مهما بلغ التقدم الهائل لوسائل الاتصال والإعلام الجديد وما أدخلته من تغييرات على عادات واستهلاك القراءة ومصادر المعلومات، ستبقى تحتفظ الصحافة التقليدية بأهميتها ومكانتها، أو هذا على الأقل ما أكدته نتائج استطلاع علمي، ظهر من خلاله أن مستخدمي الهواتف المحمولة يفضلون بقوة القصص الإخبارية التي ينتجها الصحفيون المحترفون على تلك التي تصلهم من أصدقائهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، والخدمات الرقمية للمحمول. أبوظبي (الاتحاد) - أكد المسح البحثي، الذي أجراه معهد “دونالد و. رينولد” للصحافة، أن مستخدمي المحمول ما زالوا يفضلون الحصول على أخبارهم من المواقع الرئيسة الموثوقة أكثر مما يودون الحصول عليها من أصدقائهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت. عامل الثقة قال روجيه فيدلر، مدير المعهد لشؤون النشر الرقمي، إن “تحليلاتنا ترى أن المحتوى الرقمي الذي ينتجه صحفيون مهنيون يحظى بثقة أصحاب الهواتف المحمولة”. وذكر تقرير، نشره المعهد على موقعه على الإنترنت، أن الباحثين قارنوا أيضاً بين المتجاوبين مع البحث الذين يفضلون قنوات أخبار تلفزيونية معينة، والكيفية التي يثقون بها بوسائل الإعلام الإخبارية الرئيسة. ووجد فيدلر أن الذين يفضلون قنوات فوكس نيوز و”أم أس أن بي سي” الإخبارية يميلون أكثر، كما يبدو لعدم الثقة بوسائل الإعلام الإخبارية، في حين أن الذين يفضلون الشبكات التلفزيونية الإخبارية مثل “إي بي سي” و”سي بي أس” و”أن بي سي” يميلون للثقة أكثر في هذه الوسائل. وفي ضوء ذلك ذهب فيدلر إلى القول، إنه “مع تحديد واحد من بين كل خمسة مبحوثين قناة كيبل فوكس نيوز بأنها قناتهم الوطنية التلفزيونية الإخبارية المفضلة، لا نستطيع تجاهل تأثير تلفزيون فوكس على سلوك ومواقف البالغين الأميركيين حيال ثقتهم بوسائل الإعلام الإخبارية الرئيسة والصحفيين المهنيين”. وظهر من المسح أن المستخدمين الشباب الأصغر سنا هم الأكثر تشككاً بين مستخدمي الهاتف المحمول بشأن الحصول على الأخبار من الخدمات الرقمية للمحمول. وقال 35% فقط من ذوي الأعمار بين 18 - 34 عاما أنهم يتوقعون الحصول على أخبارهم من خلال الخدمات الرقمية للهواتف المحمولة خلال السنوات العشر القادمة. وبلغت النسبة 41% لدى الشريحة العمرية 35 - 54 و40% لدى من تجاوزوا الخمسين عاماً. فيما خص الإجابة على السؤال نفسه. وقام فيدلر ومساعد مدير الأبحاث في المعهد ذاته كين فليمنج بهذا المسح البحثي مستخدمين “مركز البحث الاجتماعي المتقدم” في المعهد، الذي يقع في كلية ميسوري للصحافة. وجرت مقابلة عينة عشوائية بلغت أكثر من ألف شخص تم اختيارهم من خلال قوائم بأرقام الهواتف، وذلك في الفترة بين 17 يناير و25 مارس الماضيين، وكان أكثر من نصف المختارين يستخدمون هواتف محمولة. وأجاب المبحوثون عن أسئلة استبيان تتناول استهلاك أخبار المحمول سواء لدى مستخدمي وغير مستخدمي لأجهزة الإعلام المحمول. ويذكر أن المعهد المذكور يهتم بدعم دور الصحافة في خدمة الديمقراطية وبابتكار وتجريب تقنيات وطرف تفكير جديدة لتطوير الصحافة. القيمة المالية السؤال الذي برز على خلفية نتائج التقرير هو ما القيمة المالية لتفضيل مستخدمي الهاتف المحمول للمحتوى الصحفي المهني؟ فلقد أشار التقرير السنوي عن “اتجاهات الصحافة العالمية”، الصادر عن الجمعية العالمية للصحف والناشرين، إلى شح فيما أسماه “كثافة” استهلاك الأخبار الرقمية وهو أمر ظهر في حصة العائد الرقمي الذي تتحدث عنه الصحف، وفق ما جاء في التقرير. واستناداً لآخر البيانات التي أمكن الحصول عليها فإن العوائد الرقمية لم تعوّض بعد مقدار انخفاض العائد الورقي، حيث أن 2?2% من إجمالي العوائد الإعلانية للصحف جاءت من المنصات الرقمية في العام الماضي. ويؤثر غياب “الكثافة” في استهلاك الأخبار الرقمية سلبياً في عائد الإعلانات، وفي مدى اهتمام القراء المستخدمين في الدفع مقابل الحصول على المحتوى، وفقا لما قاله الناطق باسم الجمعية لاري كيلمان لدى تقديمه التقرير أثناء انعقاد الملتقى العالمي للمحررين في مدينة كييف في أوكرانيا مؤخراً. وتكشف البيانات الواردة في التقرير والتي تستند إلى معلومات من 76 بلداً أن توزيع الصحف العالمي ارتفع 1?1 % بين العامين 2010 و2011. وحذر كيلمان المندوبين الحاضرين في الملتقى من إهمال الصحف المطبوعة. وجاء في التقرير السنوي أن أكثر من 2?5 مليار شخص يقرأون صحيفة ورقية (ولا يشمل ذلك الصحف الأسبوعية وطبعات الأحد)، مقارنة مع 600 مليون يقرأون النسخة الرقمية لواحدة من الصحف، وقد ازدادت نسبة الجمهور الرقمي الذي يقرأ صحيفة يومية على الشبكة من 34% إلى أكثر من 40%. وتعقيباً على ذلك ركز كيلمان على أن “التحدي الأكبر” أمام مواقع الصحف على الشبكة هو قدرتها على تنمية وتيرة وكثافة الزيارات لمواقعهم.