شروق عوض (دبي)
كشفت هبة الشحي، مديرة إدارة التنوع البيولوجي بالإنابة في وزارة التغير المناخي والبيئة، أن دولة الإمارات حققت إنجازاً عالمياً جديداً متمثلاً بتبوئها المركز الأول على المستوى العالمي في مؤشر المناطق البحرية ضمن مؤشر الأداء البيئي للعام الحالي (2018)، بعد أن سجلت النقاط الكاملة في هذا المؤشر.
وأوضحت الشحي في تصريحات خاصة لـ«الاتحاد»، أن تصنيف دولة الإمارات في المرتبة الأولى في مجال المناطق البحرية المحمية ضمن مؤشر الأداء البيئي العالمي للعام الحالي 2018، جاء نتيجة لالتزامها بتوسعة المحميات الطبيعية، حيث ارتفع عدد المحميات الطبيعية التي أُعلن عنها رسمياً في الإمارات من 19 محمية في العام 2010 إلى 43 في العام المنصرم (2017)، بمساحة اجمالية 18 ألف كيلومتر مربع، تشكل 14.35 بالمئة من مساحة الدولة، 8 منها تعد محميات رطبة منتشرة في أرجاء الإمارات.
وقالت الشحي: إن هذا الإنجاز العالمي يأتي تتويجاً للجهود التي بذلتها دولة الإمارات في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مشددة على أن وزارة التغير المناخي والبيئة وكل الجهات المعنية بالبيئة في الدولة ستواصل جهودها للوصول إلى الرقم واحد على المستوى العالمي في المؤشرات الأخرى.
وبيّنت، أن الاهتمام بمحميات الأراضي الرطبة في دولة الإمارات، يرجع أيضاً إلى الغرس الذي تركه الأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- في نفوس وعقول أبناء مجتمع الإمارات بضرورة الحفاظ على البيئة ومصادرها، ما يشكل مصدر إلهام ونبراس نقتدي به في العديد من المشاريع البيئية الجارية في الدولة، وخير دليل على ذلك ما تؤكده رؤية الإمارات 2021 على أهمية المحافظة على بيئتنا الطبيعية الغنية وحماية هذه النظم البيئية الهشة من التوسع الحضري والأنشطة البشرية.
وأكدت مديرة إدارة التنوع البيولوجي بالإنابة في وزارة التغير المناخي والبيئة، على الحاجة الملحّة لحماية الأراضي الرطبة في دولة الإمارات، لكونها سريعة التأثر والتلاشي في حال عدم الحفاظ عليها، حيث إن 64% من الأراضي الرطبة على مستوى العالم اختفت بالفعل منذ العام 1900، كما أن جميع الأراضي الرطبة في الإمارات مترابطة، فإذا اختفت إحداها، فهذا يعني فقدان جزء مهم من هذه المنظومة.
فوائد المناطق الرطبة
ولفتت إلى أنه بشكل عام تمثل الأراضي الرطبة أهمية كبيرة لاستمرار البشرية، فهي عبارة عن أنظمة بيئية منتجة للغاية، وتقدم للمجتمعات عدداً لا يحصى من الفوائد، ومنها مصدر لإمدادات المياه العذبة، وحماية التنوع البيولوجي، وإعادة تغذية المياه الجوفية عن طريق التقاط الرواسب وإزالة المغذيات والتخلص من السموم الكيميائية، والاستفادة منها في مجالات السياحة البيئية ومزارع الأسماك. كما تشمل فوائدها الحد من التغير المناخي، حيث تمتاز الأراضي الرطبة ببعضٍ من أعلى معدلات التقاط الكربون، فالسبخات الساحلية وأشجار المانغروف تلتقط ما معدله 6 إلى 8 أطنان من مكافئ ثاني أكسيد الكربون للهكتار سنوياً، بالإضافة إلى تقليل الضرر الناجم عن الكوارث، حيث تعمل الأراضي الرطبة الساحلية كعازل وقائي طبيعي، وخلال موسم الأمطار تعمل الأراضي الرطبة كإسفنجة طبيعية حيث تقوم بامتصاص وتخزين كميات كبيرة من الأمطار والحد من الفيضانات. فيما تطلق في موسم الجفاف المياه المخزنة.
تدابير حماية المحميات
وأكدت أن تجربة دولة الإمارات في مجال المناطق المحمية والمحافظة على الموائل تعد غنية، حيث حققت جهود المحافظة على الموائل وتوفير ملاذات آمنة للأنواع البرية والبحرية المعرضة والمهددة بالانقراض في الدولة إنجازات مهمة، أهلتها للاستمرار في احتلال المرتبة الأولى على الصعيد العالمي في معيار «المناطق المحمية البحرية» في مؤشر الأداء البيئي العالمي وفقاً للتقرير الصادر في العام 2018، وهو إنجاز نحرص على الاستمرار في تعزيزه من خلال تنفيذ المزيد من الإجراءات والتدابير لكل أنواع المناطق المحمية.
