الإمارات أقل الدول تضرراً من عمليات الاحتيال المصرفي في المنطقة
أكد خبراء مصرفيون ان القطاع المصرفي في الإمارات الأقل تعرضا لعمليات الاحتيال والنصب مقارنة بدول أخرى في أوروبا ودول شرق آسيا·
وقالوا ان القطاع المصرفي نجح في السنوات القليلة الماضية في الحد من معدلات القرصنة المصرفية وعمليات الاحتيال، وذلك من خلال استخدام البنوك لأحدث البرامج الخاصة بالحماية والأنظمة الرقابية الداخلية المشددة التي تحول دون اختراقها من قبل القراصنة·
وفيما اكدت مصادر مصرفية وتقنية قيام القراصنة بتطوير أساليب الاحتيال المصرفي، لتستهدف بعد إحكام البنوك في الآونة الأخيرة قبضتها على أجهزتها التقنية، عملاء المصارف أنفسهم والتغرير بهم إما برسائل نصية قصيرة عبر الهواتف أو الاتصال بهم مباشرة عن طريق الانترنت، فيما يعرف بعمليات ''التصيد الالكتروني''·
وكشف مسؤولون في البنوك عن ممارسات جديدة يقودها مجهولون استهدفت التغرير بالعملاء من خلال إرسال رسالة نصية قصيرة عبر الهاتف المتحرك تهنئ العميل بفوزه بجائزة ضخمة من البنك والتي تتطلب الرد بإرسال تفاصيل بيانات حساباتهم الشخصية وبطاقاتهم الائتمانية وأرقام التعريف الخاصة بهم، للحصول على الجائزة، وذلك إلى جانب الاتصال على العميل والادعاء بأنه أحد موظفي البنوك وطلب معلومات الحساب وأرقام الهوية ضمن طلب تحديث البيانات الذي اعتادت عليه البنوك بشكل روتيني·
وحذر المسؤولون العملاء من الانسياق وراء هذه الرسائل قبل التأكد من البنك التابعين له·
واكدوا ضرورة توخي العملاء الحذر من التعامل مع هذه الرسائل والمكالمات مجهولة المصدر والتي تتم عبر شبكة الانترنت·
وقال طارق باذيان مدير القنوات الالكترونية في بنك دبي الإسلامي الذي اكتشف مؤخرا أحدث محاولات الاحتيال على عملائه من خلال الرسائل النصية القصيرة، إن الممارسات الجديدة للقراصنة ظهرت بعد فشل محاولاتهم في الدخول إلى حسابات العملاء عن طريق أرقام البطاقات الائتمانية وذلك بعد الإجراءات اتخذتها البنوك لحماية عملائها وتحذيراتهم المتكررة عبر المواقع الشبكية ومراكز الاتصال بعدم الإفصاح أو إعطاء أي جهة غير معروفة أرقام البطاقة الائتمانية أو أي معلومات تخص الحساب البنكي للشخص· وتقوم عصابات النصب والاحتيال باستهداف عملاء البنوك بشكل متكرر في محاولة لاختراق حساباتهم والتصرف بها·
وأضاف ان تكتيكات القراصنة تحولت من قراءة البطاقات عن طريق ماسح سرى وتركيب الكاميرات السرية على أجهزة الصراف الآلي، إلى أساليب مبتكرة تستهدف العميل من خلال الإيقاع به لتمرير بياناته بنفسه عبر الهاتف المتحرك أو إرسالها بالبريد الالكتروني، مشيرا إلى أحدث أسلوب تعرض له عملاء البنك كان عبر رسائل نصية قصيرة عبر الانترنت، من جهة مجهولة، تهنئهم فيها بالفوز بجوائز قيمتها 20 ألف درهم وتطالبهم بالرد على الرسالة ذاتها متضمنا بيانات حساباتهم وأرقام بطاقاتهم الائتمانية والرقم السري ورقم التعريف الهاتفي·
