حسام عبدالنبي (دبي)
أجمع خبراء اقتصاديون وماليون على أهمية ربط الاقتصاد الإماراتي بالاقتصادات «الناشئة» لتجنب الركود العالمي المتوقع في العام الجديد، خصوصاً وأن 60% تقريباً من الناتج الإجمالي العالمي يأتي من اقتصادات الأسواق الناشئة، فضلاً عن أن المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي يتوقعون أن تقود الاقتصادات الناشئة معظم النمو العالمي، وخصوصاً مصدرو السلع الأولية، متوقعاً أن ترتفع معدلات النمو لهذه المجموعة ككل إلى نحو 4.5% في 2018 وإلى متوسط قدره 4.7% 2019 و2020، وذلك مقابل تباطؤ وتيرة النمو في الاقتصادات المتقدمة إلى 2.2% في 2018.
ووفقاً للبنك الدولي، فإن المنطقة الأسرع نمواً في العالم ستكون شرق آسيا والمحيط الهادئ، متوقعاً أن ينمو اقتصاد الصين بنسبة 6.4% هذا العام قبل أن يتباطأ إلى 6.3% العام المقبل.
وتؤكد النسخة الأخيرة من مؤشر «فورتشن جلوبال 500» لعام 2018، الدور المتزايد باستمرار الذي تلعبه الأسواق الناشئة كمحرك رئيس للنمو الاقتصادي العالمي وتأثيرها على الشركات العالمية الكبرى. ومع ازدياد عالمية الشركات متعددة الجنسيات في الأسواق الناشئة، شهدت مشاركتها في مؤشر «فورتشن غلوبال 500» نمواً ملحوظاً، إذ تشير التقديرات في عام 2017 إلى أن ما يقرب من ثلث الشركات المدرجة في القائمة كانت من أعلى 20 مقاطعة في الأسواق الناشئة في العالم، أي ثلاثة أضعاف المبلغ الذي كانت عليه قبل ثماني سنوات فقط.
وبحسب دراسة أجرتها شركة أميركان إكسبريس عن «توجهات الأعمال والإنفاق العالمية لعام 2018» فإن الصين تصدرت قائمة البلدان الخمسة التي حققت أعلى معدلات نمو للاستثمار في العالم بنسبة (90%)، تليها اليابان بنسبة 87%، ثم الإمارات بنسبة 84%، ثم السعودية بنسبة 83%، وأخيراً روسيا بنسبة 80%.
ويرى الخبراء، أن هناك عدداً من النصائح التي يجب على الدول الخليجية بشكل عام تطبيقها لمواجهه الركود الاقتصادي العالمي المتوقع وتزايد احتمالات تباطؤ الاقتصاد العالمي في عام 2019، فضلاً عن تراجع أسعار النفط وأهمها تفكير الدول الخليجية في توقيع اتفاقيات تجارية جديدة مع الدول الأسيوية لاسيما الصين والهند، وإعادة النظر في الاتفاقيات التجارية الحالية التي تركز على جانب واحد فقط مع العمل على ربط الاقتصاد بالدول الناشئة التي يجب أن تصبح الشريك الأساسي في القرن 21، فضلاً عن ضرورة توقيع اتفاقيات تجارية واستثمارية بين الدول الخليجية من جهة والدول العربية القريبة من منطقة الخليج من جهة أخرى، مشيرين إلى أن الاقتصادات الناشئة يمكن أن تسهم بدور في تنويع مصادر الدخل بحيث تقل مساهمة النفط في الناتج المحلي الإجمالي عن 30%، إضافة إلى التركيز على تنويع وزيادة صادرات الدول الخليجية والبحث عن قطاعات جديدة للتصدير ودراسة القطاعات التي يمكن الدخول إليها من أجل التصدير في المستقبل.
