كثيراً ما تكون الاختراعات الصغيرة ذات تأثير هائل لا تحدّه حدود. وتتهيأ الآن شركة “آبل” لإطلاق واحد من أخطر الاختراعات وأكثرها خطراً على شركات تزويد خدمات الاتصالات. وتواجه الآن هذه الشركات تهديداً من شأنه أن يقضي على مكاسبها تماماً ويتمثّل في بطاقة الاشتراك والتشغيل SIM card غير العادية الخاصة بالجيل الرابع من الجهاز الناجح “آي فون” والذي ينتظر ظهوره في الأسواق منتصف العام المقبل تحت اسم “آي فون 5”. ومن المعلوم أن هذه البطاقة هي وسيط الاتصال والاشتراك في خدمات الشركة المزوّدة بالخدمات، كما تلعب دور بطاقة للتعريف بهوية المشترك بهذه الخدمات لدى الشركة المعنيّة. من المنتظر أن تضيف شركة “آبل” بطاقة “سيم” خاصة بالجهاز “آي فون 5” تسمح لمستخدمه بالاشتراك بخدمات أي شركة اتصالات عالمية مباشرة؛ كما يمكن للمشترك أن يتحوّل من خدمات شركة معيّنة إلى أخرى متى أراد ذلك. وقال خبراء إن الشركات المتخصصة بتقديم خدمات الاتصالات لا تملك أن تفعل شيئاً حيال هذا الاختراع الجديد، كما أنه بحدّ ذاته لا يتعارض مع القوانين العالمية لتقديم خدمات الاتصالات. وبالنسبة للشركات التي تحتكر تقديم خدمات الاتصالات، تكتسي بطاقة الاشتراك والتشغيل “سيم” أهمية كبيرة لأنها تمثّل وسيلة الارتباط الوحيدة بينها وبين المستهلك لخدماتها؛ وعن طريقها يتم تحصيل العوائد والرسوم. ولهذه الأسباب، جاءت أخبار البطاقة الذكية التي ينتظر أن تضيفها “آبل” للهاتف “آي فون 5” كالصاعقة على رؤوس مزودي خدمات اتصالات الهاتف المحمول في العالم أجمع. وتناولت معظم الصحف العالمية الصادرة أمس هذا الموضوع بالكثير من الاهتمام وأفردت له بعضها مساحات واسعة. وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير بقلم هيستير بلامريدج إن “آبل” ستكون المستفيد الأكبر من اختراعها هذا لأنها تستأثر بعلاقات وطيدة مع عشرات الملايين من مستهلكي خدمات الهاتف المحمول من خلال مخازنها الافتراضية لبيع هذه الخدمات مثل مخزن “آي تيونز” لتحميل القطع الموسيقية وأغاني الفيديو كليب؛ وتمتلك أيضاً قائمة بأكثر من 150 ألف تطبيق من التي يمكن تحميلها على الهاتف الذكي “آي فون”؛ وهي بهذا تسحب البساط من تحت أقدام شركات التزويد بالخدمات الاتصالية المتنقلة. وقالت تقارير إن في وسع الشركات المحلية لتشغيل خدمات الموبايل أن تقاوم هذا الهجوم الشرس للبطاقة التي يحملها “آي فون 5” عن طريق وضع معايير وضوابط جديدة تهدف إلى مراقبة وتنظيم استخدام بطاقات “سيم”. كما يمكن لمشغّلي الخدمات استغلال قدراتهم الخاصة على مراقبة الشبكات المحلية بحيث تقوم بالتشويش على مستخدمي الشبكات العالمية وبما يصيب مستعمليها بالصداع؛ وربما يصل الأمر ببعض هذه الشركات إلى إدراج أرقام مشتري الهاتف “آي فون 5” في القائمة السوداء. وعلى المدى القصير، يمكن أن تمثل بطاقات الاشتراك “سيم” الجديدة فرصة لمشغلي الشبكات لأنها تزيد عدد الأجهزة الداخلة على شبكاتهم، ومن أشهر هذه الأجهزة متصفحات الكتب الإلكترونية وأجهزة تشغيل “إم بي3” وحتى الكاميرات الرقمية. ولكن، على المدى البعيد، ستكون الأبواب مشرعة أمام منافسة حادة من نوع جديد ستقوم بين مشغلي الخدمات الاتصالية، وسوف تؤدي من دون شك إلى تراجع كبير في عوائدها وأرباحها. والخلاصة أن شركات التزويد بخدمات الاتصالات سوف تواجه عدواً صغير الحجم ولكنه شديد البأس مع ظهور بطاقات تشغيل الجيل الرابع من الهاتف الذكي “آي فون 5”.