أمين الدوبلي (أبوظبي)

يعد السويسري ماسيمو بوساكا واحداً من أشهر الحكام، الذين صنعوا مجداً في المستطيل الأخضر، حينما شارك في إدارة مباريات اثنين من كؤوس العالم 2006 و2010، كما أدار مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا في عام 2009 التي جمعت بين البارسا ومانشستر يونايتد، وهو الآن يصنع مجداً آخر ويكمل مشواره مع التحكيم من منصة الإدارة في منظومة الاتحاد الدولي لكرة القدم، فهو مدير إدارة الحكام في الفيفا، وهو الرجل الذي يرى البعض أنه الأقوى في تلك المنظومة المهمة، حيث نجح بتحدي البقاء في منصبه 8 سنوات مهما تغيرت الأحوال.. ولأنه صاحب سلطات كبيرة، كان الحوار معه مختلفاً، وفتح خلاله كل الملفات، وتحدث في كل الأمور، لأنه يثق بنفسه، ويملك شخصية قوية، عكست أراءه القوية.
في البداية أبدى السويسري ماسيمو بوساكا مدير إدارة الحكام بالفيفا، رضاه عن مستوى الحكام، في مونديال الأندية، وقال: لا انكر أن هناك بعض الأخطاء التي وقعت في مباراة أو اثنتين، ولكن لحسن الحظ أن هذه الأخطاء لم تكن مؤثرة على النتيجة، لأننا الآن نملك تقنية «الفار»، وهنا يجب أن نقول شكراً للتكنولوجيا وشكراً لـ «الفار»، فبدونه لكان الأمر مختلفاً، ولتأثرت بعض النتائج بتلك القرارات، لا أريد أن أتحدث عن تلك الحالات بالتفصيل، رغم أني تحدثت فيها مع الحكام بعد كل جولة، للوصول إلى درجة عالية من العدالة، ولكن الوصول للعدالة المطلقة في كرة القدم أمر مستحيل، لأن الحكم مثل اللاعب ومثل المدرب يصيب ويخطئ مهما كانت الظروف.
وحول خطة تطوير التحكيم والحكام في العالم قال: توجد خطة نشرف عليها ونشعر تجاهها بالرضا، هي واضحة نعلن عنها أحياناً وفي أحيان أخرى لا نعلن، وخطتنا تقوم على الدورات التأهيلية المستمرة للحكام بكل درجاتهم حول العالم، وأن نتواجد في أوسع نطاق لاكتشاف المواهب التحكيمية، مثلما تنقب الأندية عن اللاعبين، نحرص على الالتقاء بالحكام في كل القارات تقريباً، هذه هي طريقتنا في العمل.
وعن تحديات التحكيم في العالم حالياً وفي المستقبل قال: فهم فلسفة الكرة من قبل الحكام هو أهم تحد، قراءة المباريات ودراستها قبل أن تبدأ هي أهم التحديات، التضحية بالوقت والجهد وربما المال من أجل تطوير المستوى، على الحكم أن يدرس كرة القدم، وأن يفهمها، أن يقرأ المباريات، الحكم لابد أن يتدرب على التركيز، كي يكون في الوقت المناسب والمكان المناسب مع كل كرة، وهذا أمر ليس سهلًا، ولكنه سلاح التفوق.
وأضاف بوساكا: الحكم يحتاج إلى الموهبة والدراسة والتأهيل البدني والفني، بالإضافة إلى الذكاء والذهنية الحاضرة، الموهبة ضرورية بالنسبة للحكم، والشخصية القوية مهمة أيضاً، والتدريب المستمر والجاهزية البدنية من أهم الأمور، فالتحكيم مثل أي وظيفة تحتاج إلى يقظة وتركيز، ونحن في الكثير من ورش العمل وخلال البطولات الكبرى مثل هذه البطولة ندعو اللاعبين، ونتيح الفرصة للحكام أن يشتركوا معهم في مباراة، حتى يعرفوا كيف يفكر اللاعبون؟، وكيف يتصرفون؟، لكي يضعوا أنفسهم مكان اللاعبين، وهذا أمر مهم يعلم الحكام ويتيح لهم فرص التعلم.
وعن تقييمه لتجربة تطبيق الفار بعد عام من إطلاقها في مونديال الأندية السابق بأبوظبي، قال: كل يوم يمر فيه أشعر بالرضا أكثر عن هذا القرار، لأنه أسهم بشكل كبير في الحد من الأخطاء التقديرية للحكام، وآخرها أمس الأول في مباراة الريال مع كاشيما، حينما صمت كل من في الملعب في انتظار القرار لاحتساب هدف كاشيما أو إلغائه، ثم كان القرار الصحيح باحتسابه، لأن الحالة كانت معقدة، والفارق فيها سنتيمترات قليلة. وقال: نحن نريد التكنولوجيا لكننا يجب أن نستخدمها بالطريقة الصحيحة، وهذا هو التحدي الحقيقي، لا يجب أن نسرف في استخدامها، ولا يجب أن نتجاهلها، يجب أن يكون التطبيق متوازناً، فقط في الحالات المعقدة التي تحتاج إلى تدخل لحسم القرار بنعم أو لا، هي فرصة للتأكد من القرار، وليست فرصة لإلغاء القرارات، إنها هدية من السماء لتحقيق العدالة في الكرة، خصوصا بعد أن زادت الاستثمارات فيها وأصبحت بالمليارات. وعن سر الاختلاف في أداء بعض الحكام لتطبيق تقنية الفار، بمعنى أن بعض الحكام يخرجون بأنفسهم ليتابعون الحالة ثم يتخذون القرار، والبعض الأخر يكتفي بالبقاء في الملعب، ويستجيب لقرار مساعديه القادم من الخارج قال: كلاهما جيد، وكلاهما صحيح، ويجب أن نعلم أن هناك فروقاً فردية بين الحكام أيضاً مثلهم مثل اللاعبين، بعضهم ممتاز، وبعضهم جيد، وبعضهم مقبول، وعلينا أن نقبل بالاختلاف، ولكن الأفضل أن يذهب الحكم بنفسه ويرى بنفسه ثم يتخذ القرار حتى يكون مقتنعاً، والعدالة المطلقة مستحيل في كرة القدم.


وعن أول اجتماع رسمي للجنة الحكام بالفيفا خارج مقر الاتحاد الدولي، والذي عقد أمس الأول في أبوظبي قال: ناقشنا الكثير من الأمور المهمة منها مستقبل التحكيم وضرورة تطوير آليات التعاون مع الاتحادات القارية والاتحادات الوطنية، لابد أن نكون جميعاً في اتجاه واحد، لا يجب أن تعمل أوروبا بطريقة والاتحاد الدولي بطريقة وآسيا والكونكاكاف بطريقة مختلفة، وفي ظني أن الاتحادات الوطنية عليهم دور مهم في تطوير الحكام، والاستثمار فيهم، لأن الحكام من أسباب نجاح المسابقات ومن أسباب تطور الأندية والمنتخبات، لو أن المنتخب الوطني في أي دولة يريد أن يكون جيداً، لابد أن تكون الأندية جيدة، وإذا أرادت الأندية أن تكون متطورة فلابد أن يكون التحكيم جيد، وفي الفيفا إذا أردنا كلجنة حكام أن تكون نتائج مسابقاتنا جيدة، فلابد أن تتعاون معنا الاتحادات الوطنية في تطوير حكامها، والاستثمار فيهم.
عما إذا كان يشعر بالقلق على مستقبل التحكيم في ظل اعتزال أسماء مهمة من الجيل الحالي قال: نعم أشعر ببعض القلق، في كرة القدم لابد أن نستثمر في الحكام كي نحافظ على المستقبل. وعن سبب تأخر أوروبا في تطبيق تقنية الفار في مسابقاته قال: هي مسألة توقيت فقط، فإذا أردت أن تطبق أمراً جديداً تحتاج إلى وقت، ولكن هناك قرار بتطبيق الفار اعتباراً من فبراير المقبل، الآن هم مقتنعون بالتطبيق برغم ترددهم في البداية لوجود بعض الأخطاء في التطبيق.
وعن شروط حكم نهائي كأس العالم للأندية بين العين والريال، والمعايير التي يتم في ضوئها الاختيار قال: لا معايير إلا الجودة والكفاءة، الكفاءة ثم الكفاءة، اليوم أجرينا تقييم شامل لأدائهم جميعاً في البطولة، وأنا كمدرب سوف اختار أفضل طاقم يحقق العدالة وينجح في إدارة النهائي، وللعلم أنا لست ديكتاتوراً ولم أكن يوماً ديكتاتوراً.

