ريم الحمادي (دبي)

أكد إعلاميون وأكاديميون ومهتمون بالشأن الإعلامي أن الإعلام التقليدي هو الأصل والحقيقة والأساس في المعرفة، وأن مواقع التواصل الإعلامي لن تكون البديل الأنسب للإعلام الورقي واستقاء المعلومة وصنع المعرفة، أو حتى صناعة إعلاميين حتى في ظل وجود نجوم ومؤثرين على المواقع، لافتين أن المصادر الموثوقة بالإعلام التقليدي لم تزل تجذب للمتلقي الذكي وتحتل الصدارة في عملة البحث، وأن الإعلام الرقمي يعج بأخطاء جمة في كثير من مواقعه.
وأكدوا أن اقتصاد المعرفة هو نتيجة حتمية لانتشار الإعلام الذي تحول إلى صناعة لا تقل أهمية عن الصناعات الأخرى، مما حدا بالمؤسسات المطورة للتكنولوجيا إلى دعم الإعلامي بحلول ووسائل تقنية باعتبارها شريكاً يسير مع الإعلام بخط متوازٍ.
وأجمع هؤلاء على أن المزج بين الإعلام التقليدي والإلكتروني ليس سلبا في عمومياته، وأن ذلك لا يعني إلغاء أو غياب الإعلام المطبوع ، بقدر ما يعني توجها أكبر نحو البيئة والاقتصاد الأخضر. مؤكدين أن ذلك لا يعني انهيار الإعلام، فالإعلام باقٍ إلى الأبد ولكن الأدوات تتغير، فضلاً عن أن تخفيض الورقي يعود بالخير والفائدة على الطبيعية، ويوفر كثيراً من الأموال على المؤسسات الإعلامية ولن ينتهي دور الإعلامي، لأن المطلوب منه مادة صحفية مقروءة موثوقة بمعزل عن طريقة نشرها أو بثها سواء على مطبوع أو على أجهزة ذكية، مؤكدين أن منصات التواصل الاجتماعي ونجومها وروادها المؤثرين لن يتمكنوا من سحب بساط الشهرة والأهمية من تحت أقدام الإعلاميين، حيث لا توجد تلك الصدقية، فضلاً عن تناقلها أخبار دون التحقق من دقتها.

منصات التواصل والأخبار المغلوطة
وقال علي جابر عميد كلية محمد بن راشد للإعلام ومدير مجموعة أم بي سي: إن الإعلام التقليدي هو الأصل والحقيقة والأساس أما الورق فما هو إلا طريقة لتوزيع الأخبار وتقديمها، منوهاً أن اندثار (الورقي) ليس نهاية الإعلام بل على العكس فهو ظاهرة إيجابية للحفاظ على البيئة الخضراء والأشجار، وأشار إلى أن تسخير التكنولوجيا لصالح الإعلام ساهم في انتشار الخبر ووصوله للمتلقي.
ويرى الجابر أن منصات التواصل الاجتماعي تنقل وتبث أخباراً كاذبة ومغلوطة، مشدداً على أهمية تيقن المؤسسة الإعلامية من صدقية الخبر، قبل نشره أو بثه باعتبار هذا الأمر ضماناً لثقة المتلقي فيها. وقال الدكتور هاني تركي مدير مشروع المعرفة العربي: إن مواقع التواصل الإعلامي لن تكون البديل الأنسب للإعلام واستقاء المعلومة وصنع المعرفة أو حتى صناعة إعلاميين حتى في ظل وجود نجوم ومؤثرين على المواقع، مشدداً على أن المصادر الموثوقة للمتلقي الذكي هي التي تحتل الصدارة في عملية البحث والمعرفة، حيث إن وسائل الإعلام سيبقى لها دور كبير في نقل المعرفة فهي الوعاء الكبير المملوء بمئات الأخبار يوميا بل في كل دقيقة وعلينا الانتقائية لما يناسب مطالبنا.
وقال عبد المحسن سلامة، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام ونقيب الصحفيين المصريين: إن الإعلام التقليدي يواجه خطر الإزاحة من المشهد الإعلامي الجديد، في ظل التطورات الهائلة التي يشهدها القطاع وهيمنة (الآلة) والتكنولوجيا، لذا لابد من تحويل ذكي وشامل لمكونات المؤسسة الإعلامية كافة بما يتناسب مع الواقع الراهن قبل 2025.

إشراك الشباب
وأكدت الشيخة فوز الصباح، مؤسس كراود كرييتف هاوس أن التكنولوجيا والمعرفة يسيران بخطين متوازيين اذ كلاهما مرتبط بشكل مباشر مع اقتصاد المعرفة، لافتة إلى أهمية إشراك الشباب في صناعة الإعلام الجديد باعتبارهم قادرين على التعامل مع المتغيرات وتقديم أفكار إبداعية تدعم صناعة المحتوى الذي يعبر عنهم. من جهته، أكد جمال بن حويرب المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد للمعرفة أنه لا يمكن لأي من نشطاء التواصل الاجتماعي أن يصبح صانع معرفة وخصوصا من خلال منصات التواصل الاجتماعي، فعدم وجود الدقة والمعلومات الموثوقة قد يعرض هذا الشخص للنقل الخاطئ للمعلومات التي قد تؤدي إلى مساءلات قانونية، وبذلك يصبح صانعا للجهل بدل المعرفة، فأهمية صانع المعرفة كبيرة فهي تؤثر على فئات مختلفة من الناس ومن الشباب الذين تستثمر بهم الدولة، ولا نستطيع إطلاق لقب صانع معرفة على أي شخص لذا تبقى للمؤسسات الإعلامية مكانتها وقيمتها وصدقيتها في نقل المعلومات الموثوقة ونقل المعرفة ولكن لابد من مواكبة أدوات العصر الحديث.

خريطة الإعلام
وقال خالد عبدالشافي مدير المركز الإقليمي للدول العربية: إن الإعلام الرقمي له تأثير واضح على الإعلام المطبوع، حيث هيمن بقوة على خريطة الإعلام بسبب سرعته لإيصال المعلومة، ولكن ذلك لا يمنع تفضيل البعض للإعلام المقروء الذي يكون خاضعاً لمعايير محددة، وسياسة معينة تجعل الأفكار دقيقة وواضحة للمتلقي، والأهم من ذلك أنها أفكار تهدف لإيصال فكرة محددة دون التشتيت مما يجعلها أكثر تأثيرا من حيث المحتوى على عكس الإعلام الرقمي الذي يساعد على المشاركة والتحاور وتبادل الآراء، إلا أنها قد تحتوي على معلومات مبهمة ومشتتة بسبب عدم الحصول على مصادر موثوقة مما يجعل المتلقي متشككاً فيما يقرأ.