أمين الدوبلي (أبوظبي)

أحد أساطير «الساحرة المستديرة» في «القارة السمراء»، وأفضل لاعب في تاريخ غانا، على مر العصور، وصاحب لمسات «ساحرة»، وقدم يسرى «ذهبية»، تألق مع منتخب «النجوم السوداء» وفرض نجوميته على المستوى الأوروبي، إنه عبيدي آيو، وأطلق عليه «بيليه أفريقيا»، وأصبح معروفاً أيضاً بـ«عبيدي بيليه».
لم يكن لاعباً عادياً مر على «قلعة الزعيم»، إلا أنه كان ساحراً ترك بصمة قوية في النادي، ونال احترام كل مسؤوليه، وأسهم في صنع بعض إنجازات النادي، وأسعد الجماهير العيناوية كثيراً، وبرغم غيابه عن المشهد واعتزاله منذ ما يقرب 20 عاماً، إلا أنه مازال باراً للنادي، ومرتبطاً بـ«البنفسج» برباط عائلي، على اتصال دائم بمسؤوليه، ورغم انشغاله بمشروعاته الكروية وغيرها في غانا وعدد من الدول الأفريقية، هو دائم التردد على أبوظبي، ولقاء مسؤولي «الزعيم»، يتابع مبارياته في الدوري، يعرف عدداً من لاعبيه، ويعرف أيضاً عدداً من لاعبي المنتخب، وحضر هذه الأيام حتى يحتفل مع العين بمرور 50 عاماً على تأسيس النادي، ومشاركته التاريخية في مونديال الأندية. فتح عبيدي بيليه، قلبه لـ«الاتحاد» في حوار حصري وتحدث في كل الأمور، وسدد كعادته في كل الاتجاهات، وأصاب الهدف بدقة.
في البداية، قال عبيدي بيليه: «أنتهز الفرصة لتوجيه الشكر إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإلى سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، ومحمد بن ثعلوب الدرعي القطب العيناوي الذي أسهم في أن أبقى عضواً بعائلة (القلعة العيناوية) حتى الآن، والعين أسرتي الثانية، لعبت كرة القدم في أوروبا، في مرسيليا وتورينو وميونيج 1860 وغيرها العديد من الأندية، إلا أنني لم أشعر بالراحة مثلما شعرت في العين، وأنا ابن نادي العين وفخور بذلك».
وعن ذكرياته في العين، قال عبيدي بيليه: إنها كثيرة، ودائماً ترسم الابتسامة على وجهي، عندما أستعيدها، إنها أجمل الأيام في حياتي، ولكن لن أنسى فرحة الجماهير، بعد الفوز في بعض المباريات الآسيوية عام 1999، وعندما تفوقنا على الهلال السعودي، وجدنا مدينة العين كلها تحتفل، والسهرة حتى الصباح، وضمت مجموعتنا فريقاً إيرانياً، وآخر من أوزبكستان، وكل مباراة بمثابة احتفالية، والجماهير تملأ المدرجات.
وأضاف: أتابع العين حالياً، وأعرف أنه يتصدر الدوري مناصفة مع الشارقة، وتابعته في «الآسيوية» خلال العام الماضي، وكان الأقرب إلى الفوز باللقب القاري في العام قبل الماضي، إلا أن الكرة كشفت أمامه عن «الوجه القبيح»، العين أفضل نادٍ في الإمارات، والأقوى أيضاً، وأحد عمالقة الأندية الآسيوية.
