محمد حامد (دبي)

ليست مجرد مصادفة أن تكون الغالبية الكاسحة من أساطير الكرة الإيطالية، والنجوم الأكثر مشاركة في المباريات الدولية من أصحا ب المهام الدفاعية، سواء حراس المرمى أو المدافعين، أو على أقصى تقدير من نجوم وسط الملعب الدفاعي، فقد أثار دخول جورجيو كيلليني مدافع اليوفي والمنتخب الإيطالي نادي الـ 100 مباراة دولية الذي لا يوجد به سوى 7 نجوم فقط، تساؤلات في الليلة نفسها التي شهدت تعادل إيطاليا في معقلها بسان سيرو مع البرتغال من دون أهداف، صحيح أن الطليان كانوا الأكثر سيطرة على المباراة، وأظهروا رغبة هجومية تفوق المنافس، إلا أن المباراة انتهت سلبية في نهاية المطاف.
الهولندي رينوس ميتشلز أبهر العالم بالكرة الهجومية الشاملة، ثم تلقفها يوهان كرويف ليطورها فيما بعد، وأتى الفيلسوف الإسباني بيب جوارديولا ليجذب الملايين بـ«التيكي تاكا» والأداء الهجومي والتحكم والسيطرة شبه المطلقة، إلا أن ذلك لم يمنع الكثير من أندية ومنتخبات العالم من السير على خطى الطليان في التمسك بالتنظيم الدفاعي الذي هو أساس كرة القدم، بل إن مدرسة التنظيم الدفاعي تثبت وجودها وقدرتها على البقاء أكثر من الكرة الهجومية، ويكفي أن إيطاليا نجحت من خلال هذه المدرسة في تحقيق كأس العالم 4 مرات، وفازت ببطولة أمم أوروبا مرة واحدة.
كيلليني هو النجم السابع في سلسلة نجوم إيطاليا، الذين دخلوا نادي الـ 100 مباراة دولية، والذي يتزعمه الحارس بوفون بـ 176 مباراة دولية، ثم كانافارو وفي رصيده 136 مباراة دولية، ويحسب له فوزه بالكرة الذهبية، وهو لاعب مدافع في استثناء تاريخي يصعب تكراره، الأمر الذي يؤكد أن المدرسة الدفاعية الإيطالية تحظى باحترام وتقدير العالم، وفي المرتبة الثالثة الأسطورة مالديني بـ 126 مباراة، ثم دي روسي وهو لاعب وسط مدافع أيضاً، وفي رصيده 117 مباراة دولية بقميص إيطاليا، وبيرلو خامساً بـ 116 مباراة دولية، ثم الحارس التاريخي زوف، والذي كان حامياً لعرين إيطاليا في 112 مباراة، ومن بعده كيلليني الذي دخل نادي الـ 100 أمام البرتغال.
أما عن بقية التوب 10 لأكثر نجوم إيطاليا مشاركة في المباريات الدولية، فالمفارقة أن المركز الثامن، وكذلك التاسع، لنجمين من أصحاب المهام الدفاعية، وهما زامبروتا وفاكيتي، وقد وقف كل منهما على أبواب نادي الـ 100، والاستثناء الوحيد في قائمة توب 10 إيطاليا الأكثر مشاركة في المباريات الدولية هو النجم أليساندرو ديل بييرو، الذي سجل لإيطاليا 27 هدفاً في 100 مباراة، وعلى الرغم من سيطرة نجوم الدفاع وحراس المرمى على المشهد الكروي في إيطاليا، وهو ما يتناسب مع فلسفتها الكروية، فإن ذلك لم يمنعها من تقديم مواهب هجومية وتهديفية جيدة، وعلى رأسهم جيوسيبي مياتزا، وروبرتو باجيو، وإنزاجي، وفييري، وغيرهم.
الصحافة الإيطالية في تفاعلها مع التعادل أمام البرتغال بدت غير غاضبة، فقد أشارت إلى أن الأداء جيد إجمالاً رغم غياب الأهداف، فقد عنونت صحيفة كورييري ديللو سبورت: «بيلا مانسيو» أي فريق مانشيني الجميل، وأضافت: «إيطاليا تتحسن وتقدم كرة جيدة رغم التعادل مع البرتغال، وعدم التأهل إلى المربع الذهبي لدوري أمم أوروبا»، وأشارت إلى أن منتخبها قدم كرة عظيمة لمدة ساعة، وظهر فيراتي بصورة أكثر من رائعة، وأبرزت تصريح مانشيني الذي قال إن الأداء أمام البرتغال يمكن اعتباره خطوة للأمام.
أما صحيفة «لاجازيتا ديللو سبورت»، فأشارت إلى أن المنتخب بلا أنياب حقيقية، ولكنها امتدحته حينما قالت: «لقد أتينا إلى المباراة، وظهرنا بصورة جيدة، ولكننا لم نسجل»، وتابعت: «عام مضى وسان سيرو لا يشهد هزيمة إيطاليا، لم نتأهل إلى نهائيات دوري أمم أوروبا، ولكننا نقدم كرة قدم جيدة يمكن البناء عليها في المرحلة المقبلة».
مكاسب البرتغال
في المقابل، حقق المنتخب البرتغالي 3 مكاسب مهمة، دون أن يحرز هدفاً واحداً في شباك الطليان، فقد فرض التعادل السلبي على «الآزوري» بمعقل الأخير في سان سيرو، وضمن التأهل إلى المربع الذهبي لدوري أمم أوروبا بعد أن رفع رصيده إلى 7 نقاط مقابل 5 لإيطاليا ونقطة واحدة للمنتخب البولندي، أما المكسب الثاني، فإنه يتمثل في استضافة مباريات المربع الذهبي لدوري الأمم الأوروبية، فقد كان «اليويفا» ينتظر موقف المجموعة في ظل طلب البرتغال وبولندا استضافة المباريات، وبعد أن تأكد التأهل البرتغالي جاء قرار الاستضافة ليضمن للجماهير البرتغالية متعة كروية كبيرة الصيف المقبل.
أما عن ثالث مكاسب الكرة البرتغالية من التعادل مع إيطاليا وضمان التأهل لنصف النهائي، فإنه يتمثل في ظهور ملامح جيل يملك قوة الشخصية، والقدرة على الأداء الجماعي بعيداً عن قبضة النجم الأوحد الذي يفعل كل شيء، ويحصل على كل شيء، وهو كريستيانو رونالدو، الهداف التاريخي للبرتغال، واللاعب الأكثر تأثيراً على الأداء والنتائج في السنوات العشر الأخيرة، فقد استمر غياب «الدون» عن المباريات الدولية لمنتخب بلاده، وسط غموض كبير يحيط بمستقبله، وشائعات تتحدث عن أنه قد يكتفي بما قدمه ويعتزل دولياً.
ورغم نفي فرناندو سانتوس، المدير الفني للمنتخب البرتغالي، وجود أي مشكلة تمنع عودته للمباريات الدولية، فإن صحيفة «آبولا» البرتغالية أشارت في تقرير لها إلى أن عودة «الدون» تظل سراً بين 3 أشخاص، وهم رونالدو، والمدير الفني سانتوس، وفرناندو جوميز رئيس الاتحاد البرتغالي لكرة القدم، ويحرص الدون على مشاركة جماهير البرتغال اهتمامها بالمنتخب، ويغرد ويكتب عبر حساباته بمواقع «السوشيال ميديا» ما يفيد بأنه ما زال لاعباً في صفوف المنتخب على الرغم من أنه لم يشارك في أي معسكر أو مباراة منذ نهاية مونديال روسيا 2018.