الإمارات تضطلع بدور حيوي لدرء شبح المجاعة في القرن الأفريقي
تضطلع الإمارات بدور حيوي في تعزيز الجهود الدولية لدرء شبح المجاعة التي تهدد الملايين من البشر في القرن الأفريقي، بناء على توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ودعم الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومتابعة سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية رئيس هيئة الهلال الأحمر.
وتتحرك الدولة بقوة على الساحة الصومالية التي تعتبر من أكثر دول المنطقة تضرراً من كارثة الجفاف والمجاعة من خلال تحالف عدد من المنظمات الإنسانية الإماراتية التي آلت على نفسها تنسيق الجهود والعمل معاً لتعزيز استجابة الدولة تجاه هذه الكارثة التي تعتبر الأسوأ منذ أكثر من نصف قرن، فقد شهدت منطقة القرن الأفريقي موجات متتالية من القحط والجفاف والمجاعة خلال العقود الثلاثة الماضية، إلا أن الوضع الحالي ينذر بالكثير من المخاطر التي تتضح معالمها مع صباح كل يوم جديد، حيث تتسع رقعة الجفاف ويزداد عدد المتضررين والنازحين الذين يتوافدون يومياً على العاصمة الصومالية مقديشو والدول المجاورة للصومال، هرباً من الموت جوعاً وبحثاً عن الغذاء و الدواء والمأوى.
وفي ظل هذا الوضع المتردي، أخذت الدولة زمام المبادرة، وجاءت توجيهات قيادتها الرشيدة بالتحرك فوراً تجاه مسرح الكارثة، وتقديم كل ما من شأنه أن يحد من وطأة المعاناة، وينقذ الحياة ويصون كرامة هؤلاء الضعفاء الذين ليس لهم بعد الله إلا أصحاب القلوب الرحيمة والأيادي البيضاء، وتعمل الإمارات حالياً في العديد من الاتجاهات للحد من تداعيات الكارثة الإنسانية الآخذة في التصاعد، فهي موجودة في الداخل الصومالي منذ ثلاثة أسابيع عبر فريق الإغاثي الإماراتي الذي يضم هيئة الهلال الأحمر، ومؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية، ومؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، ومؤسسة محمد بن راشد للأعمال الخيرية والإنسانية، وقدم فريق الإغاثة الإماراتي حتى الآن مساعداته الإغاثية لأكثر من 30 ألف نازح صومالي في 7 مخيمات حول العاصمة مقديشو، فيما شملت برامجه الصحية حوالي 3036 نازحاً في 4 مخيمات استفادوا من خدمات العيادة المتنقلة التي تضطلع بدور كبير في تحسين سبل الرعاية الصحية داخل المخيمات التي تفتقر لهذا النوع من الخدمات رغم تفشي بعض الأمراض المعدية بين النازحين خاصة الأطفال، كما قدم الفريق مئات الأطنان من المواد الإغاثية المتنوعة للمتأثرين والنازحين.
ويواصل الفريق جهوده لتحسين أوضاع النازحين المعيشية والصحية عبر خطة مرنة ومتحركة تمتد لأكثر من أربعة أشهر، وتتضمن عدة مراحل، حيث يتم تقييم كل مرحلة على حدة، ومن ثم تتضح ملامح المرحلة التي تليها وفقاً لمتطلبات النازحين الفعلية، وذلك بحسب حميد راشد الشامسي رئيس فريق الإغاثة الإماراتي في الصومال الذي أكد أن الفريق يسترشد بتوجيهات القيادة الرشيدة التي تجاوبت بسرعة مع حجم الكارثة المحدقة بالشعب الصومالي ووفرت كل مقومات الدعم والمساندة حتى تنجلي هذه المحنة التي تتطلب تضافر الجهود وتعزيز الشراكات لدرء مخاطرها عن كاهل المتأثرين، وقال إن وجود الإمارات القوي على الساحة الصومالية يعزز الجهود الرامية إلى تدارك الأوضاع قبل تفاقمها أكثر مما هي عليه ويحدث فرقاً في مستوى الرعاية والعناية بالنازحين والمتضررين والحد من حجم الأضرار المتوقعة في مثل هذه الظروف الاستثنائية، مؤكداً أن تضافر جهود المنظمات الإماراتية داخل الميدان عزز قدرتها على التعامل مع كارثة المجاعة في الصومال، وحسن مستوى الاستجابة لمتطلبات النازحين، وذلك بشهادة المراقبين الميدانيين والجهات الصومالية المختصة، وشدد على أن المرحلة المقبلة ستشهد تقديم المزيد من الدعم والمساندة من أجل دحر الجوع ومكافحة تداعيات القحط والجفاف في الصومال.
