أبوظبي (الاتحاد)

طالب صيادون بتنفيذ 10 مقترحات للمحافظة على التنوع البحري الذي تتميز به سواحل إمارة أبوظبي، وهي إشراك الملتزمين منهم في الحملات التفتيشية والرقابية، وإيجاد لجنة مشتركة تضم الجهات المعنية مع الصيادين من أصحاب الخبرة والاختصاص، وتنفيذ عصف ذهني دوري يجمع الصيادين بممثلي الجهات المسؤولة عن الثروة السمكية، وتشديد الحملات على قوارب النزهة. وشدد الصيادون الذين التقتهم «الاتحاد» على ضرورة قصر منح تصريح الصيد بـ «الحلاق» لممارسي هذه الطريقة، وعدم السماح للمخالفين بيئياً بالحصول على تصريح للصيد لفترة محددة، إضافة إلى تغيير مواصفات الألياخ المستخدمة، وتعزيز وجود التفتيش ليلاً، وبذل الجهود للرقابة على أماكن امتداد السواحل البحرية. وأوضح الصيادون وجود 4 أسباب لنفوق أبقار البحر مؤخراً، وهي استخدام طريقة الصيد ب «الهيال» الممنوعة في إمارة أبوظبي، ووجود دخلاء على المهنة من غير الملمين بالصيد، وعدم وجود ضوابط تحدد من كميات الصيد لأصحاب قوارب النزهة، بينما رأوا أن السبب الأكبر يعود إلى العمالة الآسيوية مع غياب الرقابة. ولفت الصيادون إلى ضرورة الفصل بين الصيادين الملتزمين الذين يشكلون الأغلبية والمجموعة غير الملتزمة التي لا تمثل مجمل الصيادين في إمارة أبوظبي، معربين عن أمنيتهم بأن لا تشمل القوانين والتشريعات المستقبلية كافة الصيادين، حتى لا يتضرر مستوى دخلهم الذي يعتمد بشكل رئيسي على مدخول مهنة الصيد.
وقال أحمد المرزوقي: هناك لوائح ونظم وقوانين معمولة في البحر، إلا أن الإشكالية الرئيسية تتعلق في ضعف وجود المراقبة والتفتيش وغياب آلية التنفيذ الواضحة على القرارات، ذلك أن استخدام طريقة الصيد بـ «الهيال» هي ممنوعة في إمارة أبوظبي منذ سنوات عديدة، إلا أنه يوجد من يستخدمها إلى الآن خاصة من الآسيويين العاملين على امتداد بعض السواحل.


وأضاف: كل قانون يقابله نسبة قليلة من بعض غير الملتزمين الذين يجب أن لا تعمم تصرفاتهم على جميع الصيادين من الملتزمين، والذين يقدرون أهمية الثروة البحرية ويدركون جيداً أهمية المحافظة على التنوع السمكي، فهذا البحر هو الذي نشأنا عليه ومصدر من مصادر رزقنا الرئيسية وموروثنا الحضاري والثقافي، ولا يمكن أن يضر الشخص بموروثه أو منزله أو ثقافته.
وأشار إلى أن استخدام الطريقة الممنوعة «الهيال» يأتي ليلاً، نظراً لعدم وجود رقابة أو تفتيش من قبل بعض الجهات المعنية على طرق الصيد واستخدامها خلال الساعات المتأخرة، مؤكداً ضرورة تعزيز الرقابة حتى يشمل التفتيش مختلف الفترات الزمنية وبحيث يكون متواصلاً ومستمراً للحفاظ على أبقار البحر ووجودها في الإمارة.
ولفت إلى وجود قوارب التفتيش والمتابعة والرقابة على أدوات وآليات الصيد المعتمدة خاصة في الميناء الحر وميناء الصدر بأبوظبي، إلا أن حجم التفتيش يقل خاصة في موانئ أخرى وسواحل، والتي شهدت نفوق عدد كبير من أبقار البحر، مما يبرز ضرورة تعزيز التفتيش أيضا ليكون في مختلف السواحل والأماكن في الإمارة.

