لينا حلواني تدرب الفتيات على قيادة السيارة وتعاني من دخلاء المهنة
تعلم قيادة السيارة ليس بالأمر السهل أو البسيط كما يعتقد البعض بأنه مجرد تشغيل وإدارة عجلات بل هو علم وفن وذوق قائم بذاته يحتاج لخبراء نسميهم بلغتنا مدربين متمكنين لا يلقنون القيادة بقدر ما يدسون في النفوس أخلاقها. فمهنة تعليم قيادة السيارة (مهنة مدربي السواقة ) تنطوي على الكثير من الأخطاء والعقبات أو الصعوبات وتنقل المدربين إلى قصص مضحكة وأخرى محزنة يعيشونها يوميا في الشوارع.
المدربة “لينا حلواني “ عرفت بخبرتها في التدريب، وهي إحدى أشهر المدربات في مدينة العين.
تقول حلواني عن بداياتها مع التدريب والمفارقات التي طرأت على المهنة بين الماضي والحاضر :” بدأت التدريب منذ 20 عاما حيث دربني زوجي وحصلت على الرخصة وبعدها خضعت لامتحانات من لجان الشرطة حتى صرت مدربة وكان زوجي يعمل موظفا في إحدى الدوائر الحكومية وبعد أن استقال منها تقدم للامتحانات ذاتها وصار مدرباً مثلي وصرنا نعمل معاً في هذا المجال”.
تغيّر المهنة
تتابع حلواني: لا شك في أن هذه المهنة اختلفت عما كانت عليه في السابق حيث كانت في الماضي أفضل مما هي عليه الآن، ففي الماضي كان يسمح لمدارس السواقة بأن تملك 12 سيارة تدريب فقط يعمل عليها مدربون مؤهلون، يمنحون رخص التدريب بعد الخضوع لتشديد وامتحانات فليس كل من يقود السيارة يمكن أن يكون مدرباً. أما اليوم فقد فتح الباب لمدارس التدريب لتتملك 30 سيارة وصار كل شخص عاطل عن العمل أو ترك وظيفته ويملك رخصة يتقدم للامتحان الذي يقيس مهاراته العملية، ولا يقيس ما لديه من أخلاقيات لهذه المهنة مثل الصبر والأمانة وسرعة البديهة وقوة الملاحظة والسرعة في التعامل مع الأزمات والحالات الطارئة التي يضعه فيها المتدرب وسط ازدحام السيارات وغيرها الكثير من الصفات التي يجب أن يتحلى بها مدرب القيادة.
وتتابع حلواني :تعليم قيادة السيارة ليس مجرد “دعسة بريك وبترول” بل هي أصعب وأعقد وأعمق من ذلك بكثير، وللأسف صار الآن بيننا مدربون رجال ونساء أشبه “بالدخلاء “على المهنة ولا يستحقون أن يؤتمنوا عليها، يرتكزون على تعليم خطوات الامتحان دون تعليم القيادة نفسها للمتدرب، وعادة ما يحتاج المتدرب 30 ساعة تدريب صحيحة على الأقل للتمكن من النجاح في الامتحان ونيل الرخصة
تضيف حلواني وفي صدرها مرارة مما تراه وتشاهده يوميا في هذه المهنة :” أتساءل لماذا يقال المدرب فلان أفضل من فلان ؟ ولماذا تسأل المتدربة أخريات عن أفضل مدربة ؟ ولماذا تعتقد الكثير من الفتيات أن تدريب الرجال أفضل من تدريب النساء ؟! الاجابات ليست صعبة والسبب عند المدرب نفسه ومدى كفاءته ليكون مدربا أما مقولة الرجال أفضل من النساء فهذه مقولة فيها ظلم كبير لنا نحن المدربات حيث إن بعضنا وبكل فخر أفضل بكثير من الرجال لأننا بحكم طبيعتنا نهتم بدقائق الأمور ولدينا قوة ملاحظة وتركيز وصبر وهذه الصفات قليلة لدى الرجال.
تدريب الرجال والنساء!
تتابع حلواني: ما ننتبه له -نحن السيدات- أثناء تدريبنا ونركز عليه قد لا يركز عليه المدرب، كما أن عملية التدريب قد تستغرق شهوراً مما يعني انه سيكون هناك احتكاك بين الطرفين (المدرب والمتدرب ) حيث تبدأ العلاقة بالتعارف ومن ثم إزالة الحواجز والشعور بالراحة والثقة المتبادلة والحديث عن الخصوصيات والمشاكل التي تحدث في البيوت، وهذا لا يليق ان يكون بين مدرب ومتدربة لأننا شرقيون ولا نرضى بذلك كما من واجبنا كمدربين أن نتعرف إلى نفسية المتدرب ونحاول الوصول إلى نفسيتها وتفكيرها تماما كالطبيب النفسي لنخفف من روعها ونطمئنها بأن القيادة لا تجتمع مع الخوف في مكان واحد فكيف سيكون هذا الأمر إذا كان المدرب رجلا والمتدربة أنثى.
