محمد حامد (دبي)

عاد منتخب فرنسا المتوج بطلاً لمونديال روسيا 2018، إلى كوكب الأرض على نحو مفاجئ، بعد أن اعتقدنا أنه المتربع بمفرده على عرش الكرة العالمية، وذلك بعد رحلة «قصيرة» حلق خلالها «الديوك» بعيداً عن الجميع، بمنتخب قيل إنه سوف يسيطر على الكرة العالمية لـ 10 سنوات قادمة على الأقل بفضل الجيل الشاب، وكثرة المواهب التي تسمح بوجود 3 نجوم في كل مركز، إلا أن منتخب هولندا الأكثر شباباً وطموحاً وربما موهبة، والأفضل تكتيكياً لأنه الابن الشرعي للكرة الشاملة، نجح في إجبار فرنسا على أن تعود إلى أرض الواقع بالفوز بثنائية فينالدوم وديباي في المرحلة الخامسة لدوري أمم أوروبا.
عودة فرنسا إلى الأرض قد تكون من أجل استراحة قصيرة، والأمر في جميع الأحوال لا يرتبط فقط بتهديد حظوظها في التأهل للدور نصف النهائي لدوري أمم أوروبا بعد الهزيمة أمام هولندا فحسب، بل بعودة المدرسة الهولندية لتهديد القارة العجوز بقوة، فقد تمكن الهولنديون من الفوز على ألمانيا بطل العالم 2014 بثلاثية نظيفة في أكتوبر الماضي، ثم الفوز على فرنسا بطل العالم 2018 بثنائية دون مقابل، وفي المباراتين سيطر الهولنديون على مجريات الأمور، وظهروا بأداء يجمع بين القوة والأناقة، فقد اتضحت بصمة رونالدو كومان بقوة، خاصة بعد نجاحه في تقديم عدد من النجوم الصغار، كما فاز المنتخب الهولندي في مارس الماضي على البرتغال بطل أوروبا بثلاثية في مباراة ودية دولية.
التشكيلة الهولندية تعتمد على الوجوه الشابة، وعلى رأسهم ثنائي أياكس المتألق دي ليخت، و دي يونج، فالأول بيلغ 19 عاماً، والثاني لم يتجاوز 21 عاماً، ومعهما يشارك بيرجوين 21 عاماً، ودومفريس 22 عاماً، وكذلك ديباي البالغ 24 عاماً، ويضاف إلى العناصر الشابة النجوم أصحاب الخبرات بقيادة المدافع فان دايك لاعب ليفربول الذي يصفه البعض بالأفضل عالمياً في مركزه في الوقت الراهن، و داني بليند، وفي حراسة المرمى حامي عرين البارسا سيليسين.
ويحظى دي يونج على وجه التحديد باهتمام كبير من عمالقة القارة العجوز، إلا أن أياكس يحاول الحصول على أكبر قيمة مالية ممكنة من صفقة بيعه، وتسعى أندية البارسا والريال وسيتي للحصول على خدمات اللاعب الهولندي الأنيق، كما تحاول أندية كبيرة في أوروبا الظفر بتوقيع المدافع الواعد دي ليخت، ويمكن القول إن دي ليحت و دي يونج هما مستقبل هولندا، وأملها في السنوات المقبلة.
وعلى الرغم من أن رونالدو كومان يملك خبرة تدريبية كبيرة، وشخصية قوية منذ أن كان نجماً في هولندا وأكبر أندية القارة العجوز، فإنه يتمسك بالتصريحات التي تعكس شخصيته المتواضعة، فقد أكد أنه يشعر بالمفاجأة من أداء منتخب بلاده، مشيراً إلى أنه لم يتوقع أن يكون بهذه الروعة على مستوى الأداء وليس النتيجة فحسب، وتابع كومان:«لم أتوقع أن يذهب منتخبنا إلى هذه النقطة البعيدة في التألق وقراءة المباراة، لقد قطعنا خطوة عملاقة على طريق اكتساب الثقة، لا أصدق أننا كنا على وشك الفوز بنتيجة ثقيلة، ولكن تألق هوجو لوريس حارس فرنسا حال دون ذلك».
