تامر عبد الحميد (أبوظبي)

«تسجيلات الشعب.. كلمات، لحن وغناء ميحد حمد».. عبارة شهيرة لأصحاب زمن الفن الجميل، الذين اتخذوا من شركات الإنتاج ومحال بيع «الكاسيت» القديمة مقراً لتنفيذ أغنياتهم على شرائط كاسيت وأداء الأغنية عن طريق العود والإيقاع فقط، ووقتها بدأ انتشار الأغنية الشعبية الإماراتية التي قدمها عدد من رواد الأغنية المحلية الذين أسسوا لروح وبصمة وخصوصية اللحن والكلمة والأداء الإماراتي في المنطقة، ومن أبرزهم علي بن روغة وسعيد الشراري وجابر جاسم وجاسم عبيد وميحد حمد.
ونالت الأغنية الشعبية شهرة وانتشاراً كبيراً في فترة السبعينيات والثمانينيات، في وقت لم يحظ فيه صناع الأغنية بالتقنيات، التي تتوفر في عصرنا الحالي، إلى جانب وجود الإنترنت ومواقع الأغاني والموسيقا التي أثرت سلباً على تواجد «شرائط الكاسيت»، وإغلاق معظم محال بيع الكاسيت.

المطرب المفضل
«زينل فون».. «تسجيلات الشعب».. «العندليب».. «العروبة».. «صوت الجزيرة».. «هدى فون»، أسماء محال بيع شرائط الكاسيت وأغلبها كان تتولى عملية إنتاج الأغاني الشعبية للمطربين، تذكرها الشاعر علي الخوار الذي أكد أنه لن ينسى هذا الزمن أبداً، الذي كان يذهب فيه -سواء كان في أبوظبي أو دبي والشارقة- لمحل شراء كاسيت، ويبحث عن آخر إصدار لألبوم مطربه المفضل لسماعه، مشيراً إلى أن أهم ما يميز تلك الأغنيات أن مؤديها هو كاتب كلماتها وملحنها ومنتجها في الوقت نفسه، وكان يغنيها برفقة آلة العود ومجموعة من عازفي الإيقاع والكمان وغيرها من الأدوات الموسيقية.
وأوضح الخوار أن أغلب محال بيع شرائط الكاسيت تم إغلاقها بسبب عصر الإنترنت وتحميل الأغاني من المواقع، وسماع الأغنيات في السيارة أو المنزل عن طريق الأجهزة اللوحية، وشبكها عن طريق تكنولوجيا الاتصال اللاسلكية «بلوتوث»، الأمر الذي أثر تباعاً على الأقراص المدمجة للألبومات «سي دي»، الأمر لا يزال يعاني منه أغلب نجوم الغناء وشركات الإنتاج حتى الآن، منوهاً أن هناك بعض محال بيع أشرطة الكاسيت القديمة التي لا تزال موجودة حتى الآن في المناطق النائية، مشدداً على ضرورة إعادة إحياء الأغنيات الشعبية القديمة، خصوصاً أنه يوجد تسجيلات عدة تابعة لـ «زينل فون» وهى مؤسسة عملت لسنوات طويلة في تبنى وإبراز المطربين الشعبيين والأغنية الشعبية.

الشبكة العنكبوتية
وأكد الملحن إبراهيم جمعة الذي عاصر عدداً من هؤلاء الرواد وتعاون مع بعضهم من خلال الألحان والكلمات والتوزيع الموسيقي، أن الأثير عبر الإذاعة، والتسجيل على أسطوانات «الجرامافون»، ومن بعد ذلك شرائط الكاسيت، كانت السبل المتوفرة للمطربين آنذاك، حيث لم تكن هناك شركات إنتاج بالشكل والصورة التي نراها عليها اليوم، وظهرت من خلالها العديد من الأسماء الغنائية الرائدة في الإمارات منهم محمد بن سهيل الكتبي الذي عرف الشهرة خارج الإمارات وبالتحديد في مدينة الدمام بالسعودية حيث كان يعمل هناك، وأسس شركة لإنتاج وتسجيل الأغاني وكان له دور كبير في تبني المطربين السعوديين وقتها مثل فرج المبروك وعبادي الجوهر.
وأشار إلى أن هناك العديد من صناع الموسيقا الذين أسهموا في بدايات الأغنية المحلية ونشرها من شعراء وملحنين ومن أصحاب شركات تسجيلات وبرامج إذاعية، وأصوات مطربين ومطربات، الذين كان هاجسهم بعيداً عن الاستهلاك والثراء التجاري، لكن مع عصر التكنولوجيا الذي نعيش فيه وانتشار قرصنة الأغاني الملقبة بـ«الشبكة العنكبوتية»، اختفت شرائط الكاسيت، وتأثر سوق الأغنية بشكل كبير.