محمد يوسف

هل هي رهافة الإحساس ومتخيّله، أم قوة الواقع ومفرداته، هي التي فرضت على المبدع الإماراتي، أن يجعل من منتجه (في الرواية والقصة واللوحة والمسرحية والفيلم) مرآة عاكسة لهويته الوطنية، ولانشغالات مجتمعه؟ في الحقيقة، لا يمكن التمييز بين العامِليْن عند البحث عن حالة التماهي بين الإبداع كطاقة تعبيرية، وبين الوطن كطاقة تحفيزية.. فالهوية الوطنية، كما يظهر هذا الاستطلاع هي شاغلة المبدعين وبئر النصوص الأولى، وهي، وفق ما يرى المشاركون موجودة في كل إبداع، سواء في شكل مباشر أو غير مباشر.. إنها لحمة الإبداع وسُداه.. بل روحه المبثوثة في تفاصيله بقصد أو من غير قصد. «الاتحاد الثقافي» سعى لنبش ذاكرة المبدعين فسأل عن الكيفية التي تجسدت بها الهوية الوطنية في إبداعاتهم ونصوصهم ولوحاتهم ومسرحياتهم فكانت هذه الشهادات:
يرى الكاتب والمخرج والممثل المسرحي إبراهيم سالم أن أصداء وانعكاسات الهوية الوطنية في الأعمال الإبداعية «قد تظهر في شكل مباشر في بعض الأحيان، وفي شكل ضمني أو رمزي أحياناً أخرى، بعيدا عن الوعظ والتكلّف، وفي كلتا الحالتين فإن رغبة المبدع تتجه دائما نحو الكشف عن الجانب الجمالي والإنساني في هذه الهوية المحلية».
وقال سالم: هناك مسرحيون لا يحبذون التعاطي مع اللغة الفصحى لأنها في نظرهم منفصلة عن هوية المكان، وهذا، من وجهة نظره، خطأ، لأن المسرح يقدم رسالته ويطرح قضاياه بغض النظر عن الأسلوب الإخراجي أو اللغة التي ينتصر لها العرض المسرحي.
واستعاد سالم عددا من الأعمال المسرحية التي شارك بها وتناولت معاني متصلة بالهوية الوطنية، مثل «باب البراحة» و»التراب الأحمر» و «مولاي يا مولاي» والفيلم الروائي القصير «الرمرام» وغيرها من الأعمال التي استندت إلى الجانب التراثي، ولكنها لم تغفل الحاضر أو التطلع إلى المستقبل، بمعنى، أنها عالجت المشاكل الآنية من خلال طرح فني مغاير يمكنه أن يصل إلى أكبر شريحة ممكنة من الجمهور.

مثول الوطن
ويقول الشاعر الإماراتي عبد الله محمد السبب: لا يخلو إبداع من مثول الوطن فيه، كما لا يخلو من ظهور ملامح الهُوية الوطنية، ويضيف: شخصياً تعاملت مع الهُوية الوطنية بوضوح عبر جميع أنواع الكتابة، سواء على مستوى النص من خلال المشاريع الإبداعية الخاصة، أو على مستوى المشاركة في الملفات الأدبية والثقافية التي تنجزها المجلات الأدبية والثقافية الإماراتية.
ويوضح: كتبت في العام 2007م نص فيلم «القرار» للمخرج الإماراتي ناصر اليعقوبي، كأول فيلم إماراتي وثائقي يتحدث عن قضية الجزر الإماراتية (طنب الكبرى، طنب الصغرى، أبو موسى)، وفي العام 2015م، أصدرت الكتاب الشعري الوطني «أطلس.. حيث الإمارات العربية المتحدة»، كما أصدرت بمناسبة عام زايد كتاب «نبضنا في القلب زايد أو ما تيسر من قول في سُمُوِّهِ: مقامات ومقالات». علاوة على ذلك، الإضاءة حول المشهد الثقافي الإماراتي، كما هو كتاب «مشيئة: حكايات وحياكات في رحيل شعراء الحداثة الإماراتية»، بالإضافة إلى المشاركة في الملتقيات الثقافية الوطنية.