أخطاء المدربين
وتوضح حلواني الصعوبات التي تواجهها كمدربة في أثناء التدريب وتقول :” في المرحلة الأولى المعروفة “بالريّوِس” ( أي العودة للخلف) ندرب في أماكن غير محمية من أشعة الشمس مما يعرضنا لحرارة الصيف الحارقة في ظل ساعات التدريب الطويلة التي نبدأ بها نهارنا والتي تصل إلى 8 ساعات يوميا ، بالإضافة إلى ان وجود بعض الأخطاء التي يقوم بها بعض الناس في ساحة التدريب فعندما يحضر رجل زوجته إلى ساحة التدريب بسيارته مصطحبا اطفاله يظل يتفرج عليها وأطفاله يمرحون بين سيارات التدريب في حين أن الوضع هناك في غاية الخطورة حيث سيارات التدريب متلاصقة بجانب بعضها البعض ويقوم بعض المدربين بالنزول من السيارة ويترك المتدربة لوحدها ومن شدة ارتباكها تخطئ بين دعسة البريك والبترول وبدلا من الضغط على البريك تضغط بترول فتندفع السيارة وتدهس أحد الموجودين وهذا خطأ كبير من المدرب الذي نزل من السيارة، وهنا اتمنى وجود رقابة على كلا الطرفين بمنع التواجد في ساحة التدريب لغير المدرب والمتدرب وأن يعاقب من يترك متدربه لوحده في السيارة وهو لا يزال في مرحلة الريوس التي لا يعرف فيها شيء عن السيارة.
أخطاء المتدربين
أما في مرحلة الشارع فنعاني من دخول الدوار من جهة اليمين متجهين للأمام بنفس الخط (سيدا) حيث تخرج السيارات عن الخط المسموح بها من الجهة المقابلة وعند العبور نوشك على الاصطدام بها مما يدفع المتدربات إلى التوقف من شدة الخوف في وسط الدوار مما قد يسبب حادث نتيجة اصطدام السيارة التي تمشي خلفنا بنا وغيرها الكثير من الأمثلة التي نعاني منها أثناء التدريب ونشعر بأننا نحمل أرواحنا على كفنا والسيارات الخصوصية لا ترحمنا فبمجرد رؤية سيارة سواقة تبدأ بإطلاق المنبه الصوتي في السيارة ( الهرن) مما يربك المتدربة ويوقعها بالخطأ “
تدريب ذوي الاحتياجات
على الرغم من صعوبة تدريب ذوي الاحتياجات الخاصة مثل فئة الصم والبكم الذي يدفع كثير من المدربات عن الاعتذار عنه لكن ذلك لم يكن مرفوضا لدى حلواني تذكر ذلك :” إنه من أشد أنواع التدريب صعوبة حيث يتطلب مني الصراخ بصوت عال لتسمع المتدربة أو أشير لها إلى الاتجاهات التي تربكها حيث تترك النظر أمامها وتنظر إلي مما قد يوقعنا في حادث وقد دربت أخرى لديها شلل أطفال في رجلها اليسار والتي تؤثر على سرعة حركة رجلها اليمين التي تستخدمها في القيادة لكنها نجحت على يدي بفضل الله عز وجل .
مواقف وطرائف
أصعب موقف عشته أثناء التدريب أن إحدى المتدربات طلبت مني أن تمتحن بسيارتي فذهبت معها وجلست بعيدا عنها حيث خرجت مع اللجنة التي تفحصها وقد نجحت وأخذت السيارة قرابة 20 دقيقة لتلف بها لوحدها وأنا أنتظرها وعندما سألت عنها قالت اللجنة إنها نجحت ولا يعرفون أين السيارة فجن جنوني واتصلت بها على جوالها ولم ترد وإذا بها تأتيني ضاحكة وتقول آسفة حبيت آخذ جولة ولحظتها ارتفع عندي الضغط والسكري من شدة خوفي عليها وعلى السيارة واغتظت منها لأبعد الحدود أما الموقف المضحك فأذكر أنني بينما أنهيت تدريب متدربة وجاء وقت نزولها من السيارة وإذا بها تسألني من أين أنزل ؟؟!”
المصدر: العين