قوارب النزهة
من جهته، قال علي البريكي: من المهم على الجهات المعنية أن تشدد الرقابة والتفتيش على قوارب النزهة التي أصبح ملاكها يصطادون كميات كبيرة من الأسماك، دون وجود ضوابط محددة أو عقوبات مشددة، فصاحب قارب النزهة قد يصطاد بكميات لا تتوافق مع أهمية الحفاظ على المخزون السمكي في الدولة، دون أن يدرك أثر تصرفه حتى على الصيادين العاملين في المهنة.
وأضاف: الإشكالية في بعض الأحيان تحميل الصياد المسؤولية لنفوق أبقار البحر، دون النظر إلى الجانب الآخر والمتعلق بأصحاب قوارب النزهة، حيث من المهم التشديد في منح تراخيص قوارب النزهة وإيجاد آلية تنفيذية واضحة للمتابعة والمراقبة على ما يتم اصطياده منهم، حيث إن القوانين واضحة لكن الإشكالية في مرونة ومستويات التنفيذ.

«كلنا بيئة»
من ناحيته، أعرب محمد الزعابي عن استعداد الصيادين للمشاركة الفاعلة في حملات التفتيش والمراقبة التي تقوم بها الجهات المعنية، مقترحاً منح الضبطية القضائية للصيادين الملتزمين ليتمكنوا من التفتيش على المعدات البحرية ورصد الظواهر السلبية في السواحل والمشاركة الإيجابية الفاعلة في التنبيه على السلوكيات المضرة والقبض على من يستخدم الطرق الممنوعة التي لا تتوافق مع التشريعات.
وأضاف: الاستفادة من خبرات الصيادين الملتزمين وكفاءاتهم، ستشكل نهضة حضارية في تجسيد مفهوم المسؤولية المجتمعية المتشاركة بين الجهات التي تعمل في تشريع وتنفيذ القرارات البيئية والعاملين في المهنة، والصيادين لديهم القدرة على تقديم جهودهم وخدماتهم للحفاظ على الثروة البحرية، خاصة من الذين لهم التاريخ الطويل في البحر والمحافظة عليه والاعتناء بشؤونه.
ولفت إلى أن عدم وجود خبراء من الصيادين من ذوي الخبرة يسبب نوعاً من صعوبة التواصل مع ممثلي الجهات المسؤولة عن الثروة البحرية، فقطاع الصياد بحاجة إلى أن يتم صناعة مستقبله وصياغة خططه واستشراف تحدياته من قبل رواد هذه المهنة، والذين عايشوا مختلف المراحل التاريخية الزمنية للصيد وشهدوا على الكثير من التحولات والتغيرات.
وأشار إلى أهمية وجود اجتماعات نصف سنوية تجمع العاملين في مهنة الصيد مع ممثلي الجهات المعنية في أبوظبي لإيجاد الأفكار والمقترحات المشتركة التي من شأنها أن تدعم الجهود في تعزيز استدامة الثروة السمكية، لافتاً إلى أن عدم وجود تواصل حقيقي واجتماعات مع الصيادين قبل تنفيذ القرارات، يسبب فجوة في الوصول إلى الأهداف المطلوبة.

ووافق الزعابي على ضرورة تعزيز رقابة الجهات التنفيذية على السواحل، حيث تقوم بعض العمالة بممارسات الصيد غير القانونية، مما يستلزم تكثيف الحملات الرقابية والتفتيشية عليهم، للوصول إلى بيئة بحرية آمنة وتحافظ على تنوع الثروة السمكية، وتحمي الصياد المواطن ودخله المعتمد على مهنة الصيد وأرباحها.

«التصاريح»
من ناحيته، قال سعيد الرميثي: من المقترحات التي من شأنها تعزيز المحافظة على أبقار البحر هو قصر التصريح لممارسة الصيد للحلاق على ممارسي الطريقة فقط، فهم أصحاب الاختصاص في ذلك، حيث إن عدد المشتغلين من أصحاب تصاريح الصيد بـ «الحلاق» يقل عن عدد أصحاب التصاريح. وأضاف: وجود لجنة لمنح تصريح الصيد بـ «الغزل» لغير المخالف وعدم إعطاء تصريح للصيادين المخالفين بيئياً يشكل ضرورة راهنة، بحيث أن الفصل بين الصياد الملتزم وغيره من غير الملتزمين سيوضح مزايا الالتزام بالقرارات والتشريعات وأثرها على مستقبل الصياد في المهنة.

