معدلات النمو الاقتصادي بالدولة تتجاوز مثيلاتها في معظم بلدان العالم المتقدم
تجاوزت معدلات النمو الاقتصادي للإمارات خلال السنوات الماضية مثيلاتها في العديد من الدول المتقدمة والأسواق الناشئة، بحسب التقرير الاقتصادي الذي أعدته الأمانة العامة لمجلس دبي الاقتصادي مؤخراً.
وارجع التقرير معدلات النمو الايجابية إلى السياسة التي اتبعتها الدولة في تنويع مصادر الدخل وقاعدة الموارد الاقتصادية، إضافة إلى سعيها لتفادي تقلبات سوق النفط.
وشهد الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات نمواً مطرداً طوال الـ39 عاماً الماضية، حيث ازداد من 6,5 مليار درهم في عام 1971 ليقترب من حاجز ترليون درهم العام الجاري 2010 أي بزيادة تقدر بـ 154 ضعفاً، وفقا للتقرير الذي استعرض أهم المحطات التي مرت بها مسيرة النهضة الاقتصادية للدولة في عصر الاتحاد.
وأشار التقرير إلى أنه وطبقاً لوزارة الاقتصاد، فقد تناقصت مساهمة النفط في الناتج المحلي الإجمالي من 70% في عام 1971 الى 29% في عام 2010 مقابل 71% للقطاعات غير النفطية، والتي شملت الخدمات المالية واللوجستية والسياحة والتجارة والصناعة، علاوة على ذلك، فقد أستطاعت الدولة أن تسجل مستويات قياسية في العديد من المجالات وباتت تنافس الكثير من الاقتصادات.
التنافسية الدولية
وفي هذا السياق، يشير تقرير التنافسية العالمية 2010-2011 الذي أطلقه المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أستئثار الإمارات بالمرتبة 25 من مجموع 139 دولة في مجال التنافسية العالمية، لتتقدم على قائمة طويلة من الأسواق الناهضة كالعملاقين الصين، والهند، إضافة إلى روسيا والبرازيل، وأيضاً تجاوزت بعض الدول المتقدمة مثل أيرلندا، وإسبانيا، وإيطاليا.
ويشير التقرير إلى أن النجاحات المتوالية التي حققتها الدولة في ميدان التنافسية تأتي في ظل أزمة اقتصادية عالمية خانقة هي الأشد منذ أزمة الكساد الكبير في ثلاثينات القرن العشرين، مؤكدا أن التفوق يحمل مدلولات عدة، أولها متانة الأسس الاقتصادية التي يقوم عليها الاقتصاد الوطني، وثانيها السياسات الاقتصادية السليمة التي انتهجتها الدولة والتي تمخض عنها ارتفاعات مطردة في معدلات النمو نتيجة للتطورات في أداء القطاعات الاقتصادية، لاسيما تلك التي تتمتع بقيمة مضافة عالية مثل الخدمات المالية وتقنية المعلومات والاتصالات والسياحة وغيرها.
علاوة على ذلك، تعد الإمارات منطقة جذب هامة للاستثمارات الأجنبية في مختلف القطاعات، إضافة إلى جذب الكفاءات والتي ساهمت في تعزيز عملية التنمية الاقتصادية.
وطبقاً لتقرير البنك الدولي، تحتل الإمارات اليوم المرتبة 14 من بين 181 بلداً في حرية حركة التجارة، وفي المرتبة 20 عالمياً ضمن مؤشر المنتدى الاقتصادي العالمي “دافوس” لأفضل دول العالم من حيث التطور المالي 2009.
قاطرة النمو في الإمارات
وسلط التقرير الضوء على أهم التطورات الحاصلة في القطاعات الرئيسية لدولة الإمارات، مشيراً إلى أن ثمة ثلاثة قطاعات تقود قاطرة النمو بالدولة وهي قطاع النفط الخام، والصناعة التحويلية، والنقل والمواصلات.