وتطرق عبيدي بيليه إلى حظوظ «الزعيم» في كأس العالم، مؤكداً أن ثقته في الفريق بلا حدود؛ لأنه يملك مدرباً جيداً، ولاعبين متميزين، ويمكنه أن يذهب بعيداً، بالتركيز والدعم الجماهيري، وأعتقد أن العين يملك سلاحاً مهماً، وأهم من كل الأسلحة التي يملكها أي نادٍ آخر في العالم، وهو «الروح العيناوية» التي تتولد من دفء الأسرة الواحدة التي تجمع مسؤوليه وجهازه الفني ولاعبيه، وتمنح الفريق روح التحدي وعزيمة النصر، ولو تمسك الفريق بهذه الروح، ربما يصعد إلى النهائي، وشاهدت ذلك في العين، وأعرف مدى تأثير الروح العيناوية على الفريق في المناسبات المهمة، والعين هو الفريق الخليجي الوحيد الذي يمكن أن يفاجئ العالم، وفي مباراة الوصل الأخيرة بالكأس، أرى أن اللاعبين كانوا يفكرون في كأس العالم، وليس في الكأس المحلية، وهذا ما جعل الفريق يتعرض للخسارة القاسية.
وبشأن المنظومة الدفاعية، قال عبيدي بيليه: نعم توجد مشكلة أحياناً في الدفاع، وأنا أدرك ذلك، وأعتقد أن المدرب بخطته المتوازنة، يمكنه أن يتعامل معها، وأن يحل مشكلة الفريق، ولديه لاعبون أقوياء يمكنهم مساعدته في ذلك، والفريق يمكنه تغيير «النظرة»، وإثبات أنه يملك دفاعاً قوياً.
وتحدث عبيدي بيليه عن مشروعاته المستقبلية مع الكرة وغيرها، مشيراً إلى أن لديه أكاديمية خاصة في غانا، تحمل اسمه، تخرج منها اثنان من أبنائه أحدهما أندريه يلعب حالياً في فنربخشة التركي، والثاني جوردان في كريستال بالاس الإنجليزي، أما إبراهيم فيلعب بدوري الدرجة الثانية الإسبانية، ويتمنى أن ينهوا حياتهم مثله في العين، وهم من الآن تحت أمر «الزعيم»، أندريه لديه فرصة حالياً للانضمام إلى «البنفسج»، والأمر مطروح على الطاولة، إن لم يكن هذا العام، من المؤكد في العام المقبل.
وعما إذا كانت تجربة جورج ويا «ملهمة» للترشح لرئاسة بلاده، مثلما فعل ويا قال: ويا صديقي، نحن على تواصل دائم، وهو يتولى مسؤولية صعبة، وحقق إضافة قوية للاعب الكرة، وأثبت أن لاعب الكرة يمكنه أن يتولى أهم المسؤوليات، وهنأته بعد الفوز، وأتواصل معه من وقت إلى آخر، ولكن لا أفكر في خوض التجربة مثله، لأنني لا أحب السياسة، أو الحسابات المعقدة، وأريد أن أستمتع بحياتي، وإذا كانت لي مهمة أتمنى إنجازها في الفترة المقبلة، فهي أن أرتب لزيارة رئيس غانا إلى أبوظبي.
وبسؤال عبيدي بيليه عن «الأبيض» الذي يخوض غمار الأمم الآسيوية، قال: الإمارات بها جيل رائع من اللاعبين، يمكنه أن يتصدر «القارة الصفراء»، وأن يحقق إنجازاً غير مسبوق، إذا وثقوا في أنفسهم، أعرف إسماعيل مطر، وعلي مبخوت، وعمر عبدالرحمن وأحمد خليل، وإسماعيل أحمد، وهم عناصر مميزة ويستطيعون صناعة الفارق، الجمهور الإماراتي يعشق كرة القدم، والقيادة يستثمرون فيها، وحان الوقت لحصد ثمار ما زرعوه طوال الفترات السابقة، لأنهم قدموا الكثير للكرة الإماراتية والآسيوية والعالم، وعندما أتابع دوري الخليج العربي أقول إن الأندية المختلفة يمكنها أن تفرز منتخباً بطلاً. وأضاف: مبخوت لاعب موهوب وذكي، ولديه فرصة كبيرة أن يكون لاعباً رائعاً، وأن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه، أنا أتابعه، وهو أكثر اللاعبين استعداداً لخوض تجربة الاحتراف الأوروبي.
