المغزل الخشبي دليل استثمار الأجداد لمفردات طبيعة بيئتهم
تعكس الحرف اليدوية القديمة صورة صادقة عن جهود الأجداد في التكيف مع البيئة الصحراوية، وحسن استغلال مواردها الطبيعية وتطويعها لصالحهم، فضلاً عن براعة المهارات الذهنية واليدوية التي اكتسبوها خلال ممارسة العمل الحرفي، باستخدام الخامات الأولية المتوفرة في البيئة المحلية، بمثل ما تعكس النمط المعيشي لهم وتأقلمهم مع الطبيعة المحيطة بهم مهما قست وانتفاعهم بما تجود به عليهم رغم ندرته.
أداة محلية
جاء في كتيب «تفاصيل البيئة البرية»، أحد إصدارات «نادي تراث الإمارات» فيما يخص حرفة غزل الصوف وحياكته «إن اعتماد غزل القطن والصوف على أداة بسيطة هي «المغزل» المصنوع من أشجار (النبق أو العوسج أو السدر) هو دليل استثمار الأجداد لمفردات طبيعة بيئتهم البرية، بحيث كان المغزل عينه مصنوعاً من أغصان وأخشاب الأشجار المحلية».
ويصف جنيد السقاف، بائع أدوات غزل في السوق الشعبي؛ المغزل فيقول: «تعتبر مبرمة المغزل أداة الحياكة الرئيسة، وهي قطعة مصنوعة من أعواد الشجر المشذب الأملس، ويكون في أعلاها قطعة حديدية تسمى «السنارة» بحيث تكون وظيفة المغزل الأساسية هي برم الصوف والقطن وشعر الماعز وغزله». ويلفت إلى أن المغزل يباع في دكاكين السوق الشعبي بأسعار مناسبة جداً تشجيعاً لاستخدامه وإحياء التقاليد المتصلة به من غزل وتوضيب خصلات الصوف، ليتم بعدها استخدام منتجات الصوف والقطن المصنوع يدوياً ومحلياً.
مراحل متعددة
يتم صنع منتجات النسيج الصوفي سواء التي يرتديها الناس أو يفرشونها في الخيام وبيوت الشعر والمجالس؛ من خامات الصوف بعد تشذيبها وتنظيفها وغزلها بواسطة المغزل لتكوّن خيوطاً ملفوفة ببعضها على هيئة كروية، بحسب أم عبدالله، عاملة بالمشغل النسائي في القرية التراثية، إذ تقول «تفتل الخامات الصوفية -أي تبرم- على المغزل للحصول على الخيوط، ثم تمر بمرحلة السدو للحصول على «الدرية» أي كرة الصوف، وبعدها نبدأ بالحياكة، حيث ننسج من صوف الأغنام وبواسطة المغزل اليدوي قطع عديدة مثل العدول والقاطع والزولية والبساط والمزاود والسفايف والمساند والعقال والخروج، والزرابيل والبداد والسيح والخطام والشداد. فضلاً عن بيوت الشعر سكن الأجداد قديماً، وما يماثلها من خيام».
وتحرص أندية التراث على إشراك حرفة «المغزل» اليدوية القديمة التي استخدمتها الجدات والأجداد قديماً في المهرجانات التراثية والملتقيات العصرية التي تقام في الإمارات، سعياً منها لإحياء التراث والحفاظ عليه ونشره في أوساط الجيل الشاب.
المصدر: أبوظبي