محمد حامد (دبي)

«سأعتزل في يوم جنازتي» شعار شهير لم يتردد الملياردير البريطاني الشهير بيرني إيكلستون البالغ 88 عاماً، في جعله قانوناً لحياته الحافلة بالنشاط، والعمل به على مدار 40 عاماً سيطر خلالها على الحقوق التجارية لسباقات بطولة العالم للفورمولا -1، ما جعل الملايين من عشاق هذه الرياضة المثيرة يتأكدون أن إيكلستون سيظل الرجل الأول في عالم الفورمولا-1 حتى وفاته، ولكنه تنازل عن كل ذلك حينما وافق على بيع الحقوق لمجموعة ليبرتي ميديا الأميركية، ليصبح الوجه الأميركي الجديد تشايس ليبرتي وريثاً لعرش إيكلستون في إدارة الحقوق والسيطرة عليها.
الرجل صاحب الشارب الكثيف يمثل العقلية الأميركية الساعية لجعل الإثارة والجاذبية عنواناً لكافة الأحداث والمسابقات الرياضية، وعبر عن ذلك بوضوح حينما قال إنه سوف يفعل كل شيء لجعل السباقات الجذابة حاضرة على حساب الجولات التي تغيب عنها الجاذبية، بل إنه أكد بصورة واضحة إن عالم الفورمولا -1 ينقصه أمر آخر يؤثر في شعبيتها وجاذبيتها الجماهيرية، وهو أن السائق لم يعد نجماً، في ظل التعقيدات الشديدة، وسيطرة العقلية الهندسية على كل شيء، فالسيارة والمهندس والمحركات والتعقيدات أصبحت تتصدر المشهد على حساب السائقين، وهو واقع سيعمل كاري على تغييره في حقبة ما بعد إيكلستون.
الأميركيون قرروا شراء حقوق الفورمولا -1 مهما كانت التكلفة، فقد أشارت تقارير عالمية إلى أن قيمة الصفقة التي تم الاتفاق عليها في 2016 وتنفيذها عام 2017 بلغت 8 مليارات دولار، ويبدو أن هذه الصفقة الكبيرة تحمل مؤشراً على أن السعي الأميركي للسيطرة على صناعة الترفيه الرياضي بكافة أشكالها، فقد سيطر الأميركيون على أندية مان يونايتد، وليفربول، وآرسنال في البريميرليج، ويشاركون في ملكية أندية أخرى مثل كريستال بالاس، وبورنموث وغيرها، كما أنهم يسجلون حضورهم المالي والاستثماري القوي في عالم الرياضة على المستوى العالمي، وهي صناعة قوية بالأساس في الداخل الأميركي.