الهوية والهوى
ويرى الفنان المسرحي سعيد سالم أن الهوية الوطنية «جزء لا ينفصل عن هوى وتفكير ونتاج الفنان سواء كان هذا النتاج متحققا على خشبة المسرح أو في الدراما التلفزيونية أو في السينما والأدب والتشكيل وغيرها من الأشكال الفنية»، مضيفاً: «جلّ الأعمال التي قدمتها على المسرح كانت على صلة وثيقة بالذاكرة الشعبية، وبالتراث المحلي».
وذكر سعيد سالم عددا من الأعمال التي شارك بها وصاغت مفهوم الهوية الوطنية في قالب أدائي مميز مثل مسلسل: «حبة رمل» ومسرحية «مجاريح» و«مولاي يا مولاي» و«شمبريش»، وكذلك مسرحية «الطماعين» التي كانت من أوائل أعماله المسرحية في السبعينيات، وشاهدها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» بصحبة أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات في ذلك الوقت، واستعاد سالم اللحظات الأثيرة للقاء الذي جمعه وطاقم العمل مع الشيخ زايد، الذي طرح عليهم سؤالا عن مغزى العنوان وعن مفهوم الطمع، مضيفا «كان الشيخ زايد متجاوبا مع أحداث العرض، وكان واعيا بحكمته وبصيرته لأهمية النهضة والتنمية المستدامة التي تدعم الهوية الوطنية».

النبت والأرض
أما الفنان والكاتب المسرحي عبدالله صالح فيقول: «هويتي أساس كتابتي»، مؤكدا أن توظيف الهوية الوطنية «ينبع من ذات الكاتب ومن ثقافته ووعيه بالأصالة الحقيقية كقيمة ومعنى لحضوره الإبداعي وتواصله مع المتلقين لهذا الإبداع»، مؤكداً أن «ترجمة الهوية الوطنية إبداعياً تعتمد على المادة التي يقدمها الفنان والمثقف والمبدع، ومدى علاقتها بالمكان»، وقال: هناك العديد من الأعمال التي قدمتها مثل مسرحية «السردال» ومسرحية «بيت القصيد» و»قرموشة»، وعدة تجارب في كتابة المسلسلات الإذاعية أمثال «عيال الكحيان» و»البحث عن وظيفة» و»على العوق وعلى الجرح» وغيرها من الأعمال التي زرعت فيها هويتي الوطنية، ولعلي قصدت بذلك أن يكون تراث الإمارات العريق أمام عين القارئ والمتتبع للفن الإماراتي».
ونوّه إلى أن مفاهيم الهوية «برزت أيضا في العديد من الأوبريتات الوطنية التي كتبها ومنها: دانات زايد، وزايد المعرفة، والطارش وغيرها»، وقال: تبقى الهوية نبتاً مزروعاً في أنفاس هذه الأرض الطيبة دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي تحفزنا لتقديم أعمال أكثر تماسّا مع قضايانا والإضاءة عليها.

الثيمات المحلية
وتتساءل الكاتبة والإعلامية نجيبة الرفاعي، قائلة: ما مكونات الهوية الوطنية؟ وتجيب: تحتوي الهويّة الوطنيّة على مكوِّنات ثابتة، وهي: التاريخ المشترك، الدين، البيئة، والعادات والقيم، وبالتالي حتى تحضر الهوية الوطنية في تجربتنا الإبداعية، لابد أن تظهر مكونات هذه الهوية في كتاباتنا الأدبية، بشكل تلقائي ومنطقي مقبول.
وتتابع: بالنسبة لي حرصت منذ بداية دخولي مجال الكتابة الأدبية، أن تكون قصصي نابعة من مجتمعي، وأن تظهر الشخصيات والأحداث الواقع والحياة الطبيعية التي نعيشها، لذلك ضمّنت بعض قصصي أمثالا من تاريخنا الشعبي، وبعض العادات والقيم الموجودة في دولتنا، مثل؛ بر الوالدين، مساعدة كبير السن، حب الوطن، كما أن البيئة المكانية التي تتفاعل بها الشخصيات في كتاباتي، هي بيئة الإمارات، بأحيائها وبحرها ومبانيها، وأسواقها، حتى أسماء الشخصيات التي أختارها أحرص أن تكون أسماء متداولة في دولتي الحبيبة.

هدية للوطن
ويؤكد الباحث والإعلامي عبد الله عبد الرحمن الحمادي، أنه عبر مسيرته الصحفية والإعلامية والبحثية التي تتواصل منذ عام 1975 «كان الوطن نبضاً وهاجساً وكنزاً يمنحني المزيد لاستكشافه. فعبر رحلة ملؤها الفضول والرغبة في استكشاف المزيد من الدرر والدانات في قيعان رمال وطني وبحره وجباله، وبهاجس دفعني بشكل متواصل نحو استمطار ذاكرة الإنسان والمكان وتدوينها على صفحات صحيفة «الاتحاد» أولا، ومن ثم في سلسلة كتب وأعمال إذاعية وتليفزيونية توثيقية، كنت أسعى إلى تعريف العالم كله بوطني الإمارات، وما يحمله من تاريخ وتراث عريق وتنوع يكاد يكون سمة أساسية في هويته».
ويضيف: من هذا المنطلق تأتي إصداراتي «الإمارات في ذاكرة أبنائها» و«قيمة التلاحم » و«الظفرة ـ رحلات في البر والبحر» وغيرها لتكون هديتي لهذا الوطن المعطاء، ومحاولة مني لأسرد ما يمكن سرده من ذاكرة الآباء والأجداد وتفاصيل يمكن أن تُنسى من تاريخ الإمارات الصانعة دوما للأمل والحياة.

