نوف الموسى (دبي)

تختتم غداً الأحد فعاليات البرنامج الرئيس لمهرجان طيران الإمارات للآداب في دورته الـ12 لعام 2020، المقام في فندق إنتركونتيننتال فستيفال سيتي، عبر 5 أيام حافلة من البحث المتجدد عن الأسئلة المُلهمة التي تضمنها المهرجان حول ما يعنيه لنا الغد، من خلال الأدب والعلوم والفنون الحياتية، وأبرزها كتب المغامرة لأهم المستكشفين في العالم، برزت من بينها كتب ونقاشات ميريام لانسوود: امرأة في البراري، محدثاً بذلك المهرجان نقلاً نوعياً في تناول الحياة البرية، باعتبارها رحلة الارتباط الفعلي بين الفكر والحياة الطبيعية، إلى جانب حضور «أدب الجريمة» على مستوى الاهتمام التعليمي من خلال ورش متخصصة قدمها من مثل الروائي لينوود باركلي الذي تزيد إصداراته على 20 رواية، تصدرت قوائم الكتب، وتحديداً روايته «لا وقت للوداع». ويمكننا تصور أبعاد أثر المهرجان لما يمكن أن تقدمه جلسة «علاقات على المحك» المقرر عقدها اليوم، بمشاركة الكاتبات كلير ماكنتوش وإيزي إدوغيان وتياري جونز، عبر طرح سؤال ضغوط الثقافات والمسافات على العلاقات بين شخصياتهن الروائية، مقدماً نموذجاً تفاعلياً لتفرعات الأسئلة الثقافية القابلة للتناول بين أورقة الحدث الثقافي السنوي ككل.
استمراراً لمنهجية البحث المعرفي، يستهدف المهرجان من خلال برنامج الموجه نحو إدراك «تقنيات كتابة السيرة»، و«آلية تصميم الرواية التاريخية» كتلك التي قدمها المدرب ريحان خان، المفتون بالطريقة التي تنسج بها الأساطير من جميع أنحاء العالم، إلى بناء أنمطة تشاركية في فهم العلوم والتاريخ، بين الباحثين وجمهور المهرجان، ويمكن الاستدلال على ذلك بالاطلاع على مخرجات جلسة «نساء خلدهن التاريخ» التي أقيمت مساء أمس، بمشاركة الدكتورة رفيعة غباش، عضو مجلس أمناء مؤسسة الإمارات للآداب، مؤسسة متحف المرأة، والروائية ريم الكمالي، والمؤرخة البريطانية بيتاني هيوز، من اتفقن على مسألة الأدوار المفصلية التي تلعبها المرأة في تحريك عجلة التاريخ، خاصةً مساهمتها على مستوى التجربة الإنسانية لمختلف تطلعاتها في المجالات كافة بأنواعها.
وركزت الدكتورة رفيعة غباش على أن مسألة تمكين المرأة، موضوع ليس له علاقة بأجندة خارجية أو حتى رسمية بقدر ما هي مسؤولية ذاتية تتبناها المرأة نفسها في تنمية قدراتها، مقدمة استعراضاً لمنجزها: «موسوعة المرأة الإماراتية»، المنطلق هو الآخر من سؤالها عن الشخصيات النسائية ذات الأثر من مختلف الطبقات الاجتماعية في الإمارات، وعملت دون تردد على رصد قصص النساء اللاتي قد ينساهن التاريخ تماماً، لولا عملية التوثيق، وتحديداً انخراطهن التام في الحراك الاجتماعي ودعمه، من خلال شروع المرأة الإماراتية بدعم نفسها بنفسها مروراً بمحيطها، مقدمة الدكتور رفيعة والدتها عوشة، نموذجاً حياً عاصرته، وتأملت أثره وقوته على إيقاع الحياة في دبي القديمة التي التزمت فيها الفتيات بتعريف أنفسهن من خلال أمهاتهن، كأن تقول إني رفيعة بنت عوشة، وهو مؤشر لقوة حضور المرأة في محيطها الإنساني بدولة الإمارات.
من جهتها، انطلقت الروائية ريم الكمالي في رحلة نحو عوالمها الروائية، ومستوى المخيال القائم على بحوثها التاريخية لمنطقة الخليج تحديداً، والتي أسست عبره حسها الكامن في المكتشف التاريخي وصيرورته المستمرة، فالأخير شرحت ريم تجلياته باسترسال خلال حديثها عن روايتها «تمثال دلما»، وكيف أن كل شيء حدث قبل روايتها الأولى «سلطنة هرمز»، وهو السؤال عن التلاقي بين لهجات الجبال في الخليج، ولهجات عربية أخرى كتلك التي في لبنان، وأهم ما في الأمر كما لفتت الروائية ريم هي القدرة البديعة على تحويل جّل العبق التاريخي إلى رواية، التي بإمكانها الوصول للجميع، مقارنة بصعوبة البحث التاريخي نفسه على مستوى الأفراد غير المتخصصين. لتختتم جملتها الأخيرة بأن المرأة عبر الرواية ومن خلالها وأثناءها تريد أن تعرف أكثر وتكتشف.
وأشارت المؤرخة البريطانية بيتاني هيوز، إلى مسألة التغير بالنسبة للمرأة في مختلف المجتمعات، بأنه ليس بالأمر السهل، خاصة عندما نتطلع إليها عبر حركة التاريخ، مضيفة أنه ربما يحصل البعض على الدعم، ولكن يمكننا أن نبدأ من منطقة تحفيز الفتيات الصغيرات، مبينة أن التغير يتمركز تأثيره بدرجة أساسية في مسائل تفصيلية عابرة، تنطلق من الكلمات واللغة المستخدمة من قبل المجتمع إزاء المرأة. وتبني المؤرخة بيتاني تصوراتها المشهدية من خلال خبرتها في الإنتاج التلفزيوني التوثيقي، حيث تعمل حالياً على مشروع من هذا النوع يهدف لما أسمته بالبحث عن الكنوز الثقافية في الإمارات.