يبدو أن الشراكة التاريخية بين شركتي مايكروسوفت وإنتل قد بلغت مفترق الطرق. إذ تتزايد مبيعات الكمبيوترات اللوحية والهواتف الذكية وأجهزة التلفزيون على نحو يجبر كلاً من العملاقين انتهاج طريق مستقل. وأكبر دليل على تباعد مصالحهما أن مايكروسوفت كشفت الستار عن نسخة جديدة من نظام تشغيل ويندوز الشهير يعمل على معالجات دقيقة صممتها شركة منافسة لشركة انتل هي آرم هولدينجز. ولا تزال مايكروسوفت تعتزم اصدار نسخة من ويندوز تعمل أيضاً على رقائق انتل، غير أن توجه الشركة صوب التعامل مع شركة آرم يعني أنها تعول كثيراً على تقنية رقائق مبتكرة أضحت المعيار الجديد للهواتف الذكية والحواسب اللوحية وغيرها من المنتجات المحمولة. إن اقتران رقائق انتل ببرامج ويندوز، والذي أطلق عليه تحالف “وينتل” هو الذي رسم شكل أعمال الكمبيوتر المكتبي أو الشخصي منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي وحدد المعايير التي أصدر بها مطورو البرامج التطبيقات. غير أن كلا من الشركتين لقي صعوبة في اللحاق بركب الأسواق الجديدة. فرغم أن ويندوز لا يزال يشغل أكثر من 90 في المئة من أجهزة الكمبيوتر المكتبية أو الشخصية تقول مؤسسة جارتنر البحثية إن برمجيات مايكروسوفت تشغل أقل من 3 في المئة من الهواتف الذكية في ربع السنة الثالث. ورغم بزوغ الحواسب اللوحية وانتشارها التدريجي في العقد الماضي لم يحظ أي جهاز لوحي “وينتل” على قبول المستهلكين. وكان نجاح آي باد من آبل بمثابة عامل انشقاق عميق بين مايكروسوفت وانتل. فالشركتان بالتعاون مع مصنعي الأجهزة لم تقدرا على إصدار أي منتجات لوحية تواكب أداء آي باد وسهولة استخدامه وكفاءة استهلاكه للطاقة وهو توجه مثير للقلق نظراً لأن جهاز آي باد من آبل أصبح يؤثر سلباً على مبيعات أجهزة الكمبيوتر المحمولة. وقال ستيف بالمر الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت إن نسخة ويندوز الجديدة تتلاءم مع الأجهزة التي تعمل من خلال لمس الشاشة ومع قيود الطاقة التي تتطلبها الحواسب اللوحية. ويقول خبراء إن الخطوة التي تخطوها مايكروسوفت تعد مؤشراً واضحاً لتضاؤل تحالف “وينتل”. وقال جان لوي جاسي أحد المسؤولين التنفيذيين في سيليكون فالي وواحد من أصحاب المشاريع: “أعتقد أنه انشقاق عميق”. غير أن بيل كيركوس المتحدث باسم انتل، قال إن العلاقة بين الشركتين عميقة وقوية. وأضاف قائلاً: “رغم أنه ليس في وسعنا التعليق بشكل محدد على خطط ويندوز المقبلة فإن هناك مجال أعمال كبيراً لمايكروسوفت وانتل في البلايين المنتظرة من الأجهزة والآلات التي ستصدر خلال السنوات الخمس المقبلة ولاسيما في مجال الحاسوب اللوحي”. يذكر أن مايكرسوفت وانتل تتعاونان منذ قبل أن تطرح انترناشيونال بيزنس ماشينز (آي بي إم) أول كمبيوتر مكتبي لها في عام 1981 وهو جهاز كان يستخدم نظام تشغيل قرصي (DOS) من انتاج مايكروسوفت ونظام رقائق انتل المعروف باسم