حسونة الطيب (أبوظبي)

ربما لا يكتفي خط أنابيب الغاز الذي سيربط بين روسيا والصين، بتعضيد العلاقات الاقتصادية بين البلدين فحسب، بل يتخطاها لأبعاد أخرى، وتقدر تكلفة «بور أوف سيبيريا» (قوة سيبيريا)، بنحو 400 مليار دولار بموجب عقد يمتد 30 عاماً ليقطع مسافة 3 آلاف كيلو متر، ويحوز على لقب ثاني أطول خط أنابيب في العالم، بحسب «يورو نيوز».
ويرمز الخط، للشراكة الاستراتيجية بين موسكو وبكين، خاصة على صعيد الطاقة التي تتعطش لها الصين. وللأنبوب، القدرة على تحويل ساحة الطاقة في الجزء الشمالي الشرقي من الصين، وتقليص واردات الصين المتصاعدة من الغاز الطبيعي المُسال. وبموجبه أيضاً، تصبح روسيا مورداً أساسياً للصين، لتنافس بذلك كل من تركمانستان وأستراليا، ما يقوي علاقتها في ظل الحرب التجارية الدائرة بينها والولايات المتحدة الأميركية.
ويظهر خط الأنابيب في هيلونغجيانغ المتاخمة لروسيا، ليصل إلى جيلين ولياونينج، أكبر مركز للحبوب في الصين. ويستهلك قطاع الصناعة بجانب سكان هذه المنطقة البالغ تعدادهم 68 مليون نسمة، 14 مليار متر مكعب فقط من الغاز سنوياً، دون 38 ملياراً، التي ستتدفق عبر خط الأنابيب عند سعته القصوى بحلول 2025، وفقاً لموقع «أويل برايس».
وتتوقع شركة «جازبروم» الروسية العملاقة، نقل الخط نحو 4.6 مليار متر مكعب بحلول 2020، لترتفع لنحو 10 مليارات في 2021، و16 مليار متر عند 2022 ونحو 21 ملياراً بحلول 2023، ثم 25 مليار متر مكعب بحلول 2024.
ومع خفض السلطات المحلية لأسعار الكهرباء لدعم الصناعة، وانخفاض أسعار الغاز المستورد عبر ميناء لياونينغ داليان، تواجه الشركة الصينية الوطنية للبترول «سي أن بي سي»، ظروفاً قاسية للغاية لبيع الغاز.
ويقول لي ياو، المدير التنفيذي لشركة أس آي أيه إنيرجي الاستشارية: «يتطلب إنشاء سوق في شمال شرق الصين، حيث يندر وجود محطات لتوليد الكهرباء تعمل بالغاز وضعف قطاع الصناعة، الكثير من الوقت. وفي غياب عقود الشراء على الصعيد المحلي، يبدو أن الشركة الوطنية، هي الوحيدة التي تتحمل معظم العبء الذي ينجم عن مخاطر السوق».
ولم تكشف سواء «بترو تشاينا» أو «جازبروم»، عن شروط تسعير الغاز، إلا أن المحللين المقيمين في بكين، أكدوا أن السعر مرتبط بخام النفط أو سلة من أنواع أخرى من الوقود المنافس. وقال لينج شياو نائب مدير شركة «بيترو تشاينا»، المسؤول عن تسويق الغاز، إن سعر غاز سيبيريا سيكون أقل نسبياً من الغاز المستورد من تركمانستان، إلا أن الشركة ستواجه الخسائر، لأن السعر يتجاوز السعر المحلي.
وترى العديد من مصادر قطاع الغاز الروسي، أنه من الممكن مراجعة الأسعار لخفضها، حيث ارتفع حجم الوارد نتيجة لانخفاض أسعار النفط العالمية من 100 دولار عند توقيع الاتفاقية، إلى نحو 60 دولاراً للبرميل في الوقت الراهن.
رغم ذلك، ظلت «بترو تشاينا»، التي تعمل على توفير 70% من غاز الصين، تعمل على إرساء البنية التحتية للتوزيع على مدار السنوات الخمس الماضية. وفي حين من المقرر، الفراغ من خط الأنابيب بحلول 2024، انتهت «بترو تشاينا»، من عمل 728 كيلو متراً إلى منطقة شانجلينج في مقاطعة جيلين في يوليو الماضي، وخفض زمن الإنشاءات، ما يعني تأمين الغاز لمناطق في شمال الصين عند موسم الشتاء الحالي. ومن المقرر، إنجاز امتداد نحو 1.1 ألف كيلو متر لمنطقة يونكوينج في مقاطعة هبي، عند نهاية 2020.
وتخطط الشركة، لإنشاء مستودعات لتخزين الغاز في الآبار القديمة المهجورة، بسعة تصل لما بين 5 إلى 6 مليارات متر مكعب، لمقابلة الطلب في غير أشهر الموسم. ويجسد خط الأنابيب، وضع الصين كأفضل وجهة لتصدير الغاز الروسي، وتوفير سوق كبيرة لروسيا خارج أوروبا.
وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنه من المرجح بلوغ التجارة بين بلاده وجيرانها، نحو 100 مليار دولار خلال عام 2019، مقابل 87 مليار دولار في 2018. وتتوقع موسكو، وصول هذا الرقم لنحو 200 مليار دولار بحلول 2024، حيث يعود الفضل نسبياً للغاز.