دينا جوني (دبي)

تُظهر النسخة الرابعة من مهرجان العلوم والتكنولوجيا والابتكار طيفاً واسعاً من الأفكار التي ترجمها طلبة المدرسة الإماراتية إلى مشاريع وتصاميم أولية نجح بعضها في لفت نظر المسؤولين في التعليم وفي قطاعات أخرى، وتنتظر ختام فعاليات المهرجان، لإدخال بعض الأفكار التطويرية عليها لتحويلها إلى نموذج لمنتج اقتصادي أو تعليمي.
وعلى الرغم من استحواذ المشاريع العلمية والصناعية على المساحة الأكبر من قاعة فيستيفال أرينا، مكان انعقاد المهرجان، إلا أن مخرجات جديدة للمدرسة الإماراتية كانت واضحة من خلال ابتكارات طلابية أخرى اتخذت من السعادة وجودة الحياة والتربية الأخلاقية منطلقاً لها.

أصبح للسعادة منهج
«لا سبيل للعلم والمعرفة بعيداً عن السعادة وتحقيق الرضا والوعي الذاتي» هي قناعة الطالبة نورا سعيد البلوشي من الصف العاشر متقدّم في مدرسة مريم بنت سلطان في العين، والتي دفعتها إلى تقديم «منهج السعادة»، رغبة منها في نشر تلك الممارسات على أوسع نطاق في الميدان التربوي.
شرحت البلوشي أن المنهج مبني على أسس علمية من خلال استبيانات ومقابلات مع الطلبة لرصد مكامن الضعف أو النقص في منظومة الدعم المعنوي. وقد استخلصت منها أربعة محاور هي أساليب الاهتمام، الوعي الذاتي، الذكاء العاطفي للطلبة، والذكاء الاجتماعي، والتي اعتبرت أن غيابها هي أكثر ما يؤثر سلباً على جودة الحياة المدرسية للطلبة، وأشارت أنها دعمت مشروعها بدراسات موثقة من جامعة هارفارد واليونسكو تثبت صحة المحاور التي توصّلت لها، والتي بنت المنهج على أساسها.
أعدّت البلوشي لكل محور من تلك المحاور وحدات تطبيقية وحزمات تعليمية إلكترونية، منها لمحات معرفية عامة، وفيديوهات، ولعبة الأسئلة، ونصائح سريعة سهلة التطبيق وغيرها. وهو مضمون قابل للتغيير والتطوير بشكل مستمر، ووفقاً لحاجة كل طالب على حدة. تقترح البلوشي في مشروعها تخصيص حصة واحدة أسبوعياً في الجدول الدراسي لنقل وترسيخ المنهج فكراً ومعرفة، أما التطبيق فهو مستمر طوال اليوم. وأبدت البلوشي فخرها بالاهتمام الذي أبداه قطاع المناهج والتقييم بمشروعها، حيث طلب اختياره للتطوير والتطبيق على المدارس في المستقبل.

النفط والملوحة
ولا تغيب المشاريع العلمية النوعية عن المهرجان هذا العام، إذ تمكنت الطالبة ندى عيسى من مدرسة الواسط في الشارقة من جذب اهتمام بعض أعضاء لجنة التحكيم المؤلفة من أساتذة جامعات وخبراء في عدد من المجالات، لما أبدته من عمق معرفي للمشروع الذي تقدّمه والمرشّح بقوة ليكون منافساً في الحصول على الدعم المناسب ليكون منتجاً صناعياً.
وتقدّم عيسى مشروعاً يسهم في زيادة إنتاج استخراج النفط بشكل يومي من خلال تغيير مواصفات مياه الضخ المستخدمة عند الحفر. وشرحت أن الشركات عادة ما تستخدم مياه عالية الملوحة للتمكّن من استخراج البترول، إلا أن مواصفات محددة لمياه منخفضة الملوحة يمكن أن تزيد من نسبة الإنتاج اليومي للبترول، كونها أكثر قدرة على استخراج البترول المتماسك في الصخر. وفي تعاون مع جامعة الملك عبد العزيز في المملكة العربية السعودية لاستخدام الماكينات وإجراء المقارنات، تبيّن أن المياه منخفضة الملوحة قادرة على زيادة الإنتاج اليومي من البترول بنسبة 7%، بما يعادل آلاف البراميل يومياً التي تقدّر بملايين الدراهم، وبالإضافة إلى الفائدة الاقتصادية على البلد والشركة المنتجة، فإن من فوائد المشروع أيضاً أنه آمن بيئياً.

التصميم والقيم الأخلاقية
تمكنت الطالبتان ميثاء سيف الغفلي وعلياء علي الغفلي من الصف الحادي عشر متقدّم في ثانوية فلج المعلا من دمج منهج التربية الأخلاقية مع التصميم والتكنولوجيا عبر اللعبة التعليمية الشهيرة المطبقة في المدرسة الإماراتية «ماينكرافت» في مشروع «بأخلاقنا نسمو»، إذ حوّلت الطالبتان درس التنمّر في مادة التربية الأخلاقية إلى مشاهد فيديو تم تصميمها من خلال «ماينكرافت»، وأدخلتا عليها حوارات متبادلة بين الشخصيات، ومونولوجات تبرز مشاعر المتنمّر والضحية من الطلبة. وقد نجحت الطالبتان في إدخال العديد من قيم التربية الأخلاقية بطريقة استخدام اللعب والأجهزة اللوحية لتقديم الوحدات الدراسية والقيم الأخلاقية بشكل محبب ومبتكر إلى الطلبة، كما صممت الطالبتان لعبة المتاهة، التي لا يتقدّم فيها الطالب للخروج منها إلا بالإجابة عن أسئلة التربية الأخلاقية بالشكل الصحيح أو المناسب، وقد نقلت الطالبتان من خلال تلك التجربة ملاحظات إلى الشركة المنتجة بالنسبة للصعوبات في استخدام الأحرف العربية. وقالتا: إنهما بهذا المشروع يقولان لوزارة التربية والتعليم: إن مشاركة الطلبة في تشكيل عملية التعلّم من شأنها أن تؤتي بنتائج مفاجئة على مستوى المخرجات النهائية.