تامر عبدالحميد (أبوظبي)

ترك الموسيقار والمطرب فريد الأطرش بصمة واضحة في الغناء العربي خلال مسيرته في مجالات فنية عدة، منها التمثيل والتلحين والغناء، واستمرت هذه المسيرة الفنية الناجحة لثلاثة عقود سجل فيها أكثر من 500 أغنية، وشارك في بطولة أكثر من 31 فيلماً سينمائياً.
حلت أمس الأول ذكرى وفاة فريد الأطرش الـ45، الذي يعتبر أحد أبرز مطربي العالم العربي على مر العصور، وقد أُطلق عليه «أبو الأحزان»، بسبب الشجن الذي كان يغلف معظم ألحانه، ويوصف أداؤه الغنائي بالأكثر صعوبة، بسبب الجمل الموسيقية الصعبة التي كان يضعها لنفسه ويصعب على أي مطرب آخر أداؤها، ولقب بالعديد من الألقاب منها «ملك العود» و«موسيقار الأزمان»، ولم يكن الأطرش مجرد موسيقي ومطرب فحسب، بل كان أيضاً ممثلاً قديراً وبارعاً وبارزاً في ساحة الأفلام الغنائية، ومن أشهر أفلامه «حبيب العم» و«عفريتة هانم» و«لحن الخلود» و«رسالة غرام» و«ودعت حبك» و«ماليش غيرك» و«شاطئ الحب» و«يوم بلا غد» و«حكاية العمر كله» و«رسالة من امرأة مجهولة» و«الخروج من الجنة»، وكان آخر أعماله فيلم «نغم في حياتي»، قبل أن يرحل عن عالمنا إثر أزمة قلبية في عام 1974 عن عمر يناهز 64 عاماً.

غنى لـ«زايد»
وأدى فريد الأطرش العديد من الأغنيات الوطنية في مختلف البلدان العربية مثل الإمارات والكويت وسوريا ومصر، ونالت أغنية «يا ميت هلا للشيخ زايد» نجاحاً وصدى كبيراً والتي أداها خصيصاً للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وامتدح فيها الأطرش إنجازات الشيخ زايد وفضله في تأسيس اتحاد دولة الإمارات، ووصفه في أحد مقاطع الأغنية بسيد عصره وأوانه، وتقول مطلع كلمات الأغنية: «زايد يا أبو قلب كبير وأمير.. يا زايد أفضالك زايدة، خيراتك على شعبك عايدة، وبلدك محروسة بإذن الله، أيام وسنين وليالي.. أرواحنا بترخص علشانك يا سيد عصر وأوانك».

«سنة وسنتين»
كان فريد الأطرش دائم الغناء في المناسبات الوطنية، واشتهر بأغنيته الوطنية الشهيرة «سنة وسنتين»، التي كتب كلماتها الشاعر مأمون الشناوي، والذي تعاون معه في العديد من روائعه الغنائية، ولحنها وغناها فريد في حفل «عيد الربيع» الذي أقيم في سينما قصر النيل يوم 26 أبريل عام 1970، وحققت نجاحاً هائلاً وقتها، وغناها بعد ذلك في العديد من الحفلات سواء في مصر أو الدول العربية.

شجن وألم
كل ألحان وأغنيات الموسيقار فريد الأطرش يفيض منها الشجن وتفوح منها رائحة الألم، وقد حاول كثيراً الفرار من تلك الحالة والبحث عن أعمال تحمل البهجة، لكن الحزن كان جزءاً من ملامحه وحياته المليئة بالأحداث الحزينة والصعبة، ومن أشهر أغانيه التي أداها الأطرش خلال مسيرته الغنائية هي «الربيع» و«أول همسة»، «لحن الخلود»، و«توتة» و«رقصة جمال»، «نورا نورا» و«هلت ليالي» و«جميل جمال»، وتعاون الأطرش مع 33 شاعراً أبرزهم بديع خيري وبيرم التونسي وصالح جودت ومرسي جميل عزيز وأحمد شفيق كامل، ولحن أيضاً لكبار المطربين مثل شادية وصباح وفايزة أحمد ومحرم فؤاد.

عازف عود
بدأ الأطرش علاقته بالفن كعازف عود، وبعدها دخل مجالي الغناء والتلحين، وكانت أولى تجاربه في الغناء عندما سمحت له والدته بالغناء في إحدى المناسبات المدرسية، ما مكّنه من تطوير موهبته، ثم التحق بمعهد موسيقي لصقل موهبته، وأصبح بعدها تلميذًا للملحّن الشهير رياض السنباطي، الذي أعجب بعمله الدؤوب ومكّنه من الغناء في إذاعاتٍ خاصة مصرية في الثلاثينيات، ثم تمّ تعيين فريد الأطرش كعازف للعود في أوركسترا، بعد أن إغلاق جميع محطات الراديو وأُنشئت محطة واحدة وطنية، ثم أصبح بعدها مغنٍ هناك.

مغن عاشق
عمل لفترة مع شقيقته أسمهان ولحن لها بعضاً من أغانيها، وكان الفيلم «انتصار الشباب» الذي ظهرا فيه معاً من أوائل أفلامه، وكانت أولى تجاربه في الإنتاج عام 1947 في فيلم «حبيب العمر»، الذي أخرجه هنري بركات، ولاقى هذا الفيلم نجاحاً كبيراً وغير متوقع، ثم تبعه فيلم «عفريتة هانم»، واستمر الأطرش بالعمل مع عدة نجوم آخرين في أفلام ناجحة عديدة، والتي حصل في معظمها على دور المغني العاشق والرومانسي الحزين.