وشدد باذيان على ضرورة انتباه عملاء البنوك بشدة إلى هذه الرسائل بالتأكد من جهة الإرسال والاتصال بالبنك لمعرفة تفاصيل هذه الرسائل والإبلاغ عنها، لافتا إلى ان مسألة الوعي لدى العملاء هي مسألة في غاية الأهمية·
من جهته قال عبدالله قاسم المدير العام لإدارة تقنية المعلومات والعمليات في بنك الإمارات دبي الوطني، ان عمليات القرصنة والاحتيال المصرفي دائما ما تشهد حيلا وأساليب جديدة يتبعها القراصنة بين الحين والآخر وهو الأمر الذي تراقبه البنوك بشكل دائم لحماية عملائها من الوقوع فريسة لهذه العمليات، مشيرا إلى انه وبالرغم من تزايد هذه العمليات في الآونة الأخيرة على الصعيد العالمي إلا ان بنوك الإمارات مازالت الأقل تأثرا مقارنة بدول أخرى في أوروبا وشرق آسيا، حيث يعتمد النظام المصرفي في الدولة على أحدث التقنيات التي تقلل من انتشار مثل هذه الظاهرة التي وان كانت بسيطة إلا انه لا يمكن التغاضي عنها أو إهمالها·
ولفت انه من ابرز عمليات الاحتيال التي يتعرض لها البعض عبر اتصالات يقوم بها أشخاص محترفون في هذا المجال تطلب من العملاء الإفصاح عن بيانات حساباتهم وأرقامهم السرية وأرقام بطاقاتهم الائتمانية بهدف تحديثها، مشيرا إلى ان البنوك لا تطلب أبدا من عملائها هذا الإفصاح عن هذه البيانات التي وصفها ب''الحساسة'' عن طريق الايميل·
ودعا قاسم العملاء إلى الحذر في التعامل مع هذه الرسائل سواء التي تأتيهم عن طريق الايميل أو الاخرى التي تأتي عبر الهاتف المتحرك، مؤكدا ان البنوك تقوم دائما بتوعية عملائها كإجراء روتيني حول هذه العمليات من خلال موقعها الشبكي أو عبر مراكز الاتصال·
وأكد ان الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها معظم البنوك في الإمارات ساهمت إلى حد بعيد في عدم تحول عمليات الاحتيال المصرفي في الدولة إلى ظاهرة·
ويقول سليمان المزروعي مدير عام الاتصال المؤسسي وخدمة المجتمع في بنك الإمارات دبي الوطني انه بالرغم مما تتعرض له البنوك بين الحين والآخر لعمليات قرصنة واحتيال، إلا أنها لا تشكل تهديدا كبيرا للبنوك العاملة في الدولة والتي تطبق أحدث النظم الخاصة بالأمن الشبكي والرقابة الداخلية، مشيرا الى ان البنوك تعمل دائما على اقتناء التكنولوجيا الحديثة لضمان أعلى درجات الحماية لها ولعملائها، لافتا في هذا الإطار الى قيام عدد من البنوك بإصدار بطاقات الائتمان الذكية ذات الشرائح المعدنية التي تمنع نهائيا عملية الاحتيال التي يقوم بها القراصنة من خلال وصولهم لبنايات العملاء عبر الشريط الممغنط الموجود في البطاقات الحالية·
ورغم هذه الجهود يؤكد المزروعي انه كلما قامت المصارف بتبني التكنولوجيا الوقائية، كلما يسعى القراصنة أيضا الى البحث عن حيل وأساليب أخرى لاختراق الأنظمة المصرفية، مشددا على ضرورة التطوير المستمر في القطاع المصرفي من خلال إيجاد سبل وأنظمة تكشف اتجاهات القراصنة لاتخاذ إجراءات وقائية استباقية·
كاميرات خفية