وفي محور العمليات الإغاثية، يقوم فريق الإمارات يومياً بتحريك قوافله إلى أحد المخيمات التي يتم اختيارها بعناية بعد تقييم الأوضاع الإنسانية داخلها بواسطة العاملين في مكتب هيئة الهلال الأحمر في الصومال الذين يقومون بدراسة ظروف كل مخيم على حدة، وتنسيق عمليات توزيع المساعدات مع الجهات المحلية المشرفة على المخيم، وقبل يوم من وصول القافلة توزع قسائم على النازحين لتسلم حصتهم من المواد الغذائية التي تكفي الأسرة الواحدة لمدة شهر، وذلك تفادياً للازدواجية وتسهيل إيصال المساعدات إلى المتضررين، وتم التركيز على المخيمات البعيدة عن أعين المنظمات الإنسانية الأخرى والتي لم تصلها مساعدات كافية من قبل حيث من المعهود أن تتركز المساعدات في مخيمات بعينها دون الأخرى لعدة اعتبارات تتعلق ببرامج وخطط تلك المنظمات، ولم تقتصر مساعدات الإمارات على مخيمات النازحين فقط، بل امتدت لمئات الأسر الضعيفة والمتعففة التي تقطن، بجانب المخيمات ولا يختلف حالها عن أوضاع النازحين، وهذا ليس بغريب في بلد يعتبر 65 في المئة من سكانه تحت خط الفقر.
وقد حرص فريق الإمارات على توفير المواد الإغاثية عن طريق الشراء من الأسواق المحلية في مقديشو لعدة اعتبارات أهمها ضمان سرعة وصول المساعدات للمتضررين وفقاً لما تتطلبه ظروفهم الراهنة، إلى جانب تحريك عجلة الاقتصاد الصومالي والحد من نسبة البطالة وتشغيل الأيدي العاملة المحلية بما يعود بالفائدة على الفرد والمجتمع.
ويمثل الجانب الصحي أولوية في حالات النزوح التي يصاحبها الكثير من الإنهاك والتعب وتفشي الأمراض والأوبئة بسبب انعدام الغذاء وشح المياه النظيفة، ولذلك دشن فريق الإغاثة الإماراتي مؤخراً عيادة متنقلة لتعزيز الخدمات الصحية للنازحين وتوفير رعاية أكبر للمرضى والمصابين منهم، وتم تجهيزها ودعمها بكادر طبي متخصص يضم 14 طبيباً وممرضاً يتحركون على مدار الأسبوع بين المخيمات يقدمون العلاج والدواء ووسائل المحافظة على صحة البيئة، وفي الحالة الصومالية يمثل الجانب الصحي تحدياً كبيراً للجهات الرسمية والعاملين في المجال الإغاثي في الوقت الراهن نسبة لعدم وجود مستشفيات مؤهلة وتردي القطاع الصحي في الصومال بسبب الظروف التي مرت بها البلاد خلال العقود الماضية، إلى جانب تفشي الأمراض المعدية بين النازحين خاصة الأطفال منهم؛ لذلك جاءت عيادة الإمارات المتنقلة لسد النقص في هذا الجانب الحيوي والمهم.
وهذا هو ديدن الإمارات دائماً، حيث تحرص على التميز وتقديم الجيد من الخدمات والحلول الإنسانية المناسبة لقضايا المتأثرين بالكوارث والأزمات، وظلت الجهود التي يبذلها فريق الإغاثة الإماراتي الموجود حالياً على الساحة الصومالية لقيادة عمليات الدولة الإغاثية والإنسانية لضحايا الجفاف والمجاعة محل تقدير الصومال حكومة وشعباً، ويبقى هذا التحالف الإنساني الإماراتي الذي يضم عدداً من المنظمات الإنسانية الإماراتية التي تعمل معاً في واحدة من أميز تجارب الشراكة الميدانية، وتعزيز روح التضامن مع القضايا الإنسانية من أهم عناصر المواجهة الدولية لدرء شبح المجاعة في القرن الأفريقي، ويتعزز الدور الإماراتي القوى ويزداد متانة بدعم قيادته الرشيدة ومساندة ومؤازرة الخيرين والمحسنين من أبناء هذا الوطن المعطاء.
المصدر: مقديشو