ريم البريكي (أبوظبي)

على الرغم من النمو والتوسع السريعان اللذان سجلهما قطاع السلع الفاخرة عالمياً ومحلياً، والتنوع الكبير الذي توفره الشركات المصنِّعة لهذه الفئة من المنتجات إلا أن الهوس وحب الامتلاك لهذه السلع سيطرا على عقول الكثير من المتسوقين، وتخيلهم لها أنها تمنح مظهراً اجتماعياً مرتفعاً، أو جودة أعلى من السلع الأخرى.
فالكثير من المتسوقين لا يراعون الجودة والأصالة في القطع باهظة الثمن، مقارنة بالمكانة الاجتماعية التي ستمنحهم إياها.. ولم تسلم هذه السلع من التقليد حتى يعم النفع كافة طبقات المجتمع، إلا أن خبراء حذروا من الانقياد وراء تلك السلع ما لم تكن هناك مقدرة مالية لما تسببه من أعباء لا يمكن التخلص منها.
تفصيلاً، قال مرهف محمد مسؤول مبيعات في محل «جوتشي»، إن محبي العلامات الشهيرة يفضلون اقتناء الجديد منها، ومتابعة ما يتم طرحه في الأسواق المحلية والعالمية من آخر التصاميم، الأمر الذي يكلفهم الكثير من المال، إلا أن الشركات حريصة على توفير خيارات سعرية متنوعة تلبي احتياجات العملاء وميزانياتهم المالية المختلفة، إذ تتراوح أسعار السلع بين 4000 درهم وأخرى تصل إلى 10000 درهم وتزيد حتى تصل إلى مليون درهم. وبين مرهف، أن هذه الاختلافات تكون ناتجة عن اختلاف مواد التصنيع، وخير مثال على ذلك الحقائب، فهي مختلفة بسبب مواد تصنيعها، فهناك الجلود الثمينة والمجوهرات والتصاميم النادرة، التي هي أساسية في عملية التصنيع ولهذا السبب تفرض كل قطعة سعراً يناسبها.

رقابة مشدّدة
وأضاف مرهف، في سوق أبوظبي نجد الإقبال أكبر من المواطنين، يليهم السياح، وعلى العكس في سوق دبي حيث يأتي السياح في المركز الأول يليهم المواطنون، مبيناً أنه لا يمكن التلاعب بجودة المنتجات المبيعة بالسوق المحلي، حيث إن الرقابة مشدّدة من قبل الجمعيات والجهات المعنية بحماية المستهلك، كما أن هناك فحصاً مستمراً للسلع المبيعة في المحال الرئيسة والتي تحمل اسم علامات تجارية عالمية.
من جانبها، بينت براق جراح مسؤولة مبيعات بمتجر «بربري العالمي» أن هناك العديدَ من الأسباب لاقتناء «الماركات»، والتي تشهد تزايداً العام تلو الآخر.
وأشارت، إلى أن الأسعار المرتفعة لهذه السلع والمنتجات الغالية تأتي بالأساس من التاريخ العريق لبعض بيوت الأزياء والموضة، والتي تعود لأزمان وقرون سابقة، فمثلا «بربري» بدأت التصنيع منذ عام 1856، فهذه الميزة كفلت الخبرة الطويلة لهذه البيوت، وميّزتها عن غيرها في مجال تخصصها في تصميم وإنتاج سلع قيِّمة.
وكشفت جراح عن أن أغلب رواد سوق العلامات التجارية الفارهة من النساء، نظراً لتعدد المنتجات النسائية التي تقوم هذه البيوت العريقة بإنتاجها، مستهدفة العنصر الأنثوي بالأساس، وفي الوقت نفسه تقدم العديد من المنتجات الخاصة بالرجال.
وفي السياق ذاته، أكد الخبير الاقتصادي محمد الشاعر، أن العلامات التجارية الفاخرة أوما نسميها بــ «الماركات» كانت وما زالت مصدراً لاجتذاب طبقة معينة، واليوم أصبح يتهافت عليها الصغير والكبير، الغني ومتوسط الدخل، وأصبحنا نشاهد بعض الممارسات الخاطئة في سبيل اقتناء هذه العلامات سواءً عن طريق الاقتراض أو الإسراف في الشراء لدرجة انتقلت من كونها كماليات إلى ضرورة للبعض لا يستغني عنها حتى ولو كان دخله المادي لا يسمح له بذلك. ونشاهد أن كبرى الشركات أصبحت تستهدف النساء أكثر من الرجال نظراً لإقبال النساء على شراء هذه المنتجات أكثر من الرجال، ومع ذلك للرجال نصيب من هذه العلامات، لكن بشكل أقل وأبسط من البضائع المطروحة للنساء، نظراً لأن الرجال إقبالهم على العلامات التجارية محصور في أمور معينة مثل (الساعات - السيارات - الإلكترونيات) وليس على الملابس والإكسسوارات كما هو الحال لدى النساء.

