«ذي ميل» تواجه مطالب قضائية فرنسية بعد وراثتها «أخبار العالم»
وعدت الحكومة الأسترالية بالتحقيق في وسائل الإعلام بعد شكاوى قدمها أعضاء في البرلمان تتهم شركة «نيوز كورب» الإعلامية التابعة لصاحبها روبرت مردوخ بالنفوذ، وبعدم الإنصاف، حيث إنها تمتلك الكثير من صحف البلاد حيث تسيطر على 70% من صحف البلاد، في وقت تواجه فيه صحيفة «ذي ميل» ملاحقات قضائية فرنسية عقب نشرها مواضيع نالت من الوضع الاقتصادي لأحد بنوكها.
يأتي الوعد بعد أن كانت تزايدت الدعوات في أستراليا من أجل القيام بتحقيق وتحريات بشأن «نيوز كورب» المنتشرة عالمياً، والتي تتخذ من نيويورك مقراً لها، وذلك على أثر إقفال أكثر صحفها البريطانية مبيعاً «أخبار العالم» (نيوز أوف ذي وورلد) في يوليو الماضي، إثر اتهامها بانتهاك خصوصية الاتصالات الهاتفية، وتنصت عدد من العاملين فيها على عائلات عدد من القتلى البريطانيين في الحرب على العراق وحوادث أخرى بهدف الحصول على معلومات خاصة.
تحقيق لا هجوم
نقلت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية عن وزير الاتصالات الأسترالي ستيفن كونروي قوله إن التحقيق سيكون داخل وسائل الإعلام الأسترالية وعلى أساس بنود مرجعية لا تزال قيد المناقشة مع حزب الخضر الذي يدعم حكومة الأقلية التابعة لحزب العمال الأسترالي. ولكن كونروي قال أيضاً إن التحقيق لن يكون بمثابة «هجوم» على شركة «نيوز المحدودة» وهي الفرع الأسترالي للشركة الكبرى.
ويشار إلى أن روبرت مردوخ هو أسترالي الأصل، ولكنه حاز أيضا الجنسية الأميركية في العام 1985. وكان ورث «نيوز المحدودة» الأسترالية عن والده قبل أن يشتري عدداً من الصحف الأسترالية والنيوزيلندية التي كانت تعيش أوضاعاً مضطربة في خمسينيات القرن الماضي، ثم توسع إلى المملكة المتحدة في العام 1969 من خلال الاستحواذ على «أخبار العالم» ثم جريدة «الصن»، التي جعل منها الصحيفة البريطانية المرموقة الأولى في بريطانيا. ثم انتقل إلى نيويورك في العام 1974 حيث اختارها مقراً لشركته العالمية «نيوز كورب»، وليتوسع في سوق الولايات المتحدة ويصبح مواطناً أميركياً.
في هذه الأثناء، ما كادت صحيفة التابلويد البريطانية الشهيرة «ذي ميل» تتمتع بمكانتها الجديدة كأول صحيفة تابلويد مبيعا بعد إقفال «أخبار العالم» قافزة بذلك من المرتبة الثانية، حتى بدأت طبعتها الخاصة ليوم الأحد «ذي ميل أون صنداي» بمواجهة متاعب جديدة على خلفية نشرها في أغسطس الماضي تقريرا تضمن مزاعم بأن بنك «سوسيتيه جنرال» الفرنسي وصل إلى حافة الانهيار. فقد بدأ البنك المذكور بإجراءات لملاحقة قضائية ضد الصحيفة البريطانية التي كانت نشرت ادعاءاتها وسط عاصفة من الإشاعات ضربت البنك، وأدت إلى هبوط أسهمه أكثر من 20% في يوم واحد بسبب تكهنات المستثمرين ووسائل الإعلام بشأن قوته المالية وانكشاف الديون اليونانية.
أضرار مالية
تراجعت الصحيفة البريطانية عن أقوالها واعتذرت عما نشرته حينذاك، إلا أن البنك لم يكتف بذلك بل بعث لها برسالة يبلغ فيها مسؤولي «ذي ميل» بأنه قد تعرض لأضرار نتيجة لما نشرته ويطالبها بدفع تعويضات مالية. وذكرت صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية أن «ذي ميل» ردت على البنك برسالة تعترف فيها بالخطأ، وتعرض دفع ألف جنيه استرليني لحساب جهة خيرية يحددها «سوسيتيه جنرال»، الذي رفض هذا العرض، وطالب بدلاً من ذلك بأن يكون مقدار التبرع مليون جنيه (1.589 مليون دولار). وأضافت الصحيفة أن الجهتين قد أصرتا على موقفيهما وأن البنك الفرنسي سيرفع ملفاً بقضية تشهير أمام المحكمة البريطانية إذا لم يحصل على ما يطالب به.
ويرى مراقبون أن عواقب خطأ «ذي ميل أون صنداي» كانت ستكون أعظم بكثير لولا الشائعات الأخرى التي أحاطت البنك المذكور لدرجة أن الهيئة الناظمة لسوق الأوراق المالية الفرنسية (آي أم أف) قررت إجراء تحقيقات بشأن هذه الإشاعات التي استهدفته.
وفي مؤتمر صحفي، رفض الرئيس التنفيذي لمجلس إدارة البنك فريدريك أوديا التطرق إلى القضية العالقة مع «ذي ميل»، لكن التطورات الأخيرة عن إعلانات البنك يراد بها القول إن ما نشر عنه كان محض إشاعات، فرئيسه التنفيذي تحدث عن خطة البنك لبيع بعض أصوله والحد من النفقات بهدف زيادة الاحتياطات الرأسمالية، كما أن البنك أعلن قبل أيام بأنه سينهي عملية شراء «البنك اللبناني – الكندي» ومقره بيروت، وذلك بعد نيل موافقة مصرف لبنان المركزي على إتمام الصفقة التي كان تم الإعلان عنها مبدئيا قبل شهرين إثر اتهامات من وزارة الخزانة الأميركية للبنك اللبناني الخاص بأنه يقوم بتبييض أموال وأن له صلات مع جهات متهمة بالإرهاب.
سجل أخطاء
يذكر أن «ذي ميل أون صنداي» سبق وتورطت بعدد من الغرامات القضائية البارزة، ولكن أيا منها لم يتجاوز إجمالا المائة ألف جنيه. وفي العام الماضي ألزمت الصحيفة بدفع تعويض بقيمة 47 ألف جنيه للناشط في مطالب شعب التاميل، باراميسواران سوبرامنيان، لنشر الصحيفة مزاعم بأنه قام بالغش خلال إضرابه عن الطعام، الذي استمر 23 يوما، حيث ادعت بأنه تناول سندويشات الهمبرجر للاستمرار في احتجاجه وجذب الانتباه لقضية التاميل في سريلانكا، كما سبق للصحيفة أن دفعت في العام 2006 مائة ألف جنيه للمغني البريطاني الشهير التون جون بسبب نشرها اتهامات مزورة تتعلق بسلوكه. وتجدر الإشارة إلى أن «ذي ميل» تأسست في العام 1982 على يد لورد روذرمير، وتعرف باتجاهها السياسي المحافظ.
المصدر: أبوظبي