لم يكن الملاح العربي الرائد ابن ماجد غائباً عن “مؤتمر الدوحة الدولي للأدب الجغرافي”، وذلك من خلال التوصيات التي صدرت مؤخراً مع اختتام فعاليات المؤتمر، الذي تواصلت جلساته في العاصمة القطرية طوال أربعة أيام. وجاء انعقاد المؤتمر بالتعاون بين المركز العربي للأدب الجغرافي “ارتياد الآفاق” في أبوظبي، والحي الثقافي “كتارا”، في إطار الاحتفالات المستمرة بمناسبة اختيار الدوحة عاصمة للثقافة العربية 2010، وحمل المؤتمر الذي تناول مدونات الرحالة العرب والمسلمين منذ القرن العاشر الميلادي، عنوان “العرب بين البحر والصحراء”. توصيات المؤتمر شارك في المؤتمر نحو ثمانين باحثاً وأكاديمياً، خاصة في مجال الترجمة، من مختلف بلدان العالم، وكان من أهم التوصيات تخصيص مقعد في جامعة قطر باسم ابن ماجد البحار والجغرافي المنتمي إلى هذه المنطقة من الجزيرة العربية، والاهتمام بالدراسات حول الملاحة العربية والإسلامية عبر العصور في عالم البحار والمحيطات وتركيز الاهتمام على رحلات المشارقة إلى بلاد الغرب الإسلامي وإعادة قراءة طريق الحرير وتفرعاته وإخراج النصوص المحققة والإبداعية، وإنتاج كتب مسموعة لليافعين والكبار، إضافة إلى تأسيس ركن بالحي الثقافي “كتارا” لأدوات الرحلة والسفر والخرائط المتعلقة بهما، يطلق عليه اسم “رحلات العرب بين البحر والصحراء”. وكان حفل الختام الذي حضره الدكتور حمد عبد العزيز الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث في دولة قطر، بدأ بعزف منفرد على العود للفنان القطري أسامة حسين، الذي قدم ببراعة فنية رقيقة مقاطع موسيقية من الموسيقى العربية، أطفت على الجو مسحة إيقاعية عذبة خففت من أعباء الجهد البحثي والنقاش طوال أيام المؤتمر ونشرت في نفوس الحضور أطيافاً من البهجة والصفاء. وقدمت ملكة آل شريم كلمة تحدثت فيها عن مؤتمر الرحالة، الذي هو بداية انطلاق “كتارا” لمد جسور التواصل مع العرب والعالم بالتعاون مع “ارتياد الآفاق”. ثم قرأ الشاعر نوري الجراح، مدير المركز العربي للأدب الجغرافي توصيات المؤتمر، مشيراً إلى أنه كان مؤتمراً ناجحاً ورد الاعتبار للقيمة العلمية والأكاديمية للباحثين المشاركين وتنوع مشاربهم واختلاف زوايا نظرهم ونقاشاتهم المتزنة والعميقة. تكريم الباحثين في نهاية الحفل، قام الكواري والجراح بتكريم عدد من الباحثين ومترجمي رحلة ابن بطوطة إلى الصينية والإنجليزية والإيطالية والإسبانية والتركية والفارسية، إضافة إلى العلامة المغربي الدكتور عبد الهادي التازي الذي أمضى سنوات عديدة في البحث والسفر لتحقيق رحلة ابن بطوطة بأجزائها الأربعة، فضلاً عن جزء خامس يتضمن فهارس للأعلام التاريخية والأماكن الجغرافية وكل ما يقتضيه التحقيق العلمي من كشوف. كما تم في نهاية الحفل توزيع جوائز ابن بطوطة على الفائزين في الدورتين السابقتين للسنتين 2008 - 2009، وعددهم 13 باحثاً وكاتباً. وكان التكريم تمثالاً لرأس ابن بطوطة كما تصوره النحات عاصم الباشا. ولم تقتصر فعاليات المؤتمر على تقديم أوراق الباحثين ومناقشتها فقط، إنما كانت الرحلة الحديثة حاضرة في أمسية خاصة، قرأ فيها عدد من الشعراء والكتاب مقتطفات من أعمالهم المنشورة. ان بطوطة كما جرى عرض جزء من الفيلم الوثائقي الطويل عن أهم الأماكن التي زارها ابن بطوطة من الأندلس وأفريقيا إلى الصين، وهو من إعداد تيم ماكنتوش سميث الباحث البريطاني المقيم في اليمن، وقد أهداه إلى العلامة عبد الهادي التازي والمترجم الصيني فريد لي قوانجبين، والمترجمة الإيطالية كلوديا تريسو. مشروع غير ربحي يعتبر المركز العربي للأدب الجغرافي- ارتياد الآفاق مشروع ثقافي غير ربحي أسسه ويرعاه الشاعر محمد أحمد خليفة السويدي، وقد انطلق منذ عشر سنوات من مقره في أبوظبي وله فرع في لندن ومديره العام الشاعر نوري الجراح، ونشر حتى الآن ما يزيد على 180 كتاباً من أدب الرحلة بمختلف فروعه من تحقيق المخطوطات إلى الدراسات والرحلة الحديثة واليوميات والرحلة الصحفية. ومن أهم إنجازات هذا المشروع الثقافي البدء بنشر سلسلة جديدة بعنوان “رحلات الحج” مهداة إلى روح المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وأعلن مدير المركز عن إقامة ندوة خاصة بهذه السلسلة من الرحلات، من المتوقع أن تعقد السنة القادمة في العاصمة الجزائرية.