عمرو عبيد (القاهرة)

حالة مثيرة من الجدل أحاطت بعودة الفرنسي، زين الدين زيدان، لقيادة فريق ريال مدريد، في فترة ثانية، بعد النجاح الهائل الذي حققه زيزو مع الميرنجي قبل 3 سنوات، وتوقع كثيرون فشل النجم الكبير في تجربته الثانية، خاصة مع نهاية موسم كارثي، وبداية سيئة للموسم الحالي، محلياً وقارياً، أو حتى إدارياً وانضباطياً، إلا أن زيزو خالف أغلب التوقعات، وبدأ يعبر بسفينة الملكي نحو بر الاستقرار والأمان، وجاء التعادل أمام برشلونة في معقله الكتالوني، ليرضي الطرفين، ويحافظ على حظوظ البلانكوس في المنافسة على اللقب المحلي الإسباني، الغائب منذ 3 سنوات أيضاً، حيث تساوى الريال مع البارسا فوق قمة الليجا في رصيد النقاط، كما تنتظره مواجهة نارية أمام السيتي في دوري الأبطال، وخفتت حدة الانتقادات والأزمات التي لاحقت لاعبي الملكي خلال الأسابيع الماضية.
وقبل أسابيع قليلة، أشادت الصحف الإسبانية الموالية لريال مدريد، بالنكهة الفرنسية، التي صبغت أداء ونتائج الفريق في الآونة الأخيرة، حيث تمكن زيزو من قيادة الفريق بصورة جيدة جداً، وسيطر على أغلب الأمور داخل القلعة البيضاء، وتوهج كريم بنزيمة بدرجة غير متوقعة، لتتحول صافرات الجماهير ضده إلى صيحات تشجيع جنونية، وأعاد رافاييل فاران بعض الثبات والاستقرار لخط الدفاع الملكي، كما بدأ فيرلاند ميندي في الحصول على فرص للمشاركة، مع أداء جيد، ليؤكد أن عملية الإحلال والتجديد في الجبهة اليسرى، ستسير كما خطط لها زيزو، في ظل الأخطاء الدفاعية الكثيرة التي عانت منها، وضرورة إيجاد بديل للبرازيلي مارسيلو، إلا أن زيزو يبدو مصراً على استكمال قطع الجواهر المتبقية في العقد الفرنسي الذهبي، حيث تشير جميع التقارير إلى أن بول بوجبا سيرتدي القميص الأبيض قريباً جداً، وربما يشهد الميركاتو الشتوي إتمام الصفقة الضخمة، ولا تتوقف صحيفتا ماركا وأس عن التأكيد على قرب وصول الموهوب، كليان مبابي، إلى القلعة الملكية، بجانب خروج تقارير جديدة مؤخراً، تكشف عن عدم تخلّي الريال وزيدان عن فكرة استقدام المقاتل، نجولو كانتي، في إعادة لإحياء ذكريات كلود مكاليلي مع العملاق الإسباني، وإذا سارت الأمور كما يُخطّط لها داخل قلعة البلانكوس، فإن التجربة الفرنسية ستكون كاملة بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الريال.
وليس غريباً أن يشارك الغريم الأزلي، برشلونة، في الاستفادة القصوى من النجاح الفرنسي العالمي الحالي، لأن كتيبة الديوك المدججة بالنجوم، أساسيين وبدلاء، استحقت الفوز بالمونديال الروسي، وكانت قاب قوسين أو أدني من حصد لقب يورو 2016، كما أن فرنسا المرشح الأول لاقتناص البطولة الأوروبية التاريخية في الصيف القادم، ولهذا تتردد أنباء عن وجود رغبة حقيقية من الجانب الكتالوني في ضم كانتي أيضاً، وربما المزاحمة على صفقة بوجبا، من أجل جمع أبرز نجوم الديوك في سلة واحدة، بجانب أومتيتي ولانجليه وديمبلي وجريزمان، والصغير توديبو، حتى لو كانت أنباء رحيل أومتيتي والغضب من ديمبيلي، هي الأبرز على الساحة الإعلامية!
المؤكد أن كرة القدم اعتادت تقديم إجابات مختلفة ومثيرة، لأسئلة تبدو متشابهة، فهل يتفوق الفريق صاحب التشكيل المتجانس من أبناء الدولة الواحدة، أم يبقى التنوع واستقدام النجوم الأفذاذ من مختلف بقاع العالم هو الحل الأمثل؟، وإذا كان جلاكتيكوس ريال مدريد في بداية القرن الحالي أجاب على ذلك بفشل تجربة المزيج المتنوع، بعدما خرج بحصاد هزيل مقارنة بالأسماء العملاقة التي ضمها، من إنجلترا والبرازيل والبرتغال وفرنسا والأرجنتين آنذاك، خاصة في موسم 2004/2005، بأسماء مثل بيكهام وأوين ورونالدو وكارلوس وزيزو وفيجو، فإن تجارب إنترناسيونالي وتشيلسي ومانشستر يونايتد وغيرهم، حققت نجاحاً باهراً، لكن على الجانب الآخر، تبقى الملحمة الفرنسية الرائعة، التي قدمها أرسين فينجر مع أرسنال، بين نهاية القرن الماضي وبداية الحالي، ماثلة أمام الأذهان، حيث ضم الفريق الذهبي للمدفعجية أسماء فرنسية كثيرة وقتها، أبرزها الأسطوري تييري هنري، والعبقري الموهوب روبير بيريس، ومعهم الدبابة البشرية باتريك فييرا، حيث ضم كل خط من خطوط الجانرز نجماً فرنسياً بارزاً صنع الفارق الهائل في تاريخ الفريق اللندني، وبدأت تلك الحقبة في موسم 1997/1998، بأسماء أخرى، مثل إيمانويل بيتي ونيكولاس انيلكا وجريماندي، ثم الصاعد وقتها دافيد جروندين، وبعده سيلفيان ويلتورد، وجايل كليشي وماثيو فلاميني وأبو ديابي.. وخلال تلك الحقبة، حصد أرسنال مع كتيبته الفرنسية تحت قيادة مواطنهم فينجر، 3 بطولات في البريميرليج، وهو آخر عهد المدفعجية مع التتويج الكبير، بجانب 8 ألقاب محلية أخرى، وبلوغ نهائي تشامبيونزليج في نسخة 2005/2006.

