للرجال أيضاً «سن يأس» !
رغم أن الدكتور خالد منتصر يكره تعبير “سن اليأس” الذي يطلق غالباً على المرأة، ويفضل عليه تعبير “انقطاع الطمث”، ويعرفه بأنه ظاهرة فسيولوجية طبيعية تحدث في سن معين له بهجته وليس داعياً إلى اليأس كما هو منتشر في ثقافتنا العربية، إلا أنه مضطر لاستعماله -للأسف كما يقول ـ إلى أن يتفق المجمع اللغوي على صك تعبير بديل وإطلاق مصطلح آخر.
عن ما يعرف بسن اليأس، يقول الدكتور منتصر:” علينا أن نتفق نحن على أنه لا يوجد سن يأس، ولكنه سن تغيرات فسيولوجية حتمية، ولا بد أن نتقبلها بمرونة ذهنية ونفسية. والمدهش أن الرجل أيضاً له سن يأس! بمعنى أنه في سن معين يتعرض لبعض التغيرات الفسيولوجية مثله مثل المرأة، لكن لماذا هذه التغيرات ليست على نفس درجة الشهرة مثل تغيرات المرأة؟ السبب بسيط وهو أن التغير عند المرأة مرتبط بحدث هام منتظم على مدى عشرات السنوات، يستقبل بطقوس خاصة، الحدث هو الدورة الشهرية، تلك الساعة البيولوجية التي يعني توقفها حدثاً ضخماً وحاداً وفجائياً، على عكس الرجل الذي تحدث تغيراته على مهل، وفيها أجزاء كثيرة مزاجية أكثر منها عضوية محددة”.
تساؤلات
ويكمل الدكتور منتصر:” الترجمات الإنجليزية لسن اليأس عند الرجال كثيرة ومعانيها متعددة، وما زال الجدل محتدماً بين العلماء على معنى سن اليأس الرجالي، فنحن لا نتحدث في موضوع محدد وواضح علمياً ومستقر أكاديمياً، ولكننا نتحدث عن أعراض لا تزال تحت مجهر الدراسة، الأسئلة كثيرة ومنها:
هل سن اليأس الرجالي موجود أصلاً؟ وفي أي سن يصيب الرجال؟ وما هي أعراضه؟ وهل تختفي تلك الأعراض بالعلاج؟ وماهي الاحتياطات التي لا بد أن يتخذها الرجل لكي يتجنب أعراض سن اليأس؟ وماهي درجة اختلاف تلك الأعراض عن سن اليأس النسائي؟ وأخيراً هل انتهت أسطورة الرجل الذي لا تشيخ رجولته؟
فعل الزمن
يقول الدكتور منتصر:” البداية.. هي الاعتراف بأنه هناك ثمة تغيرات تحدث بفعل الزمن وتقدم السن، ولنأخذ الانتصاب والعلاقة الجنسية كمثال، فالرغبة الجنسية تقل كلما تقدم الرجل في العمر، والانتصاب يأخذ وقتاً أكثر كي يحدث على خلاف ماكان في سن الشباب، وأيضاً فهو يحتاج إلى إثارة مباشرة أكثر قوة عن ذي قبل، وتنخفض صلابة الانتصاب ومدة بقائه، وتصبح القدرة على إكمال العملية الجنسية أضعف، والزمن الفاصل بين الانتصاب الأول ومعاودة الانتصاب الثاني يصبح أطول وتتباعد فتراته”.
ويتساءل الدكتور منتصر:”هل كل ما وصفناه يندرج تحت صدمة منتصف العمر أم سن اليأس؟! صدمة ما بعد الأربعينيات والشبع من الجنس وفشله في تحقيق أهدافه وأحلامه ومسؤوليات الأولاد وضغوط الحياة والعمل التي تنعكس بالضرورة على مزاج الرجل وصحته ومن الممكن تجنبها ببعض المرونة النفسية، أم أنها أعراض فسيولوجية حتمية لا فرار منها؟
ويجيب:”سن يأس” الرجل الفسيولوجى شيء مختلف تماماً عن صدمة منتصف العمر، وأيضاً عن سن يأس المرأة، فسن يأس المرأة له علاقة بتوقف الطمث وعدم القدرة على الحمل والإنجاب وتوديع الأمومة، لكن بالنسبة للرجل تحدث ما بين سن الخامسة والأربعين والستين، ويظل الرجل قادراً على الإنجاب، وعلى أن يصبح أباً، لكن جوهر التغير الفسيولوجى هو في انخفاض نسبة التستوستيرون”الهورمون الذكري” عادة بعد سن الأربعين. وهذا الهورمون هو المسؤول عن النمو الجنسي في الأطفال، ونمو العظام والعضلات في المراهقين، وهو مسؤول أيضاً عن الرغبة الجنسية، وفي بعض الرجال تظل نسبته ثابتة حتى الخامسة والخمسين، لكن معظم الرجال بعد سن الثمانين ينخفض عندهم الهورمون إلى نفس نسبة ما قبل البلوغ!.
مقاومة الرجال
يكمل الدكتور منتصر توضيحه:” منذ أكثر من 150 عاماً أجرى أستاذ ألماني يدعى”بيرثولد” تجارب على نقل خصية الديك وتأثيرها على الخصوبة، وفي عام 1944 كانت أول معرفتنا بتعبير سن اليأس الرجالي على يد أستاذين أميركيين هما “كارل هيلر” و”جولدن مايرز”، وقارنا بين أعراضه وأعراض سن اليأس النسائي، لكن جهدهما مثل جهود أخرى ضخمة وعظيمة مرت مرور الكرام، ولم يكن السبب فقط هو نقص التغطية العلمية والإعلامية لمثل هذا الإكتشاف، لكن السبب الرئيسي كان مقاومة الرجال والمجتمع الذكوري لمثل هذا الاكتشاف الذي ينتقص من رجولتهم الخالدة وامبراطورية فحولتهم التي لا تغرب عنها الشمس!، وكانوا مثل الذين أنكروا أن الضعف الجنسي غالباً ما يكون مرضاً عضوياً ويصرون على أنه مجرد اضطراب مزاج فقط، ويرجع أيضاً إلى السمعة السيئة لهورمون التستوستيرون الذي أضر بالرياضيين والرعب من سرطان البروستاتا الذي يتضخم حجمه وتزداد شراسته مع هورمون التستوستيرون، ولذلك نجح هورمون الاستروجين في الدخول سريعاً إلى عالم علاج سن اليأس النسائي، بينما تأخر دخول هورمون التستوستيرون كعلاج لسن اليأس الرجالي”.
المصدر: أبوظبي