ويعد النفط والغاز القطاع الأهم في نمو وتطور الدولة، حيث تم استغلاله بشكل اقتصادي مدروس وساهم في توفير البنية التحتية المتينة وتنمية القطاعات الاقتصادية الأخرى، وعلى الرغم من أهمية النفط كسلعة استراتيجية في التجارة الدولية فقد انخفضت مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي لدولة الإمارات بصورة مستمرة بما يدل على التطورات الكبيرة التي شهدتها سائر القطاعات الأخرى (غير النفطية).
كما تطورت الصناعة التحويلية في الدولة بشكل كبيرة، لاسيما بسبب توافر الطاقة والبنية التحتية.
وتمتلك الدولة العديد من الصناعات غير النفطية أهمها الصناعات المعدنية، والكيمياويات، والأثاث وصناعة الخشب، وصناعة الألمنيوم، ومواد البناء، والآلات والمعدات وغيرها، هذا وبلغ إجمالي رأس المال المستثمر في المنشآت الصناعية في الدولة في عام 2008 حوالي 77 مليار درهم.
وقد أدى مصرف الإمارات الصناعي دوراً محورياً في تحقيق التنمية الصناعية في الإمارات من خلال تمويل عشرات المشاريع الصناعية الكبرى، ما يعزز قدرتها التنافسية في السوق الإقليمي والعالمي.
كما تطور قطاع النقل والمواصلات بشكل ملموس طوال السنوات الماضية، من جانبه، عمل قطاع العقارات على مستوى إمارات الدولة وخاصة في إمارتي أبوظبي ودبي طوال السنوات الماضية وحتى نهاية عام 2008 على تحويل الدولة إلى واجهة عقارية مصنفة عالمياً، تستقطب العديد من المستثمرين المحليين والدوليين، وساهم في تنمية العشرات من الأنشطة المرتبطة به.
الصادرات غير النفطية تزاد 30 ضعفاً
أما بالنسبة للقطاعات الأخرى، تأتي التجارة الخارجية كمحرك للنمو في الاقتصاد الإماراتي، فقد تميزت العلاقات التجارية بين دولة الإمارات مع باقي دول العالم بالتطور المستمر، حيث شملت أعداداً متزايدة من الدول المتقدمة والصاعدة.
وتعد دولة الإمارات اليوم مركزاً هاماً في تجارة إعادة التصدير وموقعاً إقليمياً متميزاً للشركات والمؤسسات التجارية العالمية، كما تنامت صادراتها غير النفطية بصورة دراماتية خلال العقود الثلاث الماضية، وارتفعت إجمالي قيمة هذه الصادرات من حوالي ملياري درهم في عام 1981 إلى 7,1 مليار درهم في عام 2000 ثم إلى قرابة 60 مليار درهم في عام 2009.
هذا وتعد الإمارات من أهم المراكز التجارية في العالم، ووفقاً لتقارير منظمة التجارة العالمية احتلت الدولة المرتبة 19 ضمن قائمة أكبر الدول المصدرة في العالم في عام 2009، بما قيمته 770 مليار درهم.
كما تنامى قطاع الخدمات المالية بصورة واضحة طوال السنوات الماضية، فقد قامت المصارف التجارية والمتخصصة بدور هام في تعزيز حركة النشاط الاقتصادي والتجاري في الدولة.
ويعمل في الدولة حالياً 51 مصرفاً، 23 منها وطنية والباقي أجنبية، وفي هذا الإطار، لعب مصرف الإمارات المركزي دوراً حيوياً في استقرار الأوضاع النقدية في الاقتصاد الوطني من جراء اتباع سياسة نقدية حكيمة تستهدف تعزيز الاستقرار واستدامة معدلات النمو مقابل تقليل التضخم، كما ساهمت أسواق المال في تعبئة الادخارات المحلية وتوجيهها نحو المجالات الإنتاجية.
وفي القطاع الزراعي، حققت الإمارات إنجازات غير مسبوقة على الرغم من تحديات الطبيعة من تصحر وشحة المياه، بيد أن حرص قيادة الدولة على توفير الغذاء كأحد مقومات الأمن الوطني والتنوع البيئي قد ساهم في تنمية القطاع الزراعي وبقية الأنشطة المرتبطة به وأصبحت الإمارات تصدر اليوم مختلف المنتجات الغذائية إلى أسواق العالم ودول المنطقة.
