هدى جاسم، وكالات (بغداد)

استعادت الاحتجاجات زخمها في العراق مع تظاهرات وقطع طرقات وجسور بالإطارات المشتعلة جنوباً، فيما أعلن المتظاهرون بدء عصيان مدني وإضراب مفتوح عن الطعام، تنديداً بترشيح قصي السهيل لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، يأتي ذلك فيما دخل العراق عملياً في الفراغ الدستوري بعد انتهاء المهلة الدستورية للرئيس برهم صالح، بتشكيل الحكومة خلال 15 يوماً من قبول استقالة حكومة عادل عبد المهدي.
وأغلق متظاهرون غاضبون، مداخل ومخارج منطقة «الزعفرانية» جنوبي بغداد، كما أغلقوا طريق «محمد القاسم» شرق المدينة، فيما أكدت مصادر أن طرقاً شرق العاصمة أغُلقت وأحرق المتظاهرون الإطارات، احتجاجاً على عدم استجابة الحكومة لمطالب المتظاهرين. وهدد المتظاهرون بتصعيد الاحتجاجات في حال إصرار القوى والأحزاب والكتل البرلمانية على تمرير المرشح قصي السهيل لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
وقال متظاهرون إن الليلة قبل الماضية وساعات الصباح الأولى أمس، شهدت تدفقاً كبيراً من المتظاهرين بعد سماع الأنباء حول تسمية المرشح قصي السهيل لمنصب رئيس الوزراء، كما نظموا مسيرات ليلية حتى ساعات الفجر، ورددوا شعارات تؤكد رفض ساحات التظاهر تكليف المرشح السهيل لتشكيل الحكومة المقبلة والمطالبة بتسمية مرشح مستقل.
وأكد المتظاهرون أنه تم إغلاق الطرق والجسور وإحراق الإطارات وإعلان حالة العصيان والإضراب العام عن الدوام في المدارس والجامعات والدوائر الحكومية، والخروج إلى الشارع بكثافة، لإرغام الأحزاب على سحب مرشحهم وتسمية بديل يحظى بالقبول من قبل الجمهور. وأعلن المتظاهرون في بيانات صحفية بساحات التظاهر الليلة الماضية، تطوير أساليب التظاهر ورفع حالة التصعيد، ومنع دخول نواب البرلمان إلى المحافظات التي تشهد مظاهرات احتجاجية. كما شدد المتظاهرون في البيانات على أن «سلطة الأحزاب تصر على الاستخفاف بمطالب المتظاهرين، وأن ترشيح قصي السهيل مرفوض شعبياً، وستكون لهم كلمة حاسمة من خلال مسيرات سلمية مليونية، تعبيراً عن رفضهم أي مرشح من خارج مطالب المتظاهرين».
وليلاً، شهدت مدينة العمارة انفجار ثلاث عبوات صوتية استهدفت إحداها منزل عنصر في ميليشيات «الحشد الشعبي»، من دون وقوع ضحايا، وفقاً لمصدر في الشرطة.
وأقدم العشرات من المحتجين في محافظة المثنى على قطع الطريق أمام صهاريج النفط المتوجهة لمصفاة النفط في السماوة. وقال مصدر أمني إن «العشرات من المحتجين الغاضبين في محافظة المثنى قاموا بقطع الطريق أمام صهاريج النفط المتوجهة لمصفى السماوة ومنعوها من الدخول إلى المصفى».
وأعلنت محافظة الناصرية اعتباراً من يوم أمس، عطلة رسمية تحسباً لأي تصعيد قد تشهده المحافظة، فيما قام العشرات من المتظاهرين في بغداد بالإضراب عن الطعام، حتى تتحقق مطالبهم بتسمية مرشح مستقل لتشكيل الحكومة وتمرير قانون الانتخابات العراقية الجديد، وفرضت قوات الأمن إجراءات مشددة في بغداد، خصوصاً بعدما أقدم محتجون على قطع طريق سريعة رئيسة بشرق المدينة، أعيد فتحها في ما بعد. فيما أغلق متظاهرو البصرة الطرق المؤدية إلى الحقول النفطية بالإطارات.
وبدأ العصيان المدني في مدن الديوانية والناصرية والحلة والكوت والعمارة، حيث أغلقت المدارس والدوائر الحكومية أبوابها أمس.
وقال علي الديواني، أحد متظاهري الديوانية: «قمنا بتصعيد بعض الخطوات الاحتجاجية، رداً على ترشيح رئيس وزراء جديد للمرحلة المؤقتة من قبل الأحزاب الحاكمة منذ 2003 حتى الآن، والمتهمة بالفساد وسرقة ثروات العراق».
ويطالب العراقيون المحتجون، منذ الأول من أكتوبر، بتغيير النظام السياسي الذي أرساه الأميركيون، عقب إطاحة صدام حسين في عام 2003، وتسيطر طهران على مفاصله اليوم. ويندد هؤلاء بانعدام أي نهوض اقتصادي منذ 16 عاماً، بعدما تبخرت نصف العائدات النفطية خلال تلك السنوات في جيوب السياسيين ورجال الأعمال المتهمين بالفساد، على حد قولهم.
ومنذ فجر أمس، دخل العراق عملياً في الفراغ الدستوري بعد انتهاء المهلة الدستورية للرئيس العراقي، برهم صالح، بتشكيل الحكومة خلال 15 يوماً من قبول استقالة حكومة عادل عبد المهدي. وكان يفترض بالرئيس برهم صالح أن يكلف مرشحاً لرئاسة الحكومة منذ يوم الثلاثاء الماضي، إلا أن إعلانه احتساب الاستقالة من تاريخ وصولها لمكتبه، لا من تاريخ إعلانها، وعدم احتسابه للعطل الرسمية ضمن المهلة الدستورية، دفع بها إلى يوم الأحد الماضي والذي انتهى هو الآخر دون تكليف أي مرشح. ويبدو أن صالح فضل الامتناع، حتى الآن، عن تكليف وزير التعليم في الحكومة المستقيلة قصي السهيل بالمنصب، خوفاً من تداعيات سلبية في الشارع المحتقن.

تشكيل مجلس مفوضية الانتخابات من 9 قضاة
أعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق أمس، انتخاب 7 قضاة لتشكيل مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق.
وذكرت مصادر في مجلس القضاء الأعلى أنه «بعد إجراء القرعة من قبل مجلس القضاء الأعلى تم اختيار القضاة عباس فرحان حسن وجليل عدنان خلف وعامر موسى محمد وفياض حسين ياسين وعلي رشيد ومستشاري الدولة انعام ياسين محمد وفتاح محمد ياسين كأعضاء لمجلس مفوضية الانتخابات». وأوضحت أنه تمت مفاتحة مجلس القضاء الأعلى في إقليم كردستان لإرسال مرشحين اثنين تنطبق عليهم الشروط المنصوص عليها في القانون يمثلون محافظات الإقليم في مجلس المفوضية.
ولأول مرة منذ تشكيل مفوضية الانتخابات بعد عام 2003 لإدارة الانتخابات العراقية، يتم تشكيل مجلس مفوضية من قضاة غير ممثلين بالأحزاب الكبرى كما جرت العادة لإدارة الانتخابات المقبلة. ويعد تشكيل مجلس المفوضية من القضاة استجابة لمطالب المظاهرات الاحتجاجية بعد إخفاق عمل المفوضيات السابقة.