الركود العالمي
قال الدكتور ناصر السعيدي، وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني الأسبق، إن الاقتصادات الناشئة باتت تستحوذ على 50% من الاقتصاد العالمي لاسيما الصين والهند، ما يستوجب من الدول الخليجية كافة أن تفكر في توقيع اتفاقيات تجارية واستثمارية جديدة مع الصين والهند ودول منطقة الآسيان لربط الاقتصادات الخليجية بتلك الدول، مشدداً على ضرورة إعادة النظر في الاتفاقيات التجارية الحالية التي تركز على جانب واحد فقط وهو العمل مع الاقتصادات المتقدمة سواء في أميركا أو أوروبا بحيث تصبح الاقتصادات الناشئة هي الشريك الأساسي في القرن 21.وتوقع السعيدي، أن يبدأ ركود الاقتصاد العالمي اعتباراً من العام المقبل، نتيجة لثلاثة عوامل هي وضع سوق النفط العالمي، وإمكانية حدوث أزمة مالية عالمية شبيهه بما حدث في عام 2008، وكذا الحرب الاقتصادية الدائرة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، داعياً الدول الخليجية إلى أن تعدل خطط التنويع الاقتصادي بحيث تقل مساهمة النفط في الناتج المحلي الإجمالي عن 30%، وأن تسعى إلى تنويع مصادر الدخل، إضافة إلى التركيز على تنويع وزيادة صادراتها والبحث عن قطاعات جديدة للتصدير ودراسة القطاعات التي يمكن الدخول إليها من أجل التصدير في المستقبل.وذكر السعيدي، أنه على الرغم من الفرص الهائلة التي توفرها مبادرة «الحزام والطريق» إلا أن غالبية الدول الخليجية ما زالت غائبة عن الاستفادة من مثل هذا الأمر، منبهاً إلى أن الواقع العالمي الجديد في العام المقبل يتطلب أيضاً توقيع اتفاقيات تجارية واستثمارية بين الدول الخليجية والدول العربية القريبة من منطقة الخليج، وإلا تكون اتفاقيات التعاون فيما بين الدول الخليجية فقط.
من أجل الصين
وقال عبدالفتاح شرف، مدير عام المجموعة، والرئيس التنفيذي لبنك HSBC في الإمارات العربية المتحدة، إنه وفقاً لنتائج استبيان أجراه البنك ضمن تقرير «صنع من أجل الصين»، فإن 8 شركات من أصل 10 من شركات الأعمال التجارية في الإمارات أعربت عن رأيها بأن الصين ستكون من ضمن أهم الأسواق لتصدير منتجاتها في المستقبل، مؤكداً أن الصين تمثل فرصة مهمة لأي شركة تجارية في طور النمو، ولذا تتوقع شركات الأعمال التجارية في الإمارات، زيادة فرص النمو في السوق الصيني في ظل تطور الاقتصاد الصيني ونضوجه. وأشار شرف، إلى أن ما يقرب من نصف شركات الأعمال التجارية في الإمارات والتي تتعامل مع الصين حالياً تخطط لزيادة مبيعاتها هناك خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، لافتاً إلى أن 10% من شركات الأعمال التجارية في الإمارات (التي لم تدخل بعد إلى السوق الصينية) تخطط إلى إعطاء الأولوية لتوسيع نطاق أعمالها هناك.
وذكر شرف، أنه وفقاً لـ57% من المشاركين في الاستبيان من الإمارات، فإن إنشاء مشاريع مشتركة مع الشركاء المحليين يعتبر الأسلوب المفضل لدخول الشركات الإماراتية إلى سوق الصين، يليه مباشرةً إنشاء شبكات توزيع محلية (بحسب ما حددته نسبة 52% من المشاركين في الاستبيان من الإمارات).
وأضاف أن شركات الأعمال التجارية في الإمارات أشارت إلى أنها أصبحت مدركة لمدى أهمية منصات البيع المباشر والتجارة الإلكترونية كوسائل للوصول إلى العملاء في الصين، حيث إن 53% من هذه الشركات اعتبرت هذه الاستراتيجية الوسيلة للوصول إلى السوق مقابل 46%من المشاركين في الاستبيان على المستوى العالمي، منوهاً بأن شركات الأعمال التجارية في الإمارات تدرك حاجتها إلى رؤية خبيرة ومتخصصة عند دخول السوق الصينية، حيث أظهرت نتائج الاستبيان أن 36% من الشركات المشاركة في الإمارات تخطط للاستعانة بخبرات الشركات المتخصصة بدراسة بيانات الأسواق لتسهيل توسيع أعمالها في الصين. وأوضح شرف، أن العلاقات التجارية التي تربط ما بين الصين والإمارات تساعد في تشكيل بعض أكثر الفرص الاقتصادية أهميةً في العالم خاصة وأن إجمالي حجم التجارة المتبادلة بين البلدين قد بلغ 53 مليار دولار أميركي في عام 2017، بزيادة قدرها 14.7 % عن العام السابق، متوقعاً أن يزيد نمو حجم التجارة المتبادلة بين الإمارات والصين لاسيما في ظل جهود تعزيز العلاقات الثنائية والتي كان أبرزها زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج إلى الإمارات مؤخراً.