بيئة أعمال مشجعة
لقد استطاعت دولة الإمارات أن تتحول خلال السنوات الماضية إلى حاضنة للأعمال والاستثمار في مختلف القطاعات، ومما ساعدها في ذلك هي البنية التحتية العصرية ووجود بيئة اقتصادية كلية محفزة أدت إلى جذب العديد من الاستثمارات العالمية التي تعمل في العديد من القطاعات وساهمت في إحداث نقلات في المعرفة التكنولوجية والكفاءات وجلب رؤوس الأموال، وانتشر في أرجاء الدولة العشرات من المناطق الحرة اضافة الى المناطق الاقتصادية المتخصصة.
الاستثمار الأجنبي
ويشير تقرير توقعات الاستثمار العالمية الذي تصدره منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد” الى أن الإمارات ضمن أفضل 30 موقعا عالميا للاستثمار الأجنبي المباشر، كما جاءت الدولة بالمرتبة 46 على مستوى العالم في مقياس الحرية الاقتصادية متجاوزة العديد من دول المنطقة والعالم مثل السعودية وفرنسا وإيطاليا والصين.
القطاع الخاص
لقد استندت العملية التنموية لدولة الإمارات الى حشد جميع الطاقات والامكانات، ولعبت الحكومة في بداية النهضة دوراً قيادياً في إنشاء البنية التحتية وإقامة صناعة نفطية متقدمة، بيد أنها فتحت الأبواب على مصاريعها أمام القطاع الخاص ورجال الأعمال للمساهمة الجادة والبناءة في عملية التنمية وتحمل المسؤوليات للارتقاء بالبلاد إلى مصاف الدول المتطورة والمتفاعلة على المستويين الإقليمي والعالمي.
وتجسيداً لمبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فقد انشأت في بعض الإمارات مجالس لتحقيق هذه الشراكة في عملية صنع القرار الاقتصادي مثل مجلس دبي الاقتصادي ومجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادين الى جانب تشكيل العديد من اللجان والهيئات التي تعنى بهذا المجال.
الإنسان محور التنمية
على الرغم من فيض الإنجازات التي تحققت في عصر الاتحاد في المجال الاقتصادي، فقد ترافق معه إنجازات موازية في بقية المجالات الاجتماعية والثقافية والحضارية لتشكل مجتمعة مسيرة متدفقة يشهد لها الجميع ويتخذونها نموذجاً يقتدى بها في ميدان التنمية الشاملة.
التوطين بند جوهري
لقد نظرت الدولة الى الإنسان الإماراتي بوصفه محور التنمية وغايتها، حيث عملت على تطوير المواطن الاماراتي من خلال دعم قطاع التعليم والتدريب وجلب آخر ابتكارات الثورة العلمية والتكنولوجية من أجل تأهيل المواطن للعمل في مختلف المجالات وتعزيز دوره في عملية البناء والنمو. وهكذا بات “التوطين” بنداً جوهرياً في أجندة التنمية الشاملة لاسيما في ظل حالة التركيبة السكانية للدولة والتي هي محصلة لتراكمات طويلة تفاعلت فيها عوامل معقدة اقتصادية واجتماعية وغيرها، وتطلب الأمر توفير رؤية استراتيجية للتعاطي مع هذه الظاهرة، فشكلت العديد من الهيئات واللجان لمواجهتها وتقليل الخلل في التركيبة السكانية والذي كان له انعكاسات في المشهد الثقافي والاقتصادي والاجتماعي في الدولة. ومن أهم هذه المؤسسات، المجلس الاتحادي للتركيبة السكانية، واللجنة الوطنية للتركيبة السكانية، وغيرها. أما على صعيد الهيئات التي تعنى بتدريب وتنمية المواطن، تبرز هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية “تنمية”، وبرنامج الإمارات لتطوير الموارد الوطنية.
