جمعة النعيمي (أبوظبي)

تحت رعاية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، شهد سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي وزير المالية أمس انطلاق أعمال المؤتمر الثامن للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والتي تستمر في مركز أبوظبي الوطني للمعارض «أدنيك» حتى 20 ديسمبر الجاري.
حضر المؤتمر معالي صقر غباش رئيس المجلس الوطني الاتحادي، ومعالي عبيد بن حميد الطاير وزير الدولة للشؤون المالية، ومعالي سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي وزير الطاقة والصناعة، ومعالي شما بنت سهيل بن فارس المزروعي وزيرة دولة لشؤون الشباب، وعدد من المسؤولين من داخل الدولة وخارجها والسفراء المعتمدين لدى الدولة.
ويستقطب الحدث، الذي ينظمه ديوان المحاسبة، نحو 3 آلاف مشارك من 185 دولة ويعد أكبر تجمع دولي يُعنى بمناقشة القضايا المتعلقة بمكافحة الفساد.
ويعد المؤتمر أحد التجمعات الدولية المهمة التي ستمنح الفرصة للدول الأعضاء الموقعة على هذه الاتفاقية من أجل تعزيز التعاون لتحقيق أهدافها الواردة في الفصول الأربعة لهذه الاتفاقية.

مطالب توحيد الجهود
وأكد معالي أنطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، والتي نقلها يوري فيدوتوف المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أن هذا الاجتماع يأتي انعقاده في وقت حرج يتطلب توحيد جميع الجهود من أجل التصدي للفساد فمكافحته هي الأساس من أجل تحقيق التنمية المستدامة في المجتمعات، مشيرا إلى أهمية مشاركة منظمات المجتمع المدني في الاجتماع وكذلك الشباب ، لافتا إلى أن مكافحة الفساد تتطلب تضافر جهود الجميع.
وبين غوتيريس أن 97 % من الدول تشترك في الاتفاقية و87 % من أعضائها سجلت تغيرات جوهرية في استراتيجيتها لمواجهة ومكافحة الفساد، وهناك 15 قراراً مطروحاً على بساط البحث و50 فعالية خاصة وتشكيلة واسعة من الموضوعات تبين مدى الجهد المبذول هنا في الدورة الثامنة بأبوظبي.

الإمارات والمجتمع الدولي
من جانبه رحب معالي الدكتور حارب بن سعيد العميمي رئيس ديوان المحاسبة بالوفود المشاركة في مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
وقال معاليه: إن حكومة دولة الإمارات حرصت من خلال استضافة هذا المؤتمر في أبوظبي على تجسيد مشاركتها المجتمع الدولي جهوده الحثيثة في التصدي للفساد ومنع انتشاره والتعاون مع الأسرة الدولية في كل ما من شأنه مكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة وملاحقة أفعال الفساد وإنفاذ القانون بحق مرتكبي الفساد.
وأضاف: « كان من مظاهر هذا الحرص أيضاً مبادرة القيادة السياسية لدولة الإمارات إلى التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في العام 2005 والمصادقة عليها في العام 2006 وذلك إيمانا منها بأهمية التصدي للفساد وتحصين مقدرات شعبها وبما يضمن وينهض بمسيرتها وتقدمها وازدهارها».

الفساد المالي تحد للعالم
وأشار إلى أن قضية الفساد المالي تعد واحدة من أهم التحديات التي تواجه دول العالم كافة بسبب ما تتعرض له أموال الدول من تسريب بشكل غير قانوني بما ينعكس سلباً على مستوى الخدمات المقدمة للشعب ويؤثر على قدرة الحكومة في توفير الخدمات الأساسية لمواطنيها.
وتابع معاليه: « لقد قدرت نسبة الفساد بما يزيد على 80 مليار دولار من الاقتصاد العالمي، الأمر الذي يشير إلى أنه أصبح جلياً للعالم أن ظاهرة الفساد قد تجاوزت مفهوم الظاهرة لتصبح جريمة دولية عابرة للحدود تسهم في زعزعة الاستقرار والسلم وتدمر البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وتجهض مشاريع التنمية وتدمر الثقة بالحكومات وتغذي الإرهاب الأمر الذي يدعو إلى النظر في هذه الجريمة بمزيد من القلق والاهتمام والتعاون» .
وأشار إلى أن المنظمات الدولية أجمعت على أن انتشار الفساد المالي إنما يكون غالباً نتيجة مباشرة لفشل مؤسسات الدولة وبشكل خاص المؤسسات المعنية بالكشف عن الفساد والمؤسسات القضائية ومؤسسات فرض القانون في القيام بواجباتها على أكمل وجه، الأمر الذي أدى إلى صدور معاهدة الأمم المتحدة لمحاربة الفساد والتي طالبت الدول الموقعة عليها بجملة من الإجراءات الواجب اتباعها لوضع هذه الاتفاقية محل التنفيذ، بما يضمن وضع إطار شامل لمكافحة الفساد على الصعيد الدولي والمحلي وفي القطاعين العام والخاص على حد سواء.
وأضاف معاليه : «على الرغم من تعدد الصكوك والاتفاقيات الدولية والإقليمية والثنائية إلا أن اتفاقية الأمم المتحدة قد استطاعت بشمولها أن تتوج المبادرات السابقة وأن تضع إطار استراتيجياً ودولياً يمكن من خلاله السعي إلى دعم التدابير الرامية للوقاية من الفساد وتعزيز النزاهة والتعاون والتنسيق لمكافحة الفساد ومتابعة مستوى استيفاء متطلبات وشروط الاتفاقية على المستوى الوطني وتوفير الدعم الفني اللازم للدول الأطراف».
وأشار إلى أن مؤتمر الدول الأطراف اكتسب أهمية بالغة لما يوفره من فرص للتعاون بين الدول الأطراف وأصحاب المصلحة من أجل تعزيز إجراءات منع الفساد وإنفاذ القانون واستعادة الأموال المسروقة وتبادل المعلومات حول حلول مبتكره لمعالجة كل قضايا الفساد وتعزيز المساءلة والنزاهة والشفافية.

