا شفينا الجراح بالعدالة نفسها، ولا نستطيع أن نهرب مطلقاً من مواجهة أن هناك جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ارتكبت بحق أبرياء في دارفور وفي مناطق أخرى.
وسرعان ما توالت ردود الفعل السودانية المرحبة بقرار الحكومة السودانية. وقال محمد عصمت يحيي القيادي بقوى الحرية والتغيير لـ«الاتحاد»، إن هذا هو أعظم قرار لحكومة الثورة. وقال القانوني السوداني عبد الإله زمراوي لـ «الاتحاد»، إن القرار بتسليم البشير ورهطه للمحكمة الجنائية بلاهاي أعظم خطوة تقوم بها الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة بجوبا، وتشفي صدور جميع السودانيين.
وقال الكاتب الصحفي تاج السر حسين لـ«الاتحاد»، إنه قرار في مصلحة السودان والسودانيين جميعاً. ومن جانبه، اعتبرها المحلل السياسي السوداني الدكتور فاروق عثمان في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية هي أولى الخطوات المطلوبة من السودان من أجل رفع الحصار عنه ورفعه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ودعم اقتصاده، وأشار إلى موسم الانتخابات اقترب في أميركا، والرئيس الأميركي يمكن أن يتخذ من تسليم المطلوبين السودانيين كمادة دسمة وجذابة في حملته الانتخابية، ويتفادى بها في الوقت ذاته ضغط الكتل والكيانات المدافعة عن حقوق الإنسان. ومن جانبه، قال الصحفي والمحلل السياسي السوداني عبد المنعم سليمان لـ«الاتحاد»، إنه اتفاق تاريخي بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة السودانية، وسيتم بموجبه تسليم المطلوبين للعدالة الدولية الذين صدرت بحقهم مذكرات قبض دولية، وعلى رأسهم الرئيس المعزول، وعبد الرحيم حسين، وأحمد هارون، وعلى كوشيب. وطالب الناشط السوداني فخر الدين عوض بالإسراع بتسليم البشير وكل من تلوثت أيديه بدماء أبناء دارفور إلى لاهاي من دون أي تردد.
في حين ذهب الناشط السوداني الغالي بوش إلى القول إن أفضل عقوبة للبشير ورفاقه هي بقائهم في أحد السجون السودانية، مشيراً إلى أنه لا توجد عقوبة الإعدام في المحكمة الجنائية.
وعلى صعيد آخر، أعلنت الجبهة الثورية تأييدها لطلب رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبد الله حمدوك بإنشاء بعثة من الأمم المتحدة تحت الفصل السادس، في وقت عارضته قوى سياسية سودانية عديدة، وقال الهادي إدريس رئيس الجبهة الثورية، أمس، إن استحداث هذه البعثة سيوفر الضمانات الدولية التي ظلت الحركات المسلحة تطالب بها لأي اتفاقية يتم التوقيع عليها، وكشف أنهم سبق وطالبوا رئيس بعثة «اليوناميد» بدور شبيه لما طالب به حمدوك.
وقال الكاتب والمحلل السياسي السوداني حسن أحمد الحسن لـ«الاتحاد»، إن الاستعانة بالأمم المتحدة في دعم السلام سيضع حداً لمزايدات قادة الحركات المسلحة وطموحاتهم غير المشروعة، فالسلام يجب أن يكون لتحقيق التنمية، وليس للمناصب.
وفي غضون ذلك، نفت حركة تحرير السودان الأخبار المتداولة بشأن وصول رئيسها عبد الواحد نور للخرطوم، وقال محمد الناير الناطق الرسمي باسم الحركة، إن عودة قيادات الحركة إلى داخل السودان مرهونة بالاستجابة إلى مبادرة السلام الشامل بالسودان والتي ستطرحها الحركة قريباً، مع تنفيذ كل الشروط الواردة فيها، ومن أهمها تسليم كل المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية.