جمعة النعيمي (الاتحاد)

أكد محامون ومواطنون أن افتقار بعض المصلحين الأسريين إلى الخبرة والكفاءة يفاقم مشكلة الطلاق التي شهدت زيادة خلال السنوات الـ5 الأخيرة، لافتين إلى أن أسباباً مهمة تقف وراء هذه الظاهرة منها نقص الثقافة الزوجية وعدم التكافؤ الاجتماعي بين الزوجين، إلى جانب الأمور المادية والدرجة الوظيفية للمرأة التي تجعلها تنافس الرجل ولا تكترث أو تهتم بالزواج، بالإضافة إلى غلاء المهور والديون التي تترتب على الزوج منذ بداية الحياة الزوجية، وكلها عوامل تؤدي إلى توتر الحياة الزوجية وتشكل أرضية خصبة لوقوع الطلاق.

التوجيه أسري
ورأى المحامي ناصر جرمان الأحبابي أن قانون الأحوال الشخصية جيد ويخدم الجميع، إلا أنه بحاجة إلى إعادة النظر في بعض المواد في الوقت الحاضر، لافتاً إلى أن هناك إشكالية لابد من عرضها والمتمثلة في ملف التوجيه الأسري، حيث إن من يقوم بمهام المصلح الأسري لابد أن يتمتع بكفاءة وخبرة ومهنية عالية في الأداء، وذلك عند قدوم المتخاصمين وهما الزوجان، إذ يتعين النظر والبحث في النزاع وتسوية الأمر وحل ما علق من أمور بين الزوجين والموازنة بينهما.
ولفت إلى أنه يتعين عدم تحويل القضية إلى القضاء فوراً إلا بعد إجراء خطوات في التسوية ومحاولة إقناع الأطراف في حل النزاع دون اللجوء للطلاق، دفعاً للضرر واستحكام النفور.

حقوق متوازنة
قال المحامي عيسى البدري: «نريد جرأة قانونية تشريعية لحسم ما يحدث من قضايا الطلاق المتزايدة»، موضحاً أن الشريعة الإسلامية واضحة، والقانون كفل حق المرأة، ولكن لا يجوز التضييق على الرجل مما يسقط الحضانة، مشيراً إلى أن أساس المشكلات هو الاعتماد على الاجتهادات القديمة، موضحاً أن المرأة في الوقت الحالي تحصل على امتيازات بعد الطلاق، لا تجدها في الوظائف التي تعمل بها، والمغريات كثيرة من توفير عاملة منزل ومربية للطفل وسائق وزيادة نفقة، كل هذا في صالح المرأة ويجعلها تشعر بالتفوق على الرجل، كما أن القوانين الحالية، لا تستطيع تقليص حالات الطلاق بل تزيدها؛ نظراً للجهل بالثقافة الزوجية.
وتابع: «أيعقل أن مشكلات النفقة تزيد على راتب أو أجر الزوج أو الطليق؟»، موضحاً أنه يتعين النظر في الحالة الاقتصادية للشخص المطلّق عند الحديث عن النفقة. وذلك لأنه في حال وقوع الطلاق يتم طلب العاملة لتقوم بخدمة البيت لا لتحل مقام الأم لإدارة شؤون البيت، فخدمة الأبناء مسؤولية الأم من أكل وشرب وتوفير اللباس والاهتمام بدراستهم وحياتهم الصحية، ولكن ما تراه العين في المجتمع، هو إعطاء الحضانة للأم في حال وقوع الطلاق، حيث يقوم بعض القضاة بطلب عاملتين أو ثلاث، وقد تكون بعض الأحكام تعسفية نوعاً ما بحق الزوج.
وأضاف البدري: «الحضانة تعد بمثابة العمود الفقري للطلاق، في حال نزعت الحضانة من المرأة، والأمر صعب، إذ يتعين وجود تشريع يخدم هذه المسألة، كما أن الأب مطالب بالإنفاق على ابنه حتى يعمل ولكن مع البنت فالوضع مختلف، بمعنى أن البنت لو عملت فإن الأب يظل ينفق عليها إلى أن تتزوج، وهذا أمر غريب ويحتاج إلى إعادة النظر في شأنه».