أحلام وأفكار
ويعتبر الفنان التشكيلي محمد الاستاد أن الهوية الوطنية «هي روحٌ وأحلامٌ وهواجس وأفكارٌ تسكن الفنان والمبدع الحقيقي ويحلق بها في عوالم الإحساس والفكر والابتكار، ويعيشها بحذافيرها قبل أن تتجلى في لوحاته وأعماله الفنية ورحلته المستمرة في البحث عن الجديد والمميز في عالم وخفايا الفن التشكيلي».
ويقول: أحاول جاهداً في جميع أعمالي أن أعكس المضامين الفكرية والإنسانية للشخصية العربية بشكل عام والإماراتية بشكل خاص من خلال أفكار ومواضيع هذه الأعمال. فالبيئة الإماراتية حاضرة دائما في أعمالي بتفاصيلها، سواء بحرية أو برية من خلال لوحات البحر والبيئة الصحراوية والصقور والخيول ورياضة الصيد بالصقور. والوطن حاضرٌ كذلك في أعمالي حيث تجلت قضايا الوطن في لوحة «شموخ الوطن» والتي أتناول فيها القرار التاريخي البطولي الحكيم لدولة الإمارات بتحرير سد مأرب ورفع علم الدولة عليه، ولوحة «الحصن» التي تمثل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد وقصر الحصن حيث بداية الوطن واستقراره، ولوحة «زايد» المؤسس وباني الحضارة، وكذلك لوحة «أمجاد يا عرب» التي تحاكي الوضع السياسي للوطن العربي.

الأنثى الرمز
وتشير التشكيلية د. نجاة مكي إلى أن الهوية الوطنية «موجودة في كل مساحة العمل الفني لديّْ، وتتبدى في اللون، الإيقاع، ترتيب العناصر، كما أنها تنعكس كتآلف لفئات المجتمع، وترابط راقٍ، تحقق ويتحقق من قبل المسؤولين وتطلعات الشعب»، وتضيف: الأنثى رمز من رموز هذه الهوية في أعمالي، لأتها ترمز للمجتمع والأجيال القادمة، والشمس المشرقة دائماً في السماء أو اليوم الجديد على أرض هذا الوطن الذي يظل متجدداً لأنه في مدارات التطور الدائم، وهذا ما تعكسه المكونات عبْر الأزمنة، ومنها ما أرسمه في لوحاتي كالموج والرمال واللآلئ، واللون الصحراوي الممتزج بألوان الماء والفضاء والنخيل، إضافة إلى تركيزي على النقوش والزخارف الموروثة من بيئتي، بتراثها وحاضرها ومستقبلها وتحولاتها المعاصرة.
وتلفت مكي إلى أن الهوية الوطنية «تبرز أيضاً من خلال منحوتاتي والمجسمات التي أصنعها، ومنها التصميم الخاص بفنيات إناث من الضوء، لتكون الرسالة المنطلقة من الإمارات إلى العالم».

ابن البيئة
ويجيب الكاتب إبراهيم الهاشمي عن السؤال بسؤال: إذا لم تحضر الهوية الوطنية لأي كاتب أو فنان أو مبدع، في إبداعه فما قيمة ما يكتبه أو يبدعه؟ ويسترسل: الإنسان ابن بيئته، الأرض التي عاش عليها، الوطن الذي رعاه، المجتمع الذي كونه مع أسرته الأولى، ويتابع: كل كلمة من أعمالي تمثل الإمارات وعروبتي، وكل عمل كتبته، أو عملته، هو جزء من تكويني الأسري، وتربيتي، سواء كان شعراً، أو معتقدات شعبية، أو مقالات، إنه جزء من لون هذه السماء، وهذه الأرض.

الفروسية
بالنسبة للكاتبة الدكتورة مريم الشناصي، فإن «موضوع الفروسية خصوصاً في روايتي «مذكرات فارسة عربية» يمثل هويتي الوطنية، والتي كتبتها متأثرة بالقدوة الأولى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي أسس سباقات القدرة على المستوى المحلي والعربي والعالمي، وهو أيقونة لمن دخل مجال الفروسية وسباقات القدرة والتحمل، وهذا ما انعكس على كتاباتي وسلوكاتي، إضافة إلى مجموعة من المقالات التي نشرتْ في صحيفة «البيان» على مدار 4 سنوات، وكانت متعلقة بالواقع الإماراتي»، واختتمت: «هناك 5 كتب ستصدر قريباً، جميعها ذات علاقة بالهوية الوطنية بشكل مباشر وغير مباشر».