أوضح المزروعي انه منذ ظهور أول عملية سرقة عبر أجهزة الصرف الآلي في الإمارات منذ ثلاثة أعوام تقريبا، قامت البنوك باتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون تكرارها، حيث تم وضع كاميرات خفية في أجهزة الصرف الآلي تكشف تفاصيل الشخص المستخدم للجهاز، إلى جانب وجود نظام رقابي داخلي في البنوك لتتبع الحركات غير الاعتيادية علي حسابات العملاء، ويمكنها تحديد مكان تواجد مستخدم البطاقة والاتصال به في حال وجود عمليات مشبوهة·
يُذكر أنه قد تم اكتشاف أول جريمة سرقة الكترونية في دبي قبل ثلاثة اعوام من حسابات شخصية ببعض البنوك المحلية والأجنبية قدرت بأكثر من 300 ألف درهم، من 13 بنكاً محلياً وأجنبياً· بعد أن قام مهندس كمبيوتر آسيوي باختراق شبكات الكمبيوتر لدى البنوك، واستطاع الوصول إلى الأرقام السرية لحسابات الزبائن·
التصيد الإلكتروني الصوتي
تتبع عمليات ''التصيد الالكتروني الصوتي'' طرقا مألوفة، حيث يقوم المتصيد بالاتصال بشكل متسلسل بأرقام هواتف محلية وعندما يجيب أحد الهواتف يبدأ تسجيل صوتي أوتوماتيكي بتنبيه العميل بأن بطاقة ائتمانه قد تم اختراقها ويتوجب عليه أن يتصل على رقم معين· وغالباً ما يكون هذا الرقم للاتصال المجاني أو رقم محلي لشركة مالية وهمية يتظاهر المتصيدون الالكترونيون بأنهم يمثلونها·
وعندما يتصل العميل بالرقم، يتم الرد عليه عن طريق برنامج مجيب صوتي يخبره بضرورة التحقق من الحساب عبر إدخال رقم بطاقة الائتمان المؤلف من 16 رقماً عن طريق لوحة أرقام الهاتف· وعندما يقوم العميل بإدخال رقم بطاقة الائتمان، يحصل عندها المتصيد الالكتروني على كافة المعلومات الضرورية ليتم بعدها استغلال البطاقة· كما يمكن استخدام المكالمة للحصول على تفاصيل إضافية مثل رقم التعريف الشخصي الأمني وتاريخ الانتهاء وتاريخ الميلاد ورقم الحساب البنكي·
7 مليارات للأمن الشبكي
ومن جهة اخرى يرى خبراء أمن الشبكات أن الانتشار الواسع لخدمات الانترنت ساهم في تسهيل عمل القراصنة في السنوات القليلة الماضية إلا أن تطور أنظمة الحماية استطاع الحد من خطورة التسلل إليها· ويتوقع الخبراء أن يقفز الاستثمار العالمي في الحلول الأمنية والشبكات الخاصة الافتراضية، إلى نحو 7 مليارات دولار بنهاية العام ،2008 نتيجة لتنامي التهديدات المتمثلة بالديدان والفيروسات· ويتوقع أن يتم استثمار نحو مليار دولار من ذلك المبلغ من قبل القطاع الحكومي، بعد أن كان استثمار هذا القطاع في تلك الحلول 471 مليون دولار خلال العامين الماضيين·
ويؤكد الخبراء حرص البنوك على تعزيز أنظمة شبكاتها الداخلية بعدة إجراءات سرية لكي لا يتمكن قراصنة الكمبيوتر من التسلل إلى وحدات البيانات التي تضم عشرات الآلاف من أرقام الحسابات السرية وأرقام بطاقات الائتمان وغيرها من المعلومات الحساسة·
وتتوقع الدراسات أن يصل نصيب الدول العربية من عمليات القرصنة إلى مليار دولار خلال العاميين المقبلين، فيما تشير الدراسات الى أن الخسائر المالية التي سيتعرض لها العالم من جراء الجرائم الإلكترونية مرشحة للوصول إلى 20 مليار دولار بحلول العام ·2010
المصدر: دبي