حسام عبدالنبي (دبي)

يسهم تنفيذ الإجراءات الإستراتيجية التي تعزز الشمول المالي من خلال التحول الرقمي، في زيادة الربحية وتعزيز الأداء المالي للبنوك بشكل مباشر، حيث تشير التقديرات إلى أن تمكين الشركات والأفراد البالغين ممّن لا يمتلكون حسابات مصرفية من الانضمام إلى القطاع المصرفي الرسمي، سيولد إيرادات جديدة للبنوك تقدر بنحو 380 مليار دولار، حسب محمد عبد الباري، الرئيس التنفيذي للشؤون المالية في منطقة أفريقيا والشرق الأوسط لدى بنك ستاندرد تشارترد، مؤكداً أن التطورات في مجال التكنولوجيا المالية تتيح للبنوك إمكانية المحافظة على قاعدة العملاء الحاليين واستهداف شريحة أكبر من الجمهور، وتحديداً أولئك الذين لا يمتلكون حسابات مصرفية.
وقال عبد الباري، لـ«الاتحاد» إن تقنيات الرقمنة أصبحت المحفز الأكبر والأهم لعملية التحوّل التي يشهدها قطاع الخدمات المصرفية، لاسيما في ظل زيادة وتيرة اعتماد التكنولوجيا لتصبح أولوية أساسية لتعزيز نتائج الأداء الرئيسية في المصارف مع دخولها حالياً في منافسة قوية لتعزيز الربحية مع مجموعة من المؤسسات المالية المتطورة.
وأضاف أن التكنولوجيا أحدثت في السنوات الأخيرة نقلةً نوعية في الخدمات التي تقدمها المصارف لعملائها بدءاً من الخدمات المصرفية المقدمة عبر الإنترنت وصولاً إلى الفروع الرقمية.
وأشار إلى أن عملاء البنوك ليسوا المستفيدين الوحيدين من ثورة الخدمات المصرفية الرقمية، فقد اتجهت البنوك إلى التكنولوجيا للتعامل مع رؤوس الأموال والموارد الإضافية، وللتخلص في نهاية المطاف من التكاليف التي تتطلبها العمليات الورقية التقليدية، لافتاً إلى أنه من خلال رقمنة العمليات، تعزز البنوك إنتاجيتها وترفع مستويات الربحية وتخفض التكاليف وتجعل التجربة المصرفية أكثر سرعة وسهولة.
وخلال حديثة شدد عبد الباري، على وجود علاقة مباشرة بين اعتماد التطورات والابتكارات التكنولوجية في العمليات المصرفية وتعزيز الأداء المالي، منبهاً إلى أن تنفيذ التقنيات والابتكارات الحديثة باتت جزءاً رئيسياً من جداول الأعمال وميزانيات المصارف، حيث تشير تقديرات شركة «ماكنزي» إلى أن القطاع المصرفي العالمي ينفق ما بين 4.7% إلى 9.4% من الإيرادات التشغيلية على عمليات وأجهزة تكنولوجيا المعلومات، ما مكنه من جني عائدات كبيرة على الاستثمار.
وذكر عبد الباري، أن الخدمات المصرفية المفتوحة يمكن أن تولد مصادر إيرادات متعددة ومتنوعة كونها ترتبط بأطراف خارج القطاع المصرفي مما يتيح إمكانية الوصول إلى أسواق جديدة.
وأوضح أن البنوك التي تسارع إلى تبني استراتيجية مصرفية مفتوحة ودمج خدمات الطرف الثالث ضمن خدماتها ستكتسب موقعاً قوياً لضمان تدفق مستدام للإيرادات في المستقبل.
وتابع: «كذلك، سيؤدي تقديم خدمات متكاملة بالتعاون مع الأطراف والكيانات غير المصرفية إلى تعزيز المشاركة وزيادة حجم قاعدة المستهلكين وزيادة الربحية في نهاية المطاف»، منوهاً بأنه يمكن للبنوك تمكين عملائها من الاستفادة من الخدمات المقدمة لهم عبر المنصة الرقمية أو من خلال الشراكات مع شركات التقنية الكبرى مثل جوجل وأمازون وفيسبوك وآبل لتحقيق تدفقات عائدات جديدة ومبتكرة.
ارتفاع التكلفة
وعن ارتفاع التكاليف المرتبطة برقمنة العمليات المصرفية، أفاد عبد الباري، بأنه على الرغم من التكاليف المرتفعة المرتبطة بالرقمنة، إلا أن هذه العملية تشكل وسيلة فعالة لتعزيز كفاءة الإنفاق في جميع قطاعات العمليات المصرفية، لذا بدأت العديد من المؤسسات العاملة في الشرق الأوسط بتبنيها، مسترشداً على ذلك بدراسة أجرتها شركة «ماكنزي» وتشير إلى أن البنك الذي تبلغ ميزانيته العمومية نحو 250 مليار دولار قادر على تحقيق أرباح سنوية تصل إلى 230 مليون دولار ينتج أكثر من نصفها عن تخفيض التكاليف.
وأكد عبد الباري، أن أتمتة عمليات المكاتب الخلفية الاعتيادية في المصارف تُساعد على تحقيق وفورات كبيرة في التكاليف التشغيلية وتوظيف الموارد البشرية في أقسام حيوية ومجالات استراتيجية أهم حيث يُقدر أن يوفر التحول من النموذج الخاص إلى النموذج القائم على السحابة في بنوك الاستثمار الكبرى نحو 11% من التكاليف التشغيلية.
وأشار إلى أنه يمكن أيضاً أتمتة المهام الصعبة في أنظمة البيانات باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ما سيخفض التكاليف المرتفعة في نهاية المطاف ويسرع تنفيذ هذه المهام، منوهاً بأن اعتماد استراتيجيات خفض التكاليف الفعالة في منطقة الشرق الأوسط يتزايد اليوم لاسيما في بنوك دول مجلس التعاون الخليجي التي تبحث عن طرق أكثر تطوراً وكفاءة لإدارة التكاليف باستخدام تقنيات الروبوتات والتحليلات والتكنولوجيا المالية.