سلوك حاضر
وتعبر الكاتبة زينب الرفاعي، كما تقول، عن هويتها الوطنية «من خلال مشاركاتي في الاحتفالات والمناسبات الوطنية، ومن خلال كتاباتي، وفي المناسبات الاجتماعية، لأنها جزء لا يتجزأ من حياتنا، خصوصاً وأنها مرتبطة بالوطن، إضافة إلى المشاركة في الأمور التطوعية، فعندما أقدم الأمسيات، وأشارك في الفعاليات الثقافية، فإنني أعتبر ذلك عملاً تطوعياً وهوية وطنية أعتز بها، كما أن مشاركتنا من خلال الأغاني الوطنية تدل على هويتنا، وسبق وأن شاركت في عدد من الأوبريتات الوطنية، ومنها «أوبريت متحدون لأجل الوطن»، والهوية حاضرة في كل كلمة ننطقها، ونكتبها، وكل عمل نقوم به».

البيئة العاكسة
وتلمح التشكيلية آمنة الفلاسي إلى أن الهوية الوطنية متداخلة في لوحاتها وأعمالها، مضيفة: أعتمد في لوحاتي على البيئة العاكسة للهوية الوطنية لأنها أنفاسنا التي تتلون بها أعمالنا الفنية والثقافية والحياتية، وتظل بحاجة إلى المزيد من أعمالنا لتكون على قدر إضاءة الوطن لوجودنا، سواء من خلال الرموز الشخصية، أو البيئية، مثل النخيل، والبحر، والرمال، اللؤلؤ، وهي جذور الماضي والحاضر والآتي، وتتابع: آخر لوحة لي كانت للشيخ زايد طيب الله ثراه، ورسمته واقفاً في الأعلى، هناك على الجبل، وهو يرى، برؤيته المتسعة ومنهجيته الشاملة، البحر والنخيل والماء والصحراء، وكأنه يقف بين الماضي والحاضر والمستقبل، ليمنح الهوية الوطنية معناها العميق.

تفاعلات الهوية
وتؤكد الكاتبة صالحة عبيد أن الكاتب ابن مكانه، وتجربته المحيطة، والأسئلة الجذرية التي تشغله، ولذلك، لا نستطيع القول إن الهوية الوطنية حاضرة في العمل السردي فقط، لأن التفاعل مع المكان والناس والأسئلة هو هوية أيضاً، والسارد يتكلم حتى بأفعاله وحضوره عن انتمائه وهويته، وللقارئ أن يلتقط تفاعلات المكان، لأن الكاتب لا يتعمد الكتابة عن الهوية، لأنها موجودة، أصلاً، بالفطرة، في كلماته، وسلوكاته، وتفاعله الأول مع المكان ورموزه وبيئته ونفسيته ومجتمعه ووجوده، إذن، الهوية الوطنية رمز حاضر أبداً، وتضيف: الشخوص، غالباً، ما تنطلق إلى مدى أوسع، والانطلاق من الهوية المحلية الوطنية إلى الهوية الإنسانية، وهي ذاتها التساؤلات والامتدادات في الشمولية، لأن هويتنا تتسع للآخرين، وسماتها التسامح والتعايش والتفاعل إبداعياً وإنسانياً، إضافة إلى إنتاج أسئلة تفاعلية ثقافية للانطلاق من الإنسان المحلي إلى الإنسان الأبعد.

أستشعر هويتي
وبدوره، قال التشكيلي أحمد الفلاسي: من خلال خروجي إلى الرسم في المواقع المختلفة في الإمارات، مثل برج خليفة، و جميرا، أشعر بأن البيئة الإماراتية تعلمنا التجذّر في هويتنا، ناهيك عن التخيل والتعامل الإنساني مع أنفسنا والمكان والآخر، فنتوقف للحظة، لنتأمل، لأن المشهد الفني متسارع، ولذا، لا بد من لحظة تأمل عميقة، لنستشعر هذه الثقافة الوطنية تراثاً وحاضراً ومستقبلاً، لذا، أزور المواقع الأثرية والحديثة والمناطق النائية كي أستشعر هويتي الوطنية وتراثي الإماراتي في الماضي والحاضر لأعكسه في ألواني ورسوماتي وأعمالي، وهذا هو الوتر الحساس لكل إنسان عربي إماراتي.

