«الوزاري العربي» يطالب سوريا بوقف إراقة الدماء فوراً
القاهرة (الاتحاد) - أكد مجلس وزراء الخارجية العرب أمس أن الموقف الراهن في سوريا لا يزال خطيراً للغاية، ودعا القيادة السورية الى إحداث تغيير يؤدي الى وقف إراقة الدماء فورا وتجنيب المدنيين المزيد من اعمال العنف والقتل.
وأكد المجلس في بيان ختامي لأعمال الدورة الـ 136 في القاهرة “أن وقف العنف يتطلب من القيادة السورية اتخاذ الإجراءات العاجلة لتنفيذ ما وافقت عليه من نقاط لـ”المبادرة العربية” أثناء زيارة الأمين العام للجامعة نبيل العربي الى دمشق السبت الماضي وخاصة ما يتعلق بوقف أعمال العنف بكافة أشكاله وإزالة اي مظاهر مسلحة والعمل على تنفيذ ما جرى إقراره من إصلاحات”.
وأوضح البيان “انه جرى التداول في مختلف الأبعاد المتصلة بالأزمة في سوريا وسبل مساهمة الجامعة العربية في معالجتها بما يضمن تطلعات الشعب السوري وضمان أمن سوريا واستقرارها ووحدة أراضيها ومنع التدخلات الخارجية”.
وأضاف “إن المجلس خلص الى التعبير مجدداً عن بالغ قلقه من استمرار أعمال العنف وسقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى من المواطنين. وشدد على ضرورة إجراء حوار وطني شامل يضمن المشاركة الفعالة لجميع قوى المعارضة السورية بكافة أطيافها من أجل إحداث عملية التغيير والإصلاح السياسي المنشود تلبية لتطلعات الشعب. وأضاف “انه سيتم إيفاد وفد رفيع المستوى من الأمانة العامة للجامعة للقيام بالمهمة الموكلة إليه في سوريا بعد وقف إطلاق النار وكافة أعمال العنف”.
وترأس وفد الدولة في الاجتماع معالي الدكتور محمد أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية. وضم الوفد محمد بن نخيرة الظاهري سفير الدولة بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية والدكتور طارق الهيدان مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية والسفير محمد سلطان السويدي مدير إدارة الشؤون العربية بوزارة الخارجية والسفير جاسم القاسمي مدير إدارة الشؤون الاقتصادية والتعاون الدولي بوزارة الخارجية.
الى ذلك، قال رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الدورة الحالية للمجلس “إن آلة القتل يجب أن تتوقف في سوريا، وان الجيش لابد ان ينسحب من المدن”. وأضاف في مؤتمر صحفي مشترك مع الأمين العام للجامعة “لا يمكن أن نقبل كبشر أن يقتل الناس بهذه الطريقة، لذلك قررنا أنه لابد من وقف إطلاق النار قبل إيفاد وفد من الجامعة الى سوريا”.
وأعرب بن جاسم عن أمله بحل الأزمة داخلياً وعربياً من دون تدخل دولي. بينما قال العربي “إن الأسد وافق على إيفاد وفد من الجامعة العربية ولكن المجلس الوزاري ارتأى أن يتم وقف إطلاق النار قبل أن يذهب الوفد”.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية قال العربي “إن الجمعية العامة للأمم المتحدة تستطيع أن تعلن أن فلسطين أصبحت دولة وبالتالي النزاع مع إسرائيل سينقلب من نزاع وجود إلى نزاع حدود وهذا أمر مهم جداً لأن الأراضي المتنازع عليها ستصبح أراضي دولة محتلة ممثلة في الأمم المتحدة”.
وأوضح أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تستطيع أن تمنح فلسطين عضوية ولكن يشترط أن يكون هناك توصية من مجلس الأمن، كما تستطيع الجمعية العامة أن تمنح فلسطين صفة دولة غير عضو على غرار سويسرا والفاتيكان مشيرا إلى أن هناك دولا كثيرة في الجمعية العامة تؤيد فلسطين في ذلك.
وحول موقف واشنطن المهدد باستخدام الفيتو، قال العربي “إن القيادة الفلسطينية والدول العربية تؤيد التوجه للأمم المتحدة لحشد التأييد اللازم لحصول فلسطين على حقوقها بدلا من الذهاب مباشرة إلى مجلس الأمن وإذا مات قرر عدم الذهاب لمجلس الأمن ستؤيد دول كثيرة الاعتراف بفلسطين وهذا يحقق الكثير”.
