سقوط «الفراعنة» أمام اليابان يضرب «الحلم العربي»
كان خروج المنتخب الأولمبي المصري لكرة القدم من منافسات دورة الألعاب الأولمبية لندن 2012 أمس الأول أمام منتخب اليابان إحدى أكثر الصدمات تأثيراً على الجماهير العربية المتابعة لمنافسات دورة الألعاب الأولمبية، في ظل حمل “الفراعنة” للآمال الكروية العربية في دور الثمانية بحثاً عن ميدالية طال انتظارها في كرة القدم لمدة 100 عام.
كان المنتخب المصري قد ودع منافسات لندن بالخسارة أمام المنتخب الياباني في دور الثمانية بثلاثية نظيفة في ملعب أولد ترافورد في مانشستر، وجاءت الخسارة “مؤلمة” لكل الجماهير المصرية والعربية، التي كانت تضع “ الحلم العربي” في ميدالية أولمبية في أعناق لاعبي المنتخب المصري، لكن الخسارة كانت “منطقية” إلى حد كبير لكل من يترقب مسيرة إعداد الفريق للمشاركة في الدورة، بعد أن احتل المركز الثالث في التصفيات الأفريقية المؤهلة للأولمبياد، التي أقيمت في المغرب.
وبالطبع يأتي في مقدمة أسباب خروج المنتخب المصري بهذا الشكل من أولمبياد لندن، حالة “الارتباك” التي سادت كل أمور الحياة في مصر بسبب الظروف السياسية التي عاشتها منذ أكثر من عام ونصف العام، وكذلك بعد توقف النشاط الكروي تماماً منذ “مذبحة بورسعيد” في فبراير الماضي، واعتماد المنتخب الأولمبي في برنامج إعداده لمنافسات لندن على المباريات الودية التجريبية خارج مصر، وهي بالطبع لم تكن كافية لإعداد اللاعبين بدنياً وفنياً بالطريقة التي تحققها مباريات بطولة محلية منتظمة.
وضحت معاناة المنتخب الأولمبي المصري منذ فترة، في ظل وجود بعض الأزمات حول برنامج الإعداد، وأزمات شخصية وتغييرات في الجهاز الإداري بعد أخطاء وسقطات في المعسكرات الخارجية، وأيضاً تعرض الفريق للتجاهل الشديد من البعض والنقد العنيف من الآخرين، والتي كان هاني رمزي مدرب المنتخب هدفها الرئيسي طوال المرحلة الماضية، وهو ما توقف نسبياً بعد التأهل لدور الثمانية عقب الخسارة من البرازيل 2 - 3 والتعادل مع نيوزيلندا 1 - 1 والفوز على بيلاروسيا 3 - 1.
ورغم الظروف التي مر بها المنتخب الأولمبي المصري، إلا أن تأهله لدور الثمانية جعل آمال جماهيره وجماهير الكرة العربية تتعلق به لتحقيق أمل الحصول على ميدالية في كرة القدم بدورة الألعاب الأولمبية، في ظل تحسن مستواه الفني من مباراة لأخرى في الدور التمهيدي، لكن الفريق قدم أسوأ مباراة له في الدورة وفي كل ارتباطاته السابقة من خلال أداء “باهت” أمام “الساموراي” الياباني، الذي استحق الصعود للدور نصف النهائي بجدارة، وبفوز سهل على المنتخب المصري.
ظهر المنتخب المصري في حالة “استسلام” تام خلال المباراة، وظهر تأثير عدم الجاهزية الفنية والبدنية على لاعبيه سواء الثلاثي الكبار أحمد فتحي وعماد متعب ومحمد أبوتريكة أو اللاعبين الشباب، وذلك بعد أن ضاعت طاقة اللاعبين في مباريات الدور الأول الثلاث، خاصة في ظل عدم وجود فترات كافية للراحة بين المباريات، وهو ما لا يمكن للاعبين التوقف عن النشاط لأكثر من عام التعامل معه بالطريقة المناسبة.
تبريرات المدرب
ورغم هذه الظروف التي قد تكون مبررا للاعبين لعدم تقديم المطلوب منهم، كانت حالة الحزن كبيرة بعد الخسارة أمام منتخب اليابان والخروج من منافسات دورة الألعاب الأولمبية، وعاش اللاعبون في مدينة مانشستر لحظات من الحزن، ودخل كثيرون منهم في نوبات من البكاء الشديد عقب اللقاء، وكان أكثر اللاعبين تأثرا الظهير الأيسر إسلام رمضان، الذي تسبب بخطأ دفاعي في هدف اليابان الأول، وبذل الجهازان الفني والإداري جهوداً كبيرة من أجل تهدئة اللاعبين والتخفيف من أحزانهم.