حضور عفوي
وتعتقد الكاتبة مريم الزعابي أن الهوية الوطنية «حاضرة بشكل عفوي مع الكاتب وكلماته وسلوكه، والكاتب، دائماً، يحاول أن ينقل هويته الوطنية من خلال نصوصه وأعماله وهذا ما فعلته في قصة «رائد الفضاء الصغير» التي عكست البيئة الموضوعية والمكانية، كما ركزت فيها على الحياة اليومية والطموحات المستقبلية لأنني تحدثت عن مركز الفضاء في الإمارات، وهي رسالة للجيل القادم للتطلع إلى المستقبل دائماً، مع حب الوطن والتعلق بالهوية الوطنية، كما ظهر الموروث الإماراتي في قصتي «دانة وقطرة المطر» وهي قصة مأخوذة عن حكاية فلكلورية تراثية تحكيها الجدات عن (فتاة القرع)، لتستمر كجزء من الهوية الوطنية مع الجيل الجديد، وتصل إلى أنحاء العالم وهي مرتدية الروح العربية الإماراتية».

إشارات واضحة
وتقول الكاتبة الروائية الإماراتية فتحية النمر: في أكثر أعمالي إشارات واضحة على أن وراءها كاتب إماراتي بدءا من توظيف اللهجة المحلية كما حصل في «فتنة الداعية» مرورا بـ (كولاج) التي كانت أكثر شخصياتها من الإمارات رغم وجود بعض العرب وغيرهم، وصولا إلى اعتماد الموروث متمثلا في العلاجات الشعبية التي تتوسلها واحدة من الشخصيات النسائية علاجا معتمدا لبعض الحالات الميؤوس منها، عدا عن الذكر المتعمد للأماكن والأحياء السكنية والمستشفيات أو المراكز التجارية أو أسماء بعض الشواطئ وغيرها.
وتتابع: أعتبر أن من واجبي ككاتبة إماراتيه أن أهتم بهذه المسألة، وأن أنقل طبيعة وخصائص مجتمعي إلى الآخر حتى أنني أنزعج من الإماراتيين الذين يحاولون التنصل من هويتهم بإشارات غريبة كإسناد أدوار لشخصياتهم خصوصا النسائية لا علاقة لها بالأجواء الإماراتية.
الكاتب في الأول والأخير ابن بيئته وبلده ومجتمعه وعليه إذا كان ذا انتماء أصيل وحقيقي لهوية ما أن ينطلق منها وأن يفخر بانتمائه هذا معبرا عنه تعبيرا صادقا.

الكفاءة الإنتاجية
ويقول الكاتب الباحث فهد علي المعمري: من تجربة شخصية، أرى أن مفهوم الهوية يتواجد لا شعوريا في كل عمل وتجربة أدبية قمت بهما سواء شعرا أو نثرا، بيد أن هذه الهوية تختلف باختلاف الطبائع، إلا أن هوية واحدة تبقى هي السائدة والمهمة في خلق الإبداع والابتكار والتفرّد، إضافة إلى الجودة العالية في إخراج المصنّف الأدبي بكل إتقان وجمال، ألا وهي الهوية الوطنية، وتتواجد هذه الهوية في الشعر الشعبي الإماراتي وفي الأمثال الشعبية والطب الشعبي والخراريف والألعاب والعادات والتقاليد والزينة والعطور والأزياء والملابس والحرف والصناعات، مشتملا على البيئات الثلاث وهي البرّية والبحرية والجبلية.
ومن خلال الهوية الوطنية خرج إلى حيّز الوجود كتابي «الرياح والهوية المحلية في التراث الشعبي الإماراتي»، وفاز بجائزة العويس ضمن فئة أفضل كتاب إماراتي يصدره أحد أبناء الإمارات، لذا فالهوية الوطنية عامل مؤثر في رفع الكفاءة الإنتاجية لكل إبداع وابتكار، وهي تضيف إلى العمل الأدبي رونقه وزهوته كما أنها المكسب والمغنم الحقيقي في نجاح العمل الأدبي الشعبي والتراثي لدولتنا.

الجندي والشاعر
وتقول الشاعرة علياء العامري (شجون الظبيانية): الهوية مفهوم يميز الشخص أو الجماعة. والإبداع عملية معقدة تخضع الواقع لصنف من صنوف التعبير الجمالي، من شعر ومسرح وتشكيل وأدب وغيرها. وأرى أن أشكال الإبداع المختلفة هي محاولات الإنسان المستمرة والدؤوبة طوال رحلته على هذه الأرض لتمثيل هويته بمختلف مستوياتها الفردية والجمعية، وبمختلف صورها الثقافية والوطنية، وبمختلف لحظاتها وأحدثها. لذا فأنا أعتبر أن الجندي والشاعر صنوان، فبينما يفدي الجندي وطنه بدمه أيضاً الشاعر يفديه بكتابته ويخلده فيها. وفي هذا الإطار والنهج تأتي قصائدي الوطنية قائمة على الذاكرة لا على الخيال، وعلى ما حفظته الذاكرة من الماضي، تصف المكان والأحداث بأدق التفاصيل لتكون حافظة للتاريخ والوطن مع الحفاظ على الهوية الإماراتية بكل تفاصيلها من لغةٍ وأرضٍ وتراثٍ وقيم وحضارةٍ.

