دينا محمود (لندن)

كشف استطلاع للرأي، أُجري في مدينة إسطنبول التركية، عن أن غالبية السكان يعارضون مشروعاً، يتبناه الرئيس رجب طيب أردوغان، لحفر قناة في المدينة، بتكاليف تبلغ 75 مليار ليرة (أي ما يناهز 12.6مليار دولار أميركي)، مُتجاهلاً المخاطر الاقتصادية والبيئية المترتبة على هذا المشروع.
وأشار الاستطلاع - الذي أجرته مؤسسة «أرتبير» لاستطلاعات الرأي العام - إلى أن 72.4% من سكان العاصمة التجارية لتركيا، يرفضون حفر هذا المجرى المائي الذي سيُطلق عليه اسم «قناة إسطنبول»، ويؤكد منتقدوه أنه ليس سوى «مشروع استعراضي»، بينما تزعم حكومة أنقرة أنه سيكون «الأضخم من نوعه» في البلاد.
وشملت عينة الدراسة، مئات من قاطني إسطنبول، ممن تواصلت معهم «أرتبير» عبر الهاتف، خلال يومي 26 و27 ديسمبر، وأوضح الاستطلاع أن نسبة مؤيدي القناة المثيرة للجدل، لا تتعدى 21.1% من السكان، بينما قال 6.4% منهم، إنه لا رأي لديهم في هذا الموضوع.
وفي تصريحات، نشرها موقع «أحوال»، المعني بالشؤون التركية، قال مسؤولو المؤسسة التي أجرت الاستطلاع: إن نتائجه تؤكد «صعوبة أن ينجح حزب العدالة والتنمية الحاكم في إقناع سكان المدينة» بالمشروع، الذي كانت الحكومة التركية قد اضطرت إلى وقف تنفيذه العام الماضي فعلياً، جراء الركود الذي ضرب الاقتصاد.
لكن أردوغان، عاد لإحياء مشروع القناة من جديد في نوفمبر الماضي، مما أثار مخاوف المخططين المعماريين ودعاة حماية البيئة في تركيا، وفقاً لموقع «ذا ميدي تليجراف»، المتخصص في شؤون النقل والشحن البحري.
وأشار الموقع، إلى أن الرئيس التركي يتحدى بذلك مواطنيه المعارضين بشدة للمشروع، والذين أطلقوا عريضة، وقعها المئات حتى الآن، للحيلولة دون الشروع فيه، كما أبرز «ذا ميدي تليجراف» إعراب عمدة إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، عن رفضه الشديد لشق القناة، وتخليه عن اتفاق بشأن حفرها، وُقِعَ في السابق بين السلطات المحلية في المدينة والحكومة المركزية في أنقرة.
ويدعو أوغلو - المنتمي لحزب الشعب الجمهوري المعارض - إلى تنظيم استفتاء حول «قناة إسطنبول» التي يُفترض أن تمتد لمسافة تتراوح ما بين 45 و50 كيلومتراً، لتصل بين البحر الأسود وبحر مرمرة بموازاة مضيق البوسفور، وكان من المقرر أن ينتهي شق هذه القناة بحلول عام 2023، لكن أعمال الحفر أُرجئت بسبب عقبات تعترض طريق تمويل المشروع، بالإضافة إلى دراسات الجدوى التي حذرت من مشكلات بيئية وتراثية تكتنف تنفيذه.
ويخشى حزب أردوغان، من إجراء الاستفتاء الذي يدعو إليه عمدة إسطنبول حول هذا المشروع، في ضوء المؤشرات التي تؤكد أنه سيسفر عن رفض كاسح من جانب سكان المدينة له، رغم محاولات الرئيس التركي الترويج للقناة المزمع حفرها، بالقول: إنها ستقود للتخفيف من تكدس حركة النقل والشحن عبر البوسفور، وتقليص إمكانية وقوع حوادث اصطدام بين السفن والشاحنات هناك.
وبحسب خبراء في حركة الشحن البحري، طُرِحت فكرة شق هذه القناة للمرة الأولى عام 2011، ووصفها أردوغان نفسه آنذاك بـ «مشروعه المجنون»، وأدت الأزمة الحادة التي تعصف بالاقتصاد التركي منذ عام 2018، إلى تجميد الاستثمارات التي كانت مُخصصة للمشروعات الكبرى في البلاد، وعلى رأسها «قناة إسطنبول»، التي يُنتظر أن يصل عرضها إلى 400 متر، وستمر على طول الجانب الغربي للمدينة الأكبر في تركيا.
ويشكل المشروع إحدى جبهات المواجهة الرئيسة بين النظام الحاكم في أنقرة وعمدة إسطنبول الذي وصل إلى منصبه في يونيو الماضي، بعد تغلبه مرتين في الانتخابات البلدية، على مرشح الحزب الحاكم في تركيا، ابن علي يلدريم.
ويؤكد أوغلو - الذي يتوقع البعض أن يكون المرشح الأوفر حظاً لمواجهة أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة - أن شق «قناة إسطنبول» سيكبد تركيا تكاليف باهظة، كما سيُلحق أضراراً فادحة وغير مبررة بالبيئة، واصفاً المشروع بأنه يشكل خطراً على سكان مدينته، البالغ عددهم قرابة 16 مليون نسمة.