اكس 86 (X86). وأضحت العلاقة بين مايكروسوفت وانتل وثيقة ومجزية بعد أن ساعد نظام تشغيل ويندوز السهل الاستخدام (من مايكروسوفت) على أن يجعل أجهزة الكمبيوتر المكتبية (PC) شائعة الاستخدام في المنازل والشركات. يذكر أن الغالبية العظمى من 350 مليون جهاز كمبيوتر شخصي بيعت العام الماضي تشغل شكلاً من أشكال ويندوز على رقائق اكس 86 من إنتل. غير أن بزوغ الهواتف الذكية وبعدها الحواسب اللوحية قوض من هذه العلاقة. أن أحد الأسباب الرئيسية وراء تفضيل المستهلكين لأجهزة كمبيوتر مبنية على “وينتل” - التوافق مع برامج تطبيقات لويندوز - غير أن هذا السبب لا يعتبر حتى الآن من عوامل البيع الهامة في فئات الهواتف المحمولة الجديد. صحيح أن أبل وجوجل نجحا في خلق أسواق ضخمة لتطبيقات خفيفة الوزن في هواتف ذكية وحواسب لوحية إلى درجة أن المستخدمين لا يكترثون كثيراً بمدى تلاؤم تلك التطبيقات مع ويندوز. في ذات الوقت لم تتمكن رقائق إنتل مواكبة استهلاك الرقائق المنخفض للطاقة المرتكز على تصاميم مرخصة من شركة ارم هولدينجز التي تمد طاقة المعالجة لغالبية الأجهزة المحمولة. آي باد آبل على سبيل المثال تعمل بطاريته بعد شحنها لفترة 10 ساعات ولا يتطلب سوى ذاكرة صغيرة، وهي مزايا يصعب مواكبتها باستخدام تصاميم طاقة انتل، بحسب ريك وايتنجتون المحلل في مؤسسة تكينديكتور البحثية. طالما أصدرت مايكروسوفت نسخة ويندوز للهواتف المحمولة التي تعمل على رقائق ارم بسبب متطلبات قيود الطاقة في تلك الأجهزة، ولكن ذلك لا ينطبق على نسخة ويندوز الشائعة التي تعمل على أجهزة الكمبيوتر الشخصي. وقال ستيف بيرلمان رئيس تنفيذي شركة أونلايف للألعاب على الإنترنت والذي سبق له أن عمل في مايكروسوفت وآبل إن تقنيات “وينتل” مغروسة بعمق في اقتصاد عصر المعلومات لدرجة أنها ستدوم لفترة طويلة من الزمن، غير أن ما تصدره مايكروسوفت وانتل لا يواكب عصر الأجهزة المحمولة. وقال بيرلمان: “إن نظام “وينتل” ثقيل الوزن لدرجة أنه غير قادر علي دخول هذه الأسواق الجديدة. تنشغل انتل منذ فترة في سعيها إلى خفض استهلاك رقائقها للطاقة وحققت تقدماً في هذا المجال. وقال بول أوتلين رئيس تنفيذي انتل في أحد المؤتمرات الشهر الماضي إنه يجري تصميم رقائق الشركة بحيث يزود بها 35 حاسوباً لوحياً. ان مساعي انتل إلى تطوير قسم البرمجيات بالشركة أغضب ميكروسوفت أيضاً. ففي شهر يونيو 2009 فجرت انتل مفاجأة حين عرضت شراء شركة منافسة لمايكروسوفت اسمها ويند ريفر سيستم مقابل 900 مليون دولار، وهي شركة لديها نظام تشغيل لعدد من التطبيقات غير الحاسوبية. كما عقدت انتل مؤخراً اتفاقية لشراء شركة “مكافي” المتخصصة في إصدار برمجيات أمنية مقابل قرابة 7,7 مليار دولار. بجانب أن انتل تقوم حالياً بالاشتراك مع نوكيا بتطوير نظام تشغيل لأجهزة محمولة مرتكز على لينوكس اسمه ميجو. نقلاً عن - وول ستريت جورنال ترجمة - عماد الدين زكي