وبيّنت، أن دولة الإمارات وضعت ضمن جهودها في هذا الشأن، حزمة من التشريعات والقوانين منها القانون الاتحادي رقم (24) لسنة 1999م، في شأن حماية البيئة وتنميتها، والقانون الاتحادي رقم (11) لسنة 2002م، في شأن تنظيم ومراقبة الاتجار الدولي بالحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض، والقانون الاتحادي رقم (18) لسنة 2016م في شأن الرفق بالحيوان.
محميات الأراضي الرطبـة بالــدولـة
قالت هبة الشحي: «تضم محميات الأراضي الرطبة بالدولة ثماني محميات، هي محمية «وادي الوريعة» في الفجيرة، و«الوثبة» في أبوظبي، و«رأس الخور للحياة الفطرية» في دبي، ومحمية «القرم» ومحمية «صير بونعير» في الشارقة، و«بو السياييف» في أبوظبي، و«الزوراء» في عجمان، ومحمية «جبل علي» في دبي.
محمية رأس الخور
وأوضحت أن محمية رأس الخور للحياة الفطرية في دبي، تعتبر أول محمية لدولة الإمارات في منظومة «رامسار» للأراضي الرطبة، وتحتل موقعاً استراتيجياً بالقرب من قلب مدينة دبي، كما تعتبر المحمية من المواقع النادرة في منطقة الخليج الجافة». وأضافت: تتكون هذه الأراضي الرطبة الساحلية الطبيعية من مسطحات السبخات الضحلة، وبحيرات شاطئية، ومسطحات رملية ومسطحات طينية ناتجة عن المد والجزر ومستنقعات القرم التي تعتبر موئلاً أساسياً لأكثر من 450 نوعاً من الحيوانات و47 نوعاً من النباتات. وخلال فصل الشتاء، يتواجد أكثر من 20 ألف طائر مائي تنتمي إلى 67 نوعاً في المحمية بانتظام، وتعتبر منطقة تجمع متميزة للطيور المائية المهاجرة بين شرق أفريقيا وغرب آسيا.
محمية وادي الوريعة
وبالنسبة لمحمية وادي الوريعة الوطنية في الفجيرة، تضيف الشحي، فإن الوادي يعد موطناً للعديد من المنظومات البيئية الهشّة والأنواع المهددة بالانقراض، ويتمتع بجمال طبيعي نادر، إذ يتوسط سلسلة جبال الحجر، وهو موقع تتدفق فيه المياه العذبة والبرك المائية والشلالات، الأمر الذي لا يعتبر شائعاً في منطقة الخليج الجافة. كما يحتضن الوادي نحو 81 نوعاً من الطيور، و20 نوعاً من الثدييات، و9 أنواع على الأقل من الزواحف والبرمائيات، و467 نوعاً من اللافقاريات، ويتجول فيه البعض من الحيوانات النادرة في العالم ومنها (الثعلب الأفغاني، النمر العربي، غزلان الجبال، وحيوان عناق الأرض)، مؤكدة أن الحديقة تعتبر وجهة تراثية غنية حيث تحتوي على 29 موقعاً تراثياً مثل المقابر الإسلامية والنقوش والمستوطنات التي يرجع تاريخها إلى العصر الحديدي (1300-500 قبل الميلاد).
صير بونعير
وأكدت أن جزيرة صير بونعير تعد المحمية الثالثة من محميات الأراضي الرطبة في الإمارات، وتبلغ مساحتها 49.64 كم2، وأعلنت في العام 2000، وتم إدراجها ضمن محميات الأراضي الرطبة ذات الأهمية العالمية (رامسار) خلال عام 2013م، وهي محمية بحرية للطيور المهاجرة والسلاحف البحرية المهددة بالانقراض، وتتوافر فيها مناطق جبلية داخلية وسهول بالإضافة إلى الشعاب المرجانية. كما تعتبر الجزيرة إحدى أكبر جزر الإمارات، وتمتاز بعدد من العناصر البيئية الهامة مثل تكويناتها الجيولوجية ونباتاتها الطبيعية وطيورها البحرية، بالإضافة إلى عمقها المرجاني الزاخر بأنواع الحياة البحرية، وتشكل المحمية بيئة خاصة وملجأ هاماً للطيور البحرية والسلاحف البحرية والأسماك.
