هل تشعر بالوحدة والاغتراب، أم لك علاقات اجتماعية متينة في حياتك؟
رغم التطور العلمي المذهل لوسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن مشكلة الشعور بالوحدة تظل واقعاً يطارد الكثير من الناس، خصوصاً في الدول المتقدمة بسبب طبيعة الحياة العصرية.
في اليابان مثلاً، ينعزل الشباب عن الحياة الاجتماعية تماماً، بسبب انغماسهم الكامل في العمل واستخدام الإنترنت.. وهي ظاهرة أخذت في الانتشار لدرجة أنهم اعطوها اسما هو (هيكيكيموري).. وتهدد نحو نصف مليون شاب وتجرهم حثيثاً نحو الاكتئاب.
هل أنت هيكوكوموري، تتلخص حياتك في العزلة والنظر في شاشة الجوال؟
الوحدة أمر غير مرغوب على المدى الطويل وله تداعيات صحية ونفسية.. يقول عالم النفس «إد دينر» إن الصفة الوحيدة المشتركة بين جميع السعداء -بلا استثناء! هي أن لديهم علاقات اجتماعية قوية في حياتهم.
من هم الأكثر وحدة؟
نظراً لانتشار ظاهرة الوحدة، قامت هيئة الإذاعة البريطانية مؤخراً بأكبر دراسة من نوعها.. إذ استطلعت آراء نحو 55 ألف شخص حول العالم، عن شعورهم بالوحدة ومدى ارتباطها بجوانب أخرى من حياتهم.. فجاءت النتيجة لافتة للنظر..
ليس أكثر الناس وحدة هم كبار السن الذين تزوج أبناؤهم ورحلوا، أو الذين لم يتزوجوا ويعيشون وحدهم.. بل فئة أخرى غير متوقعة، هي صغار السن! أي الفئة العمرية من 16-24 سنة هي الأكثر شعوراً بالوحدة!
تفسير هذا هو أن الإنسان قد يشعر بالوحدة رغم أنه وسط الناس.. الشعور بالاغتراب.. وأن لا أحد يفهمه أو يهتم به حقاً.. حين لا تكون علاقته بمن حولك ليست قوية بما يكفي.. وهذا ما يواجهه صغار السن بالفعل! حيث قسوة المقارنات الاجتماعية في المدرسة أو الجامعة، فينعزلون خوفاً من الرفض الاجتماعي.. لذا ينبغي للآباء الانتباه لهذا ولتوفير الدعم الحقيقي لأطفالهم!
ما علاج الوحدة؟
استخلصت هذه الدراسة أكثر الأساليب التي يستخدمها الناس للتخفيف من وحدتهم.. وكان من أبرزها:

1- شتت تفكيرك
يمكن الانخراط في العمل أو ممارسة هواية، أو حتى التفكير في شيء آخر لتجنب التفكير في مسألة الوحدة.. قد تبدو هذه الوسيلة حلاً مؤقتاً لا يحل المشكلة نفسها.. لكنها قد تخفف وطأتها.

2- انضم لأي نشاط اجتماعي
الانضمام لناد اجتماعي أو منتدى أو دورة تدريبية لمقابلة الناس.. كثيراً ما نرى كبار السن في المقاهي لهذا السبب الجوهري، لا لشرب الشاي! لو أردت القضاء على الوحدة اذهب إلى مكان يشاركك فيه الناس اهتماماتك.

3- تحدث مع أي شخص!
ابدأ حوارا مع الشخص الذي يجلس بجوارك في مكان عام.. مع جارك في المصعد.. مع من ينتظر دوره مثلك في هيئة حكومية.. تبادل العبارات مع شخص عابر وابتسامته لنا، قد يكون لها تأثير إيجابي لطيف.. ليس هذا بديلاً عن العلاقات القوية، لكنه يرفع المعنويات بالطبع ويفتح الباب لعلاقات قد تتوطد!

4- تحدث عن مشاعرك
لست وحيداً كما تظن، فهناك أناس في حياتك. تحدث مع والديك -مثلاً- عن شعورك بالوحدة رغم أنك وسطهم.. تحدث مع زوجتك/‏ زوجك عن شعورك بالاغتراب وأن لا أحد يفهمك.. صارح أصدقاءك بهذه المشكلة.. قد يساعدوننا فعلا لكنهم لا يعرفون مشاعرنا الداخلية، فعلينا أن نخبرهم!

5- ادع الناس لفعل أشياء!
ادع شخصاً لشرب الشاي معك، اتصل بصديق لم تحدثه من قبل وادعه للمقابلة.. قد يكون سبب الوحدة هو انتظار أن يتصل به الآخرون.. فلماذا لا يتصل هو ببساطة؟
وحين يعتذر الناس لا ينبغي أخذ الأمر على محمل شخصي، لأنه ليس كذلك غالبا.. فالحياة مليئة بالمشاغل!
ليست كل هذه الأساليب فعالة أو مناسبة لكل الناس. فكما تقول الباحثة كلوديا هاموند، إن أهم شيء هو معرفة سبب الوحدة، لنتمكن من اختيار الحل المناسب لكل شخص.
قد نبدي تذمرنا من الآخرين دائماً، لأنهم لا يفهموننا أو لا يقدروننا كما ينبغي، إلا أن الحياة من دونهم لن تكون جنة، واسأل أي سجين انفرادي أو شخص يعاني من الوحدة.
حين يقول سارتر إن «الجحيم هو الآخرون»، فإن المثل الشعبي اللطيف يرد عليه قائلاً «جنة من غير ناس، ما تنداس»!