وبرر هاني رمزي مدرب المنتخب الأولمبي المصري خسارة فريقه أمام منتخب اليابان بوجود حالة من سوء التوفيق جعلت كل اللاعبين يظهرون في غير مستواهم الحقيقي، وأيضا الظروف الصعبة التي مر بها الفريق في المباراة بعد طرد المدافع سعد الدين سمير بعد 40 دقيقة من زمن المباراة، وقال: هذه الأمور تسببت في انهيار معنويات اللاعبين مبكرا، خاصة مع توالي القرارات التحكيمية الغريبة طوال المباراة. وأشاد مدرب المنتخب المصري بأداء لاعبيه في البطولة، وطلب منهم عدم المبالغة في الحزن بعد الخروج، وقال: الحياة لن تتوقف بعد توديع الأولمبياد، وهذا الجيل أمامه الوقت لكي يقدم الأفضل في بطولات أخرى مقبلة خلال السنوات القادمة.
وعبر اللواء أحمد الفولي رئيس البعثة المصرية في أولمبياد لندن عن رضاه النسبي عما تحقق من نتائج للبعثة حتى الآن، وقال في تصريحات خاصة: الجميع يعلمون الظروف التي مرت بها مصر خلال الفترة الماضية بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي والانشغال بالانتخابات المتتالية وتوقف النشاط الرياضي لفترة طويلة، وهو ما يمكن أن يكون السبب الأول في تحقيق نتائج أقل من قدرات الرياضيين المصريين.
وأضاف: يعتبر المنتخب الأولمبي لكرة القدم النموذج الأبرز في التأثر السلبي بتوقف النشاط الرياضي في مصر لفترات طويلة، ورغم ذلك فقد قدم الفريق أداءً مشرفاً، ونحن نعتبر تأهله لدور الثمانية إنجازاً، حيث كنا نتوقع خروجه من الدور الأول في ظل عدم جاهزية اللاعبين فنياً وبدنياً، لعدم وجود مباريات محلية منذ ما يقرب من عام.
وقال اللواء الفولي: عاشت الرياضة المصرية فترة عصيبة، وأرى أن ما تحقق حتى الآن قياساً بهذه الظروف أمراً مقبولاً، بأن نحصل على فضية في سلاح الشيش من خلال علاء الدين أبوالقاسم، والحصول على المركزين الرابع والسادس في رفع الأثقال رجال والخامس سيدات على مستوى الأولمبياد، وذلك دون فترات إعداد كافية أو معسكرات وفي ظل ضغوط نفسية كبيرة، وهذا ليس مبرراً للفشل، لكنها حقيقة رغم ضرورة بذل الرياضيين كل الجهد لتحقيق ما هو أفضل وتجاوز الظروف.
وأضاف: أنا راضٍ عن المحصلة حتى الآن، خاصة أن هناك أملا كبيرا لدينا في تحقيق ميدالية جديدة، حيث ننتظر ذلك من أحد أبطالنا في ظل مشاركة بوجي في الملاكمة ونهلة رمضان في رفع الأثقال وكرم جابر في المصارعة وآية مدني وياسر حفني ونرى أن هناك آمالا مازالت قائمة في الفوز بميدالية جديدة، وتحقيق ما هو أفضل للبعثة المصرية قبل انتهاء الدورة.
واختتم اللواء أحمد الفولي كلامه مؤكدا ًأن قدرات الرياضيين المصريين تعتبر أكبر مما تحقق لو أتيحت لهم الظروف المناسبة للاستعداد، وقال: نتمنى ان يتحقق ذلك في القريب لكي تعود الحياة الرياضية إلى شكلها الطبيعي، ووقتها ستكون نتائج الرياضيين المصريين أفضل كثيرا في أي بطولة أو دورة يشاركون فيها.
أبوتريكة: المستقبل أفضل
مانشستر (ا ف ب) - قال القائد محمد أبوتريكة “لسنا سعداء بهذه النتيجة ولكن منتخب اليابان رائع، افتقدنا التركيز في البداية ومنحناهم الأفضلية”، وأضاف “آمل أن نستفيد من هذه التجربة للتأهل إلى نهائيات كأس العالم في البرازيل، وأعتقد بأن هناك الأفضل لنا في المستقبل”.
وأضح أبوتريكة “كانت مرحلة صعبة مع توقف الدوري المصري، ما أثر سلباً على اللاعبين، لكننا نجحنا في الوصول إلى مستوى جيد برغم كل شيء، فما حصل في بورسعيد كان مأساوياً، إذ كان من الصعب على اللاعبين العودة إلى المنافسات، ولكننا نجحنا في ذلك وأنا فخور بهذا المنتخب”. وعما إذا كان سيعتزل اللعب دولياً، قال ابو تريكة “كلا، لن اعتزل بالتأكيد، ليست المرة الأخيرة التي سأمثل فيها منتخب مصر، أنا جزء من هذا المنتخب، وفخور بأن ارتدي قميصه”.
أما زميله عماد متعب فقال بدوره “نشعر بالخيبة طبعا، ولكننا واجهنا منتخباً منظماً بطريقة مذهلة، كما أن حالة الطرد صعبة المهمة علينا”. ورد أيضاً على سؤال عن احتمال اعتزاله اللعب على الصعيد الدولي بقوله “هذا ما قلته في مصر قبل انطلاق الدورة، الآن سنعود إلى بلادنا وسأنال قسطاً من الراحة، ومن ثم سأرى ماذا سيحصل”، كما أعرب اللاعب البديل محمود علاء الدين “عن خيبة أمله من قرارات الحكم”.
المصدر: لندن