الجاذبية أولاً
بالعودة إلى كاري الرئيس التنفيذي الجديد للفورمولا -1، فقد كشف عن استراتيجية الجذب التي سيعمل بها لجعل هذا السباق أكثر جماهيرية، وأقوى مالياً وإعلامياً، مؤكداً أن البطولة بصدد التخلي عن السباقات التي تملك ما وصفه باتفاقات «غير جذابة» مع المنظمة، على أن يستبدلها بصفقات يتم الاتفاق عليها مع الإدارة الجديدة للرياضة، وذلك وفقاً لما بثته وكالات الأنباء العالمية.
وأكد كاري أن الجهات المالكة الجديدة تعمل بجدية كبيرة مع مروجي السباقات من أجل تقديم عرض أفضل على الحلبة، مشيراً إلى أن العروض التي كانت تقدم في الماضي باهتة، مضيفاً:«لطالما كان جانب الترويج في مشروعنا التجاري أكثر نضجاً في نظر الكثيرين من مصادر الدخل الأخرى في الفورمولا -1، حيث برز ذلك بشكل واضح بسبب الافتقار للاستثمار القوي أو التجديد من جانب الإدارة السابقة، الأحداث باهتة بكل بساطة، ما دفع المروجين إلى التركيز على التكلفة مقارنة بمعدل النمو والانتشار».
وأضاف كاري: «الأحداث اليوم باتت أكثر قيمة مقارنة بما كانت عليه الأمور سابقاً، إذ نملك سباقات بمستوى عالمي، حيث نحتاج إلى التركيز على تعزيز تلك القيمة من خلال مزيد من التواصل مع أماكن استضافة الأحداث، إذ نثق بأن رسالتنا تلك تصل إلى مدن الاستضافة الحالية والمحتملة في المستقبل، نعتقد أنه لا يزال هنالك نمو محتمل وواضح في جانب الترويج خلال الأعوام القليلة المقبلة، إذ ستكون هنالك 3 عوامل تقود ذلك النمو. كما نتطلع إلى أن نوسع في روزنامة البطولة لتزيد سباقاتها عن 21 سباقاً تقام حالياً، سيكون ذلك التوسع تدريجياً، لكننا متحمسون بعدد وجودة وتنوع الأماكن الجديدة المهتمة باستضافة سباق فورمولا -1».
واختم كاري:«يجب أن يكون كل سباق رائعاً جذاباً من أجل المشجعين، وكذلك عرض تجارب جذابة، كما السباق الذي كشفنا عن أنه سوف يقام في فيتنام يعد مثالًا على حدث سيوفر مسارا أكثر من رائع للتسابق في مكان سيأسر خيال العالم، العامل الثاني هو أنّنا سوف نستبدل بعضاً من السباقات الحالية التي ورثنا من خلالها صفقات غير جذابة بأخرى جديدة تكون أفضل للتسابق، والعامل الثالث هو الضيافة رفيعة المستوى التي نقدمها. إذ أنّ الأحداث الكبيرة تعتمد الآن وبشكل متزايد على أولئك المشجعين المستعدين والقادرين على الدفع من أجل خوض تجربة فريدة».

البث عبر الإنترنت
خلال السنوات الأخيرة ظهرت بقوة فكرة بث المباريات والمسابقات الرياضية بمختلف أنواعها عبر الإنترنت، وهي تقنية المستقبل لا محالة، خاصة أنها أكثر انتشاراً وسهولة في المشاهدة، فضلًا عن أن كلفتها لن تكون كبيرة، وفي هذا السياق يعتقد الرئيس التنفيذي للفورمولا -1 تشايس كاري أن بث السباقات على الإنترنت سوف تتحسن نوعيته في 2019، وتتميز الولايات المتحدة بأنها أخذت السبق في التعامل مع بث المباريات عبر الإنترنت، مما يجعل الجهات الأميركية المالكة لكيانات رياضية ومسابقات عالمية تسير في هذا الاتجاه.


وكانت شركة ليبرتي ميديا التي تملك الحقوق قد بدأت بتقديم هذه الخدمة منذ منتصف الموسم الحالي لكن العديد من المشاكل اعترضت طريقها، وهناك العديد من البلدان حول العالم لا تسمح بمشاهدة السباقات على الإنترنت بسبب حقوق النقل الحصري التي تحتكرها قنوات الرياضة، من جهته قال كاري: «يمكن اعتبار مشروع 2018 هو كبداية حيث إنه اعترضنا الكثير من المشاكل التي لم نكن نتوقعها، أعتقد أن الأمور ستتحسّن كثيراً في 2019».