دور الوالدين
ورأى المحامي سعيد الراشدي، أن المشرع الإماراتي حرص على مراعاة الأسرة وحقوق كل من الزوجين ولكن خص الحماية الأكبر للأبناء، حيث أعطى حق الحضانة للأبناء وليس لأي من الزوجين، فإن الحضانة تكون أولاً وأخيراً لمصلحة الأبناء، سواء مع الأب أو الأم.
ولفت إلى أن المصلح الأسري يقوم بدور بالغ الأهمية، حيث يجب تفعيل دور المصلح بشكل مكثف، إضافة إلى أنه يجب إشراك الوالدين في عملية الإصلاح بالإضافة للموجهين الأسريين، فيجب إدخال الوالدين مع أبنائهم، كما يجب عدم ترك الحبل على الغارب للزوجين لوحدهما، فلا يترك الأمر عبثاً دون التهدئة من قبل أولياء أمورهما، حتى تزيد نسبة الإصلاح الأسري والاتفاقيات الأسرية التي تتم داخل التوجيه الأسري، مشيراً إلى أن الحاجة إلى المزيد من الوعي والدورات التدريبية المكثفة للمصلح الأسري، ضرورة ملحة، لتخفيض نسبة إحالة قضايا الطلاق إلى المحكمة، والعمل على زيادة نسبة التسويات والإصلاح بين الزوجين، مع ضرورة وضع برنامج مكثف لكلا الزوجين بمتابعة المشاكل الخاصة التي قد تنتج في المستقبل.
وأكد الراشدي أنه لابد من تكثيف دور الإعلام وعمل برامج توعوية تبث على مدار الساعة من خلال جميع القنوات وجميع مواقع التواصل الاجتماعي، حتى تصل إلى كل منزل داخل الدولة، وأن تستهدف جميع الأعمار، وتقدم حلولاً لجميع المشاكل العصرية التي قد تواجه الزوجين، خاصة قليلي الخبرة بأمور الحياة وحديثي العمر منهم.
وأضاف: «يجب استهداف أبنائنا الطلاب بجميع المراحل التعليمية وحثهم على ضرورة وأهمية التمسك بالأسرة والحفاظ على الكيان الأسري، مما ينتج عنه جيل واعٍ لتفادي مثل هذه المشكلات في المستقبل».

حَكما الأهل
ورأى المواطن عبدالله النعيمي أن المصلح الاجتماعي قد يكون له دور سلبي لقلة خبرته وعلمه في المواضيع المتعلقة بالزواج والطلاق، وأنه يتعامل مع الوضع على أساس أنه وظيفة، بالإضافة إلى الواقع العملي والذي تكون من نتيجته رفع الموضوع للمحكمة، مما يشير إلى زيادة إحصائيات حالات الطلاق والتي قد لا يوجد أي دور حقيقي للمصلح الاجتماعي في حل المشكلات الزوجية، وأنه من الأفضل عرض الموضوع على القاضي فقط للإصلاح وحذف المادة رقم 16 فيما يخص لجنة التوجيه الأسري، مما يعني أن المشرع سمح للقاضي بالتدخل في مد السن القانونية بعد بلوغ الأنثى 13 سنة والولد 11 سنة في ما يخص الحضانة.
وأشار إلى أن بيت الطاعة مجرد إجراء لا طائل من ورائه ومن الأفضل إلغاؤه من قانون الأحوال، حيث أثبت الواقع العملي من خلال القضاة عدم تفعيله، فهو مجرد حبر على ورق، لافتاً إلى أن الحكمين إذا كانا من الأهل فلا بأس، وإذا كانا خلاف ذلك فدورهما مادي بحت؛ أي أنه ليس لهما مصلحة حقيقية للإصلاح، وإنما كم هو العائد المادي الربحي من وراء كل قضية طلاق، والأجدر ألا يكونا من خارج الأهل إلا إذا تبين عدم وجود أهل للطرفين داخل الدولة، أو إذا ما طلب أحد الطرفين ذلك بالتوقيع على طلب خاص بتعيين حكم في القضية من خارج الأهل.

