حسونة الطيب (أبوظبي)
بينما فشلت دول كبيرة في محاربة التغير المناخي، ولجأت أخرى مثل أميركا للتنصل من اتفاقية باريس للمناخ، أماطت شركات كبيرة، مثل ميرسك وإيكيا ويونايتد أيرلاينز، اللثام عن خطط تهدف لخفض انبعاثاتها الكربونية.
وتوصلت إيكيا على سبيل المثال، لبديل للصمغ الذي يشكل 6% من انبعاثاتها الكربونية مشتق من الفطر يتميز بقلة آثاره البيئية.
ورصدت مجموعة إيكيا، نحو مليار دولار لتقليص الانبعاثات الكربونية خلال العقد المقبل، كجزء من موجة جديدة تستهدف بها الشركات إعادة رسم خريطة أكبر القطاعات الصناعية في العالم.
وما الصمغ، إلا جزء يسير من خطة تنوي بها الشركة إعادة تصميم نحو 9 آلاف منتج، تستهدف بها خفض انبعاثاتها بنحو 15% بحلول 2030، بما في ذلك الانبعاثات المرتبطة بسلاسل التوريد والمصانع والمنتجات.
وتتضمن العملية، استخدام مواد جديدة وتقنيات تصنيع حديثة وتصميم المنتجات بطريقة تمكن من إعادة تدويرها في المستقبل.
وفي حين تقدر انبعاثات إيكيا، بنحو 26,9 مليون طن سنوياً، ترمي استراتيجية الشركة، لشراء كهرباء مولدة كلياً من مصادر الطاقة المتجددة، بجانب التعاون مع الموردين لخفض البصمة الكربونية للمواد الخام.
وتبنت أكثر من 150 شركة أهدافاً تنسجم مع اتفاقية باريس للمناخ، رغم أن حجم الانبعاثات الذي تستهدفه هذه الشركات، ضئيل بالمقارنة مع نحو 37 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً ينجم عن نشاطات البشر على كوكب الأرض.
ولا يزال يدور الكثير من الجدل حول كيفية تعريف الشركات لأهدافها المتعلقة بخفض الانبعاثات، وما إذا كانت مجرد عمليات شراء للتعوَيض عن الطاقة غير النظيفة، بدلاً من تقليص فعلي لتلك الانبعاثات.
وينادي بعض خبراء القطاع، بتعريف أكثر دقة لحيادة الكربون، أي ما يعني وصول البصمة الكربونية للصفر، وبالمزيد من الوضوح لهذا المصطلح.
ومن بين الأسئلة الملحة في القطاع، إلى أي مدى تقوم الشركات بشراء ائتمانات الكربون لتحسين صافي انبعاثاتها الكربونية؟
وكانت هذه، من القضايا الكبيرة قبل سنوات قليلة بالنسبة للشركات والبنوك التي ترغب في التحول للطاقة الخضراء، في الوقت الذي لا تجري فيه تغييرات جوهرية فيما يتعلق بالانبعاثات.
وفي مقابل برامج الاستدامة السابقة، تتميز أهداف الانبعاثات التي برزت في الآونة الأخيرة، بتبنيها من قبل الصناعات الثقيلة، التي تستحوذ على القدر الأكبر من تلويث المناخ في العالم، مثل خطوط الطيران، والنقل البحري.
وبدأت الشركات في خفض انبعاثاتها من خلال سلاسل التوزيع بأكملها، وليس الانبعاثات المباشرة التي تنطلق من ممتلكاتها العقارية.
وتستهدف ميرسك، التي يقدر حجم انبعاثاتها الحالي بنحو 36 مليون طن سنوياً، ما يساوي كمية الكربون الذي ينبعث في كافة أرجاء أنجولا، الوصول لنقطة الصفر بحلول 2050، عبر تبني استراتيجية تهدف لاستخدام نوع جديد من الوقود لسفنها، ربما هيدروجين أو وقود حيوي.
وأعلنت شركة يونايتد أيرلاينز الأميركية، التي تنفق 15 ألف دولار في كل دقيقة مقابل تزويد أسطولها بالوقود، عن تقليص انبعاثاتها التي تقدر بنحو 32,7 مليون طن سنوياً، بنحو النصف بحلول 2050 وذلك عن المستوى الذي كانت عليه في 2005، باستثمار ما يزيد على ملياري دولار سنوياً في طائرات أخف وزناً وأكثر كفاءة في استهلاك الوقود.
أما شركة وول مارت الأميركية للتجزئة، فالتزمت بخفض انبعاثاتها الكربونية، بنحو مليار طن بحلول 2030، ما يساوي انبعاثات ألمانيا كاملة، وذلك من سلاسل توريدها، بما في ذلك الانبعاثات المباشرة وغير المباشرة.
وتستهدف شركة ماهيندرا الهندية، التخلص الكلي من الانبعاثات الكربونية بحلول 2040، عبر مصانع أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة، وشراء كهرباء من مصادر طاقة متجددة.
كما تمتد استراتيجيتها من صناعة السيارات، لتشمل كافة نشاطاتها التجارية الأخرى. وأعلنت مؤخراً «بي تي جروب» للاتصالات، التي تشكل 1% من استهلاك الكهرباء في المملكة المتحدة، نيتها التحول للطاقة الخضراء بالكامل بحلول 2045.
ولتحقيق هدفها، خصصت الشركة مبلغ 650 مليون جنيه إسترليني، لشراء عقود كهرباء مولدة من الطاقة المتجددة، بجانب استخدام شاحنات تعمل بالكهرباء كجزء من أسطولها المقدر بنحو 30 ألف من مركبات الخدمات.
وفي شركة شنايدر إليكتريك، تخطط الشركة لتقليص انبعاثاتها بنسبة تصل إلى 50% بحلول 2050 بالمقارنة مع 2015.
وتتبنى الشركة التي تقدر انبعاثاتها الحالية بنحو 470 ألف طن سنوياً، استراتيجية مصانع وبنايات تتميز بكفاءة استهلاك الوقود، بالإضافة لاستخدام مواد قابلة للتدوير مثل، أسلاك النحاس.