أدى التباطؤ الذي يشهده قطاع الإنشاءات والمقاولات خلال الفترة الحالية، إلى الحد من التفاؤل الذي تبديه شركات المقاولات بتحسن النشاط في القطاع بعد شهر رمضان، حيث تشير أغلب المؤشرات إلى استمرار حالة التباطؤ خلال الأشهر المقبلة. وقدر مقاولون بأبوظبي تراجع حجم أعمال الشركات خلال شهر أغسطس بنحو 30 إلى 50% على الأقل بسبب تخفيض ساعات العمل لتزامن أشهر الصيف مع رمضان، فضلًا عن تفضيل كثير من العملاء تأجيل أعمالهم إلى الفترة التي تعقب عيد الفطر المبارك. وقال المهندس حسن يوسف المدير العام لشركة الرمز للمقاولات: “نترقب كل عام عودة النشاط للقطاع بعد شهر رمضان وموسم الصيف، لزيادة حجم الأعمال خلال الربع الأخير من العام، ولكن من خلال الأوضاع التي نلمسها خلال العام الحالي نستبعد حدوث تحسن ملحوظ في النشاط خلال الأشهر المقبلة”. وأكد يوسف أن هناك حالة من عدم التفاؤل تسود العاملين بقطاع المقاولات في ظل استمرار التباطؤ في السوق، فضلاً عن الزيادة المستمرة في أسعار مواد البناء، وعلى رأسها الحديد، بجانب ارتفاع كلفة العمالة بعد إلزام المقاولين بنقل عمالهم إلى المدن العمالية الجديدة. ومن جانبه، استبعد إبراهيم الخوري رئيس شركة طنب الكبرى للمقاولات حدوث تغييرات جوهرية في سوق البناء خلال الفترة المقبلة. وأوضح الخوري أن آمال انتعاش سوق البناء خلال شهر أكتوبر تتجدد كل عام، دون حدوث تغييرات جوهرية بالقطاع، موضحاً أن قطاع المقاولات لن يشهد تحسنا جذرياً دون حدوث انتعاش قوي بالقطاع العقاري، بما يضمن مبادرة شركات التطوير بطرح مشروعات جديدة. ورأى الخوري أنه رغم حدوث تطور نسبي في أعمال بناء الفلل الخاصة خارج أبوظبي، إلا أن هذه المشاريع لا تستطيع قيادة قطاع المقاولات، حيث يظل الارتباط الرئيسي للقطاع بالمشروعات العقارية. تحسن اعتيادي من جانبه، قال الدكتور عماد الجمل نائب رئيس اللجنة الفنية الاستشارية العليا بجمعية المقاولين إن قطاع المقاولات يشهد تراجعاً سنوياً معتاداً في النشاط خلال موسم الصيف، نتيجة تخفيض ساعات العمل تأثراً بارتفاع درجة الحرارة، فيما تترقب شركات المقاولات عودة النشاط للسوق بعد شهر رمضان من كل عام. وأضاف الجمل أن قطاع التشييد كان يشهد نمواً اعتيادياً خلال الربع الأخير من كل عام، مع عودة الكثيرين من الإجازات، وانتهاء أشهر الصيف، فضلاً عن تفضيل كثير من الشركات العقارية طرح مشاريعها خلال شهر أكتوبر من كل عام، وكذلك توجه بعض أصحاب المشاريع الخاصة لمباشرة البناء خلال الفترة نفسها. إلا أن الجمل استدرك بالقول إن ظروف العام الحالي لا تدعو لتفاؤل كثير من المقاولين، موضحاً أن استمرار التباطؤ بالقطاع أدى لخروج بعض الشركات من السوق. وقدر الجمل حجم التراجع في حجم أعمال المقاولات خلال شهر رمضان بمتوسط 30% إلى 50% تقريباً، مشيراً إلى أن هذا التراجع اعتيادي ولا يعبر عن أوضاع جديدة في سوق المقاولات، حيث يرتبط في المقام الأول بخفض ساعات العمل وتراجع إنتاجية العامل أثناء الصيام. وأكد الجمل صعوبة تحديد رؤية واضحة لمستقبل قطاع المقاولات بعد شهر رمضان، مؤكداً صعوبة الحديث عن تغيير جوهري في نشاط البناء والتشييد خلال العام الجاري، وذلك رغم التحسن النسبي في قطاع المقاولات بأبوظبي والذي دفع بعض الشركات العاملة بالإمارات الشمالية للتوافد للعاصمة. تباطؤ الصيف إلى ذلك، قال المهندس محمد فيصل سليمان عضو اللجنة الفنية الاستشارية العليا بجمعية المقاولين إن تراجع حجم أعمال المقاولات خلال موسم الصيف وشهر رمضان يعد نتيجة طبيعية لخفض ساعات العمل إلى 6 ساعات يومياً. وأشار سليمان إلى أن أغلب شركات المقاولات تتجه لتنظيم العمل على فترتين بالنهار والليل، إلا أن ذلك لا يكفي لمواجهة تراجع الإنتاجية خلال الفترة الحالية. وأوضح أن بعض الشركات تحاول خلال هذه الفترة التركيز على الأعمال الداخلية الخاصة بالتشطيبات وتأجيل الأعمال الخارجية الخاصة بأعمال الخرسانة أو الأساسات، مشيراً إلى صعوبة العمل الليلي الذي يرتبط بضرورة توافر الإضاءة في أماكن العمل مما يؤدي إلى فشل كثير من محاولات الشركات لزيادة حجم الأعمال خلال الصيف. وقال سليمان إن الشركات تترقب تعويض هذا التباطؤ بعد شهر رمضان من كل عام، وهو ما يسهم في احتدام المنافسة بين المقاولين على أي مناقصات يتم طرحها خلال الفترة الحالية. وذكرت دراسة حديثة أعدتها “فنشر ميدل ايست” أن أبوظبي أرست عقود إنشاءات بقيمة وصلت إلى 130 مليار درهم خلال عام 2010، ما يمثل 66% من إجمالي العقود التي تم إرساؤها في الإمارات. وأشارت الدراسة إلى أن إجمالي قيمة المشاريع الإنشائية الجارية في أبوظبي حاليا، تبلغ نحو 2,1 تريليون درهم، فيما توقعت ارتفاع قيمة عقود الإنشاءات التي سيتم إرساؤها في الإمارة خلال 2011 بنسبة 12% إلى 146 مليار درهم. وارتفع عدد شركات المقاولات المسجلة في أبوظبي العام الماضي بشكل ملحوظ، حيث أظهر مؤشر حركة شركات المقاولين والاستشاريين وقيد المهندسين أن هناك زيادة بنسبة 8,2% في حركة معاملات تصنيف المقاولين للعام الماضي بنحو 1184 معاملة مقارنة بعام 2009 البالغة 1094 معاملة. وبين المؤشر أن هناك أكثر من 1855 شركة مقاولات مصنفة في إمارة أبوظبي العام الماضي، مقارنة بنحو 1767 شركة مع نهاية عام 2009 وذلك بزيادة نسبتها 4,7%، فيما شهد العام الماضي أيضاً تسجيل 415 شركة مقاولات تصنف لأول مرة. وأوضحت حركة معاملات تسجيل مكاتب الاستشارات الهندسية أن عدد المكاتب في 2010 بلغ 1582 مكتباً مقارنة بـ 1352 مكتباً العام قبل الماضي، وذلك بنسبة زيادة بلغت 14,5%، فيما شهد العام الماضي أيضاً تسجيل 134 مكتباً استشارياً لأول مرة.