المرأة الإماراتية
في اطار التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي شهدته الدولة منذ تأسيس الاتحاد، ازداد عدد المشتغلين بصورة مستمرة في مختلف مواقع العمل وفي القطاعين العام والخاص.
ولم تأخذ المرأة الإماراتية المكانة التي تستحقها الاّ بعد قيام الاتحاد، فقد اهتمت قيادة الدولة بالمرأة ومنحتها كافة الفرص أسوة بالرجل، ولم يقتصر ذلك على التعليم بمختلف مراحله بل شمل مواقع العمل والمسؤولية بما في ذلك الوزارات وإدارات المؤسسات العامة.
وازدادت مساهمة المرأة الإماراتية في مختلف القطاعات، حيث بدأت تلك النسبة بـ 3.3% في عام 1975 لتبلغ 10% في عام 1985 ثم الى 14% في عام 2007.
أما في مجال التعليم، فقد شهدت الإمارات طفرة في هذا القطاع الحيوي، حيث تم تشييد مئات المدارس ورياض الأطفال وفي مختلف مناطق الدولة.
كما اقيمت العشرات من الجامعات والكليات والمعاهد وفي مختلف التخصصات والتي شهدت توسعات أفقية وعمودية، ونمت برامج الدراسات العليا بصورة ملموسة خلال السنوات الماضية وذلك في اطار سعي قيادة الدولة الى تخريج كوادر متدربة ومؤهلة للمساهمة الفاعلة في برامج التنمية، والاستفادة من التقدم العلمي والتكنولوجي الحاصل في العالم.
الإمارات .. دولة الرفاه
تعد الإمارات من بين أكثر دول المنطقة اهتماماً بالرفاه الاجتماعي، من خلال توفير مختلف الخدمات العامة التي تستهدف الحفاظ على مستوى متقدم من الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وقد شمل ذلك توفير وتطوير البنية التحتية والخدمات البلدية والخدمات التعليمية والصحية.
هاني الهاملي: 39 عاماً من التنمية المستدامة
دبي (الاتحاد) - أعدت الأمانة العامة لمجلس دبي الاقتصادي تقريراً موجزاً عن أهم محطات مسيرة التنمية الاقتصادية في الدولة وذلك في اطار احتفالاتها بالذكرى 39 لليوم الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أستهل التقرير بالإشارة إلى أن المتابعة المتأنية لتجربة دولة الامارات في المجال الاقتصادي منذ تأسيسها في عام 1971 وحتى اليوم تفيد بأنها تجربة فريدة وانموذج قل نظيره على مستوى العالم.
فقد استطاعت القيادة الرشيدة للدولة وخلال فترة قياسية أن تجعل من الإمارات مركزاً إقليمياً للمال والأعمال، وان ترسخ من مكانتها في خريطة الاقتصاد العالمي.
وقال هاني راشد الهاملي الأمين العام لمجلس دبي الاقتصادي إن اليوم الوطني لدولة الإمارات ليس مناسبة تقليدية، بل هو وقفة تأمل لمسيرة متدفقة استطاعت أن تتحول الى انموذج تنموي وحضاري للعالم أجمع.
وأضاف الهاملي، ما أن استكملت البنية الأساسية للاتحاد في عام 1971، حتى تسارعت الخطى نحو وضع الخطط النوعية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتي استهدفت الارتقاء بحياة المواطن، وترسيخ مكانة الدولة في المحيط الاقليمي والدولي.
وذكر الهاملي، أن دولة الإمارات شهدت منذ تأسيسها تطورات متواصلة في المجال الاقتصادي بفضل ما تمتلكه من مقومات، أهمها الرؤية الاستراتيجية لقيادة الدولة لبناء اقتصاد حديث ومستدام يلبي حاجات المجتمع، والنظام الاقتصادي والسياسي المستقر، والبنية التحتية العصرية، والموقع الجغرافي المتميز، والعلاقات الاقتصادية المتطورة مع العديد من دول العالم شرقاً وغرباً، إضافة إلى توافر نظام مصرفي متطور.
المصدر: دبي