وكان بن جاسم دعا خلال افتتاح أعمال الدورة الـ136 للمجلس سوريا الى استخدام الحوار وليس السلاح في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ خمسة أشهر، وقال “نرى أن الحل في سوريا لابد وأن يتوافر من خلال وقف استخدام السلاح ووضع حد لإراقة الدماء واللجوء إلى الحكمة والحوار”.
كما حث بن جاسم المجتمع الدولي على مساندة المسعى الفلسطيني للحصول على اعتراف بدولتهم المستقلة في الأمم المتحدة خلال الشهر الحالي. وأشاد بمن وقفوا من المجتمع الدولي إلى جانب المسعى الفلسطيني لإعلان قيام الدولة، وقال “نتطلع إلى دعم طلب دولة فلسطين الذهاب إلى الأمم المتحدة لاكتساب العضوية الدائمة كما ندعو الأخوة الفلسطينيين إلى تطبيق اتفاق المصالحة الفلسطينية”.
واتهم بن جاسم إسرائيل بالتهرب من استحقاقات السلام الشامل والدائم الذي لا يتحقق إلا بانسحاب كامل من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، مؤكداً ضرورة اتخاذ موقف حازم ضد إسرائيل لجعلها تمتثل لإرادة الشرعية الدولية.
وقال بن جاسم “إن الشعوب العربية أصبحت اليوم أكثر تقارباً نظراً لتنامي الوعي الجماعي بضرورة الإصلاح وتحقيق العدالة الاجتماعية ومن خلال زيادة التواصل والتفاعل بينها، مما يتطلب منا ويشجعنا على إنشاء وفتح كل قنوات الحوار الإيجابية التي تخدم متطلبات هذه الشعوب وأن نتجنب التوتر والاحتقان السياسي من خلال القيام بعمليات الإصلاح المطلوبة”.
وعبر بن جاسم عن القلق العميق لاستمرار الأوضاع في اليمن، ودعا كافة الأطراف إلى ضبط النفس وتجنيب اليمن مخاطر الانزلاق إلى المزيد من العنف، داعياً جميع الأطراف العمل على تهيئة الظروف والأجواء المناسبة بما يحقق تطلعات الشعب اليمني في الإصلاح والحياة الكريمة.
وهنأ بن جاسم الشعب الليبي على تحقيقه إرادته وخيارته وأكد الثقة في قدرته على القيام بمهام المرحلة الجديدة بكل مسؤولية، وفي جو من الوحدة الوطنية والوئام والتوافق وسيادة القانون، بعيداً عن روح الانتقام وتصفية الحسابات لبناء دولة حديثة يسودها الأمن والاستقرار وينعم فيها الشعب بالرخاء والازدهار.
من جهته، قال العربي أن هناك مسافة بين ما حققته الجامعة وما تصبو إليه الشعوب العربية، وقال “إن المواطن العربي يتساءل عن أي إنجازات ملموسة حققتها الجامعة”، وأضاف “أن ثقافة عدم التزام الدول العربية بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه يستحق وقفة، ويؤسفني أن أقول إن الجامعة أصبحت عاجزة عن التعامل مع أزمات عربية”.
وأشار العربي إلى أن بعض الدول تفضل اللجوء إلى أطر دولية بدلاً من اللجوء إلى الجامعة. وأكد أهمية التحلي بالجرأة واقتناص الظروف الحالية العربية في التعامل مع القضايا العربية، وقال “سأجري مشاورات مع مستقلين لإعادة هيكلة وتطوير الجامعة ومشاركة شعبية في عملها”.
وقدم العربي لوزراء الخارجية العرب مشروع قرار حول تطوير جامعة الدول العربية وتفعيل دورها. ووفقاً لمشروع القرار سيتم اتخاذ الخطوات اللازمة والصيغ المناسبة لإعادة هيكلة الأمانة العامة للجامعة وتطوير هياكلها للارتقاء بآلياتها وأساليب عملها والعمل على إزالة التضارب والازدواجية في اختصاصات مؤسسات الجامعة والمنظمات والأجهزة التابعة لها.
وكانت قطر تولت رئاسة الدورة الـ 136 بدلاً من فلسطين. وأعلن يوسف بن علوي عبد الله وزير الدولة العماني للشؤون الخارجية رئيس الدورة الماضية اتفاق قطر وفلسطين على ذلك