تامر عبد الحميد (أبوظبي)

فقدت الساحة الفنية والثقافية مؤخراً الفنان التشكيلي المصري القدير إيهاب شاكر، عن عمر يناهز 86 عاماً، الذي يعتبر أحد العلامات البارزة في سجل الحركة التشكيلية، وأحد أبرز الفنانين في مختلف مجالات الإبداع الفنية، والذي سجل اسمه من نور في حقول التصوير والكتابة والرسوم المتحركة والكاريكاتير، وعمل في مؤسسات صحفية كثيرة مع كوكبة من أهم رسامي مصر مثل بهجت عثمان وصلاح جاهين وحجازي، كما ترك أثراً كبيراً في نفوس أجيال مختلفة، من خلال ابتكاره لشخصيتي الرسوم المتحركة «شمسة» و«دانة» في مجلة «ماجد»، التي تصدرها «أبوظبي للإعلام»، وظهر أول عدد للمجلة في 28 فبراير عام 1979، برئاسة تحرير أحمد عمر، الذي كان يطلق عليه لقب «الأب الروحي» لمجلة ماجد، وقال رئيس تحرير «ماجد» الأسبق لـ«الاتحاد» إن إيهاب شاكر كانت له علامة بارزة في الفن التشكيلي في مصر، فهو فنان يجمع بين الرقي والجمال والقدرة على التعبير بالألوان المبهرة والأفكار الجذابة، وكان أحد الفنانين الذي يطلق عليه لقب «الفنان الشامل» من خلال إبداعاته الدائمة في الكاريكاتير والفن التشكيلي ورسوم الأطفال، وقال: حقاً، فقدنا أحد أهم رموز الفن التشكيلي في مصر، فهو فنان مثقف وإنسان في غاية الشفافية، كان يتعامل باحترام وأخلاقيات عالية مع الجميع.

«شمسة ودانة»
وعن دوره الذي لعبه في مجلة «ماجد»، قال عمر: استمر إيهاب شاكر مع مجلة ماجد لأكثر من 15 سنة، استطاع من خلالها أن يترك أثراً إيجابياً في نفوس جيل كامل، من خلال شخصيتي «شمسة ودانة» ويقدم من خلالهما قصصاً خيالية، تظهر العديد من الأخلاقيات والمثل العليا التي ساهمت في تربية وتعليم وتثقيف الأطفال، كاشفاً أن إيهاب هو من ابتكر أيضاً شخصية «فضولي» في مجلة ماجد، والتي حققت نجاحاً كبيراً، حيث جذب كل محبي مجلة ماجد في البحث عن هذه الشخصية، موضحاً أيضاً أنه اتجه قبل وفاته إلى جانب الرسم، إلى فن الرسوم المتحركة وكان يتمنى تقديم أفلام للأطفال، لكن الظروف لم تساعده على تحقيق حلمه.

صديق الدرب
من جهته، أوضح الرسام الكاريكاتير مصطفى رحمة، أن الساحة الفنية والثقافية فقدت أحد أعمدة الفن التشكيلي والرسم الكاريكاتيري في مصر، واصفاً إيهاب بصديق الدرب الذي جمعهما عمل دؤوب في الرسم الكاريكاتيري ورسوم الأطفال في مجلة ماجد، وقال: بدأ إيهاب شاكر الرسم الكاريكاتيري وهو طالب في الجامعة في مؤسسات صحفية كبيرة مثل «صباح الخير» و«روزاليوسف»، وسطع نجمه في هذه الفترة، خصوصاً أنه كان من الصعب على أي رسام كاريكاتير العمل في مثل هذين المجلتين المرموقتين، إلا إذا كان يتمتع بالموهبة الحقيقة والإبداع المتفرد. وعن عملهما سوياً في مجلة ماجد، قال مصطفى رحمة مبتكر شخصية «كسلان جداً» في مجلة ماجد: يطلق علينا الرعيل الأول ممن أسسوا الشخصيات الناجحة للأطفال في «ماجد» التي استمرت لحوالي 37 عاماً، بمشاركة نخبة من أهم الرسامين، من بينهم حجازي وإيهاب شاكر وبهجت عثمان، موضحاً أن أكثر الشخصيات التي لا تزال محفورة في أذهان أجيال، هي «شمسة» و«دانة» و«كسلان جداً».

عائلة البهلوان
ولد إيهاب شاكر عام 1933، وتتلمذ في طفولته على يد الفنان الإيطالي «كارلومينوتى»، ثم التحق بمدرسة ليوناردو دافنشي، وحصل على بكالوريوس الفنون الجميلة قسم تصوير 1957، وبدأ العمل في الصحافة عام 1953 وهو طالب بالسنة الأولى في كلية الفنون، وعمل في جريدة الجمهورية المصرية، بملحق الكاريكاتير من خلال رسومه «عائلة البهلوان»، كما بدأ يرسم الكاريكاتير اليومي للمرة الأولى في جريدة الجمهورية من 1954 إلى 1957، كما عمل بمؤسسة روزاليوسف ورسم أغلفة المجلات والرسوم الإيضاحية، وكذلك رسوم الكتب ورسوم الأطفال.

فكر متجدد
يعد إيهاب شاكر أحد أهم فناني الحركة التشكيلية المصرية، وهو صاحب ثقافة موسوعية وفكر حر متجدد وأسلوب فني شديد التفرد، فهو مؤلف وشاعر وموسيقار، كما اتسم بموهبة متفردة في رسوم الكاريكاتير، واستمر في الصحافة لأكثر من 60 عاماً، كما ساهم في إنتاج أفلام الرسوم المتحركة، واتسمت كل مرحلة في مشواره بطرح فكر فلسفي متحرر ينطلق به من حدود المحلية، وصولاً للعالمية.

إبداع متفرد
ونعى قطاع الفنون التشكيلية في مصر، برئاسة الدكتور خالد سرور، الفنان التشكيلي إيهاب شاكر، وأعرب عن حزنه لرحيله، بعد رحلة إبداع متفردة، لم يقتصر إنتاجه خلالها على التصوير، وإنما شمل الكاريكاتير والرسوم المصاحبة للكتابة الأدبية والأغلفة، بالإضافة إلى إبداعاته شديدة الرقة والعذوبة في مجال رسوم الأطفال.

محطات وجوائز
حصل شاكر على جائزة التميز الأولى عن رسوم كتاب «لو كنت ملكاً» عام 2001، وفى عام 2000 حصل على الجائزة الثانية عن رسوم كتاب «حكاية أراجوز»، وحصل نفس الكتاب على جائزة الـIBBY، ثم حصد جائزة أخرى عن كتاب «الملك بير» عام 2005، وتم تكريمه عام 2004 على رسومه الصحفية، عبر مشواره الصحفي من 1953 إلى 2004، وجائزة أحسن «أفيش» لتصميم ملصق فيلم «الكيت كات» للمخرج داوود عبد السيد، وبطولة الراحل محمود عبد العزيز، وجائزة أحسن فيلم رسوم متحركة «رقصة الهوى» بالمهرجان القومي للسينما المصرية.