وقال شرف، إن الاستبيان أظهر أن إنشاء شبكة توريد موثوقة ومعتمدة يعتبر عاملاً محورياً لزيادة حجم المبيعات في الصين، وكذلك تعزيز قدرتها على الاستجابة للتحولات والتغيرات في سلوك المستهلكين بسبب انتشار التجارة الإلكترونية التي حققت أكثر من 1 تريليون دولار أميركي من المبيعات في عام 2017، سواءً من خلال توفير المنتجات أو الخدمات المتميزة والرائدة، أو من خلال إدراكها للخبرة المتخصصة المتوفرة لديها، مختتماً بالتأكيد أن الصين تتوقع قيامها باستيراد بضائع بقيمة 8 تريليون دولار على مدى السنوات الخمس من عام 2018 إلى عام 2022 - أي ما يعادل 1.6 تريليون دولار في المتوسط في العام، وهو ما يعادل اقتصادات كندا أو كوريا الجنوبية في عام 2017.
تعزيز النمو
من جهتها، توقعت تان سو شان، رئيس مجموعة إدارة الثروات والخدمات المصرفية للأفراد في بنك «دي بي إس» الذي يعد أكبر بنك في جنوب شرق آسيا، أن يسهم النمو في آسيا في تعزيز النمو الاقتصادي العالمي على مدى العقود القليلة القادمة، منوهة أنه من المتوقع أيضاً أن تهيمن الصين والهند وإندونيسيا على تصنيفات الاقتصادات الكبرى في العالم بفضل تركيباتها السكانية الشابة وتطورها تكنولوجياً.
وقالت شان، إن «دي بي إس»، المعروف سابقًا باسم بنك التنمية السنغافوري، والذي تتجاوز قيمة أصوله 518 مليار دولار سنغافوري حالياً، يتوقع أن يرتفع عدد الأفراد الذين يملكون أصولاً تزيد قيمتها عن 500 مليون دولار في المنطقة بنسبة 28%، من 390 فرداً في عام 2017 إلى حوالي 500 في عام 2022، مشيرة إلى أنه في ضوء الإقبال المتزايد من العملاء الشرق أوسطيين على حلول إدارة الثروات في آسيا، فإن بنك «دي بي إس» يتمتع بوضع قوي لمساعدة عملائه من المنطقة في الاستفادة من فرص النمو في آسيا.
محرك النمو
وقال سوفو ساركار، نائب الرئيس التنفيذي الأول ورئيس الخدمات المصرفية للأفراد وإدارة الثروات، مجموعة الإمارات دبي الوطني، إن نحو 60% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي يأتي من اقتصادات الأسواق الناشئة، التي أصبحت تعد محرك النمو العالمي، مع توقع فرق في معدلات النمو بين الأسواق الناشئة والأسواق المتقدمة لعام 2018 بحوالي 3%، مؤكداً أن الوقت الحالي يعد الوقت المناسب ليقوم مستثمرو دول مجلس التعاون الخليجي بزيادة أنشطتهم في الأسواق الناشئة، خاصة وأن النظرة الإيجابية لأصول الأسواق الناشئة، المستندة إلى تقييمات جاذبة وأسس قوية، تجعل منها فئة أصول من الصعب تجاهلها من قبل أي مستثمر عالمي.
وأعربت ألثيا سبينوزي خبيرة الدخل الثابت لدى «ساكسو بنك» عن اعتقادها بأن الأسواق الناشئة ستواصل توفير فرص استثمارية مجزية.
وأرجعت ذلك إلى أن هذه الاقتصادات الناشئة لا تزال تستند في زخمها إلى التوجه الإيجابي المتمثل بإنفاق المستهلكين فيها، وخاصة في دول مثل الصين والهند، مؤكدة أنه على الرغم من مخاطر اندلاع الحرب التجارية بين الصين وأميركا والتي تؤثر على أداء الأسهم والسندات الصينية إلا أننا ما زلنا نحتفظ بنظرة إيجابية تجاه الصين، ولكننا نعتقد بإمكانية العثور على أفضل الفرص الاستثمارية في الهند.