وتفاعل ديدييه ديشامب المدير الفني لمنتخب فرنسا مع ما حدث بواقعية شديدة، مما يؤشر إلى أن الطرف الفائز وهو كومان بدا متواضعاً في تصريحاته، وفي المقابل تمسك المهزوم بالواقعية الشديدة والاعتراف بالهزيمة، حيث أكد أن لوريس أنقذ الديوك من هزيمة ثقيلة، مشيراً إلى أن المنطق فرض كلمته بناء على الأداء داخل الملعب، فقد فاز المنتخب الأفضل، وتابع المدرب الفرنسي: «هولندا لديها الآن منتخب قوي بل شرس جداً، لقد فقدنا كافة نقاط تميزنا ونقاط قوتنا أثناء المباراة، وكان لتألق لوريس دور مهم في تجنب الخسارة بنتيجة ثقيلة، والمحزن في الأمر أن بطاقة التأهل لم تعد بين يدينا».
وبالنظر إلى حسابات التأهل، فقد أصبح المنتخب الهولندي المتحكم الأول في هذه المعادلة، حيث يكفيه التعادل أمام ألمانيا غداً من أجل ضمان بطاقة قبل النهائي، فيما يترقب الفرنسيون انتفاضة ألمانية تطيح بالهولنديين، واللافت في الأمر أن كلمة «الهبوط» دخلت قاموس الألمان ربما للمرة الأولى، فقد هبط منتخب المانشافت رسمياً للمستوى الثاني في دوري أمم أوروبا، حيث لا يملك سوى نقطة واحدة فقط حصل عليها من التعادل مع فرنسا في ضربة البداية، ثم استسلم لخسارتين في مواجهة فرنسا وهولندا ليهبط للمستوى الأدنى، وسط حالة من الحزن والغضب على تراجع الكرة الألمانية في الفترات الأخيرة.

كومان: اختيارات ديشامب «مفاجأة سارة» !
في حوار سريع لصحيفة «لوفيجارو» في روتردام، اعترف رونالد كومان المديرالفني لمنتخب هولندا بأنه فوجىء ببعض اختيارات نظيره الفرنسي ديدييه ديشامب في المباراة لعبها المنتخبان مساء أول من أمس في إطار بطولة دوري الأمم الأوروبية، وقال: يالها من مفاجأة سارة لفريقي، الذي لم أكن أتوقع أن يلعب مباراة كاملة الأوصاف.
وأبدى كومان سعادته البالغة لأن فريقه كان هو الأفضل من مختلف الوجوه دفاعاً وهجوماً ونجح لاعبوه في حسم كل المواجهات والالتحامات المباشرة مع اللاعبين الفرنسيين، كما أبدى دهشته عندما شاهد تشكيل منتخب «الديوك» وإن كان شدّد على احترامه للطريقة التي لعب بها منافسه الفرنسي. ورداً على سؤال عن الوجه الجديد للمنتخب «البرتقالي»، قال كومان: لقد قلل الكثيرون من قيمة وشأن هذا المنتخب الهولندي، ولكن للاعبين أثبتوا أنهم نضجوا بما فيه الكفاية وتطور أداؤهم نحو الأفضل وشعروا هم أنفسهم بأنهم يتحسنون بالفعل.
وأضاف: سيطرنا على المباراة طوال 90 دقيقة، وجاء هذا الفوز كنتيجة طبيعية للعمل الجماعي الذي قمنا به كجهاز فني ولاعبين خلال الفترة الأخيرة، وعلينا أن نواصل تثبيت أقدامنا وعلينا كجهاز فني أن نؤدي عملنا على أكمل وجه.. قد نخسر بعض المباريات ولكن على اللاعبين ألا يهتزوا أو يفقدوا الثقة بأنفسهم.
وتابع كومان قائلاً: تحدثت قبل المباراة إلى جميع اللاعبين وبوجه خاص لاعبي خط الوسط وطالبتهم بضرورة مراقبة جريزمان ومبابي جيداً لأنهما يتحركان كثيراً ويتبادلان مركزيهما.
وأشاد كومان باللاعب دي لونج نجم خط وسط الفريق وقال إنه فعل كل شيء بالكرة.. مراوغة وخلق فرص وإيجاد حلول.. إنه موهبة عظيمة نعتمد عليها وننتظر منه الكثير في السنوات المقبلة، واعترف بأن اللاعب ديباي كان هو مفتاح اللعب الرئيس للمنتخب الهولندي، لكونه يصنع اللعب ويلعب خلف المهاجمين، مشيداً بتطور أدائه وتحمله لمسؤولية قيادة الفريق.