أحمد عبدالعزيز (أبوظبي)

أوصى باحثون ودبلوماسيون وأكاديميون شاركوا في الجلسات الختامية لمؤتمر «تمكين الشباب وتعزيز التسامح: التدابير العملية لمنع التطرف العنيف المفضي إلى الإرهاب ومكافحته»، أمس، بضرورة اتخاذ الحكومات العربية خطوات جادة تجاه إدخال قيم التسامح في المناهج التعليمية والتنشئة المبكرة في مرحلة الطفولة، وكذلك الاهتمام بجوانب أدب وثقافة الطفل والمسرح التفاعلي الذي يمكن من خلالها تكريس ثقافة التسامح لدى الأجيال الجديدة.
وشهد اليوم الثاني والختامي جلسة حوار الشباب والتي ركزت على الشراكات بين الحكومات وإشراك الشباب والمجتمع لتقوية سبل مقاومة الأفكار المتطرفة والإرهاب من خلال التعليم، وناقشت الجلسات وورش العمل الطرق التي من خلالها يمكن إحلال قيم التسامح في عقول الشباب والناشئين بدلاً من الأفكار العنيفة.
وقالت ألفة العرفاوي باحثة ثقافية تونسية: «إن التربية والتنشئة تبدأ في عمر مبكر ويجب أن تهتم الحكومات بالمعلمات والمعلمين في هذه المرحلة بحيث يتم إعدادهم بشكل جيد حتى يتمكنوا من غرس قيم التسامح وقبول الآخر ونبذ العنصرية والتمييز في نفوس الأطفال وعقولهم الأمر الذي يؤدى إلى تنشئة أجيال أكثر تسامحاً وقبولاً للاختلاف».
وأضافت أن المعلمين عليهم أيضاً فهم ما هو التطرف أو الممارسات التي تدل على أن الطفل يحمل فكراً متطرفاً وبالتالي فإن إعداد المدرسين أمر محوري في عملية معالجة الأخطاء وخلق بيئة مبنية على الحوار مع الطلاب لانتزاع أي فكرة متطرفة وغرس الفكر المتسامح مكانها.
وأضافت أن أدب الطفل من الأدوات المهمة للغاية في نشر قيم التسامح وكذلك المسرح التفاعلي أو التشاركي الذي يكون الأطفال فيه جزءاً من المسرحية ويتفاعلون بشكل أفضل وبالتالي لا يكونون متلقين فقط ولكنهم أكثر تفاعلاً الأمر الذي يثبت قيم التسامح لديهم وتعزيز الثقة في النفس والمعرفة والثقة في الآخر والقدرة على الحوار.
وأشارت إلى أن الفن من الوسائل المهمة في خلق الحوار بين الأعمار المختلفة من خلال الورش الفنية حرصاً على التواصل بين الأجيال المختلفة، كما أن الرسم والفنون هي أهم وسائل التعبير عند الأطفال لتواصلهم مع المجتمع وذلك يساعد على تفادي التصحر الفكري والثقافي الذي يعد من أهم أبواب دخول الفكر المتطرف للشباب في المستقبل.

المدرسة الخطوة الأولى
وقال الدكتور محمد بالكبير رئيس قسم الأبحاث بالرابطة المحمدية للعلماء بالمملكة المغربية: «من بين المشروعات التي نقوم بها لنبذ العنف، نعمل على هيئات ومؤسسات حكومية ووطنية ومنظمات المجتمع المدني والأمم المتحدة، وآخر مشروعاتنا هو مكافحة السلوكيات الخطرة في نحو 3000 مدرسة بمختلف المراحل الإعدادية والثانوية والتأهيلي ونستهدف التلاميذ من المرحلة العمرية بين 12-18 سنة».
وأضاف «نقوم بتدريب المدرسين الذين يقومون على مكافحة الفكر المتطرف الذي يؤدي لسلوكيات العنف في المدارس على مستوى المدرسين والمدراء وكل مؤسسة تقوم بتشخيص السلبيات مثل العنف والغش والتطرف ويعدون أدوات لمحاربتها خاصة الهواتف الذكية بعد أن كانت ممنوعاً استخدامها أصبحت جزءاً من الدراسة ويستخدمها الطلاب في إنتاج فيديو ومواد علمية يتم عرضها في الفصول الدراسية».
وأشار إلى أن المسرح التفاعلي مع الأطفال من أهم الوسائل التي نتبعها حيث إن هذا النوع من الفنون يختلف عن المسرح الكلاسيكي لأنه لا يبنى على قصة ولكن هو عبارة عن فقرة مدتها 10 دقائق، يطرح إشكال معين ويناقشه الأطفال أنفسهم ويبحثون عن حل له من خلال التمثيل.

ثقافة التسامح ضرورة
وقالت الدكتورة أروى هاشم نائبة السفير العراقي لدى دولة الإمارات: «إن التركيز على الأطفال من صغرهم حيث يمكنهم استقبال المعلومات وفهمها والبناء عليها في المستقبل وبالتالي فإن ثقافة التسامح ضرورة لأن يتم غرسها في عقول وأخلاق أطفالنا منذ نعومة أظافرهم».
وأكدت ضرورة تربية الأطفال على القيم الخاصة بقبول الآخر وتعريفهم بقيم ديننا الإسلامي الحنيف وكيف أن الإسلام حثنا على قبول الآخرين دون النظر إلى دينهم أو عرقهم أو لونهم ونهى على التمييز والعنصرية والعنف.
وأشارت إلى أن الإسلام يحمل معاني كثيرة من التسامح والمحبة، لافتة إلى أن الشباب والمراهقين أصبحوا محملين بسلوكيات عنيفة بسبب تركيز الإعلام على هذه المشاهد وبالتالي يجب أن نركز على التسامح والمحبة وقبول الآخر من خلال ورش للأطفال بين مختلف الدول العربية بهدف خلق أجيال جديدة لبناء مستقبل أفضل للشعوب العربية.
ولفتت الدكتورة هاشم أن «المناهج في أغلب الدول العربية تركز على الجوانب العلمية مثل الرياضيات والفيزياء في الوقت الذي يغيب فيه الأدب العربي والشعر والبلاغة التي يمكن من خلالها إدخال قيم سامية مثل التسامح والحوار وقبول الآخر».

تثقيف الآباء والأمهات
وقال سلطان سعود القاسمي مدرس في جامعة جورج تاون ومؤسس مؤسسة «برجيل» الثقافية بالشارقة: «تثقيف الطفل يتم عن طريق مرحلتين، الأولى للطفل نفسه عبر الكتب المتخصصة في ذلك، والثانية للآباء والأمهات حيث إنهم الأساس في ترسيخ القيم لدى الأطفال في المستقبل، علاوة على أنه لا بد من تربية أبنائنا وبناتنا من الأجيال الجديدة على الثقافة العربية وما تحمله من جماليات». وأضاف أن التدريس للأطفال يجب أن يشمل التعليم عن الفنون وكيف أن الفنانين العرب المسلمين والمسيحيين واليهود والأرمن العرب والأمازيغ أثروا الحركة الثقافية والفنية للمنطقة والثقافة العربية وانعكست على الهوية العربية وبالتالي على الأجيال الجديدة أن تعي أهمية التنوع العرقي الذي أسهم في رقي الحضارة العربية لقرون ماضية.