محمية الوثبة
وقالت: إن المحمية الرابعة بالوثبة، وهي محمية برية تبلغ مساحتها الإجمالية 5 كم2، وأعلنت في عام 2013 كمحمية أراض رطبة ذات أهمية عالمية (موقع رامسار) وتقع في منطقة المفرق على بعد 40 كيلومتراً من جزيرة أبوظبي، والهدف من إنشاء هذه المحمية هو توفير موائل التكاثر لطائر (الفلامينغو) والمحافظة على عناصر التنوع البيولوجي، وتعتبر المحمية واحة للحياة الفطرية، وخصوصاً الطيور المهاجرة التي تأتي لقضاء فصل الشتاء بالمنطقة، كما توجد ثلاثة أنواع من البيئات المختلفة بالمحمية وهي: بيئة المياه العذبة والمالحة والبيئة الصحراوية.
الزوراء البحرية
وأشارت إلى أن المحمية الخامسة تمثلت بالزوراء وهي محمية بحرية تبلغ مساحتها 1.40 كم2، أعلنت في العام 2004، وتوجد المحمية بمنطقة الزوراء على هيئة شبه جزيرة داخل خور عجمان، وتكثر فيها أشجار المانجروف التي توفر بيئة مناسبة للطيور المقيمة والمهاجرة، كما تحتوي على مجموعات هائلة من الأسماك والشعب المرجانية والطيور المختلفة مثل الفلامينغو (النحام) والبلشون الرمادي والبلشون الأبيض وغيرها.
بو السياييف الساحلية
وقالت: تمثلت المحمية السادسة في «بو السياييف» في أبوظبي، وهي محمية ساحلية مصنفة ضمن محميات الأراضي الرطبة، تصل مساحتها إلى ما يزيد عن 14500 هكتار، وتقع غرب منطقة مصفح في أبوظبي، على بعد حوالي 20 كيلومتراً خارج مدينة أبوظبي، ترجع الأهمية الدولية للموقع إلى موائله الرطبة شديدة التنوع، بما في ذلك أشجار المانغروف والمستنقعات المالحة وأحواض الأعشاب البحرية، والعدد الكبير من الأنواع التي تستضيفها، كما تعد المحمية موطناً لأكثر من 80 طائراً مهاجراً ومقيماً، وتستضيف عدداً من الأنواع الحيوانية المهددة بالانقراض ومنها السلحفاة الخضراء المهددة بالانقراض والنسر المرقط وطائر الغاق السقطرى وغيرها.
محمية القرم والحفية
وذكرت بأن محمية أشجار القرم والحفية بخور كلباء تعد المحمية السابعة من محميات الأراضي الرطبة في الإمارات، وهي محمية برية تبلغ مساحتها 14.94كم2، وأعلنت في العام 2012 محمية أراض رطبة ذات أهمية عالمية (موقع رامسار)، وهي محمية غنية بأشجار القرم والتي تحتضن أنواعاً عديدة من الطيور المهاجرة والمقيمة والأسماك والقشريات، وهي تتضمن العديد من البيئات مثل السبخات الملحية والمستنقعات وسهول فيضية وحصوية ملاصقة لسفوح الجبال، وتحتوي على الكثير من الموارد مثل الرخويات وأشجار السمر، وتمتاز ببيئتها الجبلية والصخور وأشجار السمر وبعض الزواحف. كما أنه تم إطلاق عدد من الغزلان فيها.
محمية جبل علي
وذكرت بأن المحمية الثامنة من محميات الأراضي الرطبة تمثلت في محمية جبل علي بدبي، وتعد أحدث المحميات التي انضمت إلى القائمة العالمية لـ«رامسار» مؤخراً، وهي محمية بحرية، وتقع في المنطقة الواقعة بين جبل علي ورأس غنتوت، وتبلغ مساحتها نحو 21,85 كيلومتر مربع، وأنشئت في عام 1998، وتتميز المحمية بكونها واحدة من المواقع البحرية ذات الأهمية البيولوجية المحددة وفقاً لمعاهدة التنوع البيولوجي، كما أن المنطقة الشاطئية والساحلية تحتضن نظاماً بيئياً صحياً فيه العديد من الموائل الطبيعية المميزة لبيئة الخليج العربي كالشعاب المرجانية، وأشجار القرم، والبحيرات الشاطئية، والأعشاب البحرية ومحار اللؤلؤ، وتؤمن ملجأ لحوالي 539 نوعاً من الأحياء البحرية والنباتات، كما يتواجد نوعان من السلاحف المهددة بالانقراض في المحمية، هما السلحفاة الخضراء، ومنقار الصقر.