محمد عبدالله عصري وطموح
أكد ماسيمو بوساكا أنه يعرف حكمنا الدولي محمد عبدالله منذ فترة طويلة، ودائماً يتحدث عنه بشكل جيد لأنه بالفعل حكم مميز، وقال: بالنسبة لي هو جيد جداً، صارم وطموح، لديه الكثير من التضحيات من أجل تطوير نفسه، هو حكم عصري يفهم فلسفة الكرة، ويعمل من أجل التطور، وهناك أيضاً حكام مميزون في الإمارات، أنا أتابعهم.

الأخطاء تقل مع مرور الزمن
عن أمنياته التي حققها والأخرى التي يحلم بتحقيقها مع إدارة لجنة الحكام، قال: 8 سنوات في الفيفا كنت مسؤولاً في لجنة الحكام، أشرفت على إدارة بطولة كأس العالم في البرازيل وروسيا، أنا سعيد بعملي، وبالوصول إلى مستوى احترافي، وأتمنى أن يستمر ذلك كي نصل إلى درجة أكثر من الرضا، لكني فخور بكوني ساهمت في تطبيق تقنية «الفار»، نعم هناك أخطاء ولكنها تقل مع مرور الوقت، وأشعر بالرضا أيضاً عن تقديم حكام جدد مستواهم جيد ينجحون في إدارة المسابقات الكبرى.

نهائي لا ينسى
اعتبر بوساكا نهائي دوري الأبطال بين برشلونة ويونايتد عام 2009 في روما، مواجهة لا تنسى، وقال: كانت مثيرة ومميزة وقوية، هي حدث مهم بالنسبة لي، مضيفاً هناك لحظات لم أشعر خلالها بالرضا عندما كنت حكماً فقد أخطأت في بعض القرارات على مدار مسيرتي مع الكرة، لكنهها ليست أخطاءً كبيرة أو في مباريات كبيرة، وهذا مهم بالنسبة له، وقال: في ظني أن عدم ارتكابي أخطاء كبيرة في مناسبات كبيرة سمح لي أن أبقى كثيراً في الملاعب، بمستوى جيد، وليس من السهل أن تدير اثنتين من بطولات كأس العالم في ألمانيا وجنوب أفريقيا، وأن تدير نهائي دوري الأبطال، ونهائي أمم أوروبا، ونهائي كأس السوبر من دون أخطاء مؤثرة، كلها إنجازات أعتبرها كؤوساً.

شكراً أبوظبي
أكد بوساكا أن أبوظبي تحظى بمكانة كبيرة في نفسه، وقال: أتيت إلى أبوظبي لأول مرة عام 2003 في كأس العالم للشباب، وبعدها أتيت في كأس العالم للأندية عدة مرات، ربما ليس لدي صداقات كثيرة هنا، ولكني أحب المدينة بشكل عام طبيعتها تنظيمها تطورها أشعر فيها بالاطمئنان، لديها مرافق رائعة، ويجب أن أعترف أيضاً أن اتحاد الكرة الإماراتي يوفر لنا كل الدعم المطلوب للنجاح في مهمتنا، ويوفر دعماً جيداً للحكام المحليين، يجب أن أشكر أبوظبي واتحاد الكرة على توفير كل الإمكانيات لنا.