عودة السائق النجم
في عالم كرة القدم يتحدث الملايين من عشاقها عن ليونيل ميسي، وكريستيانو رونالدو أكثر مما يتحدثون عن البارسا والريال واليوفي وغيرها من الأندية، مما يؤشر إلى أننا في عصر النجومية الفردية، على الرغم من أن كرة القدم لعبة جماعية في نهاية المطاف، ومن هذه الزاوية يعتقد كاري أن سائق الفورمولا يجب أن يكون هو النجم الأول في هذه الرياضة، كاشفاً عن رغبته في أن يعود السائقون لتصدر المشهد خلال السباقات، وأن تتحول البطولة إلى «عرض رائع»، كما هو الحال مع بطولة «سوبر بول» لكرة القدم الأميركية.
وقال كاري في وقت سابق في حوار لصحيفة «ذي تايمز» البريطانية: «نرغب في أن يكون جميع السائقين نجوماً، كاري الذي انتقلت له الحقوق التجارية لـ»فورمولا -1» سبتمبر 2016 من خلال شراء شركة»ليبرتي ميديا»الأميركية لها، أن هدفه هو أن يجعل السباقات أكثر حماسية، وأن يصعب التنبؤ بنتائجها.
وأشار كاري، إلى أن اللوائح الحالية للسباق معقدة بشكل مبالغ فيه، وأضاف كاري»المهندسون، تفوقوا على السائقين، ولهذا علينا أن نعيد السائقين إلى المقدمة «. وحل رجل الأعمال الأميركي، بدلاً من البريطاني بيرني ايكليستون في إدارة سباقات»فورمولا- 1»، بعد أن ظل الأخير، 4 عقود متتالية، يدير السباق الأشهر في عالم المحركات.

سباقان لأميركا !
كشف كاري أنه يتواصل مع ايكليستون بصفة دائمة، ويأمل أن تستضيف الولايات المتحدة الأميركية، سباقين لـ»فورمولا- 1» كل عام بداية من 2019، وتنظم الولايات المتحدة الأميركية، سباقاً واحداً فقط لـ»فورمولا -1» في كل موسم بمدينة أوستن، وأكد المالك الجديد الذي يرغب في تنظيم أحد السباقات في أميركا داخل شوارع إحدى المدن، أنه يأمل في أن تصبح البطولة»ذات أنشطة متعددة»، تشمل سباقات، وطعاماً، وموسيقى، ومعارض، واختتم:»أرغب في أن يكون كل سباق، مثل سوبر بول».
وتتميز الولايات المتحدة على وجه التحديد بوجوده قاعدة جماهيرية كبيرة لسباقات ومنافسات فورمولا -1، فضلاً عن الشغف الأميركي بتنظيم الأحداث والبطولات الكبيرة، وإقامة أنشطة جذابة على هامش تلك البطولات، كما أن وجود كاري على رأس عالم الفورمولا -1 يجعله يفكر بالطريقة الأميركية، ويسعى بشتى السبل إلى أن تكون الولايات المتحدة الأميركية الأكثر تأثيراً وحضوراً في هذا العالم المثير، سواء جماهيرياً أم إعلامياً، وكذلك تنظيمياً.

هانوي ووجوه جديدة
الوجهات الجديدة المرشحة لاحتضان سباقات الفورمولا- 1، وكذلك السعي إلى جعل الجولات أكثر من 21 جولة، يعد من بين الاستراتيجيات التي يعمل بها كاري، والجهات الأميركية المالكة لحقوق الفورمولا -1، حيث من المقرر أن تستضيف فيتنام للمرة الأولى عام 2020، واحدة من جولات بطولة العالم للفورمولا -1 في العاصمة شوارع العاصمة هانوي، بحسب ما أكد تشايس كاري رئيس مجموعة»ليبرتي ميديا» مالكة حقوق بطولة الفئة الأولى، وكانت بلدية هانوي قد أعلنت أنها نجحت بالحصول على السباق بداية من أبريل 2020، لتصبح فيتنام ثالث دولة من جنوب شرق آسيا تستضيف الفورمولا -1 بعد ماليزيا وسنغافورة.
وقال لدى الكشف عن تفاصيل السباق»نحن فخورون بالإعلان عن السباق في 2020، القرار باستضافة هانوي السباق كان واحداً من بنود استراتيجية الفورمولا -1 الجديدة، والتي تسعى للانتقال إلى أسواق جديدة، حيث تأمل في جذب أجيال جديدة من المشجعين وتعزز إيراداتها المالية، نخطط بأن يكون التزاماً على المدى البعيد، ونعتزم أن تكون شراكة طويلة».