دورة استثنائية
وأكد أن الدورة الثامنة لهذا المؤتمر اكتسبت أهمية خاصة لما تضمنته من مبادرات جديدة تمثلت أولا في الاستعداد لأول دورة استثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي ستعقد في نيويورك عام 2021 وثانياً المبادرة الدولية التي أطلقها ديوان المحاسبة خلال اليومين الماضيين للجمع بين الأجهزة الرقابية والأجهزة المسؤولة عن مكافحة الفساد كخطوة أولى لتنفيذ مذكرة التفاهم الموقعة بين منظمة الانتوساي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بشأن التعاون من أجل مكافحة الفساد وثالثاً ما تضمنته هذه الدورة من إطلاق هاكاثون الشباب من أجل توظيف طاقاتهم وتسخيرها في حلول مبتكرة لمكافحة الفساد.

العميمي رئيساً للمؤتمر
عقب ذلك جرى انتخاب معالي الدكتور حارب بن سعيد العميمي رئيس ديوان المحاسبة رئيساً للمؤتمر في دورته الثامنة، تلا ذلك عدد من الإجراءات التنظيمية ثم كلمات رؤساء وفود الدول المشاركة في المؤتمر العالمي. ويشهد المؤتمر الإعلان عن مبادرتين من دولة الإمارات الأولى تعنى بتأسيس قاعدة عمل مشتركة بين الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة وأجهزة مكافحة الفساد في العالم ما من شأنه أن يسهم في إحداث نقلة نوعية في آليات مكافحة الفساد على مستوى العالم، فيما تتمثل المبادرة الثانية في تفعيل دور الشباب في مكافحة الفساد بالعالم.
ويتضمن المؤتمر الثامن للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد فعاليات عدة منها إقامة حلقة شبابية واجتماعات حول التعاون بين الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة وأجهزة مكافحة الفساد. كما تشمل عقد المؤتمر العام للشراكة الدولية لمكافحة الفساد الرياضي وتتم خلاله مناقشة آخر تطورات العمل ورفع مستوى الوعي حول الشراكة الدولية لمكافحة الفساد الرياضي.

الإمارات تدعم المجتمع الدولي
أكد رئيس ديوان المحاسبة الدكتور حارب العميمي، رئيس المؤتمر الثامن للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد أن دولة الإمارات العربية تعمل على تعزيز جهود المجتمع الدولي لخدمة كافة الدول الأطراف لمنع ومكافحة الفساد، وشرعت في استكمال منظومة التشريعات الوطنية والأطر القانونية الهادفة إلى منع الفساد ومكافحته ومعاقبة مرتكبيه.
وقال معاليه : لقد أدركت دول العالم المخاطر الجسيمة الناتجة عن الفساد باعتباره جريمة خطيره تقوض حكم القانون وتعيق التنمية وتنشر الفقر والجهل وتحول دون وصول الحقوق لأصحابها، لافتا أن الإمارات تعمل بالمشاركة مع بقية دول العالم على مناهضة الفساد وتجفيف منابعه من خلال سن القوانين والنظر في مدى استكمال التشريعات في كل دولة.

الفساد سبب أساسي للرجعية والتخلف
قال جون براندولينو مدير معهد شعبة شؤون المعاهدات بمكتب الأمم المتحدة: إن مشاركة 600 مندوب من 150 دولة من مختلف أجهزة الرقابة والقانون، يسجل رقماً قياسياً للمؤتمر وينم عن اهتمام الدول الأعضاء بمنع ومكافحة الفساد لبلوغ أهداف التنمية المستدامة. وقال جون براندلينو مدير قسم شؤون المعاهدات بمكتب الأمم المتحدة للجريمة والمخدرات: إن المؤتمر المؤتمر يسجل رقما قياسيا، مؤكداً جدية الدول الموقعة على الاتفاقية في مواجهة الفساد الذي هو العامل الأساسي للرجعية والتخلف.
وقال: نحن في مكتب الأمم المتحد لمكافحة المخدرات نعمل على توعية المجتمع، حيث أن هناك مبادرة للتعليم من العدالة، وتوجد رسوم متحركة وتطبيقات ذكية وأفلام وقصص مصورة تستهدف رفع التوعية بين الشباب فهو مشروع رائع وناجح.

جهود مجموعة الـ 77
قال عمر عامر يوسف سفير مصر وممثلها الدائم في فيينا في كلمة بالنيابة عن مجموعة الـ77 : «إن ظاهرة الفساد من أكبر التحديات المضرة بالاستقرار والتي تحتم علينا ضرورة القضاء عليها وتؤكد المجموعة على الجهود الجارية على كافة المستويات تطبيقا لأهداف الأمم المتحدة التي تعزز الحد من الفساد بأشكاله كافة وعلى الصعد كافة، لافتاً إلى تأكيد المجموعة على ضرورة مكافحة الفساد وتفعيل الإرادة السياسية اللازمة لذلك.