أكثر قوة
وقال روس تيفيرسون، رئيس قسم الاستراتيجية، الأسواق الناشئة في شركة جوبيتر لإدارة الأصول، إنه وفق نتائج دراسة مشتركة مع شركة الإمارات دبي الوطني لإدارة الأصول، فإن صورة الاقتصادات الناشئة أصبحت أكثر قوة على مستوى العالم حالياً حيث تواصل الأسهم في الأسواق الناشئة الاستفادة من بعض العوامل المواتية على المدى الطويل، محدداً تلك العوامل في التركيبة السكانية وتزايد انتشار المنتجات الاستهلاكية حيث تشكل هذه العوامل، إلى جانب استمرار نمو الأرباح، دفعة قوية للأسهم في الأسواق الناشئة والحدودية.
وأوضح تيفيرسون، أن ارتفاع معدلات الدخل في الدول الناشئة أدى إلى زيادة الرغبة في الأنشطة ذات الصلة بالتجربة لاسيما السفر مدفوعاً بشكل خاص من قبل السياح الصينيين حيث يبلغ تعداد الصين حوالي 1.4 مليار نسمة، في حين تبلغ نسبة المواطنين الصينيين الذين يملكون جواز سفر 6% فقط ما يعني أن هناك إمكانيات هائلة للنمو، إذ إن 81.4 مليون صيني لديهم جوازات سفر مقارنة مع 147 مليون مواطن أميركي وتالياً، مستنتجاً من ذلك أن حركة السفر والسياحة العالمية يتوقع أن تحقق نمواً مدفوعة بزيادة عدد الوافدين إلى دول المنطقة من الصينيين، ما يبرز عدداً من الطرق لاستغلال هذا التوجه.
طموحات اقتصادية
ويؤكد محمد سلامة، رئيس قسم الخدمات المصرفية العالمية لبنك ستاندرد تشارترد في الإمارات، أنه وفقاً لتقديرات بنك ستاندرد تشارترد فإن الصين تخطط لاستثمار نحو تريليون دولار أميركي في البنية التحتية على طول الطرق التجارية لمبادرة الحزام والطريق خلال العقد المقبل، وسيتركز معظم هذا المبلغ في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، منبهاً أن الاستثمارات الخارجية الحالية التي تقوم بها الشركات الصينية في منطقة الخليج، والتي يتوقع وفقاً لمصادر عديدة أنها تقارب نسبة 20% من الحجم الكلي، تجعل الحسابات المتعلقة بهذه الفرصة واضحة بالنسبة للشرق الأوسط وللبلدان التي تسعى إلى تسهيل أعمالها مع الصين.
وبحسب سلامة، فإن الطموحات الاقتصادية العالمية للصين تعتمد على عدة عوامل، وأكثرها إلحاحاً يتمثل في أن مبادرة الحزام والطريق تتطلب لتحقيق النتائج المرجوة منها، مشاركة فاعلة من جانب ما يزيد عن 60 بلداً على طول طريق الحرير الجديد، مع التبني المستمر للعملة الصينية، مؤكداً أن الإمارات تتمتع بفرصة كبيرة لتحقيق نجاح ملموس كمركز للتعامل بالعملة الصينية، فضلاً عن مزاياها التي تجعل منها الشريك المنطقي الأول للصين في الشرق الأوسط وفي منطقة الخليج.
وأكد سلامة، أن مكانة الإمارات كمركز تجاري وتميز البنية التحتية والدعم التنظيمي والحكومي تعد من الأسباب التي تدفع الصين إلى اختيار دولة الإمارات لتكون لاعباً أساسياً في مبادرة الحزام والطريق، منوهاً أن وجود مراكز مالية ولوجستية وتجارية لتسهيل التجارة والتدفقات الاستثمارية أمر أساسي لهذه المبادرة، ما يعني أن الأسواق التي توجد فيها بنى تحتية متطورة (مثل الإمارات) ستساهم في تحقيق الكثير من أهداف مبادرة الحزام والطريق، خاصة تلك التي تعتبر أهدافاً استراتيجية في سياق الأهداف الأوسع للحكومة الصينية في استخدام الـ «رنمينبي» على نطاق أوسع حول العالم.
نمو مستقبلي
وقال جورج الحداري، نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا في بنك إتش اس بي سي، إن مبادرة «الحزام والطريق» تعتبر واحدة من أهم الفرص لتحقيق النمو والازدهار لمنطقتنا، مؤكداً أنه فيما تواصل الاقتصادات المحلية سعيها للاستفادة من هذه الفرص لضمان تحقيق النمو المستقبلي والتنوع الاقتصادي، فإننا نتطلع قدماً إلى العمل بشكل وثيق مع جميع العملاء في سعيهم المستمر للحصول على الشركاء والتمويل على كلا جانبي الممرات والطرق التجارية التي تربط ما بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا مع دول منطقة آسيا.
