أحمد السعداوي (أبوظبي)

احتل الأطفال جانباً مهماً من فعاليات النسخة الحالية من معرض اللوفر أبوظبي، عبر 30 ورشة عمل تقام يومياً في ستوديو الفنون بمنارة السعديات، وتهدف إلى ترسيخ علاقتهم بالفن، والكشف عن مواهب فنية واعدة تثري الحركة الفنية في الإمارات والمنطقة، خاصة وأن عدد زوار هذه الورش يصل إلى 250 طفلاً يومياً في عطلات نهاية الأسبوع، ما يعكس الأهمية النوعية لهذه الأنشطة، ما يجعل من «ستوديو الفنون» مفرزة للمبدعين في الإمارات.

3 ثيمات
عن تلك الورش تقول شيخة الزعابي، إحدى المشرفات ضمن فريق العمل بالورشة: إن ستوديو الفنون يقدم يومياً 6 أنواع من ورش العمل للأطفال، منها 3 مخصصة لمن هم في سن 6 إلى 8 سنوات. و3 ورش أخرى للفئة العمرية من 9 إلى 12 سنة.
وتنصح الزعابي المشاركين بارتداء ملابس مناسبة تسمح لهم بحرية الحركة والرسم والتلوين خلال الورش، التي توفر كافة المستلزمات الفنية للمشاركين فيها. وتوضح أن ورش العمل تعمل على 3 ثيمات رئيسة وهي الطبيعية، الإضاءة والألوان، والأشكال الهندسية. وعلى هذا الأساس جرى إعداد جميع الورش، وفيما يتعلق بثيمة الطبيعة يقوم فيها المشاركون بطباعة أوراق الشجر على الطين وبعد ذلك يقومون بقصه وتلوينه. كما يتم استخدام أحجام مختلفة من الحصى والجبس للقيام ببناء أشكال فنية على قاعدة خشبية.
وفيما يخص ثيمة الألوان والإضاءة، تقول الزعابي: قمنا بتعليم الأطفال عمل أشكال فنية عبر طيّ الورق بمقاييس وأبعاد معينة، بحيث يعطي الظل انعكاساً للضوء المستخدم في العمل الفني. أما الأشكال الهندسية فتنقسم إلى فئتين واحدة للصغار وأخرى للكبار الذين يستخدمون ألوان الطباعة في حين يستخدم الصغار الألوان المائية والخشبية بوصفها مواد سهلة الاستخدام وتناسب أعمارهم الصغيرة.


وقالت الزعابي إن فريق العمل في الورش مكوّن من 8 أفراد، إضافة إلى نحو 20 متطوعاً يقومون بمساعدة الجمهور على قضاء أوقات مفيدة داخل ستوديو الفن والخروج بحصيلة معرفية وثقافية مميزة خلال 30 ورشة يجري تنظيمها يومياً، وتستغرق الورشة 30 دقيقة يذهب فيها الجمهور بمختلف أعمارهم في رحلة إلى عالم الألوان والظلال والأبعاد الفنية والهندسية، وهو الهدف الرئيس من هذا النشاط وغيره من الفعاليات المتضمنة في «فن أبوظبي». وكل الأعمال التي ننجزها في ورش العمل مستلهمة من الأعمال الفنية المعروضة في «فن أبوظبي»، ويتعلم الجمهور كيف يبدع ويخرج بأعمال فنية باستخدام أدوات بسيطة.

مبادئ الفن
من جانبها تقول الفنانة التشكيلية، رانيا جشي، التي تقوم بتعليم المشاركين في ورش العمل مبادئ الفن التشكيلي، إنها تسهم في تنظيم سلسلة ورش للأطفال من كل الأعمار على مدى أيام المعرض، يمارس المشاركون خلالها أنشطة ويقومون بأعمال فنية لها علاقة بما شاهدوه داخل المعرض، حتى نكرس فكرة العمل الفني والأدوات التي يستعملها الفنان.
كما تهدف هذه الورش إلى تشجيعهم على خوض تجربة القيام بعمل خاص والممارسة الفعلية للفن التشكيلي، وهذا بحد ذاته يفرز المبدعين في هذه الأعمار المبكرة، حيث يستخدمون أدوات غير تقليدية يكتشفون من خلالها أن الأعمال الفنية تشجع الفرد على التنوع وتوسعة آفاقه في التفكير والإبداع وألا يكون محصوراً فقط في الألوان والورق، بحيث يستعين بالأدوات العضوية مثل الأحجار والصدف وغيرها من المكونات الطبيعية. ومن خلال استخدام الورق فقط يمكنهم الخروج بأشكال هندسية وفنية بديعة ترمز لإيحاءات اللون وانعكاسات الضوء، وحين يطالعونها من زوايا مختلفة يصبح لديهم رؤية جديدة أن عنصراً واحداً يمكن أن يكون عدة درجات لونية وخدعاً بصرية.وفيما يخص ورشة الطباعة، تقول جشي، ركزنا على أشكال متنوعة من الفنون ومنها الفن الإسلامي، ونجد أن المثلثات والمربعات تلعب دوراً مهماً عن طريق تجميعها بأشكال معينة تخرج بنمط فني يتسم بالتكرار، وعبر الورشة قمنا بتبسيط هذه الأشكال وفصلها عن بعضها، ويتم تجميعها مرة أخرى لعمل أشكال إسلامية جديدة وفق رؤية المشاركين في الورش، وباستخدام تقنية الطباعة.

هوية الطفل
وبيّنت جشي، أن كل طفل يشارك في واحدة من هذه الورش يتعلم أساسيات العمل ويعرف مراحل العمل الفني وأهمية كل عنصر فيه، ويبدع أعمالاً فنية بسيطة تعكس هوية الطفل، كما يطّلع الطفل على ألوان مختلفة من الفنون وحتى الحديثة منها مثل الفن المفاهيمي، حيث نناقش مع الطفل العناصر البسيطة المستخدمة في الفن، كون الطفل في هذه المرحلة العمرية لديه فضول للمعرفة واستقلالية في التفكير تجعله يعبر عن رأيه بما يرى، ويتخذ هذا الرأي شكلاً فنياً جديداً، وهو ما يمكن ملاحظته بوضوح في وجود الأطفال داخل ورش العمل من دون وجود الأهل. كما أن ممارسة الفن في هذه السن تكشف بعض المواهب لدى البعض، حيث يمكن تنميتها لاحقاً، خاصة حين نناقش أحدهم لماذا أقبل على هذا اللون وأعرض عن ذاك، وعبر هذه المناقشة يتعرف أكثر إلى مراحل العمل وأكثر إدراكاً لقيمته الفنية، هو ما يعتبر مكسباً للحركة الفنية في الدولة خاصة حين نعرف أن عدد الأطفال الملتحقين في الورش يصل إلى 250 طفلاً يومياً في عطلات نهاية الأسبوع، وهو رقم كبير يعكس مدى حرص الأطفال وأولياء أمورهم على مطالعة الأعمال الفنية والتعرف إلى مبادئ الفنون التشكيلية.