سعيد ياسين (القاهرة)

تزايد خلال الأعوام الماضية دور السينما المستقلة، وبدأ تنظيم المهرجانات لها، وباتت تمثل حلاً جديداً ومتنفساً مهماً للعديد من السينمائيين في مواجهة عالم الاحتكار، خصوصاً من شباب الفنانين والمخرجين، ويسعى حالياً عدد من السينمائيين الى تقديم أفلامهم ومشاريعهم السينمائية الجديدة في شكل إنتاجي مستقل، بعدما فشلوا في اختراق حاجز الطرق التقليدية، والتي تتمثل في الكيانات الإنتاجية والتوزيعية الكبيرة التي تضع العديد من العراقيل والصعوبات، بداية من شروط التعاقد مع نجوم قادرين على جذب الجمهور، وانتهاءً بآليات معقدة للتوزيع والعرض في دور السينما.
انتهى مؤخراً المخرج أحمد رشوان من تصوير فيلم «قابل للكسر»، وقال إنه بعد تعطل أكثر من مشروع سينمائي لديه، قرر إنتاج «قابل للكسر» بنفسه، وأشار إلى أنه يعلم طبيعة السوق ودورة الإنتاج، وأن أي منتج لا يتحمس مباشرة، ولكنه يأخذ وقتاً في القراءة ثم يكون قراره إذا ما كان سينتجه أم لا، وبالتالي هى دورة تأخذ وقتاً طويلاً، ولذلك فكرت أن أنتجه على نفقتي وأكون حراً في كل مراحل الفيلم.
وأوضح أنه يدرك أن السينما المستقلة أنسب طريقة لإنتاج هذه النوعية من الأعمال السينمائية، لأنها تقوم على ميزانيات قليلة إلى حد كبير ومشاركة الأبطال في الإنتاج كما فعل أبطال فيلمه حنان مطاوع وخالد خطاب وسامح عوض، معتبراً التجربة هي الأنسب عند المرور بأزمة ما، خصوصاً وأنها تجعلهم أحراراً في إنجاز عمل ما بعيداً عن سطوة أي منتج وتدخلاته.
ويرى المخرج تامر عزت أنه أصبح من السهل إقناع النجوم بالمشاركة في الأفلام المستقلة، خصوصاً وأن بعضهم لديهم شغف لتجربة أنواع أخرى تكون أكثر حرية، وأشار إلى أن الفيلم الجيد ليس من الضروري أن تكون ميزانية انتاجه ضخمة، فالجودة تأتي من فكرة لامعة وتنفيذ حرفي، وتلك هي براعة صانع الأفلام الماهر، ولفت إلى أن حركة السينما المستقلة في أميركا مثلاً لها منتجوها ومخرجوها ومؤلفوها وممثلوها وأيضا موزعوها ودور عرضها، بما يعني أنها صناعة حقيقية موازية تنتج مئات الأفلام سنوياً، ولكن في مصر لا تزال تمثل تجارب شخصية.
وأكد الدكتور محمد العدل أن السينما المستقلة هي الإنقاذ للسينما، وأنها تمثل أحد الحلول للأزمة التي تمر بها السينما، وقال إن السينما صناعة وتجارة وفن، وطالب بأن يكون للقنوات التلفزيونية دور أساسي في تسويق الأفلام المستقلة وعرضها.
وكانت «السينما المستقلة» خرجت في بدايتها عام 2010 عن النمط التجاري الاستهلاكي، وتميزت بمحتوى إبداعيا أكثر حرية، وعبرت عن آراء المخرجين الذين يحاولون جاهدين المساهمة فى طرح حلول لقضايا مجتمعية مهمة وشاقة، وخالفوا القوالب التجارية التقليدية وضرورات تحقيق الأرباح السريعة والمضمونة، ومن أبرز أفلام هذا النوع «هليوبوليس» و«ميكروفون» للمخرج أحمد عبدالله، و«ايتاكا» و«حاوي» و«عين شمس» و«الشتا اللي فات» لإبراهيم البطوط، «ورد مسموم» لمحمود حميدة وشيرين وكوكي وصفاء الطوخي وإخراج أحمد فوزي صالح، والذي عُرض في مهرجان القاهرة السينمائي الأخير، كما شهدت هذه الأفلام ظهور حالات فنية وتجارب سينمائية ناجحة لمجموعة من الشباب سواء على مستوى الإخراج أو التمثيل.