وحول سر عزوف لاعبي الإمارات عن الاحتراف الخارجي، قال: إنهم سعداء هنا، يحصلون على أموال كثيرة بين أهلهم وجماهيرهم، وهنا أيضاً الإعلام يصنع منهم نجوماً، ويشعرون بالراحة، فلماذا يغتربون؟، نحن الأفارقة نغترب، لأن بلادنا فقيرة، ونقوم بالنحت في الصخر، حتى نوفر الحياة الكريمة لأهلنا، الدوري في بلادنا فقير، لا يوفر المال والشهرة، ومن أجل ذلك نتجه إلى الخارج، ونصارع التحديات، وإذا كانت كرة الإمارات تريد أن تتطور، لا بد أن تبعث لاعبيها الموهوبين للاحتراف الخارجي، كي يختبروا أنفسهم بشكل جاد، ويتعرفوا على قدراتهم، وهنا سوف يفيدوا منتخباتهم، لديكم عدد لا بأس به من اللاعبين المواطنين يمكنهم أن يحترفوا في الخارج، فقط يحتاجون إلى تغيير عقليتهم، لا بد أن يبحثوا عن النجاح وأن يتركوا البحث عن المال؛ لأن المال هنا، أما الشهرة فهناك في أوروبا.

سؤال أبكى «الأسطورة»!
بسؤال عبيدي بيليه، عن ماذا منحته كرة القدم؟.. صمت بعض الوقت، وبدأ ثم تردد قليلاً قبل الإجابة، وبدت الدموع داخل عينيه، وقال: الكرة أعطتني كل شيء، بداية من الحياة الأفضل، وأنا من عائلة فقيرة جداً، نشأت في قاع الريف، بقرية شمال غانا تبعد عن العاصمة 1000 كيلومتر، كنت هناك مع أسرتي، لا كهرباء، لا تليفزيون، لا ثلاجة، لا أي شيء، وعندما لعبت الكرة بالمدرسة، تم اختياري أفضل لاعب ناشئ في الدولة، وأنا في سن 14 عاماً، وهنا بدأت أكسب بعض المال، لأحسن وضع أسرتي. وكل الأبواب بدأت تفتح أمامي، الكرة منحتني تأثيراً كبيراً، لدي صداقات مع أكثر من 10 رؤساء في أفريقيا، صداقات من قرب، الكرة منحتني الشهرة، وعندما أنظر إلى طفولتي وأسرتي التي نقلتها معي إلى العاصمة كل يوم أقول شكراً كرة القدم.

التركيز في «التجربة الأوروبية»
شدد النجم الغاني السابق على أنه حقق إنجازات عدة في أوروبا، وتعلم هناك قيادة الفريق، والسيطرة على عقول لاعبيه، وكيف أن المباريات السريعة والقوية تجعل اللاعب يركز 90 دقيقة، والاهتمام بالتدريب على مدار الأسبوع، وقال: تعلمت أيضاً أن أكون قادراً على إدارة اللاعبين. أما عن أهم إنجاز في حياته، فأكد عبيدي بيليه أن الفوز بدوري أبطال أوروبا عام 1993 مع مرسيليا أمام ميلان هو الأروع في مسيرته. وكشف عن أن أهم هدف في مسيرته سجله في منتخب أوروبا، خلال المباراة التي قاد فيها منتخب أفريقيا في لشبونة البرتغالية عام 1997، البطولة اسمها كأس الميريديان، وفزنا فيها بنتيجة 2-1، وأحرزت الهدف الأول.

«التيرانجا العبقري» بطل أفريقيا
بمناسبة كأس أمم أفريقيا 2019، رشح عبيدي بيليه منتخب السنغال للفوز باللقب، لأن «أسود التيرانجا» يملك منتخباً عبقرياً في الفترة الحالية، وفريقاً متكاملاً، لديه كل المؤهلات لأن يكون بطلاً، وبعدها المغرب والكاميرون وغانا ومصر والجزائر، وكلها قريبة من بعضها في المستوى، ويمكنها الذهاب بعيداً في البطولة.