سوق جاذبة
وأضاف، يلجأ البعض لاقتناء العلامات التجارية بغض النظر عن مقدرته المادية ليكمل بعض الجوانب لديه والمرتبط بشخصيته. والسوق يعتبر من الأسواق الجاذبة للعلامات التجارية، حيث يزخر بالكثير من العلامات التجارية المختلفة من دول عديدة.
ولذلك، فإن الثقافة الشرائية للزبون وقناعته في أن يشتري احتياجاته الفعلية هما من أهم جوانب الإدارة المالية الصحيحة للأسرة وللفرد، وكذلك يساهمان في رفع مستوى جودة المنتجات في الأسواق بشكل عام واتزان أسعارها مقارنة مع الأسعار العالمية.
وقالت هند الخميري (موظفة)، إن شراء البضائع ذات العلامات التجارية الفاخرة بات يعتقد البعض أنه من الضروريات لإكمال المظهر والأناقة، وهو ما بات يسعى إليه العديد من المتسوقين على الرغم من ارتفاع أسعارها، غير آبهين بالتكلفة المالية لشراء هذه المنتجات.
وأضافت أن التزين والتأنق ليسا من العيب أو المحرم، إلا أن تكريس أولويات الشخص على اقتناء مثل هذه المنتجات، بأي شكل هذا هو ما يزيد من ورطة الكثيرين، إذ من الممكن أن يلتجئ البعض إلى الاستدانة والاقتراض للإنفاق على مثل هذه السلع.
وأكدت، أن مواطني البلدان المصنعة لتلك العلامات التجارية الغالية لا يُقبلون على شرائها، كما هو الحال في مجتمعاتنا، فيجب التعامل مع مثل هذه الحالات بعدم التيسير لها في الإسراف على مثل هذه السلع.
وتتفق أحلام الكثيري (موظفة)، في أن «الماركات» تعتبر الكذبة التسويقية التي برع فيها التجار بهدف سحب مئات الآلاف من جيوب الناس بمختلف شرائحهم الاجتماعية.
جودة المنتج
وترى منال خضر (موظفة)، أن شراء «الماركات» ذات الأسعار المعقولة يعد أمراً ضرورياً، فهي تبحث عن جودة المنتج ولذلك لا تجده إلا في السلع الغالية، مشددة على أنه ليس من الضروري شراء الماركات المبالغ في أسعارها، ولكن بحسب القدرة المالية وفي حدود المعقول.
وكشفت، أنها تقوم بتخصيص مبلغ 30 ألف درهم من راتبها لشراء «الماركات» لها ولأطفالها، معللة السر وراء ذالك الحرص بجودة المنتجات ذات العلامات العالمية الشهيرة، ومتانتها، وبقائها فترة أطول بعكس السلع والمنتجات الأرخص، مضيفة أنها توازن في شراء السلع الأقل سعراً من العلامات التجارية العادية ولكنها تختار بحسب الجودة.
وبينت يسرى الحجري (موظفة)، أن بعض العلامات التجارية ضرورية وبعضها غير ضروري، ويعود التقدير في ذلك لحاجة الشخص، مضيفة أنها شخصياً تنفق ما بين 3 إلى 4 آلاف درهم على شراء «الماركات» وتتركز مشترياتها ما بين أدوات المكياج والعطور والأحذية، والحقائب.

260 مليار دولار حجم السوق العالمي
بعكس كثير من القطاعات الاستهلاكية، مضى قطاع السلع الفاخرة قدماً في نموه العام الماضي، كي ترسو قيمته السوقية العالمية على ما إجماليه 260 مليار دولار.
وأكدت وحدة صناعة التجزئة والقطاع الفاخر في قسم الاستثمار التابع لمصرف «دويتش بنك»، أن قطاع السلع الفاخرة اختتم العام الماضي بنمو 5%، ويُتوقع له على صعيد العام أن ينمو بمعدل 5% إضافية، والسبب في ذلك زيادة حجم المبيعات.