بهاتيا: أهمية التعاون المبكر
قال سنجاي بهاتيا، العضو المنتدب لدى «ألبن كابيتال»: «إن الإمارات أدركت مبكراً أهمية التعاون التجاري والاستثماري مع الهند باعتبارها من بين أسرع الاقتصادات الناشئة نمواً، حيث تم توقيع أكثر من 21 مذكرة تفاهم بين الطرفين في مجالات متعددة من بينها البنية التحتية، والتأمين، والطاقة المتجددة، والدفاع، بالإضافة إلى قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم والزراعة وكفاءة الطاقة»، متوقعاً أن يصل حجم التبادل التجاري بين الإمارات والهند إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2020. وأكد بهاتيا أن الإمارات تستحوذ على نسبة 84.7 % من إجمالي التدفقات الاستثمارية الهندية إلى دول مجلس التعاون الخليجي، حيث وصلت إلى 2.5 مليار دولار في عام 2016 بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 12.9% خلال الأعوام 2011 و2016، منوهاً إلى أن قطاعات العقارات والنفط والغاز والسياحة والضيافة تعتبر من أكثر القطاعات استقطاباً للاستثمارات الهندية في الدولة.
وأوضح بهاتيا أنه انطلاقاً من إيمانهما بإمكانات النمو الكبيرة المتاحة بين دول الخليج العربي والهند قام الطرفان بزيارات وعقد لقاءات رفيعة على مستوى قيادات هذه الدول خلال السنوات الأخيرة، بهدف استكشاف مجالات جديدة للتعاون، منبهاً أنه كمحصلة لهذه العلاقات زادت حصة الهند من إجمالي الاستثمارات إلى دول مجلس التعاون الخليجي من 4.7 % في عام 2011 إلى 16.2 % في عام 2016، فيما واصلت الاستثمارات الخليجية إلى الهند بالنمو من 0.7 % في 2011 إلى 2.95% في 2016.
وذكر بهاتيا أن الاستثمارات الهندية في الخليج نمت بمعدل سنوي مركب نسبته 15.9 %، لتصل إلى 2.9 مليار دولار في عام 2016، صعوداً من 1.4 مليار دولار في 2011. وخلال الفترة ذاتها، ارتفعت حصة الهند من إجمالي الاستثمارات في دول الخليج على نحو كبير من 4.7 % إلى 16.2 %، لافتاً إلى أن منطقة الخليج تعتبر موطناً لأكثر من 8.5 مليون هندي، وهو ما يجعل منهم عنصراً فاعلاً في تحفيز اقتصاد المنطقة، لا سيما أن العديد من رجال الأعمال الهنود أسسوا شركات كبرى في مختلف أنحاء الخليج.
الحزام والطريق
أفاد تقرير لشركة الأبحاث والدراسات العقارية، «نايت فرانك»، بأن دول الشرق الأوسط، ولا سيما دول مجلس التعاون الخليجي، لديها روابط تجارية قوية مع الصين على مدى العقود الأخيرة، لاسيما وأن الدول الخليجية تعد واحدة من أهم مقدمي السلع والموارد الطبيعية للصين، جنباً إلى جنب مع وصولها الحاسم إلى أفريقيا وأوروبا، منبهاً إلى أن الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي حريصة على تنويع اقتصاداتها، للحد من الاعتماد المفرط على النفط والغاز، ما سيوفر آفاقاً جديدة للمستثمرين الصينيين، خاصة في قطاعات العقارات والتكنولوجيا الفائقة والطاقة.
وأوضح التقرير أن مبادرة الحزام والطريق تمتد في جميع أنحاء 69 دولة، وتشكل نحو 60% من سكان العالم، و40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهي عبارة عن مجموعة من الصفقات التجارية، ومشاريع البنية التحتية المترابطة، والتي من المفيد أن تكون ذات فائدة متبادلة لدول المبادرة والصين، مستنتجاً أن توسيع نطاق الطلب في الخارج سيكون أمراً حتمياً للمبادرة التي من أهم أهدافها زيادة تحفيز النمو الاقتصادي الصيني، حيث سيفتح المشروع أسواقاً جديدة للسلع والخدمات الصينية، ويدعم اقتصاد البلاد ضد أي تباطؤ محتمل في الطلب المحلي، فضلاً عن الارتفاع المحتمل من الحمائية في بلدان أخرى.