أبوظبي (الاتحاد)

قال معالي أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية، إن العالم العربي أمام ثورة متكاملة تحركها التكنولوجيا الرقمية وتقودها تطبيقات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة «بيج داتا» البعض أطلق عليها الثورة الصناعية الرابعة للإيحاء بشدة تأثيراتها في مختلف مناحي الحياة، على غرار ما فعلت الثورة الصناعية الأولى، ولا ينبغي أبداً أن نسمح أن تخرج أوطاننا من هذه المعركة خالية الوفاض أو أن تقنع بمكان متأخر في هذه المنافسة الطاحنة.
وتابع أبوالغيط في كلمته أمام المؤتمر: «لما كان الإبداع والابتكار هو المحرك الرئيس لهذه الثورة الجديدة، فإن عالمنا العربي يجد نفسه بين خيارين لا ثالث لهما: إما الابتكار أو الاندثار وأما أن نسارع إلى إعداد بنيتنا التعليمية وأسواق التوظيف لدينا لكي تواكب هذه المتغيرات العميقة في بنية الاقتصاد الحديث، وإما نواجه خطر التهميش والتقزيم».
وأفاد بأن منطقتنا تواجه تحديات غير عادية تحمل دولها على الالتفات لقضايا الأمن والسلم أكثر من غيرها، وبالرغم من ذلك، وبالرغم مما تشهده المنطقة من توترات ونزاعات وصراعات مسلحة، إلا أن هناك حكومات تبذل جهوداً مشهودة وجريئة لمواكبة الآليات والمفاهيم الاقتصادية الحديثة، وهي الجهود التي لا بد أن تحظى بمساندة ودعم من الجميع، كما ينبغي أن تتواصل سياسات الإصلاح المالي، وتحسين المناخ التشريعي والإجرائي من أجل إطلاق الإمكانات الاقتصادية الكامنة في المجتمعات العربية وجذب مزيد من الاستثمارات المباشرة.
وقال: «إن اختيار الاقتصاد الرقمي قضية للمؤتمر يعكس وبصدق مدى الإدراك بجسامة التحديات التي تواجه المنطقة العربية في ظل الدور المحوري للتكنولوجيا الحديثة في تنمية المجتمعات والاقتصادات بشكل عام»، لافتاً إلى أن هناك تطوراً في بعض الدول العربية لا تغفله العين، حيث تحتل بعض الدول العربية - ومن بينها دولة الإمارات العربية المتحدة - مكانة متقدمة بين دول العالم، من حيث استخدام شبكة الإنترنت في ضوء تضاعف معدل تدفق البيانات العابرة للحدود التي تربط منطقتنا العربية ببقية دول العالم خلال العقد الماضي بما يتجاوز 150 ضعفاً، كما حققت دول عربية عدة قفزة واسعة في قطاع الاستهلاك الرقمي من حيث ارتفاع معدلات الاعتماد على الهواتف الذكية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال أبو الغيط: «أتقدم بالشكر والتقدير إلى قيادة وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة على حسن الوفادة وكرم الضيافة وعلى مبادرتها بعقد هذا المؤتمر المهم، كما أعرب عن تقديري لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة على رعايته الكريمة لأعمال هذا المؤتمر».
وتابع: «إن التطورات السريعة والمتلاحقة في تكنولوجيا المعلومات والتي يشهدها عالمنا اليوم يتمخض عنها نوع جديد من الاقتصاد هو الاقتصاد الرقمي، الذي أصبح يلعب دوراً هائلاً في تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال خلق فرص استثمارية حقيقية في جميع المجالات والقطاعات، وكذلك في تحقيق الشمول المالي، وبما يدعم الاقتصادات في مواكبة الحداثة الاقتصادية العالمية».
وأضاف، لا يخفى عليكم أن الحرب الدائرة بين القوى الكبرى على الصعيد العالمي تعكس، في جانب مهم منها، سباقاً على التحكم بسوق التكنولوجيا الرقمية وبمستقبله، خاصة تكنولوجيا الجيل الخامس (5G)، إنها حرب ضروس لأن المكاسب هائلة، فما من مفصل في المجتمعات المعاصرة لا تتحكم به وتسيره التكنولوجيا الرقمية وعائد الابتكار في هذه التكنولوجيا يفوق معدلات الربحية في غيرها من القطاعات بما لا يقارن، بل إن امتلاك ناصيتها يدفع بقطاعات الاقتصاد الأخرى إلى الأمام.
وأكد أن الوقت قد حان لكي تستفيد البلدان العربية - بالشكل الأمثل - بما تزخر به من قدرات بشرية، ومواقع جغرافية هامة ومحورية، وموارد مالية وجيولوجية كافية لتحقيق النهضة المنشودة ووضع دولنا في المكانة التي تستحقها بين مصاف الدول المتقدمة والمتطورة، مشيراً إلى أنه لا يعقل على سبيل المثال أن حجم أسواقنا الإلكترونية لا تزيد على 1% من حجم السوق الإلكتروني العالمي.
كما لا يعقل أيضاً أن يتعذر على المواطن العربي التعامل بفاعلية مع تطبيقات التكنولوجيا المالية التي تغزو العالم المصرفي بمعدل غير مسبوق في تسارعه، فكل يوم، يتضح بصورة أكبر تأثير التضافر بين التطبيقات التكنولوجية، خاصة في مجال الاتصالات، من ناحية، وبين العمل المصرفي من ناحية أخرى، حيث تلعب التطبيقات التكنولوجية دورها في تحقيق الشمول المالي، بحسب أبو الغيط.
وأكد أن جامعة الدول العربية تسعى دائماً لمواكبة التطورات الجارية من حولها في جميع المجالات والقطاعات وتبني أفضل الممارسات لتفعيل وتعزيز أداء منظومة العمل العربي المشترك.
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى الشراكة فيما بين جامعة الدول العربية ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا في إطار مبادرة خريطة الطريق لحوكمة الإنترنت إقليمياً ودولياً، لتكون مجموعة الدول العربية من ضمن أولى المجموعات الإقليمية التي تعمل على صياغة خريطة طريق لحوكمة الإنترنت على المستوى الإقليمي.