يتوقع أن يواصل قطاع التمويل الإسلامي في دولة الإمارات وبقية دول مجلس التعاون الخليجي تحقيق مستويات نمو مرتفعة تتراوح بين 10 و15% خلال العام الحالي برغم ما يواجهه الاقتصاد العالمي من تحديات عصيبة هذه السنة بسبب الأزمة المالية العالمية التي نجحت البنوك الإسلامية وشركات التكافل الخليجية في مقاومتها إلى حد بعيد، بحسب تقارير دولية صدرت أمس عن مؤسستي التقييم الدوليتين ''موديز'' و''ستاندرد اند بورز''· وقالت موديز إن النمو القوي الذي سجلته صناعة التمويل الإسلامي خلال السنوات الثلاث الماضية والذي بلغ 25% سنوياً، سيتراجع إلى ما بين 10 و15% خلال عام 2009 وذلك بسبب الأوضاع التي يمر بها الاقتصاد العالمي حالياً وتراجع أسعار النفط، لافتة إلى أن هذا المعدل من النمو يعد الأفضل قياساً بمعدلات نمو سوق التمويل التقليدي في المنطقة الذي يتوقع أن يتراجع بشدة لصالح البنوك الإسلامية· وبدورها، قالت وكالة ستاندرد ان بورز في تقرير صدر أمس تحت عنوان ''المؤسسات المالية الإسلامية الخليجية تقاوم الأزمة العالمية''، انه بالرغم من أن قطاع التمويل الإسلامي في دول مجلس التعاون الخليجي لن يكون محصناً من تأثيرات الأزمة المالية العالمية، إلا انه في الوقت ذاته سيكون الأقل تأثراً بهذه التداعيات مقارنة مع قطاع التمويل التقليدي، وذلك لمحدودية المخاطر التي تعرض لها بسبب اتباعه إحكام الشريعة الإسلامية التي تحرم التعامل بالفوائد والمنتجات المالية المهيكلة· وقال محمد دماك محلل الائتمان في وكالة ستاندرد اند بورز إن عدم استثمار البنوك الإسلامية في المنتجات المهيكلة التي لا تتوافق مع أحكام الشريعة جنبها التعرض لتدهور وضعها المالي، مثلما حدث في البنوك التقليدية التي أضر الاستثمار في هذه المنتجات بوضعها المالي''· وأضاف دماك: ''نتوقع أن تستمر البنوك الإسلامية وشركات التكافل وإعادة التكافل في مقاومة الأزمة المالية العالمية والمناخ غير الملائم في الأسواق، وذلك في ظل تدفقات السيولة الكافية لخدمة مستويات الأقساط التأمينية العادية، إلى جانب كفاءة ملاءتها المالية''· وقال دماك انه بالرغم من أن مؤشرات عام 2009 مازالت تشير إلى وجود تباطؤ في عمليات إصدار الصكوك الإسلامية، إلا أن تحولاً في السوق قد يحدث خلال النصف الثاني مع عودة السيولة إلى الأسواق· وأكد أن الهدوء الذي سجلته سوق الصكوك خلال الفترة الماضية كان انعكاساً لحالة التباطؤ الذي يشهده الاقتصاد العالمي وعدم رغبة المستثمرين في الاقتراض من الأسواق ذات السيولة المنخفضة وتكلفة الاقتراض المرتفعة· من جهتها، أوضحت وكالة التقييم الائتماني موديز في تقرير لها تحت عنوان ''التمويل الإسلامي بين أسعار النفط والأزمة العالمية'' إن انخفاض أسعار النفط عالمياً والأزمة الاقتصادية العالمية قد أثرت على قطاع التمويل الإسلامي، ولكن السيولة والرسملة المتراكمة في أرصدتها سوف تمكنها من مواجهة هذه الضغوط· وبحسب الوكالة فإن قطاع التمويل الإسلامي يواجه تحديين أساسيين بسبب انخفاض أسعار النفط يتمثلان في تراجع مستويات السيولة في المنطقة، وبالتالي تباطؤ سوق إصدارات الصكوك وعمليات التمويل المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية· وقال أنور حسون، نائب الرئيس وموظف ائتمان أول في موديز: ''لاتزال هناك صلة حيوية بين أسعار النفط والمصارف الإسلامية، باعتبار أن غالبية هذه المصارف تعمل في الاقتصاديات المصدرة للنفط والغاز· وستجد المصارف الإسلامية صعوبة أكبر في أن تنمو في المستقبل حيث تعاني هذه المصارف من محدودية الموارد التمويلية''· وأضاف انه في الوقت الذي كانت تشكل فيه السيولة النفطية حافزاً كبيراً لعدم لجوء الصناعة الإسلامية إلى مدخول الوساطة المالية أو ''إصدار الصكوك''، ولم يؤد تراجع السيولة النفطية إلى تباطؤ حاد في إصدارات الصكوك فحسب وبالتالي حرمان المصارف من مصادر التمويل طويلة الأجل وهي في أشد الحاجة إليها، بل انه أثر تأثيراً ملحوظاً في تسعير هذه الأدوات المالية· ومع ذلك، تعتقد وكالة التصنيف أن هذه المخاوف ليس لها تأثير كبير على المصارف الإسلامية نظراً لأنها في فترات معتدلة سابقة كان لديها من الحكمة ما يكفي لجمع الأصول السائلة والرسملة الكافية في ميزانياتها العمومية، وهي تستخدم هذه الأصول السائلة حالياً في مواصلة نمو محافظها الائتمانية بالرغم من شح المصادر التمويلية· وعلاوة على ذلك، تساعد القواعد الرأسمالية الضخمة لهذه المصارف في التخفيف من أثر تراجع أسعار الأصول، وربما أيضاً التخفيف من ارتفاع معدلات التعثر في المحافظ الائتمانية· وفي السياق ذاته، حذرت وكالة موديز من أنه في ظل أزمة السيولة والتمويل التي تعاني منها الأسواق حالياً، سيحتاج سوق الصكوك إلى بعض الوقت للتعافي من هذه الأزمة، ولكنها تعتقد أيضاً أنه حينما تتوافر لدى هذه المصارف السيولة الكافية سيعاود سوق الصكوك مرة أخرى معدلات نموه السابقة والتي تتراوح بين 30 و35 في المائة سنوياً، كما تتوقع الوكالة أن تحظى الموارد المالية الإسلامية المتبادلة وأعمال إدارة الأصول بمستقبل مشرق· وأشارت موديز الى أن المؤسسات المالية الإسلامية قد أبدت مرونة أكثر من نظيراتها التقليدية في مواجهة الأزمة المالية المستمرة، وذلك لأن المؤسسات المالية الإسلامية لم تتعامل في سندات بضمان رهن عقاري، لأن هذه الأدوات المركبة لا تتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية التي تحرم الربا والغرر· ومع ذلك، فالمؤسسات الإسلامية ليست بمنأى عن مخاطر هذه الأزمة، وهي تواجه تقييدات تتعلق بقلة السيولة وأنظمة إدارة السيولة، وتراجع أسعار الأصول، وتدهور نوعية الأصول على غرار ما واجهته المصارف التقليدية في ظل الأزمة المالية الطاحنة التي تعصف بالأسواق المالية في الوقت الراهن· ومن ناحيته أشار مارديغ هلاديجان، المدير العام بمجموعة المؤسسات المالية لدى موديز الى ''أن التمويل الإسلامي ليس جزيرة منعزلة وقد عانى أيضاً من جفاف السيولة· ولكن مع ذلك، تعتقد الوكالة أن التمويل الإسلامي كقطاع قائم بذاته يمكنه الآن أن يبرهن صموداً أمام الأزمة ويمكنه أن يخرج منها وهو أكثر قوة ومتانة، كما يمكنه أيضاً أن يدعم استمراريته بدعم المزيد من الابتكار، وتعزيز الشفافية، وتوافر معايير وأنظمة أكثر قوة في إدارة المخاطر وتوفير البرامج التدريبية الملائمة''·