يراقب سكان مدينة منبج السورية في ريف حلب بقلق حشد قوات عسكرية سورية وتركية في محيط مدينتهم.
يأتي ذلك غداة إعلان الجيش السوري انتشاره في المنطقة بطلب كردي، بعد قرار الوللاي المتحدة سحب قواتها من المنطقة وتصعيد تركيا وتيرة تهديداتها باقتحام المدينة.
وشهدت المدينة الواقعة، تحت سيطرة فصائل منضوية في صفوف قوات سوريا الديموقراطية، اليوم السبت، حركة اعتيادية في أسواقها، وسط استنفار أمني وانتشار قوات محلية تقوم بالتدقيق في هويات الداخلين إلى المدينة وتفتيش سياراتهم.
وقال مراسل صحفي إن سيارات مزودة برشاشات من طراز "دوشكا" تنتشر في الشوارع الرئيسية والساحات العامة وقربها مقاتلون ملثمون ومدججون بسلاحهم.
ويقول أبو عزيز جابر (48 عاماً)، الذي يعمل طباخاً، "لدى الناس خوف كبير من الانسحاب الأميركي أولاً ومن الدخول التركي ثانياً".
ولطالما أثار مصير منبج توتراً بين أنقرة التي هددت مراراً باقتحامها، وواشنطن الداعمة لقوات سوريا الديموقراطية التي يعد الأكراد مكونها الرئيسي.
وأثار إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأسبوع الماضي، قراره سحب قواته من سوريا بعدما أنجزت مهمتها على حد قوله بإلحاق "الهزيمة" بتنظيم داعش الإرهابي، خشية الأكراد من أن يشكل ذلك ضوءً أخضر لتركيا كي تبدأ هجومها، بعدما أرسلت تعزيزات عسكرية جديدة إلى سوريا وعززت وجودها مع فصائل موالية لها في محيط منطقة منبج.
وأعلن الجيش السوري، أمس الجمعة، أن وحدات تابعة له دخلت منطقة منبج، بعد وقت قصير من إعلان وحدات حماية الشعب الكردية دعوتها دمشق إلى نشر قواتها بهدف "حماية منطقة منبج أمام التهديدات التركية".
ويوضح أبو عزيز "حتى الآن، لم نر الجيش السوري في المدينة لكننا نسمع أنه سيدخل"، مضيفاً "الناس في حالة رعب ويخشون على مصالحهم".
وذكرت مسؤولة محلية في منبج، أمس الجمعة، أنه بموجب الاتفاق مع دمشق الذي تمّ برعاية روسية، لن يدخل الجيش السوري إلى مدينة منبج بل سينتشر عند خطوط التماس بين قوات سوريا الديموقراطية والقوات التركية مع الفصائل السورية الموالية لها.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، انتشرت قوات النظام، أمس الجمعة، في أرياف مدينة منبج من جهتي الغرب والشمال، حيث شكلت ما يشبه "طوقاً عازلاً" عند خطوط التماس.
وقال مراسل صحفي إنه لم يعاين، اليوم السبت، أي مظاهر لوجود قوات النظام داخل المدينة.
اقرأ أيضاً... الجيش الأميركي ينفي دخول القوات السورية إلى منبج
قرب عربته المحمّلة بالخضار في سوق منبج، لا يخفي محمد المحمد (22 عاماً) قلقه إزاء التطورات الأخيرة.
ويقول "نسمع كل يوم أخباراً متضاربة. البعض يقول إن التركي سيدخل وربما قوات النظام، ويردد آخرون أن الوحدات الكردية خرجت. ونحن لا نعرف ما سيكون مصيرنا".
ويؤكد الشاب "نحن شعب درويش نركض وراء لقمتنا فقط وهذا ما نعرفه (..) ما نريده هو الأمان والسلام".
ويضيف "الناس خائفون ولا أحد يعلم ماذا سيحصل، ثمة من يجهّز نفسه للمغادرة وآخرون يلزمون منازلهم".
ومنذ اندلاع النزاع في سوريا في العام 2011، لم يغادر محمد مدينته. ويقول بحزم "لا يهمني من سيسيطر على المدينة. ما يهمني شخصياً هو أن أخرج صباحاً إلى عملي وأعود مساءً إلى منزلي من دون أن يضايقني أحد".
وتبدلت، خلال السنوات الماضية، هوية الجهات التي سيطرت على المدينة من قوات النظام التي خسرتها في العام 2012 لصالح فصائل معارضة، قبل سيطرة تنظيم داعش المتشدد عليها في العام 2014. وفي صيف العام 2016، تمكنت قوات سوريا الديموقراطية، بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، من السيطرة على المدينة، التي صعّدت تركيا مؤخراً وتيرة تهديداتها باقتحامها.
وشاهد مراسل صحفي، اليوم السبت، دورية تابعة للتحالف الدولي مؤلفة من أربع شاحنات بيضاء تسبقها عربة أميركية مصفحة عند مدخل المدينة. وقال إن آليات وسيارات تابعة للتحالف كانت مركونة أمام قاعدة أميركية وسط منبج.