المبادئ والقيم
ويشير الشاعر خالد الظنحاني، رئيس جمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية، إلى أن للثقافة عموماً والشعر على وجه التحديد، دورا كبيرا وأثيرا في ترسيخ مبادئ الدولة وقيمها، وتعميق معاني الولاء والانتماء للوطن والقيادة الرشيدة، فضلاً عن تعزيز الهوية الوطنية في نفوس أبناء الوطن. ذلك أن الثقافة تعد من أهم الركائز الأساسية في عملية البناء والتنمية والتقدم إلى الأفضل للوطن والمواطن. وبالتالي فإن الشعراء، شركاء في هذه العملية ويقع على عاتقهم الكثير والكثير من المسؤوليات من حيث البذل والعطاء والإنجاز لرفعة الوطن وتقدمه.
وقد قدمت خلال مسيرتي الإبداعية أعذب القصائد الوطنية والاجتماعية في حب الوطن، بمفرداتها ذات الطابع العصري الذي يعكس ملامح أثيرة من الحياة الواقعية في دولة الإمارات. كما أن لدي العديد من الأنشطة والفعاليات التي قدمتها طوال السنوات الماضية داخل الدولة وخارجها؛ عكست البعد الوطني وأخلاقيات المواطن الإماراتي الذي تربى في مدرسة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، القائمة على قيم المحبة والتسامح والسلام وحب الوطن واحترام الإنسان.

مفردات تراثية
وتقول الفنانة التشكيلية الإماراتية هدى الريامي: جاء حبي لهويتي الوطنية، من خلال تمسكي بأقوال ونهج الشيخ زايد «طيب الله ثراه» والتي أصبحت مثلاً دارجاً على لساني ومجسداً في لوحاتي الفنية: «من ليس له ماض ليس له حاضر ولا مستقبل»، وفعلا كيف يعيش الإنسان بلا هوية وبلا أصل، ولذلك لا خير في إنسان ينسى هويته وماضيه وتراثه وعاداته وتقاليده. ولتحقيق ذلك، ثمة خيارات أبرز من خلالها هويتي الوطنية مثل أعمالي (الحروفيّة) التي أحاول فيها تطويع الحرف العربي للخروج بمنجز بصري يحمل خصائص ونبض المكان الذي أعيش فيه، إضافة إلى استخدام مفردات تراثيّة واستلهام المشغولات والحرف اليدويّة الشعبيّة التراثيّة وجماليات عمارة البيت الشعبي العربي ومحتوياته، وترتيبها ضمن تكوين لوني، في لوحة تراثيّة المضمون والمحتوى. وأيضاً من خلال لوحات تمزج بين الطبيعة والتراث لتجسد قيم المكان، وتحكي مفردات البيئة المحلية. فصورة المرأة بلباسها التراثي، والصحراء والبحر. ورغم حرصي على إبراز الهوية الوطنية في أعمالي التشكيلية، فأنا أيضاً أحرص على الاعتراف بثقافة الآخر للوصول إلى سمات هوية ثقافية تكون شاملة وليست منعزلة ومحدودة.

الهوية البصمة
وتقول الكاتبة الإماراتية مريم الهاشمي: هويتي الوطنية حمّلتني مسؤولية السعي لترك أثر إيجابي سواء في المجتمع هذا أو خارجه، وما كانت هذه المسؤولية عبئا وإنما حثتني على المواصلة والاستمرار في العطاء رغم تعدد الثقافات في الدولة والجنسيات (أكثر من 200 جنسية في الدولة) وبذلك يكون التحدي في إبراز تجربتي صعبا لكن ليس مستحيلا، هويتي بصمة تميّزني وبيئتي الإماراتية هي الداعم الأول لي.

المعلّم والمحفّز
وقالت الشاعرة لمياء الصيقل: الوطن من تبنى مواهبي منذ البداية وأمسك بيدي وعلمني وصقل مواهبي دون أن يطلب مني شيئا، هو فقط أرادني أن أكون متميزة فريدة محلقة في سماء الإبداع، أما أنا، فإنني ابنته البارة، التي تحمد الله كل يوم على نعمة هذا الوطن وعطاءه اللامحدود، فأقل تقدير هو أن أمثّل وطني خير تمثيل أينما وطأت قدم الإبداع، وفي شتى المجالات التي حلقت بها، فلم يكن ليكبر جناحي ويحلّق عاليا في سماء الإبداع لو لا المُعلّم، المحفز، الداعم، الملهم والدافع وهو الوطن فأشعر بأنه معي في أي عمل أقوم به.
كما أني مدركة بأني ابنة الوطن ومرآته، أعكس صورته وثقافته ومبادئه التي أورقت بداخلي منذ نعومة أظافري إلى اليوم وما زلت في طور النمو تحت ظله وبين أحضان تربته، وما زالت جذور الإبداع تكبر وتنمو وتخبئ المزيد.

