نسرين درزي (أبوظبي) - تتغير الساعة البيولوجية في شهر رمضان عند الصائمين، حيث تتداخل ساعات الليل مع النهار بشكل لا إرادي، ويبدأ تسوق الأسر بعد صلاة التراويح مع الساعة العاشرة، والسهر يمتد فترات طويلة أيام الصيام، وبات عادة اجتماعية، غير مرتبطة بالتهجد وتلاوة القرآن وحسب، إنما بقضاء بعض الوقت مع العائلة والأقارب والأصدقاء، ويكون ذلك إما خارج البيت أو أمام شاشة التلفاز. ويحاول كثيرون تجميد فترة العصر خلال أيام شهر رمضان لتجنب المزيد من التعب والجوع لاسيما أثناء الحر الشديد، وسواء عن قصد أو غير قصد تتحول الفترة المسائية إلى انطلاقة نحو الأسواق والمراكز التجارية التي تشهد ما بعد آذان العشاء وصلاة التراويح إقبالاً كبيراً من المتبضعين من مختلف الفئات الاجتماعية. وتذكر روان جابر وهي زوجة وأم لولد وبنت أنها بدأت معاناتها مع قلة النوم والإرهاق،لأنها تضطر للسهر حتى وقت متأخر من الليل لتتمكن من القيام ببعض الواجبات المنزلية التي لا تستطيع أدائها أثناء الصيام، وعلى عكس الأيام العادية، فهي لا تشعر بالنعاس والرغبة في النوم خلال شهر رمضان، وذلك لأنها تأخذ قسطاً من الراحة يومياً ما بعد صلاة العصر، ولا تستيقظ إلا قبل موعد الإفطار بنصف ساعة، وتلفت إلى أنها تؤجل أمر التبضع مع زوجها إلى ما بعد الـحادية عشرة ليلاً، وهذا ما لا يمكن أن يحدث خارج أيام رمضان. الأمر نفسه بالنسبة لوداد البدوي، وهي موظفة، حيث تقول: مع أنني غير ملزمة بتحضير طعام الإفطار بنفسي أو تجهيز المائدة الرمضانية، لكن أشعر بحاجة إلى الراحة بمجرد عودتي من الدوام إلى البيت، ولا أقوى على فعل أي شيء من ذلك وأتفرغ للصلاة وقراءة القرآن. وتشير إلى أن يومها الرمضاني يبدأ عند ارتشاف القهوة بعد تناول وجبة الإفطار، موضحة أنها لا تستيقظ وتصبح جاهزة لممارسة أي نشاط إلا بعد تناول فنجانين أو ثلاثة فناجين من القهوة، بعدها تنطلق للقيام بمشترياتها الخاصة أو زيارة صديقاتها حيث يجتمعن في سهرات رمضانية. معظم الرجال لا يبدأ يومهم الرمضاني إلا بعد انقضاء صلاة التراويح في المساجد، وكأن في الأمر إشارة ضمنية لانطلاقة بيولوجية جديدة تستمر عند كثيرين إلى ما بعد صلاة الفجر، ويورد بشير حسن وهو أب لثلاثة أبناء، إلى أنه غير صحيح أن شهر رمضان يحدث ربكة في حياتنا اليومية، فنحن نعمد إلى العبث بترتيب أولوياتنا بقصد التخفيف عن أنفسنا قدر المستطاع، وتجنب المزيد من المتاعب وتأجيلها إلى ما بعد الإفطار. ويعتبر بشير أن الازدحام الذي تشهده الشوارع حتى ساعات الفجر الأولى، أكبر دليل على أن الناس في شهر رمضان يقلبون نهارهم ليلاً وليلهم نهاراً، وهذا برأيه غير مقبول ويحتاج إلى إعادة جدولة. ويقول إن المسلمين يعرفون أن العمل عبادة سواء في رمضان أو باقي أشهر السنة، ولابد من الإخلاص في العمل خلال أيام الصيام وعدم التحجج بالجوع والعطش، مشيراً إلى أنه لو التزم الصائمون بهذه التوصيات، فإن مواعيد نومهم تعتدل تلقائياً. ويعلق وليد حسونة على اختلال توازن الساعة البيولوجية عند الصائم : هذا أمر طبيعي يحدث كل سنة، والمسؤول الأول والأخير عنه، هو الصائم الذي يؤجل كل واجباته وأشغاله إلى الفترة المسائية. ويرى أن تنظيم الوقت أمر مطلوب خلال شهر رمضان، لأنه يحول دون تراكم الأشياء والاضطرار إلى إنجازها في آخر اليوم، مشيراً إلى أنه يخرج ليلا للقاء الأصدقاء والقيام بالمشتريات المنزلية، دون أن يبالغ في السهر حتى يتمكن من الاستيقاظ على موعد السحور، وبالتالي الذهاب إلى العمل من دون تأخير.