«الشياطين».. ترقص على أنغام «السامبا»
صحيح أن العريق ميلان سيطر على الكرة الأوروبية، بأداء ممتع ونتائج باهرة، منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي حتى بداية التسعينيات، بفضل الصبغة الهولندية الثلاثية، لريكارد وخولييت وفان باستن، مستغلاً حالة التوهج الباهر التي أهدت الطواحين لقبهم الأوروبي الوحيد، مخالفاً حالة الاحتفاظ بالهوية الإيطالية التي تسيطر دائماً على فرق «سيري آ»، مثلما يحدث في ألمانيا، إلا أن الروسونيري غاب بعد ذلك لفترة، قبل أن يعود للظهور بفضل الرقص على نغمات السامبا، وبرزت أسماء كبيرة، نجحت في إعادة الرونق الجمالي والفني للشياطين، بجانب حصد البطولات المحلية والعالمية، مثل الحارس القدير ديدا، والظاهرة رونالدو، والساحرين كاكا ورونالدينيو، ومعهما أحد أفضل من لعب في مركز الظهير الأيمن في العالم، كافو، وقبلهم الأسطوري ريفالدو، ومعهم إيمرسون وسيرجينيو وأليكساندر باتو، ثم تياجو سيلفا وروبينيو.

برشلونة البرتقالي.. والثنائية الساحرة
ارتدى برشلونة عباءة الأسطوري، يوهان كرويف، عبر سنوات طويلة، سواء بالفكر التكتيكي أو استقدام النجوم الهولنديين، وخلال عدة فترات في نهاية القرن العشرين، ثم بداية القرن الحديث، وفي ظل وجود لويس فان خال وفرانك ريكارد في مقعد القيادة الفنية، غزا اللون البرتقالي قميص البارسا، بأسماء عديدة، أهمها المهاجم الفذ، باتريك كلويفرت، والأخوان دي بوير، فرانك ورونالد، ومعهما الجناح الطائر، بودوين زيندن، وكذلك مدافع الوسط فيليب كوكو، والظهير الأيمن مايكل رايزيجر، بجانب الحارس المخضرم رود هيسب، وقلب الدفاع وينستون بوجارد، ثم ظهر اسم كبير آخر مثل مارك أوفرمارس، وبعده النجم المميز إدجار دافيدز ومعه جيوفاني فان برونكهورست، قبل أن يبدأ المد الهولندي في الانحسار، ليبدأ العهد الإسباني مع، بيب جوارديولا، الذي قدم مواهب أبناء لاماسيا، وأهدى بيب منتخب إسبانيا جواهر خالدة، مثل بيكيه وبويول وإنييستا وتشافي وبوسكيتس، ومعهم فيكتور فالديز وبيدرو.