ثراء
وترى الكاتبة موزة عوض: إن الإبداع له دور في ثراء الهوية الوطنية للأقلام المختلفة. وتضيف: أنا مؤمنة أن الوطن يخدم المبدعين في كافة المجالات فكيف لو ترسخت الهوية الوطنية في ذاكرة الكاتب نفسه وأعطته المجال للتعبير ووصف الوطن بكل ذاته المعطاء في خدمته وما آل عليه من تطور وازدهار.. بالنسبة لي دائما تحضرني الهوية الوطنية في كتاباتي وبالأخص في مناسباتنا الوطنية الجميلة، فالتعبير هو شعور مختلف عندما يكون الوطن أساسه.

ظلال وارفة
ويقول الشاعر الإماراتي والحاصل على جائزة البردة علي بن الشايب القحطاني: الإنسان ابن مجتمعه ولكل مجتمع ثقافته التي تعبر عن اهتماماته، وفي المجتمع الإماراتي فإن الشعر حاضر بشكل قوي و مؤثر في كل ما يلامس الوطن والمواطن.
وأنا كأحد شعراء هذا البلد كانت ومازالت الهوية الوطنية حاضرة وبقوة في نصوصي منذ البدايات فهي شيء أشبه بالأكسجين الذي أوجده الله في الكون لتستمر به الحياه، حب الوطن والتغني فيه من الأمور التي لم اخترها لتكون موضوعا رئيساً في تجربتي وإنما كانت بابا رئيساً أعبر من خلاله إلى جمهوري وفيه أَجِد ظلالاً وارفة من تعب الكتابة والحياة فهو أقرب ما يكون مصيراً لا خياراً بالنسبة لي.

تفاصيل حميمة
يقول الكاتب والشاعر خالد البدور: الهوية الوطنية بالنسبة لي هي اللغة التي تحمل مكنونات المكان، وذاكرة البيئة التي عشت وترعرعت فيها، والتي عكست نفسها في إنتاجي الشعري والكتابي على شكل رموز، ومعاني وإيحاءات دلالية مرتبطة بطبيعة البيئة الساحلية والصحراوية المرتبطة بعضها ببعض والتي عاشت فيَّ وعشت فيها، وفرضت حضورها. فمثلا البحر الذي يعني لنا الكثير في ثقافتنا الإماراتية لارتباطه الوثيق بطبيعة الحياة وشخصية كل واحد منا، وذلك من خلال المعايشة لقصص الآباء والأجداد عن رحلات الصيد والغوص ومغامرات البحث عن اللؤلؤ، مع تجربة معاناة شظف الحياة، ورعونة التكيف مع البيئة الصحراوية، ومعاني المطر الذي يعتبر لكل من عايش الصحراء نعمة إلهية ينتظرها كي يرسم ملامح صموده ورزقه. كل هذه التفاصيل الحميمية في ذاكرة الإنسان مع لغة المكان وخصوصية المكان هي الواحة النابضة والمتجددة دائما لمفهوم الهوية الوطنية بالنسبة لي كشاعر وكاتب.

تجسيم الأفكار
يقول الدكتور محمد يوسف، أستاذ مساعد بكلية الفنون الجميلة والتصميم بجامعة الشارقة: الانتماء إلى بيئتين متقاربتين بالنسبة لي وهما البحرية والصحراوية جعلني أترجم الكثير من المشاهد المتعلقة بالهوية رغم صعوبة تجسيم الأفكار، وعملت على ترجمة التراث بالحركة والإيقاع ما بين البر والبحر بشكل متناغم.
وأرى أن ما يميز أعمالي هو الاشتغال على خامات البيئة التي تتميز بها الإمارات وتوظيفها بصرياً على نحو يحقق رغبتي الفنية من ناحية، ويساعدني في الهروب من الحساسية التي ينظر بها إلى فن النحت في المجتمعات المسلمة، لقد جاءت كحل وسط بين وجهة نظري الفنية حول الهوية المحلية والخصوصية الثقافية وبين الاشتغال على العادات والتقاليد، وهي إحدى المداخل العالمية لتفهم الهوية.
وكما هو متعارف عليه، فإن لكل شعب عاداته وتقاليده التي تميزه عن الآخرين رغم التقارب أحيانا، ويفترض في المبدع أن يتكلم عن خصوصيته وينطلق منها في عمله الإبداعي وفي النهاية هي رؤية بصرية تشكيلية. لقد عملت واشتغلت كثيرا على توصيل النعاشات بكل أشكالها وبقدر تواجدي في أي محفل فني إلى الآخرين، لأن هذا الفن الإماراتي الجميل هو شكل فني متميز من الفنون الشعبية بين شعوب العالم.