الالتزام
من جهته، قال محمد راشد المرر: أمارس مهنة الصيد عبر «الحلاق» منذ نحو 23 عاماً، وحدث أن علقت إحدى أبقار البحر فيه، حيث أقوم بتحريرها من الشبك لتعود مرة أخرى إلى البحر، والأمر يتعلق بالثقافة وأسلوب الصيد، فطريقة «الحلاق» تتيح المجال لأن يتم إعادة الأبقار البحرية حتى في حال وقوعها خطأ فيها، وهي من الطرق الآمنة والقانونية.
وأضاف: من يستخدم طريقة «الهيال» فهو يتبع أمراً غير قانوني، ويضع شباكه ومن ثم يذهب ليأتي في اليوم التالي ليجد بقرة البحر قد نفقت، ليقوم بالتخلص مرة أخرى منها في البحر، لافتاً إلى أن أصحاب هذه الممارسات هم غالباً من فئة العاملين بالجزر والسواحل، الذين ليست لديهم دراية كافية بأهمية الحفاظ على الثروة السمكية وتنوعها.

«الهيال»
الهيال: هي عبارة عن شباك قوية وطويلة، كما أنها كبيرة جداً، تمتد بشكل مستقيم مع اتجاه التيار، بحيث يحملها التيار، ومن المتعارف عليه أنها شباك ليلية، أي إنها تحتاج إلى ظلام دامس، ومياه متوسطة العمق، وهي أحد طرق الصيد المحظورة بموجب القانون الاتحادي رقم 23 لسنة، 1999 بشأن استغلال وحماية وتنمية الثروات المائية الحية.

عتيق السويدي: صيادون يستخدمون «الهيال» الممنوع لدوافع مادية
أكد عتيق سيف السويدي، خبير في البيئة البحرية، أن أهمية أبقار البحر في أبوظبي تكمن باعتبارها من الفصائل البحرية المعرضة للانقراض، حيث تتم حمايتها عبر المواد والتشريعات في القوانين الاتحادية الخاصة بحماية الثروة السمكية، بهدف عدم التعدي عليها أو صيدها وضمان استمرارية وجودها في سواحل الإمارة.
وأضاف: إن أبقار البحر محمية عبر مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي وقعتها أبوظبي مع مختلف المؤسسات والجهات البيئية العالمية الخاصة بعدم صيدها ومنع الاتجار بها، حيث يوجد في أبوظبي نحو 3 آلاف بقرة بحر، مما يجعلها الثانية عالمياً من ناحية الأعداد والوجود.
وأشار إلى أن إشكالية أبقار البحر تكمن في أن دورة توالدها وتكاثرها بطيئة جداً مقارنة بالكائنات البحرية الأخرى، حيث تكون جاهزة للتكاثر بعد ولادتها بفترة من 3 إلى 5 سنوات، وتستمر مدة الحمل إلى 14 شهراً، كما تستمر في إعالة أبنائها لسنوات، باعتبارها من الثدييات وتتنفس على الهواء، لافتاً إلى أن الأبقار تتغذى على الأعشاب، وتتواجد في عمق لا يتجاوز 10 أمتار، ولذلك تكثر في سواحل أبوظبي بالمقارنة مع مختلف المناطق نظراً للعمق الأقل. وأوضح أن السبب الرئيس في نفوق أبقار البحر يعود إلى استخدام غزل «الهيال» الممنوع قانونياً، حيث تغرق الأبقار بسبب عدم استطاعتها التنافس عندما تقع في غزل «الهيال»، لافتاً إلى أن أرقام نفوق أبقار البحر صادمة وتتزايد في مختلف المواقع على طول الساحل. ولفت إلى أن طريقة «الهيال» الممنوعة يتم استخدامها بنسبة تصل إلى 80% من قبل صيادين مرخصين، يحملون رخصاً للصيد، ولكن رغبة الربح المادي تستولي عليهم، غير آبهين بالأخطار البيئية والتكلفة البيئية الضخمة الناجمة عن ممارستهم المخالفة للقانون وآثارها المترتبة.
وبين أن المال هو السبب الأول الذي يجعلهم غير ملتزمين بالقانون، فبرغم وجود قوانين صارمة قد تصل إلى مصادرة القارب، إلا أن ذلك لم يردع هؤلاء وما زلنا نفقد سنوياً أعداداً من الأبقار، نظراً أن القيمة والمردود المالي الناجم عن استخدامهم لـ «الهيال» يتجاوز قيمة القارب. واختلف السويدي مع الرأي القائل بأن العمالة الآسيوية هم السبب الأكبر في نفوق أبقار البحر.