افتقاد الخبرة
وقال المواطن أحمد الشيباني إن الطلاق المبكر يقع في أول 3 سنوات، وبالأخص طلاق الفئة المتعلمة من النساء العاملات، موضحاً أن المرأة المتعلمة تمتاز بوظيفتها، ولا تحتاج إلى الرجل لأنها تعتمد على نفسها في كل شيء، وليس كما هو الحال في السابق، فالرجل سابقاً يعتبر سنداً وحصناً منيعاً للمرأة، أما في الزمن الحالي، فالحاجة إليه هي حاجة اجتماعية ومادية، فالمرأة ليس لها استعداد للتنازل من أجل الأسرة ظناً منها أن ذلك ضعف وسلبية منها لتمكين الرجل، وهذا أمر خاطئ وليس بصحيح. مضيفاً أنه يتعين تكثيف التوعية للأزواج والمقبلين على الزواج، لضمان الاستقرار الأسري.
وأضاف: «عندما تغير قانون الأحوال الشخصية في عام 2005 زادت نسب الطلاق بشكل مخيف، لذلك يجب تعديل وتصحيح قانون الأحوال الشخصية لإيقاف نزف الطلاق المستمر دون مبرر، لضمان استقرار الحياة الزوجية لأبناء المجتمع، كما أن غياب المسؤولية الاجتماعية والأنانية والتفكير المادي أصبح هاجس كثير من الأزواج»، مشيراً إلى الحاجة إلى مصلح أسري ذي مهارة وكفاءة عالية وعلى قدر كافٍ من الخبرة الحياتية، وليس توظيف شخص بعمر 25 سنة لا يستفيد منه المجتمع، لأنه ذو خبرة قليلة.
وأضاف سيف بن مران الظاهري: إن عقلية المرأة في الزمن الذي نعيشه مختلفة عما كانت عليه سابقاً، وذلك نظراً للانفتاح والاختلاط بين الناس، ورغم وجود العادات والتقاليد والحياء والتمسك بالدين، فإن بعض النساء لا يرضين. لافتاً إلى أن المرأة في الماضي، كانت تعيش في بيت زوجها عند أهله، وعند وقوع مشكلة ما يُجمع الاثنان لحسم المشكلة وتعود المودة بينهما، وتتآلف القلوب من جديد. ولكن حياة اليوم مختلفة نظراً للظروف المحيطة بالزوجين من ضغوطات حياتية ونفسية، مشيراً إلى ضرورة مساعدة الزوجين في السنوات الخمس الأولى حتى تنعم الأسر بالاستقرار في الحياة الزوجية.
من جهته، قال رجل الأعمال الإماراتي حسين عيسى الدرمكي، إن قانون الأحوال الشخصية في عام 2005 زاد من حالات الطلاق في المجتمع الإماراتي، وذلك لأنه بمجرد وقوع مشكلة ما يتم تحويل القضية للمصلح الأسري الذي قد يفتقر للخبرة الحياتية والكفاءة المهنية، مما يعود على المجتمع بازدياد حالات الطلاق كل فترة. وأضاف: نحتاج إلى دعم من الأب والأم والشرطة المجتمعية لحسم المشاكل من خلال التنازل بين الطرفين، لافتاً إلى ضرورة تثقيف الوالدين للولد والبنت المقبلين على الزواج، مضيفاً أن صندوق الزواج لم يقصر في عمل المحاضرات وجلب الخبراء للأسرة، مشيراً إلى أن القيادة الرشيدة لم تقصر البتة في توفير كل سبل العيش الكريم لأبناء الإمارات، حتى أصبحنا دولة السعادة، ولكن ما يحزن أن حالات الطلاق في ازدياد.