أمر بدهي وفطري
تقول الكاتبة والإعلامية الشاعرة شيخه الجابري: تحضر الهوية الوطنية بشكل كبير فيما أكتب منذ بدء التجربة في مطالع الثمانينيات، حينما كان مقالي الأسبوعي على صفحات «الاتحاد» كان الوطن حاضراً، أنا لا أستطيع الكتابة إن لم أتنفس وطني في كل كلمة، فمن يحب وطنه وهويته تندس بين سطوره كل المشاعر النبيلة التي يمكن أن يحملها ابن الوطن لأرضه، وناسه، وهويته، لذا من البدء كان الوطن حاضراً بقيمه، بتاريخه، بعادات ومعتقدات أبنائه الذين يشكلُون نسيجه الاجتماعي والقيمي والأخلاقي الأصيل. حينما نتناول بالتحليل قضية اجتماعية مثلا نستحضر الهوية الوطنية كأمر بدهي وفطري ذلك أنها تمثل عنواننا، ورمز تميزنا، هي نحن بما نحمل من تفاصيل إنسانية دقيقة، وحب متنامٍ وعظيم للوطن، تتجلى واضحة في القصيدة حينما نكتبها، وفي البحوث والدراسات، وكافة أشكال الكتابة التي نتعاطاها. أنجزت العديد من الأبحاث ولدي إصداران حول تراث الإمارات الذي يمثل أحد أهم العناصر ذات الارتباط بالهوية مثل كتاب «فلسفة الجسد/ زينة وأزياء المرأة في دولة الإمارات»، وكتاب «وين الطروش» وكتاب «يقول المتوصف» الذي شاركتُ في كتابة مادته وتحريره والإشراف عليه، بالإضافة إلى عدد من الدواوين الشعرية الخاصة، ودواوين أخرى أشرفتُ على إنجازها، كما أن الهوية الوطنية حاضرة وبقوة في قصائدي وهذا من فضل ربي الذي أنعم علينا بوطن، وأمن، واستقرار بفضل قيادة حكيمة يقف لها التاريخ تقديراً واعتزازا. من هنا فإن المنجز الثقافي الخاص بي منذ البدء كان يتكئ على غرس القيم وتكريس الهوية باعتبارها قيمة وطنية عظيمة، وواحدة من المعاني الغزيرة والعميقة التي تُلهمنا الكثير من صور الإبداع والتّجلي الأدبي الفاخر.

الأدب والرمز
تقول الكاتبة والروائية لولوة المنصوري: لاشك أن الهوية الوطنية تعد شرطاً مهماً لتحقيق نشاط التواصل الإبداعي بين الشعوب وفهم وتقبّل هوية الأوطان الأخرى، انعكست ملامح الهوية الوطنية على كتاباتي من خلال البحث عن جذر المكان الإماراتي الأصيل وعروقه ومحاولة استنطاق الأثر القديم والمكون النفسي والاجتماعي والزمني المحيط بتلك الأمكنة، إضافة إلى الموروثات البيئية والتاريخية والدينية وقبلها الموروث الفلسفي الفطري للإنسان البدائي منذ أزمنة العصور الحجرية الأولى والذي حفر في الشك والأسئلة واقترح بدايات الهوية على أرض الإمارات. وتضيف: في الأدب وفضاءات الإبداع يمكنني أن أعبر عن الهوية الوطنية عبر نافذتين، الأولى: من خلال انعكاسات الكون على الهوية الوطنية، بمعنى أن أعبّر عن رسالة الأرض بإعادة بناء الهوية الإنسانية وتخييل الوقائع ومنحها بعداً روحياً وأسطورياً، ففي رواية «خرجنا من ضلع جبل» كان هاجسي منصباً على كيفية تحويل (جبل جيس) ذلك المكان الوطني المهيب والذي يحمل ذاكرة خاصة عند أبناء الإمارات وبالأخص أهالي رأس الخيمة، كيف أحوله إلى رمز أدبي وذاكرة جمعية وبعداً خالداً متوارثاً عبر الزمن. أما النافذة الأخرى التي أعبّر بها عن هويتي الوطنية في الكتابة الأدبية هي نافذة اللغة، اللغة هويتي ووطني الأول، والكاتب كأي نحات أو فنان يشكّل اللغة وفق خصوصية هويته ووضعه الاجتماعي وخلفيته الثقافية، اللغة هي نقطة البدء، والإنسان صنع نفسه منذ البدء من خلال اللغة، الإنسان كائن لغوي بحد ذاته، باللغة نتواصل ونعرّف الآخر علينا، وهي الشيء الوحيد الذي سيبقى بعد أن يختفي كل شيء.