يعود الفنان والمخرج حسن رجب بعد فترة من التوقف إلى تناول الأعمال المسرحية الكوميدية في أول أيام عيد الفطر، وذلك من خلال تصديه إخراجياً لمسرحية “زلقة زلقة” التي تعرض على خشبة مسرح المدرسة الهندية بدبي، وتشارك بها نخبة من الفنانين الخليجيين المعروفين، ومجموعة من الفنانين الإماراتيين الجدد. وسبق لرجب أن قدم في بداية وأواسط التسعينيات مجموعة من المسرحيات الكوميدية الناجحة مثل “فالتوه” و”فالتوه2 “ و”مال الله الهجان”، وغيرها، وتأتي إدارته لمسرحية “زلقة زلقة” من خلال رغبة شخصية وفنية واضحة في خلق مزيج أدائي يجمع بين عنصري الخبرة والشباب، وفي محاولة منه أيضا لإنعاش المسرح الكوميدي الذي غاب لفترة طويلة عن المشهد الفني في الإمارات. “الاتحاد” التقت الفنان حسن رجب للتعرف على تفاصيل وحيثيات عمله الجديد، وللتماس مع هموم وتطلعات المسرح الكوميدي الذي بات يشهد فورة مختلفة وأكثر حضوراً وتفاعلاً مع الجمهور، بعد انحسار كان ملحوظاً بقوة في السنوات السابقة. وأشار رجب بداية إلى أن مسرحية “زلقة زلقة” تستند في مفاصلها ومساراتها الدرامية على مسرحية كوميدية سابقة قدمها قبل ثلاث سنوات، بعنوان “حرم معالي الوزير” التي أعدها للخشبة الكاتب إسماعيل عبدالله وعرضت ضمن عروض أيام الشارقة المسرحية. وفي رده عن سؤال حول طبيعة هذه المعالجة الجديدة، أشار رجب إلى أن الأحداث المستجدة والمربكة التي تحيط بالعالم العربي، نتجت عنها انعكاسات اقتصادية واجتماعية ملحوظة أثّرت على وعي وسلوكيات واهتمامات الجميع، ومن هنا ـ كما قال رجب ـ “وجدت أن مسرحية “حرم معالي الوزير” التي قدمتها سابقاً يمكن من خلال بعض التحوير والإبدال على مستوى الشخوص وعلى مستوى الحبكة أن تتواصل وتتداخل مع هذه التغيرات الهائلة، والتي يمكن تقديمها للجمهور في قالب كوميدي مشوق، بعيداً عن الأنماط الوعظية المباشرة والمكررة التي يمكنها أن تصيب الجمهور بالملل”. وعن النجوم المشاركين في العمل ومدى قدرتهم على خلق الجاذبية الجماهيرية المطلوبة لشريحة باتت متعطشة للمسرح الكوميدي، خصوصاً في ظل التنافس الشديد بين المسارح الأخرى لتقديم أعمال كوميدية متفوقة في فترة العيد، أجاب رجب “تشارك في المسرحية نخبة من فناني الكوميديا في الخليج مثل علي الغرير المشهور بشخصية “طفاش”، وخليل الرميثي وشيماء سبت من البحرين، وخالد العجيرب من الكويت، بالإضافة إلى مجموعة من الفنانين الإماراتيين الطموحين لتثبيت أقدامهم في المسرح عموما وفي المسرح الكوميدي تحديداً أمثال: مروان عبدالله صالح وحسن يوسف، وأضاف رجب “كما أن المسرحية تؤكد قدرة شركات الإنتاج المحلية على التصدي لأعمال كوميدية وجماهيرية تستطيع أن تنشئ نوعا من الحراك والتنويع في المسرح المحلي، حيث أن المسرحية من إنتاج شركة الريم التي يديرها الفنان حسين حيدر”. وعن مدى اقتراب المسرحية من الأحداث الجديدة المحيطة بالمنطقة العربية، خصوصا أن عنوانها “زلقة زلقة” مقتبس من هذه الأحداث، أشار رجب إلى أن القصة الأساسية للعمل تدور في وسط عائلي، ولكن هذه العائلة تعاني وتتفاعل مع الأحداث المحيطة والتي تتسبب في الكثير من المواقف الكوميدية التي تدخل في سياق المقولة الشائعة، المضحك المبكي”. مضيفا “هناك الكثير من القضايا الاجتماعية المقلقة والخافية، التي لا يستطيع سوى الكوميديا ملامستها ونقدها بشكل سلس وأكثر مرونة مقارنة بالأعمال التراجيدية الجادة”. وأكد رجب أن الكوميديا باستطاعتها أن تعالج أكثر المواضيع بؤسا وسوداوية، ولكن بشرط أن تفلح في إيصال رموزها وإشاراتها الضمنية للمتفرج، ولذلك ـ وكما أشار رجب ـ فإن التصدي للأعمال الكوميدية، هو أصعب بكثير من التصدي للأعمال التراجيدية التي يمكن التحكم بها فنيا وموضوعيا لأن مواضيعها مكثفة وقابلة للسيطرة والاختزال. وفي عن أهمية المسرح التجاري والكوميدي في مكان اعتاد على المهرجانات المسرحية ذات الطابع النخبوي، أجاب رجب “أرى أن على المسرح أن يواكب تعدد الأذواق واختلاف الميول المسرحية لدى الجمهور، والمسرح التجاري يمكنه وبشكل غير مباشر أن يصنع جمهورا يعتاد الذهاب إلى الصالات والتواصل مع ما يقدم له على الخشبة، وهذه النقطة بالذات تعتبر من الأهمية بمكان، لأنها يمكن أن تعيد لفن المسرح جاذبيته المفتقدة في ظل التنافس الشرس مع الأنماط الفنية والترفيهية الأخرى الأكثر انتشارا والأكثر جاذبية مثل السينما والتلفزيون وملاعب الكرة وغيرها”.